في قلب الإسكندرية العريقة، ينبضُ اسمٌ لامعٌ في سماء صناعة الحلويات، اسمٌ ارتبط بذكرياتٍ جميلةٍ لأجيالٍ متعاقبة، منذ أكثر من ستة عقود، اتّخذ من شغفه بالحلويات مهنةً، فغدا محلهُ وجهةً لا غنى عنها لمحبي الكنافة والقطايف في الإسكندرية وخارجها لم تكن رحلته في تلك الصناعه سهلةً، بل كانت رحلةً مليئةً بالصبر والمثابرة، رحلةٌ حفرتْ اسمهُ بأحرفٍ من ذهبٍ على صفحات تاريخ الحلويات بعروس البحر الابيض المتوسط و في منطقة المنشية بوسط الإسكندرية و عند مرور هناك بالقرب من بيت ريا وسكينه الشهير تجد امامك رجل في الخمسينات من عمره يدعي عم سعيد يقف أمام فرن الخاص بالقطايف و بجانبه ماكينة الكنافه اليدوي وسط أجواء من الفرح والسرور بحلول شهر رمضان المبارك الذي ينتظره من عام والآخر ليكون وسط العجين الذي يتحول في ايده الي سكر علي شكل سلاسل من الذهب من الكنافه و قراص ذهبية من القطايف التي يشتهر بها الشهر الفضيل.

يقول «عم سعيد» اقدم صانع للحلويات الرمضانية بمنطقة المنشية بالإسكندرية للأسبوع أنه يعمل فى مهنة الحلويات وصناعة الكنافة والقطايف منذ 60 عاما لافتا أنه يعمل في الحلويات في الأصل بأحدي المحال بالمنطقة ولكن ينتظر قدوم شهر رمضان لكنّ شغفه وحبّه للحلويات دفعه إلى البدء بصنع الكنافة والقطايف بنفسه في شهر رمضان قائلا: «أن خدمة العجين بإيدي وبراعي ربنا في اللي الناس بتاكله» لافتا أن الكنافة التي تتواجد في الأسواق الآن تضاف إليها محسنات طعم، كما يضاف للقطايف خميرة، وهو ما يفسد الطعم الأصلي للحلويات، مؤكدًا أن الكنافة التي يصنعها مكوناتها دقيق وماء فقط، أما القطايف فتكون من دقيق وماء وسكر، وما يميز منتجه هو خدمة العجينة التي تستمر لمدة ساعات يبذل فيها مجهودا كبيرا لكي يصبح العجين جاهزا و مضيفا أن الفرق بين الماكينة الالي و اليدوي أن الالي يصنع بالماكينة و يكون اسرع انما اليدوي تكون باليد و تكون بطيئة علي حد ما ولكن هي الافضل و الاحسن و الإقبال عليها أكثر من الآلي.

وأوضح أن الكنافة لا بد أن تكون على قرص نحاس وليس صاجا، وتكون النيران هادئة حتى تسوى جيدًا، وكذلك في القطايف، التي تتميز بأحجامها المختلفة من العادية والعصافيري والعصاج، وهى 3 أحجام كلّ حسب طلبه، لافتًا إلى أنه ينفذ للعميل طلبه وما يحب، حيث تتواجد طرق للكنافة وهي الطرحة أو الشبكة، وتنفذ بالطلب لمن يريدها حيث إنها طرق قديمة أصبحت غير معروفة الآن مشيرا إلى أنه يصنع الكنافة والقطايف طوال العام لأنها صنعته ويتواجد عليها الطلب، أما في رمضان فيكون العمل مضاعفا.

أضاف أنه بسبب الإقبال على بيع الكنافة و القطايف يواصل العمل ليلا ونهارا فى تحضير مكونات الكنافة والقطايف التى يعشقها أهالى المحافظة خلال أيام شهر رمضان، مشيرا إلى أن شهر رمضان له طابع خاص لدى المواطنين فى إظهار البهجة والسرور على قلوب أبنائهم وهى عادة قديمة يتوارثها المواطنون خاصة الكنافة اليدوى، وهناك الآلى أما الكنافة اليدوى له طابع خاص لدى المواطنين لافتا أنه يصنع أحجام مختلفة من القطايف، لتتناسب طريقة التصنيع الخاصة بزبائنه: منها العصافيري والوسط والكبيرة، و المبرومه وكل منهم لها طريقة في صناعتها عن باقي الانواع.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الإسكندرية شهر رمضان المبارك

إقرأ أيضاً:

شواطئ.. مكاوي سعيد والقصة القصيرة في مصر (1)

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

بدأت رحلة مكاوي سعيد مع الكتابة في أواخر السبعينيات من القرن العشرين عندما كان طالبا بكلية التجارة، وكان مهتما بالشعر عقب تأثره بدواوين صلاح عبد الصبور، واحمد عبد المعطى حجازي، وبدر شاكر السياب، ومحمد الفيتورى، ونشرت له قصائد في مجلة صوت الجامعة، حتى حصل على لقب شاعر الجامعة عام 1979م. بدأ عقب تخرجه كتابة القصة القصيرة متأثرًا بيوسف إدريس، وقصص مكسيم جوركي، وتشيكوف، بالإضافة إلى روايات دوستويفسكى، وهيمنجواي، وقد مارس الكتابة في مجالات الرواية، والقصة والمقال وأدب الأطفال والسيناريو من أهمها (الركض وراء الضوء)، (حالة رومانسية)، (راكبة المقعد الخلفي)، (ليكن في علم الجميع سأظل هكذا)، (غرفة لم يدخلها رجل )، (البهجة تحزم حقائبها)، (ظلمة مألوفة)، (سرى الصغير)، (فئران السفينة)، (تغريده البجعة)، (أن تحبك جيهان )، وأعمال إبداعية أخرى منها (مقتنيات وسط البلد)، (عن ميدان التحرير وتجلياته)، (أحوال العباد)، (القاهرة وما فيها )، (بياعين الفرح)، ( قرص الشمس الذى أشعل الثورة). من هنا تأتى أهمية كتاب "تقنيات السرد في القصة القصيرة عند مكاوي سعيد" للباحث مصطفى ربيع، والصادر عن الهية المصرية العامة للكتاب 2023. 

والحدث في القصة القصيرة – على عكس الرواية – لا يعتمد على الوصف الزائد للمواقع التي يحدث فيها، إنما يحاول الكاتب السيطرة على حدثه من خلال رسم الشاهد ووصف دقيق موجز للمواقع التي يدور فيها. وقد عمد مكاوي سعيد إلى هذه الطريقة في قصة "تنهيدة" من مجموعة "غرفة لم يدخلها رجل" حيث رسم المشاهد، ووصف موقع الحدث بدقة، ووضعنا في نطاق الحدث، يقول "كانت أشعة الشمس قد استطاعت أن تنفذ من الزجاج المطلي باللون الأزرق والمروحة العتيقة لا تزال تهدر بالصوت العالي، عاجز عن تبديد موجة الحر الشديدة التي اجتاحت الغرفة، كور الموظف الورقة التي أمامه خالطا بقايا الأكل، وتجشأ بصوت، وبعد ان مسح فمه بظهر يده، صرخ طالبًا كمية من الماء.. نظر في الورقة الممتدة إليه، وسحب دوسيها ضخما، مضى يقلب أوراقه.. ثم من خلال زجاج العدسة السميكة حدق في الكهل المتهالك أمامه، ووقع عدة أوراق أعطاها بتكاسل إلى الكهل وهو يقول: ليك ميتين جنيه في الخزنة يابا". هكذا تم رسم المشهد بدقة ووصف المكان بإيجاز وبراعة، لندخل مع هذا الرسم والوصف إلى حيز المكان الذي أصبحنا نعرفه الآن، وهو إحدى المصالح الحكومية العتيقة الى عفا عليها الزمن، وهو أحد الموظفين غائبي الضمير، وأمامه رجل ضعيف كهل متهالك، عرفنا فيما بعد أنه يبحث عن تعويض لاستشهاد ابنه في الحرب.

ويناقش الحرب قضية استشهاد الأبناء في الحرب، وفزع الآباء وخوفهم عليهم، فهذا الأب المسكين فقد ابنه، وكان التعويض مائتي جنيه فما كان منه إلا أن "كست الدمعات عينيه ثم حصل الصمت فجأة، ظن ان الطريق قد خلا.. ترك لقدميه العنان". 

لقد تحدث مكاوي سعيد عن عالم عايشه وعاصره كمال ذهب إلى ذلك عمار على حسن في مقال عن المجموعة القصصية "البهجة تحزم حقائبها" إذ قال: "لا يكتب مكاوي عن عالم لا يعرفه، بل يلتقط تفاصيل حياة عايشها وكابدها وتأملها في روية، وسحب شخوصها وطقوسها على الورق لينسج حكاياته، التي يضيفها إلى رصيد سابق من الروايات والقصص يتراكم بمرور السنين ويجعل منه واحدًا من الشاهدين على أحوال قطاع عريض من المجتمع القاهري، ينتمي إلى شريحة الطبقة الوسطى وكل درجات الطبقة الكادحة والضائعة والتهائة واللاهثة". 

   إن مكاوي سعيد يعبر عن المهمشين وعن زمنهم الذى نسيهم الناس فيه، حيث " يعبر هذا الزمن – زمن المهمشين – بين صباح ومساء، يتكرر وكأنه في حركته هذه لا ينتهى، لا ينتهى فيما هو يمضى في غفلة عن أناسه الذين يحتضون قلقهم الصامت وينسجون حياة ينساهم التأريخ لها.. كأنهم خارج التاريخ". 

من ذلك ما جاء في شخصية " انشراح " للقصة التي تحمل أسمها، فقد عاشت " انشراح " حياة القهر، وعاشت ورحلت دون ان يلتفت إلها أحد، او يراعى مشاعرها، حتى زوجها المدرس والتي اكرمت معاشرتها له، وكذلك في قصة عم حسن الذي لا يبيع ولا يشترى الذي لم ينظر أحد إليه، ولم يعره أحد اهتماما إلا سخرية منه وعبثا به، أو يجعله مادة للضحك والاستهزاء، ورحل لم يذكر موته أحد. وتنوعت مصادر شخصيات مكاوي سعيد، فكانت معظم  القصص من الواقع المعيش، ومن عامة النا، وكانت قصص أخرى من طبقة اللامرئيين أو المهمشين، والذين عنهم في براعة ن والتقط تفاصيلهم بإتقان، وكانت شخصيات قصص أخرى من الأطفال، وهى ظاهرة صحية أطلعتنا على عالم الطفال السحري، وكانت شخصية الكلب سامبو شاهدة على عالم الحيوان بما فيه ضمن أسرار، وربما فيه من مكنونات لا يراها إلا أديب مرهف الحس كمكاوي سعيد، وهو في كل تلك المصادر المتنوعة يضعنا أمام عالم قصصي شديد الثراء، وعالم فنى أكثر إنسانية، كما انه شديد الثراء، وعالم فنى أكثر إنسانية.   

في قصة " اخت حبيبتي " من مجموعة "سرى للغاية" كان الزمان غير محدد بتحديد دقيق، وإنما عبارة عن سنوات كثيرة تمر وتنتهي، لتعبر عن الزمن الماضي، بعبارة "جارتنا التي كنت أحبها قديما". هذا القديم سيصبح بعد فتره ذكريات كان يتمناها ألا تكون، لأنه لم ينعم بحب جارته في هدوء، فقط كان يرسل إليها رسائل في كرسي المصعد، يقول " أدس لها الرسائل في كرسي المصعد أرقب وجنتيها المجمرتين وضفائرها المرتعشة وبسمتها الخجلى، وهي تختلس النظر على ظلي المختبئ خلف الزجاج المصنفر لباب شقتنا ". وكان عدم تحديد الزمن في صالح القصة، فقد خدم الإطار العام للقصة الذي يدور حول رجل فقد الزمن، ولم يدر بما يجرى حوله، وما يتذكره هو العام السادس عشر من العمر، الذي علم بعد سنوات وسنوات بحب أخت حبيبته له، كما أن عدم تحديد الزمن يخدم شخصية أخت حبيبته وهي الشخصية المحورية في القصة، لأنها هي الأخرى فقدت الزمن بمعرفتها أنه يحب أختها. 

وقد ظهرت تقنية الاسترجاع الخارجي عند مكاوي سعيد في قصة " الهابطون من السماء " من مجموعة " سرى للغاية " وذلك في قوله:" حين ولد إبراهيم زغردوا وهللوا، وقاموا بعمل عقيقة في سبوعه، أبى حضر العقيقة، بينما انصرفت أمي مسرعة بحجة انى محموم، رقدت في سريري وكل فترة أقف وأراقبهم من نافذة الغرفة محذرا أن يلمحني أحدهم فيعرف أن أمي تكذب، أو تدخل أمي الغرفة فجأة فتضربني، أخي أيضا لم يحضر العقيقة مدعيًا أنه حبيس الوحدة العسكرية، كما علمت من حوار أبى وأمي ليلا وأنا أتصنت عليهما". وقد كان هذا الزمن يختلف عن بداية الحدث الذي ظهر فيه إبراهيم وهو يقترب من ثلاث سنوات، وليس أسبوعًا فقط، يقول: " سنوات خمس كانت تفصلني عن إبراهيم الذي لم يعبر عن سن الثالثة بعد". وقد كان هذا الاسترجاع مؤثرا ومهما لأنه أطلعنا على سبب العلاقة المتوترة بين الأسرتين اللتين تقع شقة إحداهما في مقابلة الأخرى، وأن هذا التوتر في العلاقة قديم وليس وليد اللحظة. 

 

مقالات مشابهة

  • محافظ أسيوط: 150 معرضًا لتوفير السلع الرمضانية بأسعار مناسبة
  • محافظ الجيزة: افتتاح 30 معرضًا للسلع الرمضانية لتلبية احتياجات المواطنين
  • ما الحالات التي يباح فيها الفطر في رمضان؟ .. مفتي الجمهورية السابق يجيب
  • إتيكيت التحضير للعزومات الرمضانية .. فيديو
  • محمد بن راشد يطلق حملة «وقف الأب» الرمضانية
  • برنامج إنساني يعيد محمد رمضان إلى المنافسة الرمضانية
  • توفير للوقت.. طريقة عمل شربات الحلويات وحفظه في الثلاجة
  • شواطئ.. مكاوي سعيد والقصة القصيرة في مصر (1)
  • مناخ بورسعيد يطلق النسخة الثانية من دورته الرمضانية في كرة القدم
  • الحصيني : رمضان ينتهي 29 مارس والمحكمة العليا هي التي تؤكد أو تنفي