تابع ملتقى التأثير المدني قبل ظهر اليوم مسار "الحوارات الصباحيَّة" الشهريَّة بانعقاد اللقاء الثامن في فندق الجفينور – روتانا الحمرا في حضور نخبة من الشخصيات الأكاديمية والإدارية والقانونية والدستورية والثقافية والفكرية والقضاة والضباط المتقاعدين والإعلاميات والاعلاميين، وناشطاتٍ وناشطين في المجتمع المدني ورئيس وأعضاء الهيئة الإداريّة للملتقى.

  اللّقاء عقد تحت عنوان "لبنان دولة المواطنة والشراكة الوطنية مع الاغتراب" بهدف القاء الضوء على "موقف المغتربين اللبنانيين من مفهوم المواطنة الفعالة ومن مفهوم القيادة المغايرة"، انطلاقا من حرص الملتقى على دور المغتربين ودعوتهم الى المشاركة في صياغة لبنان المستقبل ووضع قدراتهم "لِبناء دولة المواطنة الحرّة السيّدة العادلة المستقلّة، دولة العَيش معًا".   وقائع اللقاء   في بداية اللقاء الذي قدّمت له الإعلاميّة سيلينا بريدي، ونقل مباشرة على منصّات وسائل التواصل الاجتماعي الخاصّة بالملتقى، كان النشيد الوطني اللبناني، وبعده وثائقي تعريفي عن "ملتقى التأثير المدني"، ومن ثمَّ وثائقي إستعراضي للِّقاء السابع تحت عنوان: "لبنان دولة المواطنة: سيادة وحياد ودعم قضايا العدل".   كلمة الصواف   بعدها كانت كلمة عضو الهيئة الإدارية لملتقى التأثير المدني المعتز الصواف الذي قال: "أن ما يعنينا في "ملتقى التأثير المدني" ولُبْنان يواجِهُ تحدّيات خطيرة، استمرار النّضال في سبيل بناء دولة المواطنة، هذه الرّوحيَّة التي نشأت منذ قيام دولة لبنان الكبير، ووردت في دستورها الأوّل في العام 1926".   وأضاف: "قناعتنا ان لُبْنان لا يقوم إلّا بجناحَيْه المقيم والمغترب، من هُنا كان مسار الملتقى في تواصُلِه وتنسيقِه مع الاغتراب عميقًا، الإغتِراب فخرُنا وشراكتنا معه استراتيجيّة. أهلًا وسهلًا بكم. حمى اللّه لبنان".   كلمة القصيفي   بعدها تحدثت ميسّرة الحوار الإعلامية باميلا ابراهيم القصيفي، فقالت: "نحتاج اليوم إلى وطنيين وهم أكثريّة في الاغتراب، يرفعون شعار حبّ الوطن وحبّ أرضه. ولذلك لا يمكن تصوّر لبنان من دون مغتربيه، ولا إغفال خصوصيّات العلاقة التي تربطهم بأرض الوطن، ولا اتساع الانتشار اللبناني في العالم. فلكل اغتراب قصّة من حيث مدة الانقطاع ووتيرة التواصل مع البلاد. ونرى صورة لبنانيي الخارج، لاسيما في البلدان المتقدمة، أقرب إلى شخصيّة المواطن العالمي في ميوله وفي أنماط عيشه. نجدهم ينخرطون بدون تعقيد في المجتمعات الجديدة. ينهلون من ثقافتها التي تعزز الإنسان الفرد، بغض النظر عن الجنس والعرق والدين، يحترمون الأنظمة والقوانين، يتقبلون بسهولة لافتة قيم المواطنة. ويتمسكون بقيمة الحرية الشخصية التي تمكّنهم من تنمية قدراتهم ومواهبهم، من غير معوقات كبرى، كما هي الحال في لبنان".   وأضافت القصيفي: "نحن بأمسّ الحاجة اليوم الى هذه الصورة المتحررة من كل طائفية ومصلحة شخصية" وعلى لبنانيي الداخل "أخذ العبر من لبنانيي الإغتراب الذين حلّقوا في مختلف المجالات وباتوا العمود الفقري لبلدهم الأم واقتصاده الذي يتنفس اليوم من رئة الإغتراب أكثر من أي وقت مضى".   وختمت: "لا بدّ أن نؤكد على أهميَّة هذا الإغتراب في التَّأثير والمُشاركة في الأعمال التجاريَّة والقرارات السياسيَّة والاجتماعيَّة، وتعزيز فُرَص الاستثمار والتنمية الاقتصاديَّة والماليَّة في لبنان، والى ما  يُساهِم في تماسُك النسيج الاجتماعي الوطني والسَّعي الدؤوب من أجل النُّهوض بالبلد على كافة الأصعدة والحفاظ على هويته الإقتصادية الحرة".   كلمة الريحاني   بعدها كانت مداخلة الأستاذة مي الريحاني التي قالت: "نحن المغتربون نفهم ونحلل ونقيم حضارة لبنان كحضارة مركبة وليست مبسطة" ـ ذلك ان "أن ما يميز حضارة لبنان هو انها هي الجسر الرابط بين الشرق والغرب، تتأثر حضارتنا بأبعاد الغرب الثقافية والتكنولوجية وخاصة بعلاقة الغرب مع المستقبل"، كما تتأثر وتتعاطى مع أجواء محيط لبنان الشرقي الغني بالروحانيات والقيم الاجتماعية". وما يحتوي البعد العربي الغني بتراثه وتطلعاته".   وقالت: "بالنسبة للمغتربين، هذه الهوية هي جوهر لبنان، وأساس ماضي وحاضر ومستقبل لبنان. اما بالنسبة لمفهوم المواطنة فنحن المغتربون نلخصه بـ "الحقوق والواجبات تحت سقف الدستور من خلال احترام القوانين ومسؤولية تطبيقها". فلا علاقة للمواطنة "بمفاهيم الولاء أولا لشريحة معينة من الشعب أو لطبقة أو لعائلة او حتى لحزب قبل الولاء للوطن ـ صعب جدا ان يتقدم الوطن دون التأكيد على أولوية الولاء له، فكل الولاءات الأخرى هي اقل اهمية. ففي النهاية المواطنة هي عقد بين الوطن والمواطن مبني على المبادئ والقيم التي ذكرت ولا مساومة عليها. ومن هنا ايضا ينبع عمل المغتربين ويستمر ويقوى عندما يمر لبنان بأزمات معقدة وفي بعض الأحيان وجودية -فيصبحون عندها "صوت وضمير لبنان في الخارج".يشرحون للمجتمعات ولحكومات هذه المجتمعات حقيقة الوضع ويطالبون أصحاب القرار بمساعدة لبنان ومؤسساته". وعلى سبيل المثال وليس الحصر "اظن ان الجميع يعلم كم كان ولا يزال دور المغتربين اللبنانيين فعالا بالنسبة للقرار الأميركي بدعم مؤسسة الجيش اللبناني".   ونوهت الريحاني بدور الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم التي أكدت في مؤتمرها السنوي في تشرين الثاني سنة 2023 في باريس على مجموعة من النقاط – الثوابت ومنها: ضرورة حصر السلاح وقرار الحرب والسلم بيد الدولة اللبنانية، وحصر تنفيذه الجيش اللبناني مع المطالبة بتطبيق قرارات مجلس الأمن المتعلقة بلبنان لا سيما القرارين 1701 و 1559، كما الوصول إلى انتخاب رئيس او رئيسة للجمهورية سيادي واصلاحي لتفادي المزيد من التدهور ومن أجل انتظام عمل المؤسسات من خلال تطبيق الدستور.   ولذلك دعت الريحاني الى "قيام شراكة بين لبنان المقيم ولبنان المغترب، ليعملوا معا من أجل مصلحة لبنان العليا". فاللبنانيون "لا يثقون بعد اليوم بدولة تخالف الدستور، ولا بدولة منقوصة السيادة، ولا بدولة سخرت القوانين لوضع اليد على الأموال العامة والخاصة من أجل خدمة الفاسدين".   واستعرضت الريحاني ما أسمته "المفاهيم التي ان فهمها القائد وان طبقتها القيادات السياسية والغير سياسية تتحول الى شروط وأسباب النجاح"، ومنها  اعتناق "رؤية واضحة" تشكل بوصلة للقائد وفريق عمله من اجل  الوصول الى "أهداف واضحة" تؤسس للبحث عن "الحلول الناجحة"، وأضافت: "كل ذلك يستلزم الجدية في العمل والايمان بالنتائج الإِيجابية، وهذا يتطلَّب ثقةً بالنفس، وقدرةً على الأَمل، تنمي الشعور بالشجاعة  والتميز".   وختمت الريحاني قائلة: "إِنَّ لبنان يعيش اليوم، فترةً من أسواء فتراته سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا. تعرفون أَن شبح إمكانية توسع الحرب يزيد الأزمة الوجودية عمقا، ويزداد الفقر وتقلِّ مستويات الاستقرار والأمن داخل وطننا. ولهذا على اللبنانيين تحدي الأمر الواقع عن طريق المطالبة بإيجاد وانتخاب قيادة جديدة مغايرة تأخذ بزمام المبادرة لإحداث تغيير جذري في لبنان، ابتداء بالالتزام بدور لبنان الإيجابي ضمن محيطه العربي، والفعال على الساحة العالمية، وتعيد وضع لبنان على المسار المؤْمن بالمواطنة، بالحريات، بالمساواة، وبالتنوُّع، وحيث الفساد مرفوض ولا يمارس، وحيث قوة العدالة أَكثر فعالية من قوةً القمع" وكل ذلك من اجل ايجاد الحلول للمشاكل المستعصية من اجل خلق مستقبل أَفضل للبنان ولشعبه".                   

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: التأثیر المدنی دولة المواطنة من أجل

إقرأ أيضاً:

د. عبدالله الغذامي يكتب: المواطنة العالمية

في مقابلة مع طالبات يدرسن في ألمانيا، وهن من بيئات آسيوية، وصفت إحداهن نفسها بأنها مواطنةٌ عالمية، وحيث ما وجدت البحث العلمي ذهبت إليه وانتسبت لمكانه، وهذه الطالبة تدرس الذكاء الاصطناعي وتشارك فرقاً بحثية تعمل على مشروعات في هذا المجال (دي دبليو 15 نوفمبر 2024)، 
هنا يحضر مصطلح برتراند راسل عن المواطن العالمي، ويقصد فيه الفيلسوف الذي منحه راسل صفات تجعله متميزاً عن سائر البشر من حيث معاني المثالية المتعالية، ولكن مصطلح راسل سيتصادم مع فكرة الفيلسوف الواقعي الذي من شأنه أن يعمل مع عقول الآخرين من عموم البشر، وهي عقول متعددة تعدداً يبلغ حدود التناقض حتى بين الفلاسفة أنفسهم، ولا يتعامل مع عقل واحد كلي في ذاته وفرداني في جوهره، ومن ثم هو عقل متعدد ومتغير بالضرورة، وله لغات لا تحصى وله انشقاقات ذاتية أهمها أنه إنساني تمسه كل سمات وصفات الإنسانية، لأنه يقوم على المنطق والاجتهاد والاحتمالية على نقيض الذكاء الاصطناعي، الذي هو عقل واحد كلي وقطعي وله إجابة واحدة يشترك فيها البشر مع تنوع وحيد هو تنوع اللغة لكن النتيجة واحدة.
وإن كان تعبير الطالبة ذا قيمة علمية وبحثية من حيث الانتماء للبحث، إلا أن عالميتها هنا هي إلغاء للعالمية لأن الحاصل في حال الطالبة هو تهشيم الفروق، فإن تنوعت ذكاءات البشر فإن الاصطناعي واحدٌ، وإن كان كلياً عالمياً فهذه سمات تعتمد التماثل، وأي عمل في وادي سيليكون مثلاً سيتكرر بكامل عناصره في كل بقعة من العالم بمجرد شراء البرنامج وتطبيقه أو ترجمته لأي لغة حية.
هنا نحن أمام فارق جوهري، فالطالبة الهندية لم تعد هندية إلا بلونها ولهجتها لكن نظامها التفكيري سيسير وفق الذكاء الاصطناعي وليس الذكاء البشري، وستتصنع مع الاصطناعي كما أي طالب ألماني أو غيره، بينما عالمية راسل أخذت منظومة صفات أخلاقية هي صفات مطلوبة إنسانياً وهي مثالية وتنوعها يأتي عبر تنزيلها العملي وهل سيتمثلها البشر أم ستظل حلماً فلسفياً مثالياً يعبر عن أمنية، كانّها قصيدة شعرية تبعث على الدهشة ولكنها تقف عند حد الاندهاش، مقابل واقع بشري مختلف تماماً، وهذا ما جعل راسل يخص ذلك بالفيلسوف أي بنفسه تحديداً لأن غيره سيقول غير ذلك.
ويقابل هذا التنوع ما يطرحه الذكاء الاصطناعي من صيغة بشرية واحدة قد تئد إبداعية العقل البشري وتخضعه لنظام من الثقافة الرقمية التي لا تتسع للاجتهاد ولا للأخطاء، في حين أن الأخطاء هي أعمق سمات التفكير البشري لأنها مفاتيح الكشف والابتكار وكأن الذكاء الاصطناعي يسير ضد فكرة الإبداع التي هي فردانية وليست جمعية.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض

أخبار ذات صلة د. عبدالله الغذامي يكتب: خدعة التعددية الثقافية د. عبدالله الغذامي يكتب: هل العقل وطن

مقالات مشابهة

  • «كوماندو جروب» تحرز لقب بطولة قطر الوطنية للجوجيتسو
  • لبنان مشارك في وداع البابا...عون:سيظل منارة للقيم الإنسانية التي حملها قداسته
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: المواطنة العالمية
  • أموال للبلديات لقاء التزكية.. ما حقيقة الأمر؟
  • قبلان: الدولة بسيادتها وعزّة نفسها الوطنية ومن لا سيادة له ولا عزّة لا دولة له
  • الأرشيف والمكتبة الوطنية يواصل مشاركته في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط 2025
  • برنامج التطوع والشراكة المجتمعية بمحافظة جدة يشارك في فعاليات معرض “أسبوع البيئة 2025”
  • ملتقى التأثير المدني: الشَّجاعة الحكيمة وتحديد الخطوات يبني الدَّولة!
  • لقاء على الواقف لدقائق بين جابر ورئيسة صندوق النقد
  • (..) قال (السودان دا بي سكره المعدوم طاعم)