لا يزال "التيار الوطني الحر" بعيدا عن حسم تموضعه السياسي الجديد ، ولا يزال بالتالي غير قادر على الأقرار بانه ملتزم مع قوى الممانعة بشكل من الأشكال ، كما انه لم ينضم إلى صفوف المعارضة حتى وإن بدت مواقفه الأخيرة اقرب إلى مواقف هذه القوى. قراره بالانفصال عن حزب الله غير نهائي، في حين أن تحالفه معه " اهتز" أكثر من مرة .

تخاصما وتصالحا ثم تحالفا ثم نعيا اتفاق مار مخايل، وهكذا تأرجحت العلاقة بين الفريقين إلى حين أعلن "التيار"على لسان رئيسه النائب جبران باسيل معارضته توحيد الساحات ربطا بما يحصل في جبهة الجنوب .
اختار باسيل التوقيت المناسب لأطلاق الموقف ثم تحدث الرئيس ميشال عون في السياق نفسه ،وكان لا بد من زيارة استفسار من "كتلة الوفاء للمقاومة"، زيارة خرجت بكيليشهات عن"تواصل دائم"، فيما تظهر التباين بين السطور لاسيما في إشارة النائب محمد رعد الى الوضع اللبناني حيث أكد أهمية "أن نبدي نوايانا الحسنة ونصر على التخاطب المسؤول بين كل الفئات والمعنيين بشأن هذا البلد" .
لم تحل الزيارة إشكالية الموقف كما لم يتوافق الطرفان على النقطة الرئاسية المشتركة ، ولذلك انصرفا إلى تقييم الأمور من دون وعد بتبديل التوجهات . فكيف يتمكنان من المحافظة على ثبات العلاقة التي لم تصل إلى حد الطلاق بعد ؟ وما هي خيارات "التيار الوطني الحر"؟

تعتبر أوساط سياسية مطلعة ل"لبنان ٢٤ " أن المبادىء العامة للعلاقة التي تربط الفريقين مرت بمرحلة متقلبة،حتى أن المحافظة عليها باتت تشكل محور تساؤل، لأن ما بقي منها ليس إلا القليل ولولا بعض الحسابات والاعتبارات ، لكان خرج أحدهما للقول أن ملف العلاقة اقفل إلى غير رجعة ، ولعل انتظار سلسلة تصريحات أو مواقف من التيار تقدم المزيد من الأجوبة عن رغبة في التصعيد حيال تطورات الجنوب ام لا ، مع العلم أن هذا الموقف يقرأ بالنسبة إلى البعض في إطار اللطشة أو الغمزة من زاوية دعم الحزب اللامتناهي لرئيس "تيار المردة" النائب السابق سليمان فرنجية في السباق الرئاسي، ومهمة إثبات العكس تقع على عاتق "التيار" دون سواه .
وتعتبر الاوساط"أن زيارة كتلة الوفاء للمقاومة للرئيس عون بردت الأجواء نوعا ما،على أن تظهر النتائج قريبا ولاسيما أن أصواتا من المناطق الحدودية والتي تصنف بتأييدها "التيار" صدرت بشأن انعكاسات تطورات الجنوب على واقعهم الحياتي والمعيشي.

وفي سياق متصل ، تقول هذه الاوساط أن حزب الله يريد الإبقاء على علاقته مع "التيار"ويسعى إلى المعالجة السريعة لأي تباين، أما إذا كان الفريقان في صدد إعلان المقاطعة بينهما، فذاك مستبعد لكن الوقائع التي حصلت ابرزت أن الأمور لن تعود إلى سابق عهدها، وإن التدخل المباشر للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطار الترميم تراجع نوعا ما"، مشيرة إلى أن ما يحكم هذه العلاقة تغير وفق المقربين من الفريقين وعوضا عن احرازها التقدم فيها باتت عبئا في مكان ما .
وتكشف الأوساط" أن لا نية لدى"التيار" في استدارة جديدة وارتداء عباءة المعارضة، لأن معارضته لن تشيه المعارضة السيادية المتعارف عليها اليوم ، وإي تقاطع جديد معها في الملف الرئاسي يقوم على ظروف معينة ،وحتى الآن لم يتبن مرشحا خاصا له لكنه لن يتأخر في ذلك عند الوقت المناسب، أما إذا كانت الإغراءات قد تدفعه إلى السير بهذا المرشح أو ذاك فتلك مسألة أخرى، وفق الأوساط، التي تقول أن تيار ما قبل العام ٢٠١٦ ليس كما بعده ، وبالتالي ليست الأمور هي نفسها وتيار "الرئيس القوي والاصلاحي" كما كان يتغنى بحاجة إلى استجماع نفسه وتعويض خسائر مني بها ولاسيما شعبيا.

أخفق "التيار" في بعض المحطات وبات لازما أن يتعلم منها كي يتمكن من مواصلة نهجه وتبديل معادلات معينة كي يعوض اخفاقاته. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

بعد مهلة الـ60 يوما.. انتهاكات الاحتلال مستمرة وحزب الله يلوّح بالرد

بيروت- مع انتهاء مهلة الـ60 يوما المنصوص عليها في اتفاق وقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، أعلنت واشنطن عن التوصل لاتفاق لتمديد المهلة إلى 18 فبراير/شباط المقبل، وذلك بالتزامن مع رفض إسرائيل إتمام انسحابها من جنوب لبنان.

وخلال فترة الـ60 يوما انتهكت إسرائيل بنود وقف إطلاق النار من خلال خروقات يومية تجاوزت الـ1100 خرق، ما دفع وزارة الخارجية اللبنانية إلى تقديم عدة شكاوى إلى الأمم المتحدة بهذا الشأن، حيث شملت تلك الخروقات غارات وعمليات قصف وتوغلات برية.

بالإضافة إلى منع عودة النازحين إلى قراهم وصولا إلى عمليات التدمير الممنهج والتفخيخ في المناطق التي توغلت فيها، فضلا عن عمليات اختطاف ممنهجة وتجريف للأراضي الحدودية وتدمير مئات الوحدات السكنية.

ومع انتهاء المهلة المحددة، صعّدت إسرائيل تهديداتها حيث حذر متحدث باسم جيش الاحتلال من عودة السكان إلى قراهم، وفي المقابل، أعلن مسؤولون أميركيون، الأحد، أن إسرائيل ولبنان وافقا على تمديد وقف إطلاق النار حتى 18 شباط/فبراير، بعد انتهاء المهلة الأساسية التي دخلت حيز التنفيذ في 26 نوفمبر/تشرين الثاني، وكان يفترض أن تنتهي بانسحاب الجيش الإسرائيلي من جنوب لبنان.

قوات الاحتلال تمنع السكان من العودة إلى منازلهم (وكالة الأناضول) ضغط دولي

من جهته، اعتبر رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي أن الموافقة على تمديد المهلة "يجب أن تقترن بضغط دولي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وضمان الانسحاب الكامل من الأراضي المحتلة.

إعلان

أما حزب الله فقد جدد رفضه التمديد، وشدد أمينه العام نعيم قاسم في كلمة متلفزة على أن "أي تأخير في الانسحاب تتحمل مسؤوليته الأمم المتحدة وأميركا وفرنسا وإسرائيل"، معتبرا أن "استمرار الاحتلال يمثل عدوانا واضحا يمنح المقاومة حق الرد وفق ما تراه مناسبا".

ويرى الكاتب والباحث السياسي هادي قبيسي أن المشهد السياسي العام شكّل مفاجأة للعدو الإسرائيلي وكذلك للجنة الخماسية التي تديرها الولايات المتحدة وذلك بسبب التحرك الشعبي اللبناني باتجاه الحدود مع فلسطين المحتلة، وقد دفع ذلك الأطراف المعنية إلى محاولة تعديل الاتفاق خلال ساعات قليلة حيث صدر بيان من البيت الأبيض عند منتصف ليل يوم الأحد بهدف فرض التعديلات على لبنان.

ويضيف قبيسي، في حديثه للجزيرة نت، أن جيش الاحتلال انسحب من القطاع الغربي ومعظم القطاع الأوسط بينما بقي متمركزا في القطاع الشرقي، ويظهر هذا التطور أن العملية العسكرية قد وصلت إلى منتصفها أو أكثر بقليل.

ويشير إلى أن الإسرائيليين سارعوا إلى استدراك الموقف بعدما لمسوا تجذّر ثقافة المقاومة في لبنان والتزام أهالي الجنوب الطبيعي بالدفاع عن أرضهم، لذلك حاولت إسرائيل تعديل إستراتيجيتها في التعامل مع الوضع.

نعيم قاسم يحمّل الأمم المتحدة وواشنطن وإسرائيل وفرنسا مسؤولية تأخير الانسحاب (رويترز) الجهة العازلة

أما فيما يتعلق بالجيش اللبناني، فيرى قبيسي أنه يتكيف مع الظروف المحيطة ولا يسعى إلى تغييرها، بل يكتفي بلعب دور الجهة العازلة والمخففة للصدمات بين الأهالي وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وذلك ضمن نطاق محدود جدًا.

وفيما يخص المقاومة، يعتقد قبيسي أنها ستمنح الأهالي فرصة أوسع لخوض تجربة الاقتحام الشعبي للمناطق المحتلة نظرا لجدواها العالية في وقت قصير، فضلا عن آثارها السياسية التي تسهم في إبراز رؤية لبنان لمستقبله.

إعلان

في المقابل، يرى المحلل السياسي جورج علم أن المشهد السياسي في لبنان يتكون من بعدين رئيسيين، البُعد الأول يتعلق بعودة أهالي الجنوب إلى أراضيهم حيث يعتقد أن هذه العودة لم تكن في محلها.

ويشير إلى وجود فراغ بين الدولة والمواطنين المؤيدين للمقاومة، مما يعكس غياب التنسيق بين السلطة والمقاومة رغم الاتفاق على وقف إطلاق النار برعاية رئيس مجلس النواب نبيه بري.

قوات الاحتلال تعتقل مواطنين لبنانيين اقتربوا من نقاط تمركزها (رويترز) إدارة العودة

ويعتقد علم أنه كان من المفترض أن تتولى الدولة اللبنانية عبر الجيش إدارة عملية العودة بالتنسيق مع اللجنة الأمنية على أعلى المستويات لتجنب وقوع أي مشاكل كما حدث في بعض الحالات في القرى الحدودية.

ويوضح أن حزب الله "حاول استغلال هذه العودة، رغم التضحيات والشهداء، ليؤكد أن الجنوب هو بيئة مقاومة"، لكن علم يشير إلى أن هذا لا ينفي وجود أهداف شعبية حيث إن إسرائيل كلما رأت أن نفوذ حزب الله لا يزال قويا في الجنوب يحفزها ذلك للاستمرار في تمسكها بمواقعها العسكرية.

أما البُعد الآخر الذي يشير إليه علم فهو البُعد الدولي، حيث يعتقد أن الولايات المتحدة لا تزال تمسك بزمام الأمور حيث فرضت مهلة حتى 18 فبراير/شباط، وكان هناك توافق بين الثنائي الشيعي والدولة اللبنانية حول هذه المسألة.

لكن علم يحذر من خطورة هذا الوضع، معتبرا "أننا بذلك نسمح للإدارة الأميركية بالتعاون مع فرنسا -التي يبدو دورها شكليا أكثر من جوهري- بالتدخل المباشر".

لذلك، يرى أنه من الضروري أن يتم التوصل إلى تفاهم جاد بين المقاومة والسلطة السياسية حول الإطار الجديد في الجنوب لضمان استقلال لبنان بعيدًا عن المصالح الأميركية والأطماع الإسرائيلية، ويشدد المحلل السياسي على أهمية التنسيق مع الإدارة الأميركية لضمان مصداقية العهد الجديد دون أن تكون الكلمة الفصل للولايات المتحدة أو إسرائيل.

وفي ختام حديثه، يوضح علم أنه يجب اختبار المرحلة المقبلة حتى 18 فبراير/شباط لمعرفة كيف ستتبلور الأمور، محذرًا من أن الثغرات لا تزال كثيرة ما يثير العديد من التساؤلات.

مقالات مشابهة

  • بيان الأعضاء التي يجب السجود عليها في الصلاة
  • رسالة من حزب الله إلى أهالي الجنوب والعدو.. إليكم ما جاء فيها
  • رسالة من حزب الله إلى أهالي الجنوب.. إليكم ما جاء فيها
  • بعد مهلة الـ60 يوما.. انتهاكات الاحتلال مستمرة وحزب الله يلوّح بالرد
  • التيار الوطني استنكر الإعتداء على الصحافيين في الجنوب: أساء إلى المشهد الوطني الكبير في العودة
  • ما بين 26 كانون الثاني و١٨ شباط...هذا هو الفرق
  • تحذير اسرائيلي جديد الى سكان الجنوب.. هذا ما جاء فيه
  • حق الزوجة على زوجها: الإنفاق والعاطفة في العلاقة الزوجية
  • من حزب الله.. رسالة إلى أهل الجنوب
  • أخاف ألا أقيم حدود الله.. سعاد تطلب الخلع والسبب العلاقة الزوجية