رمضان يخفف الازدحامات ببغداد.. ما الدروس التي يجب ان تستفيد منها الحكومة؟
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
السومرية نيوز-محليات
تشهد العاصمة بغداد منذ بدء شهر رمضان خلال اليومين الماضيين، حركة مرورية جيدة رصدها جميع الموظفين وأصحاب الاعمال خلال توجههم صباحا الى أعمالهم، وسط آمال باستمرار هذا الامر حتى نهاية شهر رمضان. وبالرغم من ان الازدحامات لم تختفِ تمامًا من شوارع بغداد، الا انها جاءت اقل حدة بكثير في معظم الشوارع وأصبحت الازدحامات وفق ماتوصف محليًا بأنه "ازدحام ماشي"، أي لاتوجد توقفات وحركة بطيئة جدًا في حركة المرور.
ومن المثير للانتباه ان هذه الازدحامات الخفيفة تأتي في الوقت الذي لاتوجد عطلة حيث ان جميع الدوائر والمدارس والجامعات مستمرة في دوامها، الا ان 3 أسباب محتملة وراء تراجع الازدحامات منذ بدء شهر رمضان.
السبب المرجح الأول، هو اختيار بعض الدوائر تقليص الدوام الرسمي ساعة واحدة من الصباح وليس من المساء، حيث ان الحكومة وجهت بتقليص الدوام في الدوائر الرسمية ساعة واحدة، فيما تركت للدوائر خيار موعد هذه الساعة بأن يتم تأخير الدوام صباحا ساعة واحدة، او تقديم الخروج من الدوام ساعة واحدة في نهاية الداوم، وفي حال اختارت بعض الدوائر تأخير الدوام صباحا فأن ذلك سيوزع العجلات والموظفين الخارجين الى دوامهم صباحا على ساعات ممتدة من 7 وحتى الـ10، مما يتسبب بتراجع الزخم المروري.
اما الاحتمال الثاني لتراجع الازدحامات، هو ان العراقيين سواء في العاصمة بغداد او القادمين من المحافظات، لن يخرجوا في رمضان لانجاز معاملاتهم الرسمية في الوزارات ودوائر الدولة داخل العاصمة، ويقوموا بتأجيلها الى مابعد شهر رمضان.
اما الاحتمال الثالث، فهو ان الصوم يمنع المواطنين من الذهاب الى التسوق او التنقل في أسواق والمراكز التجارية البغدادية مثل الباب الشرقي او الصدرية او شارع المتنبي وسوق السراي وسوق الغزل وممارسة الجولات البغدادية التي يحرص عليها البغداديون يوميًا والافطار في الازقة والمطاعم الشعبية القديمة في هذه المناطق.
وعمومًا، قادت هذه الملاحظة إلى تساؤلات عن سبب عدم استفادة الدولة والمؤسسات المعنية من هذه المعطيات والمؤشرات، بدلا من التفكير بطريقة واحدة وهي انفاق الأموال على مشاريع فك الاختناقات، وتقديم معالجات لأسباب، بدلا من محاولة التخلص من الأسباب ذاتها التي من الممكن التخلص منها، على سبيل المثال جعل دوام الموظفين او المراجعات في الدوائر الحكومية بنظام الشفتات، خصوصا مع العدد الهائل للموظفين في العراق، وجعل الدوام يمتد لـ24 ساعة وتقسيم الموظفين على هذا الأساس، وبالتالي يتم التخلص من الازدحامات وإتاحة تقديم إنتاجية اكبر وتجاوز مسألة التوقف عن الإنتاج في أيام العطلة الكثيرة، وإتاحة فرصة اكبر للمواطنين من جعل مراجعاتهم متوافقة مع اوقاتهم والتزاماتهم، مايجعل التخلص من العديد من المشاكل بخطة واحدة.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: ساعة واحدة التخلص من
إقرأ أيضاً:
كيف تستفيد أي تنسيقية مدنية من الكفاءات المدنية المستقلة؟
المقدمة
في خضم الحرب الأهلية التي تمزق السودان، تبرز تنسيقيات مدنية جامعة للقوى المدنية السودانية الساعية لوقف الحرب وإعادة بناء الدولة. لكن التحدي الأكبر الذي يواجهها هو كيفية توحيد الجهود مع الكفاءات المهنية المستقلة خارج نطاقها، خاصة تلك غير المنتمية لأحزاب سياسية، ولكنها تمتلك خبرات علمية وعملية كبيرة يمكن أن تساهم في إنقاذ البلاد.
فكيف يمكن لها أن تنسق مع هذه القوى وتوظف إمكانياتها لتحقيق السلام والاستقرار؟
1. إشراك الخبراء في صنع القرار: من التهميش إلى التمكين
تزخر السودان بالعديد من الكفاءات الأكاديمية والإدارية والفنية التي ظلت لعقود خارج دوائر صنع القرار بسبب هيمنة العسكر والأحزاب التقليدية. اليوم، يمكن للتنسيقية المدنية أن تعوض هذا الإقصاء عبر:
- تشكيل مجالس استشارية تضم خبراء في الاقتصاد، الصحة، الإدارة، والعدالة الانتقالية.
- إشراكهم في وضع خطط إنقاذ سريعة لإعادة الخدمات الأساسية في المناطق الخارجة من الحرب.
- الاستعانة بهم في صياغة سياسات طويلة الأمد لإعادة الإعمار.
لكن من المهم التنبيه إلى نقطة أساسية: إشراك الخبراء لا يعني أن الحلول تأتي من طرفهم منفردين، بل الأهم هو توفير مناخ صحي يقبل الاختلاف في وجهات النظر، ويسمح بتفاعل مثمر بين الخبراء والسياسيين، بما يؤدي إلى حلول ذكية ومستدامة لا مجرد وضع "ضمادات على جرح الوطن المعتل".
الذكاء الجمعي القائم على الاختلاف الخلّاق وتعدد الزوايا في النظر إلى القضايا هو ما نفتقده في العمل العام، وهو ما يجب أن تسعى التنسيقيات المدنية إلى تبنيه كأساس لأي شراكة مع الكفاءات المستقلة.
لا يمكن بناء سودان جديد بمنظومة قرار قديمة.. إشراف الخبراء المستقلين ضرورة وليس رفاهية.
2. النقابات المهنية: قوة ضغط ودعم ميداني
تمتلك النقابات المهنية (كالأطباء والمهندسين والمحامين) تاريخاً نضالياً وتنظيمياً يمكن أن يكون عوناً للتنسيقيات المدنية في:
- تنظيم قوافل إغاثية للمناطق المتضررة.
- توثيق انتهاكات الحرب عبر شبكات المهنيين من المحامين والأطباء وغيرهم من المستقلين.
- تقديم الدعم الفني في إعادة تأهيل البنية التحتية المدمرة.
مثال حي:
في بداية الحرب، لعبت نقابة الأطباء دوراً محورياً في إنشاء خدمات ميدانية. فلماذا لا يتم تعميم هذه التجربة عبر تنسيق أوثق مع التنسيقيات المدنية؟
3. الأكاديميون والباحثون: عقول تُهمَّش بينما الأزمة تحتاجها
الجامعات ومراكز الأبحاث السودانية تضم كفاءات قادرة على تحليل الأزمات وطرح الحلول، لكنها غالباً ما تُستبعد من عملية صنع القرار. هنا يأتي دور التنسيقيات المدنية في:
- توظيف الباحثين لرصد آثار الحرب (النزوح، الجوع، انهيار التعليم).
- الاستفادة من الدراسات الأكاديمية في وضع خطط التنمية.
- إشراك الأساتذة في تصميم برامج التوعية المجتمعية.
---
4. منصات تنسيقية جامعة: تجمع الجهود بدلاً من تشتيتها
إحدى مشكلات العمل المدني السوداني هي التشرذم، ولتجاوز ذلك يمكن:
- إنشاء منصة رقمية تجمع كل المبادرات المستقلة تحت مظلة تنسيقية واحدة.
- عقد مؤتمرات دورية تجمع التنسيقيات المدنية مع الكيانات المهنية لتوحيد الرؤى.
---
5. الضغط الدولي: صوت موحد أقوى
الكفاءات المستقلة تتمتع بمصداقية دولية عالية، ويمكن للتنسيقيات المدنية أن تستفيد منها في:
- إصدار تقارير مشتركة تعرض معاناة السودان للعالم.
- تنظيم حملات ضغط على المنظمات الدولية بخطاب مهني غير حزبي.
---
الخاتمة: شراكة وطنية لا استقطاب سياسي
السودان لا ينقصه الكفاءات، بل ينقصه الإطار الذي يتيح لها العمل المشترك في بيئة تُقدّر التنوع وتُرحّب بالاختلاف.
التنسيقيات المدنية أمام فرصة تاريخية لقيادة تحالف مدني حقيقي، لا يقوم على استقطاب سياسي ضيق، بل على الذكاء الجمعي وروح الشراكة الوطنية. المطلوب هو فضاء مشترك يتفاعل فيه السياسي مع الخبير، والأكاديمي مع الميداني، على قاعدة واحدة.
الخروج من الأزمة لن يكون بقرارات فردية، بل بشراكة وطنية تضع مصلحة السودان فوق كل اعتبار.
كلمة أخيرة:
الوقت ليس في صالح السودان.. كل يوم حرب يُفقد البلاد جزءاً من مستقبله.
التعاون بين التنسيقات المدنية والقوى المهنية المستقلة ليس خياراً، بل هو ضرورة للنجاة.
dr.elmugamar@gmail.com