ترؤس بري للحوار.. بين تحفّظ المعارضة وغياب البديل!
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
حسم رئيس مجلس النواب نبيه بري أخيرًا الجدل الذي أثارته فكرة "التداعي إلى التشاور الذي لا يرأسه أحد" التي حاول البعض أن يختزل مبادرة كتلة "الاعتدال" النيابية بها، والذي فتح الباب أمام الكثير من علامات الاستفهام عن "شكل" هذا التشاور، الذي فُهِم على أنّه "اسمٌ آخر" للحوار "المنبوذ" من قبل الحوار، فضلاً عن آليته، بغياب من يديره على المستوى العملي، أو على الأقلّ، من يوزّع الكلام بين المشاركين فيه.
فبعيد اجتماعه الثاني مع كتلة "الاعتدال"، والذي قيل إنّه أعاد "الزخم" لمبادرتها خلافًا لكلّ الإشاعات التي سبقته، قال الرئيس بري كلامًا واضحًا مفاده أنّه سيترأس الحوار شخصيًا بلا شروط مسبقة، وأنّ الأمانة العامة للبرلمان هي من توجّه الدعوة للكتل النيابية من أجل المشاركة، حتى إنّه تحدّث عن "طاولة مستديرة" يمكن للتلاقي حولها أن يؤدّي إلى التوافق على اسم مرشح معيَّن من شأنه أن يسهّل انتخابه، في "استنساخ" لطاولات الحوار المتعاقبة.
لكنّ الردّ على كلام بري جاء سريعًا من المعارضة، وتحديدًا من "القوات اللبنانية"، التي اعتبرت أنّ رئيس المجلس "مزّق وتلاعب مئات لا بل آلاف المرات بمفهوم الحوار الذي يمكن أن يؤدي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وهو ما يطرح العديد من علامات الاستفهام، فهل "يطيح" مبدأ ترؤس بري للحوار بالمبادرات الرئاسية المطروحة؟ ولماذا تتحفّظ المعارضة على الفكرة، وهل من "بديل" تطرحه بما يتيح المضيّ إلى الأمام؟!
من يدير الحوار؟
منذ أن بدأ الحديث عن مبادرة كتلة "الاعتدال" الرئاسية، وتحديدًا منذ أعلن رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع موافقته عليها، تُطرَح علامات استفهام عن شكل الحوار أو التشاور الذي تقوم عليه، في ظلّ "تباين فاقع" في القراءات، بين المحسوبين على رئيس المجلس الذين اعتبروها استعادة لمبادرة بري الحواريّة، واستغربوا حماسة من رفضوها في الأساس، وبين المعارضين، وتحديدًا "القواتيين" الذين وجدوا أنّها "ليست حوارًا".
في معرض شرحهم لملابسات المبادرة، ذهب هؤلاء للقول إنّها تبدأ بـ"تشاور بين النواب داخل مجلس النواب"، على طريقة أن "يتداعوا" من دون أن يكون هناك دعوة صريحة وواضحة، فيتداولوا عندها بالملف الرئاسي، وأسماء المرشحين وغير ذلك، قبل أن ينتقلوا إلى القاعة العامة، لجلسات مفتوحة بدورات متتالية، يتعهّد جميع النواب بحضورها وعدم تعطيلها، لا تنتهي سوى بتصاعد الدخان الأبيض، عبر انتخاب رئيس للجمهورية.
لكنّ هذا الطرح أثار ولا يزال الكثير من الجدل، الذي لا ينحصر بفكرة "إجبار" النواب على حضور الجلسات، ولكنّه يمتد إلى مبدأ "التداعي"، الذي يبدو أقرب إلى "المسرحية" وفق ما يقول بعض المؤيدين لوجهة نظر رئيس المجلس، حيث يسأل هؤلاء: "أي حوار هذا يمكن أن يعقد من دون من يديره؟"، بل يلفتون إلى أنّ الحاجة إلى "مدير للحوار" لا غنى عنها، وهي معتمدة حتى في البرامج الحوارية "الساخنة".
ماذا تريد المعارضة؟
لهذه الأسباب، حسم رئيس مجلس النواب الأمر، فأعلن أنه "من سيرأس الحوار"، لتكون النتيجة أنّ مبدأ ترؤس الرئيس بري للحوار تحوّل بدوره إلى "مادة خلافية"، حيث سارعت "القوات اللبنانية" إلى رفض الأمر، باعتبار أنّه "ليس وليّ أمر النواب والكتل النيابية"، فيما تُطرَح تساؤلات حول موقف "التيار الوطني الحر" الذي سبق أن رفض مبادرات الحوار بسبب الاعتراض على بري تحديدًا، ولو أنّ هناك من يشير إلى "مرونة أكثر" في الآونة الأخيرة.
في هذا السياق، ثمّة من يسأل عمّا تريده المعارضة فعليًا، فهل تريد حوارًا فعلاً بلا رئيس ولا مرؤوسين، أم أنّها لا تتوخّى سوى رمي كرة المسؤولية عند الآخرين، وفق ما يقول خصومها، الذين يلفتون إلى ما يعتبرونها "ازدواجية" في موقف المعارضة، التي ترفض الحوار بكلّ أشكاله، من دون تقديم أيّ بديل حقيقيّ، كما ترفض فكرة التفاهم، ثمّ توافق فجأة على مبادرة "الاعتدال"، قبل أن تفصّلها على قياسها غير القابل للترجمة على أرض الواقع.
لكنّ أوساط المعارضة ترفض هذا المنطق، وتقول إنّ ما تريده هو عدم الوقوع في ما تصفه بـ"فخّ حوار الممانعة"، الذي يسمّى "بلا شروط مسبقة"، لكنه لا يتوخّى سوى "فرض" مرشح محدّد دون غيره إلى الرئاسة، في حين أنّ الحوار يجب أن ينطلق بـ"بادرة حسن نيّة" تكون بالتخلّي عن المرشح المرفوض من الآخرين، والانفتاح على البحث بخيار ثالث، تصبح معه طاولة الحوار ذي جدوى فعليّة.
قد يكون السجال حول "من يرأس الحوار" مثيرًا للجدل، في بلدٍ لا يتّفق فيه مختلف الأفرقاء سوى على "الاختلاف" على كلّ شيء، وهو ما توحي به المواقف في الأيام الأخيرة. هكذا، تصبح المشكلة في "ترؤس" بري أو غيره للحوار، لا في أنّ الحوار من أساسه لا يزال "عصيًّا" على كثيرين، رغم أنّ الأشهر الأخيرة أثبتت أنّ "تحرير" الاستحقاق الرئاسي لا يمكن أن يكتمل، من دون تفاهم الحدّ الأدنى، الذي يمرّ عبر الحوار! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
المعارضة تطالب بإقالة رئيس وزراء كوريا الجنوبية وتصاعد الأزمة السياسية
أعلنت المعارضة في كوريا الجنوبية، اليوم الخميس، أنها تقدمت بطلب لعزل رئيس الوزراء هان داك سو، القائم بأعمال الرئيس، بعد أن رفض الموافقة على تعيين 3 قضاة في المحكمة الدستورية، وهذا أدى إلى تعطيل إجراءات عزل الرئيس المعزول يون سوك يول.
وبدأت الأزمة السياسية في كوريا الجنوبية في الثالث من ديسمبر/كانون الأول بعد إعلان يون فرض الأحكام العرفية، وهذا دفع البرلمان في 14 ديسمبر/كانون الأول إلى التصويت على عزله وتعليق عمله. ورغم ذلك، يتعين على المحكمة الدستورية أن تصادق على فصله في غضون 180 يوما.
لكن هان رفض الموافقة على تعيين القضاة الثلاثة المرشحين لملء المقاعد الشاغرة في المحكمة الدستورية، وأدى هذا إلى تعطيل إجراءات العزل. وقد رأى الحزب الديمقراطي المعارض في هذا الرفض تهديدا للعملية الديمقراطية في البلاد، وأعلن عزمه على عزل هان أيضا.
وأشار النائب بارك سونغ جون من الحزب المعارض إلى أن الاقتراح قد تم تقديمه وسيتم عرضه على الجلسة العامة للتصويت عليه. وأكد زعيم المعارضة في الجمعية الوطنية بارك تشان داي أن رفض هان تعيين القضاة يثبت عدم قدرته على التمسك بالدستور.
وفي حال استمرار المماطلة، سيكون لدى المحكمة الدستورية 6 قضاة فقط للموافقة بالإجماع على عزل يون، وهذا يعني أن صوتا واحدا معارضا يمكن أن يعيده إلى منصبه.
إعلانمن جانبه، أصر هان على أن تعيين القضاة يتطلب حلا وسطا بين الحزب الحاكم والمعارضة، مشيرا إلى أن الدستور والقوانين الكورية الجنوبية تنص على أن السلطات الرئاسية الحصرية لا ينبغي أن تمارس من جانب واحد. وقال إنه لن يعين 3 قضاة لملء المقاعد الشاغرة في المحكمة الدستورية التي تنظر في إقالة يون، حتى تتفق الأحزاب السياسية على التعيينات.
وإذا تم تمرير اقتراح عزل هان، فستكون هذه هي المرة الأولى في تاريخ كوريا الجنوبية التي يتم فيها عزل رئيس بالوكالة. وفي هذه الحالة، سيشغل وزير المالية تشوي سانغ موك منصب القائم بأعمال الرئيس.