لا يزال الجانب الغربي من القارة الإفريقية يشكل تهديدًا كبيرًا للعالم كله باعتباره بوابة القارة السمراء على الجانب الغربي من العالم، على الرغم من التعهدات الأمريكية بتمويل دول غرب إفريقيا بـ45 مليون دولار لمساعدتها في تحقيق الاستقرار، إلا أن التهديدات الإرهابية المستمرة لا تبشر بحدوث هذا الاستقرار في المستقبل القريب.

وعلى الرغم من كل ما تمتكله دول غرب إفريقيا من فرص استثمارية جاذبة، مثل وجود موانئ تستخدمها شركات الملاحة الغربية لشحن ونقل بضائعها، إلا أن هذه الفرص الاستثمارية مهددة دائمًا بخطر وجودي وهو تنامي ظاهرة العنف والإرهاب داخل بلدان هذه المنطقة، ويرجع هذا لعدة أسباب لعل أهمها هشاشة نظم الحكم وضعف السيطرة الأمنية وارتفاع معدلات البطالة، وتدهور في العلاقات بين الدولة والمجتمع، والذي يتنامى بمرور الوقت ويؤدي إلى تهميش المواطنين وإهمال تطلعاتهم المشروعة ومن ثم يسمح بنمو التنظيمات الإرهابية التي تستغل اتساع هذه الفجوة بين الدولة والمجتمع.

من جانبه يرجع أوليفييه جيه فالتر في ورقة بحثية بعنوان: "الحروب والصراعات في الصحراء والساحل"، سبب الإرهاب الذي تعرّضت له غرب إفريقيا ومنطقة الساحل إلى العديد من العوامل منها مزيج من التمردات المدنية المسلحة والانقلابات العسكرية والتمردات الجهادية وحركات الاحتجاج وشبكات المخدرات العابرة للحدود، والتي عملت بشكل أفضل من حيث حرية الحركة والتنقل بين الدول الإفريقية، بسبب الحدود المتقاربة وضعف تأمينها بسبب عدم سيطرة القوات الأمنية عليها أو ضعف هذه السيطرة.

ويرى الباحث الإفريقي الدكتور عثمان أنتوي بواتنغ، الأستاذ المشارك في جامعة الإمارات العربية المتحدة، في دراسة له بعنوان: "صعود الإرهاب الإسلامي الشامل في أفريقيا: تحدي أمني عالمي" أن هناك عوامل دفعت لزيادة معدلات الإرهاب في غرب إفريقيا منها ارتفاع معدلات البطالة ووجود أنظمة سياسية استبدادية وغياب حقوق الإنسان، والفشل المؤسسي الذي يهيئ الناس في المجتمعات الإسلامية لاحتضان الأيديولوجية الجهادية العنيفة.

في المقابل يشير عثمان إلى وجود عوامل جذب لدى التنظيمات الإرهابية، تتمثل في القيمة التي يقدمها الإرهاب أو الحركات الجهادية من أجل جذب الناس إلى قضيتهم، مثل التوظيف الديني والاستشهاد غير الصحيح بالنصوص الدينية المقدسة وأجر الشهيد (بعد إقناعهم بأن العمليات الانتحارية نوع من الاستشهاد في سبيل الله)، ويكون الثمن هو الفوز بالجنة والزواج من الحور العين، لافتًا إلى أن وجود المدارس الدينية الراديكالية، والشبكات الإنسانية، والدعاية، ساهم في قبول هذه الأفكار وانتشارها بسهولة.

وأشار الباحثون إلى أن خضوع معظم دول إفريقيا لفترات طويلة من الحكم العسكري، شجع على وجود العنف بها، ففي نيجيريا على سبيل المثال، حكم الجيش ثلاثة أرباع السنوات الأربعين الأولى من حقبة ما بعد الاستقلال. وهو ما دفع عالم السياسة النيجيري البارز، كلود آكي، إلى وصف دولة ما بعد الاستعمار في نيجيريا بأنها جهاز عنف كان له قاعدة ضيقة للغاية في القوى الاجتماعية بسبب ضعف العلاقات بين الدولة والمجتمع.

كما أشاروا إلى أن آثار الربيع العربي كانت من عوامل تمكين الإرهاب الرئيسية في غرب إفريقيا ومنطقة الساحل، حيث ساهمت الحرب في ليبيا في انتشار الأسلحة في منطقة الساحل، كما أدى انعدام الأمن إلى عدم خضوع الأسلحة الصغيرة والخفيفة للمساءلة مما أدى إلى انتشار حركات التمرد والجماعات المسلحة في المنطقة نفسها وكذلك في أقصى الجنوب حتى غرب أفريقيا. مما أدى إلى إشعال الصراعات وخلق ظروف مواتية لاستدامة الإرهاب.

وعند النظر إلى لآليات الدعم الدولية لمساعدة دول غرب إفريقيا في مجال مكافحة الإرهاب نجد أن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ركزت في دعما لدول غرب إفريقيا والساحل على جهود الأمن وإنفاذ القانون على المدى القصير، المتمثلة في الحلول الأمنية والعسكرية فقط، وأهملت التدابير طويلة الأجل لمواجهة الظروف الجذرية والمسببات الأساسية التي أثرت سلبًا على الإرهاب، وأدى إلى افتقار الدولة لقدرتها على مواجهة الأسباب الجذرية للإرهاب.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: أفريقيا دول غرب إفریقیا

إقرأ أيضاً:

النيجر تسحب قواتها من تحالف مكافحة الإرهاب بمنطقة بحيرة تشاد

في خطوة مفاجئة، أعلنت النيجر يوم السبت الماضي عن انسحابها من القوة المتعددة الجنسيات التي تأسست عام 2015 لمكافحة الجماعات الجهادية في منطقة حوض بحيرة تشاد، والتي تضم إلى جانب النيجر كلا من نيجيريا وتشاد والكاميرون.

خلفية القرار وأسبابه

جاء قرار النيجر على خلفية تغييرات جذرية في الوضع الداخلي للبلاد بعد الانقلاب العسكري الذي وقع في 2023 وأطاح بالحكومة السابقة، مما أدى إلى تصاعد التوترات السياسية داخليًا وعلاقات متوترة مع القوى الإقليمية والدولية.

في هذا السياق، قررت النيجر إعادة تقييم دورها في العمليات العسكرية المشتركة في منطقة بحيرة تشاد، حيث كانت قد شاركت بشكل فعال في الجهود المبذولة لمكافحة الجماعات الجهادية مثل "بوكو حرام" وتنظيم الدولة الإسلامية في السنوات الماضية.

خريطة النيجر (الجزيرة)

وقد أفاد رئيس النيجر، الذي تولى السلطة بعد الانقلاب، بأن هذا القرار جزء من "إعادة تقييم إستراتيجي" للأمن الوطني والسيادة، مشيرًا إلى أن النيجر لن تتخلى عن التزامها بمكافحة الإرهاب، بل ستبحث عن طرق بديلة لتحقيق هذا الهدف.

ردود فعل الجوار والمجتمع الدولي

قوبل هذا القرار بردود فعل متباينة من دول الجوار والمجتمع الدولي.

فقد أعربت بعض الدول، مثل تشاد والكاميرون، عن قلقها من تأثير هذا الانسحاب على التنسيق الإقليمي لمكافحة الإرهاب.

نيجيريا تعيش توترا أمنيا مستمرا بسبب هجمات بوكو حرام (رويترز)

من جهة أخرى، أكدت نيجيريا أنها ستواصل التعاون مع النيجر في مجالات أخرى، بما في ذلك تبادل المعلومات الاستخباراتية وتعزيز الأمن الحدودي.

إعلان

من جانب آخر، عبرت بعض القوى الدولية، مثل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، عن قلقها من تداعيات هذا القرار على استقرار المنطقة.

وأفادت وسائل إعلام مختلفة بأن الغرب يتابع عن كثب تطورات الوضع في النيجر، إذ إن أي تفكك في التحالفات العسكرية قد يؤدي إلى عواقب وخيمة في محاربة الإرهاب بمنطقة الساحل.

التزامات النيجر المستقبلية

في مواجهة هذه التحديات، أكدت النيجر أنها لن تتخلى عن مكافحة الإرهاب، بل ستسعى لاتباع مسارات جديدة تتماشى مع مصالحها السيادية وأمنها الداخلي.

عناصر من جيش النيجر (غيتي)

وأوضح مسؤولون في الحكومة النيجرية أنهم يعتزمون تعزيز التعاون الثنائي مع الدول المجاورة وتكثيف الجهود المحلية لمكافحة الإرهاب داخل الحدود الوطنية.

كما أكدت النيجر على أهمية الدعم الدولي المستمر، خصوصًا من القوى الغربية التي ساهمت في عمليات مكافحة الإرهاب في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • الإرهاب الأمريكي الصهيوني.. نموذج حيً في فلسطين واليمن
  • عثمان حامد: رائحة الموت لا تزال باقية
  • تقرير: تقليص المساعدات الأمريكية لمؤسسات مكافحة الإرهاب يساعد على نمو المنظمات الإرهابية
  • الفاضلي: الإرهاب مجرد معركة وهمية كيدية صنعوها لنا
  • النيجر تسحب قواتها من تحالف مكافحة الإرهاب بمنطقة بحيرة تشاد
  • محكمة روسية تستعد لبت مسألة شطب طالبان من قائمة الإرهاب
  • بحثاً عن تعزيز العلاقات مع أفغانستان..موسكو تشطب طالبان من قائمة الإرهاب
  • الإرهاب لا يبرر إرهاباً.. وسوريا تنزف من جديد
  • محافظ كفرالشيخ يشارك المسنات فرحة العيد
  • إن لم تقم الدولة بدورها سيحل محلها الغضب الشعبي