هل ستُفتح صفحة جديدة في العلاقات التركية الأميركية؟
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
خلال فترة وجودي في الحكومة؛ حضرتُ الاجتماعات الرسمية في البيت الأبيض والكونغرس عدة مرات، وأعتقد أن أصعب الأوقات كانت في عهدَي أوباما وبوش، فلقد أُتيحت لي الفرصة للقاء أوباما عندما جاء إلى تركيا، لقد كان رائعًا جدًا وكان لديه طريقة غريبة في التواصل مع الناس.
أعتقد أن "الموقف الهادئ" يلعب – عمومًا – دورًا حاسمًا في العلاقات التركية الأميركية؛ ففي عام 2005، في البيت الأبيض، قال مستشار الرئيس بوش للوفد الذي كنت جزءًا منه في الاجتماع ما يلي: "يبدو الأمر كما لو كنت تلوح بالعلم في الشرق الأوسط.
في ذلك الوقت؛ وباعتباري مستشارًا سياسيًّا شابًّا؛ شعرتُ بالحاجة إلى الرد، فقلتُ: "إن تركيا تصنع الآن سياستها الخارجية من خلال وضع مصالحها الخاصة في المقام الأول. أما الكتب والأفلام المنشورة فهي لا تقارن بمنتجاتكم الهوليودية".
الولايات المتحدة الأميركية لا تحبّ الدول المستقلةتذكرتُ تلك الأيام عندما ذهب وزير الخارجية التركي هاكان فيدان ومدير المخابرات إبراهيم كالين إلى الولايات المتحدة في الأسبوع الماضي؛ حيث أعلن وزير الخارجية فيدان أنه يأمل في فتح صفحة جديدة مع الولايات المتحدة.
وأضاف: "في الوقت الحالي، وخاصة في هذه المرحلة، لدينا الفرصة لمواصلة طريقنا بعلم نفس متجدد، وأجندة أكثر إيجابية، وفتح صفحة جديدة. يتمتع كلا البلدين بالذاكرة وردود الفعل عندما يتعلق الأمر بإدارة الأزمات". وتابع: "من المهم إدارة المشاكل التي نواجهها حاليًا، مع إدراك الإمكانات والفرص المشتركة التي يمكن أن تنتجها الدولتان".
في الواقع؛ تنبع علاقات الولايات المتحدة مع تركيا من مشكلة تحديد المواقع، وكما هو الحال مع مزاج مستشاري أوباما أو بوش، فإن العلاقات لا تتحسن بسبب الموقف الذي يُنظر فيه باستخفاف إلى تركيا، ويُعتقد أنها تستطيع أن تفعل ما تريد.
لا تقبل الولايات المتحدة أن تركيا أصبحت الآن قوة إقليمية، وأن لديها اقتصادها المستقل وسياستها الخارجية وصناعتها الدفاعية، فيشعر ترامب بأنه يحق له توجيه تهديدات غير محترمة، قائلًا: "أرسل تغريدة وسوف ينهار الاقتصاد"، وقبل انتخاب الرئيس بايدن، رأى أنه من الطبيعي التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد؛ لأنه "يجب أن ندعم المعارضة ونطيح بأردوغان".
تريد الولايات المتحدة أن يعتمد كل العمالقة عليها ولا تحب الدول المستقلة.
إذا استقلت دولة في ثلاثة مجالات.. فسيكون هناك انقلابإن الدول الكبرى تبني علاقاتها مع الدول الصغيرة على التبعية والمنفعة، وتسمى هذه "الحالات الفضائية"؛ فإذا أرادت دولة صغيرة أو دولة ضعيفة أن تخرج من حالة الدولة التابعة، فيجب أن تستقل في 3 مجالات:
1- اقتصاد مستقل مكتفٍ ذاتيًّا.
2- صناعة دفاعية مستقلة لتلبية احتياجات الجيش.
3- سياسة خارجية مستقلة تراعي مصالح بلادها.
فإذا قامت دولة تابعة بمبادرات للاستقلال في هذه المجالات الثلاثة ونجحت في بعضها؛ تتم محاولة الحفاظ على الوضع الراهن من خلال القيام بانقلاب في تلك الدولة، وهذا حدث لتركيا، فقد كان هذا بالضبط هو السبب وراء محاولة الانقلاب في 15 يوليو/تموز 2016؛ حيث حاولت منظمة "فيتو" الإرهابية تنفيذ الانقلاب، ولا يزال زعيم "فيتو" تحت الحماية في أميركا.
ليس لدى الولايات المتحدة سياسة ثابتة في الشرق الأوسطأنا أزعم أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة كانت لفترة طويلة غير إستراتيجية، وكانت غير ناجحة إلى حد كبير، وكانت صور الجنود الأميركيين الفارين من أفغانستان هي الصور الأكثر شهرة لسياستها الخارجية الفاشلة الأخيرة.
لا تمتلك الولايات المتحدة خطة عميقة وطويلة الأمد وعقلانية للشرق الأوسط تقوم على المصالح المشتركة. وبصرف النظر عن سياستها الإقليمية الحمائية التي تركز على إسرائيل؛ فإنها تعاني من عدم الاتساق في القيام بأي شيء في أي وقت، وهي تحاول إجبار تنظيم حزب العمال الكردستاني، العدو اللدود لتركيا، شريكها الإستراتيجي منذ 50 عامًا، على إقامة دولة صغيرة في سوريا.
فبينما قد يعلن أحد الرؤساء إيران عدوًّا؛ قد يعلنها رئيس آخر صديقًا، وهذا ما كان يحدث في العراق، ولبنان، وسوريا، ومصر؛ حيث كانت الاضطرابات والصراعات الأهلية والانقلابات متكررة في هذه البلدان، وبسبب هذه التناقضات، يعيش الشرق الأوسط حالة من الفوضى الكاملة.
فتح صفحة جديدة مع تركيا صعبوما لم تغير الولايات المتحدة وجهة نظرها، فمن الصعب للغاية فتح صفحة جديدة مع تركيا؛ حيث إن الدولة الصورية التي أنشأتها وحدات حماية الشعب في شمال سوريا هي واحدة من كبرى المشاكل، وثانية المشاكل هي أن زعيم تنظيم "فيتو" الإرهابي الذي حاول الانقلاب في تركيا واستشهد بسببه أكثر من مائتي شخص؛ يقيم في فيلا في ولاية بنسلفانيا الأميركية.
لكن ما كنت أقوله منذ البداية هو المشكلة الأخطر: إن الولايات المتحدة الأميركية عليها أن تقيم علاقة مع تركيا تتمتع بوضع دولة مستقلة متساوية، مع مراعاة المصالح المتبادلة؛ وما لم تقم بذلك، فلن يكون من الممكن فتح صفحة بيضاء جديدة.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان حريات الولایات المتحدة فتح صفحة جدیدة مع ترکیا
إقرأ أيضاً:
فيدان: تركيا ستواصل دعم الشعب الفلسطيني بأقوى شكل ممكن
أكد وزير الشؤون الخارجية التركي هاكان فيدان، أن أهم أمر يشغل اهتمام بلاده الآن هو إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة وتنفيذ وقف إطلاق النار.
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن الوزير التركي قوله، عقب استقباله من قِبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إن "تركيا ستواصل دعم الشعب الفلسطيني بأقوى شكل ممكن".
وأضاف الوزير التركي أن الجزائر بقدراتها وإمكانياتها تعد إحدى ضمانات الاستقرار في المنطقة، منوهًا بمساعيها الناجحة على مستوى مجلس الأمن الدولي لحل المشاكل التي تعاني منها المنطقة.
وتابع فيدان أنه نقل للرئيس الجزائري تحيات نظيره التركي، مشيرًا إلى أن بلاده ستستضيف رئيس الجمهورية خلال هذه السنة، في إطار الاجتماع الاستراتيجي رفيع المستوى.
وبعد أن أشاد بـ"التقدم الاقتصادي المهم الذي حققته الجزائر"، أبرز الوزير التركي "الأهمية البالغة لمواقف الجزائر وللسياسات التي تنتهجها بشأن المسائل الدولية".
ولدى تطرقه إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، أكد وزير الشؤون الخارجية التركي أنها "تزداد قوة، بفضل قيادة رئيسي البلدين والثقة المتبادلة بينهما"، لافتًا إلى أن "تركيا تثق بالجزائر وستكون دائمًا صديقًا لها"، مبرزًا أن "هذا الموقف وهذه الإرادة هي نفسها لدى الجزائر".
واعتبر الوزير التركي أن اجتماع لجنة التخطيط الاستراتيجية المشتركة، الذي انعقد اليوم، بمشاركة عدة مؤسسات تركية، يعد "فرصة لتعزيز التعاون في عدة قطاعات كالتجارة والمواصلات والهجرة والصحة وغيرها"، معلنًا أن حجم المبادلات التجارية بين البلدين ''سيبلغ قريبًا 10 مليارات دولار".
ولفت الوزير -في ذات السياق- إلى إحصاء "قرابة 1400 شركة تركية تعمل في الجزائر"، مؤكدًا أن العلاقات الاقتصادية الثنائية "ستتعمق أكثر من خلال الاتفاقيات التي سيتم توقيعها فيما يخص التجارة التفضيلية وتشجيع الاستثمار المتبادل".
واعتبر هاكان فيدان أن الجزائر هي "أحد أهم شركاء تركيا في مجال الأمن الطاقوي"، معربًا عن رغبة بلاده في "توطيد العلاقات أكثر في هذا المجال، بالإضافة إلى قطاع الصناعات الدفاعية"، مع مواصلة التعاون عبر "عدة مشاريع مشتركة يمكن تحقيقها".
وذكَّر الوزير التركي بإشرافه، أمس الأحد، على افتتاح القنصلية العامة في مدينة وهران، والتي ستقدم -كما قال- "خدمات بأفضل شكل لمواطنينا ولإخواننا الجزائريين".
وفي سياق آخر، أبرز هاكان فيدان الإرادة المشتركة للبلدين من أجل "تكثيف مشاوراتهما بشأن المسائل الإقليمية والسياسات المشتركة".
وخلص الوزير التركي إلى التعبير عن قناعته بأن زيارته إلى الجزائر "ستحقق إسهامًا كبيرًا في توطيد العلاقات أكثر بين البلدين".