هل سيبقى الإسلام السياسي أو الإسلام الحَرَكي، "الفكرة الكبرى"، التي تستأثر في العالم العربي بمخيال الشعوب، وتستحثُّ الفعلَ السياسي، كما كانت القومية العربية لفترة؟
لا جدال أن الإسلام السياسي كان "الفكرة الكبرى" منذ (1967)، وسحب من القومية العربية بريقها وقوة تنظيمها، وازداد زخمه مع محطات تاريخية منحته قوة دفع، منها الثورة الإيرانية (1979)، وحرب الخليج الثانية (1991)، وإلى حد ما الحرب على العراق (2003).
شكّل حزب العدالة والتنمية حالة خاصة في الإفراط في البراغماتية حد مجافاة مرجعياته السياسية والمذهبية بالتحالف سنة (2013) مع حزب كان يعتبر حزب العدالة والتنمية خطًا أحمر
كان الإسلامُ السياسي القوةَ الأكثر تنظيمًا مع اندلاع "الربيع العربي" مما جعله يجني قطوفه، فانتقل من المعارضة إلى مزاولة السلطة، وإن كان من العسير الحديث عن تولِّيه الحُكم.
كان انتقال الإسلام السياسي، أو الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، من الخطاب إلى المسؤولية، تحولًا جوهريًا في المنطقة. لم يعد ممكنًا، وَفق هذا التحول، تقييم الأحزاب الإسلامية التي زاولت السلطة بناء على الخطاب، وإنما على الأداء، ولم يكن الأداء يرقى إلى الخطاب، في كل من تجربة حزب الحرية والعدالة في مصر، وحزب النهضة في تونس، وحزب العدالة والتنمية في المغرب. يظل وضع حزب جبهة العمل الإسلامي في الأردن حالة خاصة؛ لأنه لم يزاول السلطة أو لم يُشرك فيها في هذه الحقبة.
لا يمكن أن ننكر فشل الأحزاب المنبثقة عن الإسلام السياسي والتي زاولت السلطة، مع اختلاف أسباب كل حالة وخصوصية كل بلد. يظهر الفشل جليًا مع تراجع حزب النهضة في الاستحقاقات الانتخابية بتونس، والهزيمة المدوية لحزب العدالة والتنمية المغربي في انتخابات 2021، وهو التعبير المستعمل للتدليل على كبوة حزب العدالة والتنمية.
سرى الحديث عمّا بعد الإسلام السياسي، بعد تواتر تراجعات الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية، أو ما عبّر عنه بعض الباحثين الغربيين بالانتقال من الإسلام السياسي الصلب إلى الإسلام السياسي السائل.
أكب الكثيرون على سرير الحركات الإسلامية ليقفوا على أسباب الوهن. عزا البعض أسباب التراجع إلى تغليب الأحزاب ذات المرجعية الإسلامية البُعد القُطْري، والاهتمامات الداخلية، وهو ما يتنافى وتوجهات الإسلام السياسي الذي يتعالى على البُعد القُطري، والنزوع إلى البراغماتية المفرطة في تحالفات هجينة، أو غير طبيعية، وإلى افتقاد ثقافة الدولة، وإلى الإفراط في التمسك بالسلطة، ولو على حساب مرجعيتها.
شكّل حزب العدالة والتنمية حالة خاصة في الإفراط في البراغماتية حد مجافاة مرجعياته السياسية والمذهبية بالتحالف سنة (2013) مع حزب كان يعتبر حزب العدالة والتنمية خطًا أحمر، وتمرير قانون تدريس المواد العلمية بالفرنسية (وهو الحزب الذي كان ينادي بالتعريب)، والمصادقة على قانون يجيز استعمال القنب الهندي، وكانت قاصمة الدهر التوقيع على اتفاقية التطبيع مع إسرائيل.
كان ردّ الناخبين، على البراغماتية المفرطة، هو إزاحة الحزب من وضع القوة السياسية الأولى في البلد، إلى المرتبة الثامنة، إذ لم تستطع بالكاد تشكيل فريق نيابي.
السؤال اليوم، ما هو مصير الإسلام السياسي، أو الأحزاب الإسلامية ذات المرجعية الإسلامية بعد "طوفان الأقصى". هل تستعيد عنفوانها، وتجدد حياتها، وتستقطب حالة الغضب المستشرية في الشارع؟
هناك مؤشرات فعلًا تُظهر عودة الاتجاهات الإسلامية، بنسب متفاوتة، بشكل علني في الأردن، وواضح في المغرب، وضامر في مصر وتونس، بالنظر إلى طبيعة النظامين.
بغض النظر عن خصوصية كل بلد، والثقافة السارية به، وتجربة كل حزب، يشكل "طوفان الأقصى" نقطة تحول جديدة في المشهد السياسي في العالم العربي. نلمس تأثيره في الحضور القوي للاتجاهات الإسلامية في الشارع، في الأردن والمغرب، وفي السجال حول قضايا آنية، كما إصلاح مدونة الأسرة في المغرب، أو العودة بعد كمون، كما جماعة العدل والإحسان المغربية التي قدمت ما أسمته بـ "الوثيقة السياسية لجماعة العدل والإحسان". فهل سيُسعف الوضع الجديد في انبعاث الإسلام السياسي بعد الكبوة التي اعترته!
هناك عناصر موضوعية، أو قارّة، شكّلت قوة دفع للإسلام السياسي، منها الغطرسة الغربية، وارتهان حكومات في العالم العربي للغرب، من خلال خيارات سياسية واقتصادية وثقافية معينة، وهيمنة نخب متغربة. كان الإسلام السياسي في جزء كبير ردًا على الغطرسة الغربية، والنخب المتغربة، والارتهان للغرب.
والعنصر الثاني، هو أن بؤرة الإسلام السياسي كانت دومًا المشرق العربي وما يعتمل فيه من أحداث، منها هزيمة 67، وحرب الخليج الثانية (1991)، والحرب على العراق (2003). أفرز كل سياق زمني مرجعية نظرية ومُنظِّرًا وغلبة حركة تنظيمية معينة.
يتوافر العنصران الأولان في سياق "طوفان الأقصى"، أي الغطرسة الغربية، والارتهان للغرب، وهيمنة نخب متغربة، مع بؤرة صدع هي المشرق، بيد أن السياق الحالي لم يفرز بعدُ مرجعية نظرية.
فهل تستطيع الاتجاهات "المعتدلة"، أو "البراغماتية" التي طبعت المرحلة السابقة أن تستعيد عنفوانها، أم أنها تحمل لعنة التواطؤات، وخيارات غير موفقة، وأن الزمنَ زمنُ اتجاهات لا ترى في الاعتدال خيارًا، ولا البراغماتية سبيلًا؟
لعلّ السياق الأقرب إلى ما يعتمل هو ذاك الذي عرفته الجزائر إبان الحرب العالمية الثانية، من خلال الانتقال من حزب الشعب الجزائري الذي كان يؤمن بنوع من التسوية مع السلطة الاستعمارية، إلى حركة انتصار الحريات الديمقراطية التي أنشئت سنة (1946)، عقب مجزرة سطيف وجلمة (تنطق بجيم فارسية) (مايو/ أيار 1945)، وانطبعت بحدية المطالب والأسلوب.
هناك موجة جديدة في الأفق لجيل جديد من الإسلام السياسي، مع فاعلين جدد، وخطاب جديد، وتنظير جديد، أما من يركبون الموجة، فهم يمهدون السبيل لجيل جديد من الإسلام الحَرَكي، لا غير.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان حريات حزب العدالة والتنمیة الإسلام السیاسی
إقرأ أيضاً:
آفـة الترويض السياسي (1 – 3)
في مقالات سابقة كتبت على “آفات قاتلة” لأي عمل سياسي لعل من أهمها:
“آفة غياب الاستماع”، “آفة الاسهال الفكري”، “آفة الشخصنة”،”آفة الظاهرة القردية”،
“آفة المحصلة الصفرية”، “آفة نشوة السكرة السياسية”، “آفة الاغتراب السياسي”،
و”آفة الاستخفاف بالآخر”.
في تصوري أن كل ناشط (أو عامل) في المجال السياسي سيكون عرضة للإصابة – على الأقل – بواحدة من هذه الآفات، ولكي ينجح ويستطيع تحقيق أهدافة عليه أن يتعرف عليها ويحاول تلافيها.
في هذا المقال سأتحدث على آفة سياسية أخرى، ضارة ومُعدية وقاتلةً، أخذت تنتشر بسرعة، في السنوات الأخيرة، وأصبح من الواجب مواجهتها والسعي للتخلص منها، هذه الآفة هي “الترويض السياسي“، وهي وسيلة ناعمة (وفي بعض الأحيان خشنة) يستخدمها حاكم أو سياسي ما للسيطرة على من حوله من الأفراد وتسخيرهم لخدمته وتحقيق أهدافه الأنانية، بمعنى آخر، هي أداة لإخضاع شخص (أو شخوص) وتهيئته لعمل خاص، وذلك بتغيير (أو ضبط) سلوكه أما بالثواب أو بالعقاب، وجعله مطيعا وخاضعاً لكل ما يُطلب منه.
الأهداف
لعملية الترويض السياسي أهداف عديدة لعل من أهمها:
(1) الإخضاع، أي إخضاع الشخص المُستهدَف لرغبات المُروض.
(2) الاستمرار أي استمرار خضوعِ الشخص المُستهدَف لأوامر المُروض.
(3) التعود أي جعل الشخص المُستهدَف يتعود العيش في المهانة والذل وإرضاء سيده.
(4)الاستقرارأي جعل الشخص المُستهدَف يشعر بأن الاستقرار، في المحيط الذي هو فيه، أهم من العدالة والكرامة والحرية أو أي شيء آخر.
الركائز
لكي تنجح عملية الترويض السياسي مع أي شخص أو في أي دولة أو مجتمع لا بد أن تعتمد – على الأقل – على ركائز ضرورية ثلاث هي:
أولاً: القوة
تعتبر “القوة” أهم ركيزة ضرورية لترويض شخص (أو جماعة أو دولة أو شعب) ما وجعله “مطيعا” و”خاضعاً” و”مُستسلماً”، فعلى سبيل المثال، القوة هي التي أوجدت ما عُرف في التاريخ بـ”مؤسسة العبودية”، لأن مجموعة من الأفراد (في مكان ما) اعتقدوا أنهم “سادة قومهم”، فقاموا بامتلاك عناصر القوة المطلوبة لترويض من حولهم وإجبارهم على أن يكونوا عبيد لهم!
ولكن على المرء أن يعي أن القوة وحدها (وخصوصا الخشنة منها) لا تُحقق الأهداف المنشودة، ولعل خير مثال على ذلك ما عُرف – في السنوات الأخيرة – بــ”الحرب على الإرهاب”، فبالرغم من القوة الخشنة والمتطورة التي تمتلكها أمريكا والدول الأوروبية، إلا أنهم فشلوا ولم يستطيعوا تحقيق هدفهم النهائي والمرغوب، ألا وهو النصر على الإرهاب! وفي هذا الصدد يقول جوناثان إيال، مدير معهد الخدمات الملكية البريطانية (وهو مركز أبحاث عسكري بريطاني): “إن المفهوم الكبير للحرب [على الإرهاب] لم ينجح، وإن هذه الحرب لم تكن حاسمة من الناحية العسكرية البحثة، بل كانت عملية عشوائية إلى حد ما” (توم ريجن, 2004)، لذا لكي تتحقق أهداف الترويض المطلوبة والمرغوب، لابد أن تقترن “القوة” بعوامل ضرورية أخرى، لعل من أهمها الخوف.
ثانياً: الخوف
أما الركيزة الثانية والضرورية لترويض شخص (أو جماعة أو دولة أو شعب) ما وجعله “مطيعا” و”خاضعاً” و”مُستسلماً” هي “الخوف”، إذ يعتبر من أهم الوسائل التي تستخدمها الأنظمة (وخصوصا الدكتاتورية) للسيطرة على شعوبها. ولعلني هنا اتفق مع الكاتب الامريكي هوارد فيليبس (1890 –1937)، المتخصص في الخيال الغريب وخيال الرعب، عندما قال:
“الخوف أقدم وأقوى عاطفة لدى البشر“.
وعليه يمكن اعتبار الخوف أكبر التحديات التي تواجه الإنسان في حياته، ولهذا نجد الرئيس الأمريكي فرانكلن ذي روزفلت (1882- 1945) في خطاب تنصيبه الأول، في 4 مارس 1933، حث شعبه على المزيد من العمل دون تردد قائلاً لهم:
“إن الشيء الوحيد الذي يجب أن نخافه هو الخوف نفسه“.
ومن أشهر الأمثلة على استخدم ’الخوف كسلاح’:
(1) كان الخوف أهم سلاح فيما عُرف بـ”جمهوريات الخوف” التي أسسها الانقلابيين في دول العالم الثالث (وخصوصا الدول العربية) خلال النصف الأخير من القرن العشرين، حيث حكم هؤلاء الانقلابيين شعوبهم بالحديد والنار، وتعاملوا مع كل من حاول معارضتهم أما بالقتل أو بالسجن أو بالتشريد.
(2) استخدام الخوف كسلاح لم يقتصر على الدول الدكتاتورية فقط، بل استخدمته بعض الدول الديمقراطية أيضا، فعلى سبيل المثال، ما عُرف في خمسينيات القرن الماضي بــ’المكارثية’ لخير ذليل على ذلك، وهي سياسة تبنتها الولايات المتحدة لمواجهة ما عُرف بـ”المد الشيوعي أو الخوف الأحمر”، وهي حملة قادها السيناتور جوزيف آر. مكارثي، من ولاية ويسكونسن، حيث ادعى أنه يمتلك قائمة بأسماء 205 شيوعيين يعملون في وزارة الخارجية الأميركية، ومنذ تلك اللحظة أصبح السيناتور مكارثي محارباً شرساً ضد الشيوعية، ولأنه كان رئيسًا للجنة الفرعية الدائمة للتحقيقات بمجلس الشيوخ، فقد أجرى جلسات استماع عديدة بشأن التخريب الشيوعي في أمريكا، وحقق في التسلل الشيوعي المزعوم للقوات المسلحة” (روث روزن, 2003).
وكنتيجة لهذه الحملة على الشيوعية، استطاعت السلطات الفيدرالية تخويف الشعب الأمريكي وترويضه تحت ذريعة حمايته من المد الماركسي اللإلحادي الذي يهدد وجود أمريكا، ونتج عن تلك الحملة اتخاذ العديد من السياسات الفيدرالية لعل من أهمها:
(أ) التأكيد على أن أمريكا دولة مُتدينة تؤمن بالله وتثق به، ولأول مرة في تاريخ أمريكا استُخدمت عبارة ’ثقتنا في الله’ (In God We Trust) على العملات الورقية عام 1957، كرد فعل انفعالي على الخوف الأحمر الذي أثاره السياسيين المحافظين في تلك الفترة لتمييز الأمريكيين عن “الشيوعيين الملحدين”.
(ب) التأكيد على أن أمريكا دولة رأسمالية وأن ’السوق الحر’ هو العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي، وبالتالي لا بد من رفض ومحاربة الأنظمة الاشتراكية أو أي اقتصادي آخر.
مما تقدم يمكن استخلاص النصائح الآتية، لكل من يرغب في ممارسة السياسة:
أن يدرك أن الخوف عامل ضروري ومهم في حياة الانسان. أن يعي أن الخائف لا ينفع معه المنطق. من الخطأ افتراض “أن الإنسان إذا عرف كل الحقائق سيتصرف وفقاً لذلك”. الإيمان بأن الخوف، في أغلب الأحيان، أهم وأكثر تأثيرا من القوة!!! وقد عبر عن هذه الحقيقة الصحفي ميك هيوم رئيس تحرير مجلة سبايكد، في مقال له بعنوان: “الخوف والانهزامية يصيبان الغرب” قال فيه: “إن الخوف والانهزامية يصيبان الغرب ورغم تفوقهما العسكري الساحق في أفغانستان، وآلاتهما المتطورة لإدارة وسائل الإعلام، فإن الحكومتين الأميركية والبريطانية تشعران بقلق بالغ إزاء خسارة الحرب الدعائية”( ميك هيوم,2001). معرفة أن الخوف يزداد قوة عندما يقترن بالجهل، فمثلاً، انتشار مناخ الخوف الذي روجت له إدارة الرئيس جورج بوش (الابن) في أعقاب هجمات 11 سبتمبر2001، كان له تأثير واسع النطاق على العرب والمسلمين وخصوصا المقيمين بأمريكا، وذلك لأن الرئيس بوش نجح في ربط قضية مكافحة الإرهاب بالحريات العامة واعتبرها معركة من أجل الحريات والحقوق، وبذلك نجحت حملته في إقناع الأغلبية الساحقة من الأمريكان، فقد “أظهرت استطلاع الرأي التي أجرتها مؤسسة “قالب بول” أن أربعة من كل خمسة أميركيين على استعداد للتخلي عن بعض حرياتهم في مقابل المزيد من الأمن.”( دينيس جيت, 2002).ثالثاً: التوريط
أما الركيزة الثالثة والضرورية لترويض شخص (أو جماعة أو دولة أو شعب) ما وتحويله إلى شخص “مطيعا” و”خاضعاً” و”مُستسلماً” هي “التوريط“! أي عملية إشراك أو إقحام شخص ما في مشروع فساد، أو ممارسة عمل غير أخلاقي، أو تجنيده للقيام بأعمال غير قانونية، أو تشجيعه على ارتكاب جرائم معينة.
ولعل خير مثال على ذلك هو ما قامت به إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش (الابن) في أعقاب هجمات 11 سبتمبر 2001، وذلك بتوريط الشعب الأمريكي خاصة، وشعوب العالم عامة، في معركة عالمية وعدو غير منظور (الإرهاب) ولا يوجد إجماع على من هو هذا العدو؟! وما هي درجة الخطر التي تمثله؟! وكنتيجة لهذه الهجمات أعلنت إدارة بوش ضرورة غزو أفغانستان، للدفاع عن النفس، وطلب من دول وشعوب العالم الوقوف مع أمريكا في هذه الحرب، ورفع شعار “معنا أو ضدنا“، ليس هذا فقط، بل قام بشن حرب ثانية على العراق…
لماذا؟!
لأن صدام حسين, كما يقول بوش،
(قد) يمتلك أسلحة دمار شامل،
و(قد) يستخدمها ضد عدو غير محدد في وقت ما، في المستقبل!
ولأننا (لسنا) متأكدين من ذلك،
فلا بد أن نشن حرباً استباقية ضدها” (رووث روزن, 2003).
بهذه الحروب العبثية ’ورط’ الرئيس بوش أمريكا والعالم في حروب لا نهاية لها، وفي هذا الصدد يقول البروفسور بروفيدنس، بجامعة براون، رود آيلاند، بالولايات المتحدة الأمريكية، وفقًا لتقرير صادر عن مشروع تكاليف الحرب في جامعة براون بأنه “بعد ما يقرب من 20 عامًا من غزو الولايات المتحدة لأفغانستان، بلغت تكلفة حربها العالمية على الإرهاب:
8 تريليون دولار,
و900 ألف حالة وفاة.
أما الأستادة كاثرين لوتز (Catherine Lutz)، المديرة المشاركة لبرنامج تكاليف الحرب وأستاذة الشؤون الدولية والعامة في جامعة براون، فتقول إن “الحرب طويلة ومعقدة ومروعة وغير ناجحة، ولا تزال مستمرة في أكثر من 80 دولة” (جل كيمبال، 2021).
ليس هذا فحسب بل نتج عن “موجات التخويف وحملات التوريط” التي شنتها أمريكا والدول الأوربية على “الإرهاب”، أصبح الإسلام كدين يمثل – في نظرهم – ظاهرة “مُخيفة” و”خطيرةً” ولابد من محاربتها! وأصبح الشباب المسلم (وخصوصا الملتزم بالإسلام) متهم ولا يثق فيه حتي يثبت العكس!!!
في الجزء الثانى من هذا المقال
سوف أحاول الحديث عن
مراحل آفة الترويض السياسي عبر التاريخ.
يتبع…
والله المســتعان
=============
المراجع
Tom Regan | csmonitor.com
Politics of ‘fear over vision’ explored on British television
October 18, 2004
Ruth Rosen. The Politics of Fear
http://www.voxpopuli-ne.com/2003_01/page68.html
دينيس جيت عميد المركز الدولي بجامعة فلوريدا.
By Dennis Jett, The politics of fear, June 17, 2002 edition
http://www.csmonitor.com/2002/0617/p09s01-coop.html
جل كيمبال (Jill Kimball)
PROVIDENCE, R.I. [Brown University]
https://www.brown.edu/news/2021-09-01/costsofwar
ميك هيوم , هو رئيس تحرير مجلة سبايكد , ورقة بعنوان: “الخوف والانهزامية يصيبان الغرب.”
في مؤتمر سبايكد بعنوان “بعد الحادي عشر من سبتمبر: الخوف والكراهية في الغرب”،
عقد يوم 26 مايو, 2001. معهد بيشوبس جيت في لندن.
http://www.spiked-online.com/Articles/00000002D27C.htm
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.