كتب ابراهيم بيرم في" النهار": هل حمل الموفد الأميركي الخاص آموس هوكشتاين فعلاً الى لبنان عرضاً جديداً مختلفاً يتصل بمستقبل ترتيبات الوضع على الحدود بين لبنان وإسرائيل وفق ما سرى أخيراً في محافل سياسية وإعلامية ذات صلة في بيروت؟
هذا السؤال وجّهته أوساط سياسية تدور في فلك فريق 8 آذار الى قيادة هذا الفريق خصوصاً في أعقاب سريان معلومات تتحدث عن أن هوكشتاين ألقى في زيارته الأخيرة المختصرة للعاصمة اللبنانية عرضاً جديداً وجاداً بين أيدي المعنيين ثم غادر مبلّغاً هؤلاء أنه ينتظر إجاباتهم الجليّة والمحددة منه ليعود بناءً على مضمونها مجدداً إليهم بانياً على الشيء مقتضاه.

وعلى هذا الأساس تشجع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وأطلق كلاماً صريحاً ذكر فيه أن لبنان تلقى من الموفد الأميركي الخاص أفكاراً وعروضاً مختلفة صارت قيد النقاش سواء بينه وبين رئيس مجلس النواب نبيه بري وتلقائياً بين بري و"حزب الله".

لكن اللافت أن هذه المناخات المرنة والإيجابية لم تلبث بعد وقت قصير أن سُحبت من دائرة التداول واختفى أي كلام عنها لاحقاً. وحسب مصادر على صلة بالأمر فإن طيّ الكلام عن هذا العنصر المستجد والداخل لتوّه على المشهد السياسي الجنوبي كان بناءً على اعتبارين اثنين:
الأول، لقد سبق للبنان بلسان الرئيس ميقاتي ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبد الله بو حبيب والرئيس بري و"حزب الله" أن أعلنوا مراراً أن لا مجال للحديث عن أية ترتيبات أو إجراءات تتعلق بالحدود ما دام العدوان الإسرائيلي مستمراً على غزة، فصار الأمر بمثابة التزام لا يمكنه التراجع عنه.

الثاني أن العرض الذي حمله هوكشتاين لم يكن عرضاً متكاملاً بل عبارة عن أفكار تخدم في الدرجة الأولى مصالح تل ابيب تماماً، وتالياً فإن التداول به في بيروت من شأنه أن يرفع منسوب التناقضات في الشارع اللبناني المحتقن أصلاً على خلفية مآلات الوضع الجنوبي.
هوكشتاين حمل معه في زيارته الثالثة لبيروت جديداً مختلفاً يمكن اعتباره توجّهاً جديداً يبدّد الكثير من الأمور ويؤسّس لواقع آخر. فوفق المصادر نفسها فإن هوكشتاين نقل بالمختصر المفيد عرضاً إسرائيلياً تحت عنوان ترتيبات ما بعد الهدنة ووقف النشاط الحربي المستعر منذ 8 تشرين الأول الماضي. وهو يقوم على الآتي:
- إن الإسرائيلي يبدي استعداداً لإسقاط ما سبق واعتباره "شرطاً" وهو فرض حزام أمني على الجانب اللبناني من الحدود على نحو تكون معه منطقة منزوعة السلاح وخالية من مسلحي "حزب الله" وقوة النخبة فيه "الرضوان" وقد تفاوتت العروض سابقاً عن عرضها وحجمها.

- إن جل ما يريده الإسرائيلي هو نوع من التعهدات من جانب الحزب تقضي بأن يوقف أولاً أنشطته الحربية وأن يسحب وجوده المسلح ولا سيما المرئيّ على نحو يعيد الوضع في هذه البقعة الجغرافية الى ما كانت عليه قبل 8 تشرين الأول الماضي، علماً بأن الإسرائيلي يعتبر أن الحزب بدأ استفزازه وتحدّيه لإسرائيل قبل هذا التاريخ بأشهر عدة وتحديداً في أيار الماضي عندما استدعى الحزب نحو 300 إعلامي محلي وخارجي وأجرى أمامهم عرضاً ومناورة عسكرية في أحد معسكرات الحزب في جبل الريحان (كسارة العروش). ولم يخف هوكشتاين اعتباره هذا العرض بمثابة إعلان حرب جدّي هو الأول من نوعه منذ إنفاذ القرار 1701 علماً بأن المظاهر السابقة كمثل إقامة نقاط رصد كانت مقبولة.
وبناءً على ذلك وصل الى المعنيين في بيروت كلام ضمني فحواه أن الإسرائيلي، خلاف كل ما يقال، ليس مستعجلاً لتطبيق القرار 1701 وهو الذي يعرف أن اليونيفيل قد أودعت مجلس الأمن ما يثبت أن إسرائيل خرقته منذ إنفاذه ما لا يقل عن 32 ألف مرة وأن إسرائيل لا ترغب إطلاقاً في فتح الباب حول مسألة تنفيذ هذا القرار الأممي لأنها تعرف أن لبنان سيطرح جدياً مسألة تنفيذه على جانبي الحدود. كما أن الإسرائيلي لا يريد جدياً تنفيذ الاقتراح البريطاني بنصب أبراج مراقبة على الحدود على غرار أبراج المراقبة على الحدود مع سوريا لأن أي طرح بهذا الشأن يوجب تنفيذه على جانبي الحدود.
وفي طوايا هذا العرض إن جل ما تقبل به تل أبيب حالياً هو إعادة الأمور الى ما كانت عليه قبل 8 تشرين الماضي وتعزيز قوة الجيش المنتشرة في بقعة عمل اليونيفيل لرفعها من 3 آلاف جندي الى 7 آلاف جندي على أن تتكفّل قطر ودول أخرى بتمويل عملية التطويع الجديدة لتأدية هذه المهمة.
 

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

هوكشتاين يتحدث عن تقدم بمفاوضات لبنان وإسرائيل تتمسك بشرطها

قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين عقد مباحثات "بناءة" في إسرائيل بعد وصوله قادما من لبنان، حيث أكد إحراز تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار، وفي حين أكد حزب الله اللبناني أن المفاوضات "ستجري تحت سقفين" هما وقف العدوان وحفظ السيادة اللبنانية، تتمسك إسرائيل بشروطها قبل الموافقة على أي اتفاق.

وعقد هوكشتاين -أمس الأربعاء- مباحثات مع وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر وصفتها وسائل إعلام إسرائيلية بالبناءة، وأكدت أن المبعوث الأميركي سيواصل مباحثاته صباح اليوم الخميس وسيلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

وكان هوكشتاين وصل إلى إسرائيل بعد جولة مباحثات أجراها في لبنان، التقى خلالها رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، وقال بعدها إن الأجواء إيجابية وإن هناك تقدما.

من جانبه، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر إن بلاده تواصل تحقيق تقدم للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله وإسرائيل، وأكد أن هوكشتاين سيبحث في إسرائيل الخطوط العريضة للاتفاق المحتمل لإنهاء الحرب التي أودت بأكثر من 3500 قتيل من الجانب اللبناني.

وقال ميلر في حديث للصحفيين بمقر الوزارة "ما رأيناه هو أن (إسرائيل) حققت عددا من الأهداف المهمة.. لقد رأينا (إسرائيل)، على مدار الشهرين الماضيين، فعالة جدا في تطهير البنية التحتية لحزب الله بالقرب من الحدود، ولهذا السبب نعتقد أننا في المكان الذي يمكننا فيه التوصل إلى حل دبلوماسي الآن".

من جانب آخر، قال الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم إن الحزب قدم ملاحظاته على المقترح الأميركي لوقف إطلاق النار، وأشار في كلمة أمس إلى أن الحزب سيبقى في الميدان سواء نجحت المفاوضات أو لم تنجح.

وشدد قاسم على أن المفاوضات ستجري تحت سقفين هما وقف العدوان وحفظ السيادة اللبنانية "أي لا يحق للعدو الإسرائيلي أن ينتهك وأن يقتل وأن يدخل ساعة يشاء تحت عناوين مختلفة"، مؤكدا أن "إسرائيل لا يمكن أن تهزمنا وتفرض شروطها علينا".

وجاءت كلمة قاسم عقب تصريحات إسرائيلية أكدت أن أي اتفاق يجب أن يضمن لإسرائيل "حرية التحرك" ضد حزب الله.

شرط إسرائيلي

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس إن شرط أي تسوية سياسية مع لبنان هو "الحفاظ على القدرة الاستخباراتية وحق الجيش في العمل لحماية أمن المواطنين الإسرائيليين من هجمات حزب الله".

بدوره، قال وزير الخارجية الإسرائيلي غدعون ساعر "لقد عملنا مع الأميركيين، ونحن على تواصل معهم بشأن ترتيب محتمل في لبنان"، وأضاف في كلمة أمام السفراء في القدس "انطلاقا من حقيقة وجود هوكشتاين في المنطقة، يمكنك أن تستنتج أن الأميركيين يعتقدون أن مثل هذا الترتيب ممكن".

ورغم ادعاء ساعر أن إسرائيل تريد التوصل إلى اتفاق "يصمد أمام اختبار الزمن"، فإنه جدد تمسك بلاده بحرية مهاجمة أهداف في لبنان حتى بعد التوصل إلى اتفاق، وأضاف "يتعين علينا كذلك فرض عدم تمكن حزب الله من بناء قوته مرة أخرى في لبنان، وعدم التمكن من تصنيع الذخائر والصواريخ أو إحضارها من إيران عبر سوريا عن طريق البحر وعبر المطار (في بيروت) بأي شكل من الأشكال".

وقدّمت السفيرة الأميركية في بيروت ليزا جونسون -الخميس الماضي- إلى رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي ورئيس البرلمان نبيه بري خطة من 13 نقطة تنص على هدنة لمدة 60 يوما ونشر الجيش اللبناني في الجنوب.

وإذا صمد وقف إطلاق النار، فإنه من المتوقع أن تعقد إسرائيل ولبنان بعد 60 يوما مفاوضات بشأن التنفيذ الكامل للقرار 1701 الصادر عن الأمم المتحدة قبل 18 عاما.

ويعطي القرار السلطة الوحيدة للجيش اللبناني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في المناطق الواقعة جنوب نهر الليطاني، الذي يبعد حوالي 30 كيلومترا عن الحدود مع إسرائيل.

مقالات مشابهة

  • هوكشتاين إلى واشنطن...نتنياهو لا يريد وقف الحرب إلا بشروطه
  • الأنباء الكويتية: جهود هوكشتاين أكثر من جدية في انتظار الجواب الإسرائيلي
  • لماذا يستحيل ترحيل 13 مليون مهاجر كما يريد ترامب؟
  • مفاوضات لبنان... هوكشتاين يغادر إلى إسرائيل لاستكمال وقف النار
  • هوكشتاين يتحدث عن تقدم بمفاوضات لبنان وإسرائيل تتمسك بشرطها
  • ترقّب لنتائج محادثات هوكشتاين في اسرائيل وتمسّك لبناني بنقاط جوهرية في الاتفاق
  • هوكشتاين سيُطلع إسرائيل على رد لبنان
  • 27 مسيّرة اخترقت الأجواء الإسرائيلية منذ الخميس الماضي
  • مباحثات وقف إطلاق النار.. اجتماع للكابينت الإسرائيلي بالتزامن مع زيارة هوكشتاين للبنان
  • نقاط عالقة تبقي هوكشتاين في بيروت