بعد إعلان مشروعه القرآني الذي أسسه على التقوى والجهاد في سبيل الله، ومواجهة الطغاة، وإقامة القسط، تحرك السيد حسين بدرالدين الحوثي (رضوان الله عليه) إلى العمل على إعداد أمة قوية ومجتمع قوّام بالقسط، على أساس هدى الله، واتخذ من شهر رمضان المبارك محطة ربانية، فقدم دروساً رمضان كتهيئة للناس، وتزكيتهم، وإعدادهم ليكونوا بالشكل الذي يتحطم أمامه جبروت الطاغوت وخبث اليهود، وكذب المنافقين.
لم يغفل السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي – حفظه الله – عن استغلال هذا الموسم الرباني، والاستمرار في تهيئة الأمة، وبنائها، وإعدادها من خلال إطلالاته الرمضانية، التي يخاطب عمق النفس البشرية، بأبلغ القول وأرقى البيان؛ فيزكيها بالتقوى وبالإيمان، فمن النفوس الزاكية تبنى الأسر الواعية، ومن هذه الأسر استطاع بناء وإعداد مجتمع يمني مجاهد، وبهذا المجتمع واجه أعتى دول العالم؛ أمريكا وإسرائيل وبريطانيا، وعلى يد السيد القائد، رأينا انهيار تلك الدول الكبرى أمام هذه الأمة.
ومن قوله تعالى:- «وَقُل لَّهُم فِيٓ أَنفُسِهِم قَولَا بَلِيغا»، أطل علينا السيد -حفظه الله-، في أولى محاضراته، ليخاطب النفس والوجدان بقول قرآني بليغ، مذكرا كل نفس بأهمية أن تكون على حالة من التقوى والإيمان، والرجوع إلى الله والاهتمام بالهدى، ففي المواسم السابقة وبعد تعزيز حالة التقوى والتذكير باليوم الآخر، يتجه لبناء الأسرة والمجتمع والحياة والتعاملات، وفي هذا الموسم وبعد الانتهاء – بنجاح – من بناء المجتمع الإيماني، الذي واجه وحطم قوى الطاغوت، سيتجه للحديث عن القصص القرآنية، ليخاطب خير أمة أخرجت للناس، فيرقى بها في الوعي والثقافة، ومنها يزداد الناس بصيرة وهدى، ومن القصص القرآنية، التي تحكي وقائع وأحداث ونتائج أمم سابقة، سيضع الأمة – الشعب اليمني – أمام معادلات ربانية، بنتائجها ومآلاتها الحتمية؛ هذه المعادلات هي السنن الإلهية، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا، ليرسم للناس طريق حياة صحيحة، وفق سنن ثابتة، إن فرط الناس فيها ستكون النتيجة هي العقوبة والخذلان، وإن التزمت الأمة بها، ستكون النتيجة هي الفوز والعزة والانتصار .
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
السيد عبدالله بن حمد .. الصفي الرضي
السيد عبدالله بن حمد البوسعيدي جاءنا في مسقط مع عمر الخامسة عشرة برفقة أبيه القاضي السيد حمد بن سيف وكان منزلهم في منطقة الحمرية قريبا من بيت الشيخ أحمد بن عبد الله الحارثي وكنا حين نذهب لزيارة الشيخ أحمد بن عبد الله نمر أحيانا لزيارتهم ونجد هناك العديد من القضاة والأعيان.
وكان وقتها بين الصبا والشباب شابا يلفت النظر، وعمل مع صغر سنه منسقا لمكتب الشيخ أحمد رئيس هيئة المخطوطات وقتها ثم حين تأسست وزارة الإسكان وصار السيد محمد بن أحمد وزيرا لها وتعين الشيخ أحمد بن عبد الله بمعيته وكيلا للوزارة ذهب هو معه وكان السيد محمد صديقا لوالده فأخذه منسقا خاصا لمكتبه وأسهم بقدر واسع في تأسيس الوزارة الوليدة ومضت به مسيرة العمل، وفي غضون سنوات أصبح مديرا عاما وفي تلك الفترة صرت أنا ملحقا ثقافيا في سفارة سلطنة عمان بالبحرين وجاء لزيارتي هناك لأكثر من مرة ويوم أسسنا النادي الوطني الثقافي انضم هو إلينا وصار من أبرز الشباب النشطين وقد لفتت همته العالية ونشاطه المتميز المسؤولين فتم تعيينه وزيرا للإسكان حيث أسهم في تأسيس الوزارة وتطويرها وأطلق الناس آنذاك على وزارة الإسكان اسم وزارة الأخلاق الحميدة ولكن الزمن لم يطل به في الوزارة فنقل سريعا ليكون مندوبا لسلطنة عمان في الجامعة العربية أيام وجودها في تونس وكان أمين عام الجامعة العربية الشاذلي القليبي حينئذ ورئيس تونس يومها الحبيب بو رقيبة وتطورت علاقته بهما وصارت له معهما قصص كثيرة وحكايات متنوعة وبعد وقت يسير تم تعيينه سفيرا لسلطنة عمان في تونس وكان دوره كبيرا ملحوظا وأقام علاقات واسعة مع الوزراء والمسؤولين هناك ومع زملائه السفراء وحين أعيدت الجامعة إلى مقرها في القاهرة عاد هو معها فطاب له المقام في مصر وتوطدت علاقاته مع الرئيس ومع كبار المسؤولين وشهدت العلاقات العمانية المصرية تطورا كبيرا وكان أمين عام الجامعة العربية بعد عودتها إلى مصر د. عصمت عبد المجيد وأصبحت العلاقة بينهما وثقى ومتينة وكم مرة رأينا د. عصمت زائرا له في بيته بالقاهرة إضافة إلى صلاته الحسنة مع الكتاب والمثقفين الذين ارتبط معهم بصداقات حميمة يقيم لهم الضيافات في بيته ويجتمعون حوله في ندوات علمية وثقافية ومن أبرز من صاروا أصدقاءه المقربين الدكتور جابر عصفور و د. حسن حنفي والأستاذ جمال الغيطاني ود. صابر عرب ود. أحمد درويش والمؤرخ د. جمال زكريا قاسم وعشرات غيرهم ومنزله كان منتدى فكريا وملتقى دائما لصفوة أهل الثقافة ثم أسس هناك منتدى الفراهيدي الذي تحدد وقته كل أربعة أشهر حول شؤون ثقافية مصرية وعمانية وعربية يحاضر فيه نخب العلماء وقادة الفكر والمثقفين من المغرب والعراق والجزائر وسوريا وتونس واليمن وعمان ومصر والخليج وذلك المنتدى كان منارة عمانية مضيئة في القاهرة وكانت لا تكاد تفوته ندوة أو محاضرة ثقافية في القاهرة على كثرتها وكثرة مشاغله وكنت رفيقه غالبا في تلك المحاضرات والندوات وله -رحمه الله- قدرة فائقة على التوفيق والإصلاح بين المختلفين ومما اشتهر من ذلك استطاعته جمع السفيرين الكويتي والعراقي في بيته أثناء شدة الخصومة بين الكويت والعراق خلال الاحتلال العراقي للكويت ما دعا الصحافة المصرية إلى نشر صورة السفيرين وهو بينهما في استغراب شديد وفي فترات معرض القاهرة للكتاب يكون حريصا أن أكون معه باستمرار وما أذكره عنه أيام وجوده في تونس رسالة مطولة أرسلها لي بشأن موضوع معين كان يبتغيه والرسالة ما زالت معي حتى الآن وبعد عودته إلى الوطن كنا على تواصل غير منقطع يدعوني لزيارته ببيته وأحيانا يفاجئني في بيتي فأسعد بزيارته.
ومن مآثره التي لا يمكن إغفالها إنشاء مكتبة باسم والده تضمنت بعض المخطوطات والكتب القديمة وكذلك دوره في تأسيس جامعة الشرقية التي أحاطها بالرعاية والاهتمام والتي أصبحت اليوم من بين أرقى الجامعات العمانية الخاصة ولا نستطيع حصر وتعداد ما قام به من إنجازات مهمة وهو قبل ذلك وبعده من محبي الثقافة والقراءة وحين يلقاه المرء يبادره بابتسامته العذبة المشرقة.
رحمه الله وكتب له الثواب والمغفرة وجزيل الإحسان.
أحمد الفلاحي أديب عماني