عقد الجامع الأزهر أمس الثلاثاء عقب صلاة التراويح «ملتقى الأزهر للقضايا الإسلامية»، بمشاركة ‏الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر السابق، والأمين العام لهيئة كبار العلماء، والدكتور عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والعميد السابق لكلية أصول الدين بجامعة الأزهر، وأدار الملتقى الدكتور عبد المنعم فؤاد، ‏المشرف العام على ‏الأنشطة العلمية بالرواق الأزهري، وذلك بحضور فضيلة الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، والدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، ونخبة من علماء وقيادات الأزهر الشريف، والمصلين الذين حضروا إلى ‏الجامع من شتى ربوع مصر ومن مختلف الدول العربية والإسلامية من المقيمين في مصر.

وأكد الدكتور عبد المنعم فؤاد أن هذا الملتقى يُعقد بتوجيهات فضيلة الإمام الأكبر أ.د ‏أحمد الطيب، شيخ الأزهر، انطلاقا من مسؤولية الأزهر الشريف تجاه الأمة وأمنها الفكري وبيان ‏صحيح الدين للناس وخصوصًا الشباب، وعقد حوار مفتوح داخل الملتقى بين علماء الأزهر ‏والشباب، وبيان موقف الأزهر من القضايا المعاصرة، وتفنيد الشبهات والرد على الأباطيل التي ‏تُنشر بهدف تشكيك الناس في دينهم أو الكذب والافتراء على الإسلام، وقد تناولت الملتقى هذه ‏الليلة «الشائعات»، وهي ميكروب قاتل يضعف الروح المعنوية وتلاحم المجتمع وترابطه وتعيق تقدم الأمم.

وخلال الملتقى، وردًا على أسئلة الحاضرين، قال الدكتور عباس شومان إن المجتمع الإسلامي قد عانى من الشائعات من الصدر الأول، ليست جديدة ولا وليدة العصر، بل هي في كل العصور، قبل الإسلامي، وبعد الإسلام، وحتى في أيام النبوة، وأكثر من عانى من ضررها البيت النبوي، فأكبر شائعة وأفتحها ما يتعلق بالأعراض، وبخاصة حين يكون عرض النبي ﷺ وآل بيته، وهنا نتحدث عن تلك الشائعة الشنيعة التي أطلقت حول بنت الصديق السيدة عائشة، زوج النبي ﷺ الطاهرة العفيفة، وكيف عانى البيت النبوي معاناة لا وصف لها.

وأضاف فضيلته أن الشائعة تؤلم جميع من تصيبه، ويزداد مقدار الألم بقدر مكانة من تناله الشائعة، فكلما زادت المكانة يكون الألم أكبر، وما نال بيت النبوة كان عظيمًا وظل فيه بيت النبي في ألم شديد مدة شهر كامل شهر، يعادل ألم سنوات، حتى جاء الفرج من السماء، وجاءت براءة الطاهرة بنت الصديق بآيات تتلى في كتاب الله، وغيرها من الشائعات التي نالت من النبي ﷺ مثل شائعة وفاته في غزوة أحد، لإيقاع الانهزام في نفوس الصحابة، وقد قتل سيدنا عثمان رضي الله عنه، بشائعة، وهكذا تفعل الشائعات بالمجتمعات فكثير من الناس يقتلون اليوم بسب شائعات تطلق بلا حساب، فعلى المسلم أن يكون فطنًا ولا يكون عَجولًا، والله عز وجل أعطانا عقولا لا ينبغي أن نسلمها سهلة ميسورة للمفسدين.

وخلال حديثه المفتوح مع المصلين، بيَّن الدكتور عبد الفتاح العواري، أن المؤمن الحق هو الذي لا يسير وراء الأخبار والشائعات بمجرد أن يسمعها في بعض وسائل الإعلام أو في مواقع التواصل الاجتماعي أو في أي مصدر، فعليه أن يتحقق من كل كلمة ولا يشيع في الناس خبرًا كاذبًا يمكن أن يترتب عليه إثم، خبرًا يعود على المجتمع الذي يعيش فيه بالشر المستطير، فالمسلم الحق لا يجري خلف الشائعات وعليه أن يحسن الظن إذا سمع خبرا يتعلق بشخص أو مؤسسة أو أي شيء يتعلق بالوطن الذي يعيش فيه، ولا يعطي للسانه العنان، فشر الشائعات يتطاير ويأكل الأخضر واليابس ويقضي على لحمة الاستقرار في المجتمع.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الجامع الازهر ملتقى الأزهر صلاة التراويح الدکتور عبد

إقرأ أيضاً:

داود:الأزهر يقود الاجتهاد والتجديد ‏‏وقادر على مواجهة أي شذوذ فكري يهدد أمن ‏المجتمع‏‏

أكد الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، خلال كلمته بالمؤتمر الدولي الخامس لكلية الشريعة ‏والقانون بالقاهرة، تحت عنوان «بناء الإنسان في ضوء ‏التحديات المعاصرة»‏، أن بناء الإنسان جسمًا وروحًا ‏هو الأساس الذي قامت عليه الشرائع السماوية، مشيرًا إلى أن هذا المؤتمر يأتي استكمالًا لمسيرة الكلية ‏العلمية التي عقدت مؤتمرها الرابع في مثل هذه الأيام العام الماضي بعنوان «المبادئ الأخلاقية والتشريعية ‏في أوقات الصراعات الدولية». وأوضح أن مجالس العلم في الأزهر لا تُمل، مستشهدًا بقول الخليل بن ‏أحمد الفراهيدي: «مرحبًا بزائر لا يُمل»، مؤكدًا أن هذه المجالس تستهدف الجميع من المعيد إلى العميد، ‏لتعزيز التفكير العلمي وإنتاج المعرفة، حيث إن القراءة المتأنية للكتب العلمية تفتح آفاقًا جديدة وتبعث أفكارًا ‏تصبح نواة لأعمال علمية مبتكرة.‏

وأشار الدكتور سلامة داود إلى أن كلية الشريعة والقانون بالقاهرة هي أم كليات الشريعة والقانون بجامعة ‏الأزهر، ولها فضل السبق والريادة كمنبت للعلماء والفقهاء والقضاة والمفتين، مستذكرًا أعلامها من الحاضرين ‏في المؤتمر اليوم، مثل فضيلة الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني، وكيل الأزهر وعضو هيئة كبار ‏العلماء، والدكتور نصر فريد واصل، مفتي الديار المصرية الأسبق، والدكتور شوقي علام، مفتي الديار ‏المصرية السابق، وكثير من أعلام هذه الكلية قديما وحديثا. وأكد أن الصفوة المختارة من أعضاء هيئة ‏التدريس بكليات الشريعة في جامعتنا الغرَّاء هم مناط الاجتهاد والتجديد، مع المحافظة على ثوابت الدين ‏والشرع الحنيف، بعيدًا عن أي انحراف يهدد الأمن الفكري والمجتمعي، مشددًا على أن الأزهر قادر على ‏مواجهة أي شذوذ فكري، كما كان منذ تأسيسه ركنًا ركينًا في الحفاظ على الأصالة والمعاصرة.‏

وأوضح أن الشرائع السماوية عُنيت ببناء الإنسان جسمًا وروحًا، مبنى ومعنى، فما من شيء يعود ‏عليه بالنفع إلا أمرت به، وما من شيء يعود عليه بالضرر إلا نهت عنه، ‏وكما نُقَوِّي مناعةَ الجسم ‏بالتطعيمات والتحصينات واللقاحات، فكذلك علينا أن نُقَوِّيَ مناعةَ ‏الروح بمحاسن الشرائع ومكارم الأخلاق ‏وفضائل المروءة. ودعا إلى تربية الإنسان على هذه القيم منذ صباه، مستشهدًا بقول الشاعر: «وَإِنَّ مَنْ ‏أَدَّبْتَهُ فِي الصِّبَا * كَالْعُودِ يُسْقَى الْمَاءَ فِي غَرْسِهِ.. حتى تَراهُ مُوْرِقًا ناضرًا * بعدَ الذي أَبْصَرْتَ مِن يُبْسِهِ».‏

وأكد رئيس جامعة الأزهر أن الإسلام يحث على التوازن بين الجسم والروح، وينبغي على المؤمن أن يعطي ‏كل ذي حق حقه من الجسم والروح، فلا يظلم جسمه من أجل ‏روحه، ولا يظلم روحه من أجل جسمه، بل ‏يزن بينهما بالقسطاس المستقيم؛ وهذا ما حثنا ‏عليه الرسول ‏ﷺ في قوله: «إِنَّ لِرَبِّكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِجَسَدِكَ ‏عَلَيْكَ حَقًّا، وَلِأَهْلِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَأَعْطِ كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ». ورأى فضيلته أن مقولة أبي الفتح البُستِي: «يا ‏خـادم الجسـم كم تَشْقَى بخدمته.. فأنت بالنفس لا بالجسم إنسان»، معتبرًا أنها تحيف على الجسم، لأن ‏الإنسان إنسان بنفسه وجسمه معًا، وأن العناية بالجسم ضرورية لاستقرار النفس، مستشهدًا بمقولة: «الْعَقْلُ ‏السَّلِيمُ فِي الْجِسْمِ السَّلِيمِ»، وقول رسول الله ﷺ: «الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، ‏وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ».‏

وأشار رئيس الجامعة إلى أن القرآن الكريم عني بالإنسان بشكل خاص، حيث ورد ذكره مفردًا في 56 ‏موضعًا، بدءًا من قوله تعالى: ﴿وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا﴾ [النساء:28]، وانتهاءً بقوله: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي ‏خُسْرٍ﴾ [العصر:2]، وورد بصيغة الجمع «الناس» 172 مرة، بدءًا من قوله: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا ‏بِاللَّهِ﴾ [البقرة:8]، وانتهاءً بقوله: ﴿مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ [الناس:6]. وأكد أن تخصيص سورتي «الإنسان» ‏و«الناس» يعكس عناية الله بالإنسان فردًا وجماعة، لا سيما في ختام المصحف بسورة الناس التي تدعو ‏للتعوذ برب الناس من شر الوسواس الخناس: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ ‏الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ [الناس:1-6]، مؤكدًا أن هذه ‏الشرور لا ملجأ منها إلا إلى الله.‏

وأضاف أن ختام كل آية من الآيات الست في هذه السورة بكلمة «الناس» يعكس عناية عظيمة بالإنسان، ‏فهل هناك عناية أكثر من أن تكون كلمة «الناس» خاتمة الآيات الست التي ختم بها القرآن الكريم؟ وأشار ‏إلى أن السورة تدعو للتعوذ بالله جل جلاله من شر الجنة والناس، مؤكدًا أن هذه الشرور لا ملجأ منها إلا ‏إلى رب الناس، ملك الناس، إله الناس، لأن شر الناس وأذاهم قد يبلغ حدًا لا يدفعه إلا ربهم وملكهم وإلههم. ‏وبه جل جلاله نتعوذ وإليه نلجأ مما نزل بالعالم الإسلامي من ضعف وقتل وتشريد، وبه جل ‏جلاله نتعوذ ‏مما نزل بأهل غزة من قتل ودمار شامل، رَبِّ إن أهل غزة مغلوبون فانتصر.‏

ونبه الدكتور سلامة داود إلى أن الإسلام حافظ على بناء الإنسان بحفظ الكليات الخمس وهي حفظ النفس ‏والدين والعقل ‏والعرض والمال، وقامت علوم الشريعة في مقاصدها على حفظ هذه الكليات الخمس، وفيها ‏‏دراسات عميقة يرى الناظر فيها جملةً عظمةَ هذه الشريعة وما قدمته علومها من خدمات جليلة ‏للإنسان. في ‏الوقت الذي يشهد فيه الواقع المعاصر أن الحضارة الغربية كلما ازدادت تقدما علميا ازدادت تراجعا أخلاقيا، ‏لقد عُنيَت إحدى الدول العظمى ‏ببناء سورها العظيم الذي لم يتسلقه الغزاة، فلما يئس الغزاة من تسلق السور ‏العظيم دفعوا رشوة ‏إلى بعض حراس السور، فدخلوا المدائن دون حاجة إلى تسلق السور؛ لأن هذه الدولة ‏العظمى ‏بنت السور ولم تبن الإنسان الذي يقوم عليه.‏

وفي ختام كلمته، حثَّ الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، كلية الشريعة والقانون بالقاهرة ‏وأخواتها في جامعة الأزهر على إنشاء برنامج للفتوى والإفتاء، وإنشاء مقررات دراسية في الفقه لكليات جديدة ‏تبدأ بها الجامعة عامها الدراسي القادم، تشمل مقررًا فقهيًّا يخدم كلية الذكاء الاصطناعي، ومقررًا ثانيًا يخدم ‏كلية الآثار والتراث الإسلامي، ومقررًا ثالثًا يخدم كلية الطب البيطري؛ فإن هذه المقررات الرصينة تُعدُّ من ‏السمات المميزة لجامعة الأزهر الشريف، التي تجمع بين الأصالة الفقهية والتخصصات العصرية.

مقالات مشابهة

  • مرصد الأزهر يستقبل وفدا طلابيا من جامعة طنطا .. صور
  • الفيلم الوثائقي طريق البيت… السيرة الشخصية في إطار المجتمع وبدايات الثورة
  • بعد تعرضه لوعكة صحية...شيخ الأزهر يطمئن هاتفيًّا على الدكتور أحمد عمر هاشم
  • شيخ الأزهر يطمئن هاتفيًّا على صحة الدكتور أحمد عمر هاشم
  • فرق جوالة مراكز الشباب بأسيوط تشارك في الملتقى الوطني الكشفي بشرم الشيخ لتعزيز العمل المجتمعي
  • محافظ أسيوط: فرق جوالة مراكز الشباب تشارك في الملتقى الوطني الكشفي بشرم الشيخ لتعزيز العمل المجتمعي
  • لاحقه عرفات ليقتله وقرّبه عباس ليخلفه.. من يكون حسين الشيخ؟ 
  • «الإمارات للتطوير التربوي» تنظم الدورة الـ11 من الملتقى السنوي ليوم التوحد
  • «الإمارات للتطوير التربوي» تحتفي بـ «عام المجتمع»
  • داود:الأزهر يقود الاجتهاد والتجديد ‏‏وقادر على مواجهة أي شذوذ فكري يهدد أمن ‏المجتمع‏‏