كلمات 3 أغنيات رومانسية حولها الشيخ محمد رفعت لابتهالات صوفية
تاريخ النشر: 13th, March 2024 GMT
كان صوت الشيخ محمد رفعت هو أكثر الأشياء التي تجمع الشامي بالمغربي، وتوحد مشاعر العربي والأجنبي، لأنه صاحب موهبة استثنائية، وحنجرة تنطق بسر عظمة صوت مصر المميز في سماء دولة تلاوة القرآن الكريم.
نشأ الشيخ محمد رفعت في حارة مصرية تعلم منها أول دروس النجاح.. العفوية والبساطة ويسبقهما الإخلاص في حب الأخرة دون أن يغفل نصيبه من الدنيا، لذا ظل طوال حياته حريصا على أن ينهل من مختلف الدروب والفنون، ويصادق الفقراء والنجوم.
الشيخ محمد رفعت كان صاحب مكتبة تضم أعمال مشاهير الموسيقى الغربية أمثال (باخ وموتسارت وباجانيني) وفق ما ورد في كتاب مشاهير دولة التلاوة للكاتب الشهير محمود السعدني، وكان من بين أصدقائه المقربين الموسيقار محمد عبدالوهاب الذي قال في تصريحات إذاعية أنه كان يحب أن يسمع قصيدة «أراك عصي الدمع» من الشيخ رفعت، فقد كان له طريقة مميزة في أدائها، وكان نجمًا يفوق في شهرته مطربي زمانه أمثال كوكب الشرق أم كلثوم ومعجزة الطرب عبدالحي حلمي وبلبل بيروت محيي الدين بعيون، وهو ما منحه جرأة تحويل أغنياتهم إلى ابتهالات دينية، وبعضها سجلها أصدقائه وأهدوها للإذاعة، لكنها لم تذع.
ولد الشيخ محمد رفعت بحي المغربلين في منطقة الدرب الأحمر بالقاهرة عام 1882، وكان صاحب ملامح رقيقة وعيون تغزلت فيها نساء درب الجماميز، واختار له والده اسما مركبًا (محمد رفعت) لأن الأب أيضًا يحمل اسما مركبا (محمود رفعت)، لكن أحلام الأب لنجله انهارت بعد أن فقد وليده البصر في عامه الثاني، وأصبح المسار الطبيعي الملائم لحالته أن يلتحق بالكتاب المجاور لمنزله لحفظ القرآن الكريم، ولكن الأب فارق الحياة قبل أن يحتفي بإنجاز طفله الذي أتمّ حفظ القرآن تجويدًا وتلاوة في عامه العاشر، ولأن الطفل صاحب الحنجرة الذهبية أصبح عائلًا لأسرته، قرر شيخه تعيينه معاونًا له في مسجد فاضل باشا، وحين بلغ عامه الخامس عشر أسند إليه مهمة قراءة القرآن بالمسجد كل يوم جمعة، وظل على هذا الحال ما يقارب 30 عامًا.
عازف العود الشيخ محمد رفعتتعلم الشيخ محمد رفعت أحكام التجويد والتلاوة على أيدي مشايخ القرآن الكريم، وسعى لتعلم الموسيقى وكانت من الأمور المستحبة في زمانه، فقد كان كبار قراء القرآن يحرصون على تعلم المقامات الموسيقية، لتعينهم على إبراز جمال المعاني وحسن الأداء، لذا بادر القارئ الشاب بتنمية علاقته بالموسيقى والأدب، وتعلم العزف على العود، واعتاد سماع الموسيقى الغربية، وهو ما منحه حالة تفرد غير عادية وطاقات صوتية هائلة، وجماليات تلاوة مبهرة، فاصبح الكروان الذي يتهافت عليه أصحاب السهرات والمناسبات الدينية والأفراح والمآتم، وكان من طبيعة هذه المناسبات أن يقوم القارئ بتلاوة القرآن الكريم إضافة لتقديم الابتهالات، وهو تقليد التزم به الشيخ رفعت في بداياته، وفق ما جاء في كتاب مشاهير دولة التلاوة للكاتب محمود السعدني، وكان من أبرز الابتهالات التي شدا بها قصائد غزل قدمها مشاهير الطرب وقتها باعتبارها «أغان رومانسية» لكنه جعل منها ابتهالات ربانية تعلقت بها عقول وقلوب محبيه ونال عن أدائه لها عظيم الثناء.
أول قصيدة تغنى بها الشيخ محمد رفعتتغنى الشيخ محمد رفعت، عبر ميكروفون الإذاعة بآيات الذكر الحكيم، وتعلق بصوته الملايين في مختلف دول العالم، لكن الإذاعة فاجأت جمهوره مرتين ببث تسجيلين قدمهما لها محبي الشيخ صاحب الحنجرة الذهبية، وجري إذاعتهما باعتبارهما من التسجيلات النادرة التي يشدو فيها الشيخ رفعت بالابتهالات الدينية، لكنها لم تكرر إذاعتهما اتقاءً لشبهة أن تتسبب للشيخ في حرج بعدما تبين أن كلمات الابتهالين جزء من قصيدتي غزل مسجلين على أسطوانات لمطربين شهيرين.
الابتهال الأول الذي قدمه الشيخ رفعت -دون موسيقى- وفق تسجيل نادر بثته الإذاعة المصرية أواخر الثمانينيات، وتقول كلماته:
(عمري عليك تشوقا قضيته/ وعزيز صبري في هواك أهنته/ وجعلت أبذل فيك در مدامعي/ حتى افتقرت إلى العقيق بذلته/ فيا ليت لي قلبا أقول ملكته/ ويا ليت لي صبرا).
وكانت المفاجأة أن الكلمات ذاته لأغنية رومانسية قدمها المطرب المصري عبدالحي حلمي، وقدمها بعده المطرب اللبناني محيي الدين بعيون، والكلمات جزء من قصيدة (القلب المتيم) للشاعر أحمد بن محمد شهاب الدين العلواني وشهرته (أحمد الزرقاني)، وهو من مواليد الدرب الأحمر، نفس الحي الذي ولد ونشأ فيه الشيخ محمد رفعت، وكان صاحب القصيدة أزهريًا يعمل بالمحكمة الشرعية بالقاهرة عام 1868، وتقول كلمات القصيدة:
(عمري عليك تشوقا قضيته وعزيز صبري في هواك أهنته
وجعلت أبذل فيك در مدامعي حتى افتقرت إلى العقيق بذلته
يا ليت لي صبرا أقول عدمته أو ليت لي ذنبا أقول فعلته
قلبي الذي لا زال فيك متيمًا لو كان يملك باليمين نزعته
ما كنت أدري قبل حبك ما الهوى قد كان قلبي فارغاً فشغلته
خالفت عذالي بحب معذبي وأرى العذول يلومني فعذلته
لكنني لما علمت بأنه لم يدر ما طعم الغرام عذرته).
القصيدة الثانية التي تغنى بها الشيخ محمد رفعتكان الشيخ رفعت عظيما في أدائه وبسيطًا في اختياراته للقصائد التي يتغنى بها، ولا يزعجه كونها كلمات سبقه لتقديمها مطربين معروفين، لأنه كان محبًا للحياة وفنونها، والحب من وجهة نظره لا يخلو من مسحات صوفية، وهذا ما حدث حين قرر أن يشدو بقصيدة غزل رومانسي كتبها محمد أبو الهدى وشهرته (أبو الهدى الصيادي)، وكان نص الكلمات التي تغني بها الشيخ صاحب الحنجرة الذهبية تقول:
(غرام لا يقابله غرام.. وعين من بعادك لا تنام/ وقلب قد تقلب فوق جمر.. وعقل قد أحاط به الهيام/ سقى المولى زمانا.. كنت فيه جليسي.. والحديث له انتظام/ وكاسات السرور تدور فينا.. بمعنى لا يماثله مدام/ وأوقات صفت.. ووقت بائس/ ولطف لا العتاب ولا الملام).
اكتفى الشيخ محمد رفعت من القصيدة بالكلمات التي قدمها بلبل بيروت محيي الدين بعيون كأغنية عاطفية مصحوبة بلحن رومانسي، وسجلها على أسطوانة تهافت على اقتنائها عشرات الآلاف في الوطن العربي.
كلمات القصيدة الرومانسية التي حولها الشيخ رفعت لابتهال صوفيتقول كلمات القصيدة التي كتبها أبو الهدى الصيادي نقيب الأشراف في حلب السورية، وشيخ الصوفية الذي أصبح مستشارًا للسلطان العثماني عبدالحميد، وهو من مواليد 1849 وتوفي عام 1909.
(غرام لا يقابل غرام
وعين من بعادك لا تنام
وقلب قد تقلب فوق جمر
وعقل قد أحاط به الهيام
سقى المولى زماناً كنت فيه
جليسي والحديث له انتظام
وكاسات السرور تدور فينا
بمعنى لا يماثله مدام
وأوقات صفت ووقت بائس
ولطف لا العتاب ولا الملام
وحيا مربعًا كنا قعودًا
لديه وللهوى فيه قيام
وأطيار المحبة فيه تشدو
ونيران الشجون لها اضطرام
وآلام يزينها أنين
به نخرت من الجسد العظام
وإحراق لها لهفات قلب
يحاربها من العين انسجام
وغيبة فكرة وذهول لب
يقابلها وقار واحترام
وساعات لعمري ما أحيلي
مجالسها وسكر واصطلام
وأيام لها منها ليالٍ
تطول إذا بك انعقد الكلام
حبيبي إنني لك مت لهفًا
وشوقًا والفراق له حسام
وجرح البعد قرح لب قلبي
فهل بالقرب يدركه التئام
وهل بعد الجفا يحيا بوصل
تكون به السلامة والسلام
لعمري إنما الدنيا خيال
وكل بداية فلها ختام).
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: الشیخ محمد رفعت القرآن الکریم الشیخ رفعت
إقرأ أيضاً:
«الشؤون الإسلامية» تضيء على مسيرة رجل الإنسانية
أقامت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والزكاة، أمسية رمضانية تحت عنوان: «إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية» استعرضت أهم ملامح الشخصية الفريدة في القيادة والحكمة والإلهام لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، حضرها الدكتور عمر حبتور الدرعي، رئيس الهيئة، وعهود بنت خلفان الرومي، وزيرة دولة للتطوير الحكومي والمستقبل، والدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، والعلماء ضيوف صاحب السمو رئيس الدولة والمسؤولون والموظفون والموظفات في الهيئة.
قال الدكتور الدرعي، إن شخصية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لها أكبر الأثر في هذا العصر على المستوى الفكري والحضاري والوطني، من خلال الإنجازات المشهودة على مستوى مجالات الحياة الإنسانية والتنموية والنهضوية والحضارية، مقتفياً نهج باني الدولة ومؤسسها الشيخ زايد، طيب الله ثراه، فهو امتداد لهذا الإرث الوطني والحضاري، حيث جسده واقعاً أمام العالم في دولة بلغت ذروة التقدم والرقي، وحجزت مكانها ومكانتها اللائقة بين دول العالم.
وأشار إلى أن إقامة هذه الأمسية يأتي في إطار حرص الهيئة على تعزيز الانتماء والولاء للقيادة الرشيدة، وربط المجتمع والأجيال بقيادتهم.
ثم ألقت عهود الرومي مداخلة عنوانها«صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد واستشراف المستقبل» أكدت فيها أن صاحب السمو رئيس الدولة قائد إنساني بالدرجة الأولى وشخصية استثنائية في القيادة والتخطيط للمستقبل الاستراتيجي برؤى طموحة، معددة العديد من الصفات الفريدة والمتميزة التي يمتلكها سموه وهو يرسم خريطة التطوير لدولة الأمارات وإحداث نقلات نوعية أوصلتها إلى العالمية في مختلف المجالات التنموية والعلمية والفكرية.
بعدها قدم فضيلة الدكتور نظير عياد، مفتي جمهورية مصر العربية، ومن العلماء ضيوف رئيس الدولة كلمة تحت عنوان «صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد ورسالة التسامح والأخوّة الإنسانية» ملقياً الضوء على العديد من إنجازات سموه الإنسانية ومبادراته التي تعزز التسامح والتعايش بين الشعوب على مستوى العالم.
وتخلل الأمسية قراءة لكتاب «صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.. إضاءات في مسيرة رجل الإنسانية»، الذي ألّفه الدكتور جمال سند السويدي، ثم عرض لمقطع فيديو تناول أبرز محطات الإنجاز والريادة لصاحب السمو رئيس الدولة، في شتى شؤون الحياة، والذي يعكس الخبرة والدراية وقراءة المستقبل برؤى استباقية مميزة من سموه.