أعتبر دبلوماسي يمني بارز أن الحكومة الشرعية المعترف بها دوليا أسهمت في تمكين جماعة الحوثي من ترسيخ حضورها القسري في المحافظات الشمالية والظهور كقوة صاعدة من خلال فشلها في تثبيت الأوضاع في المناطق الخاضعة لسيطرتها .

وأكد الدبلوماسي اليمني السابق " مصطفي أحمد نعمان" في منشور مطول له على منصة أكس – رصده مأرب برس" أن جماعة الحوثي استعانت بالخبرات العسكرية الإ‘يرانية لشن عمليات في البحر الأحمر وتهديد الملاحة التجارية الدولية منوها الى أن " اقتحام الحوثيين لمشهد الحرب في غزة بإطلاق عدد من المسيرات والصواريخ التي تراكم مخزونها عبر سنوات الحرب التسع، مستعينة بالخبراء الإيرانيين، وكانت قوتها الحقيقية كامنة في عدم اكتراثها بالخسائر البشرية التي تظن أن بإمكانها تعويضها عبر عمليات التجنيد القسري لأبناء القبائل في المناطق الشمالية من اليمن، وأيضاً قدرتها على التحشيد الإعلامي لاستثارة العواطف داخلياً وخارجياً التي ترى في إسرائيل عدواً للعرب والمسلمين".

وأشار " نعمان " الى أن "المشككين في نيات الحوثيين المعلنة بالانخراط في الحرب ضد إسرائيل مناصرة للفلسطينيين، ينطلقون من فكرة شيطانية بأن ما تفعله "الجماعة" يندرج تحت عنوان المؤامرات الكونية التي تمنحها نفوذاً سياسياً وعسكرياً، يبقي المنطقة في حال استنفار واستعداد مستدام لخوض الحروب البينية حيث يوجه هؤلاء المشككون رسائل العتاب إلى واشنطن ولندن بأنهما على وجه الخصوص أوقفتا المعركة الفاصلة على مدينة الحديدة ومينائها، حين فرضتا على الرئيس عبدربه منصور هادي قبول ما صار يعرف بـ"اتفاق استكهولم" في الـ13 من ديسمبر (كانون الأول) 2018، ويعتبرون أن العمليات العسكرية لإخراج قوات الحوثيين من المدينة كانت ستتجه بالأوضاع نحو إفراغ "الجماعة" من أهم مصادر دخلها الذي تتحصل عليه من عائدات الميناء الأهم في اليمن، الذي تدخل عبره الكميات الأكبر من البضائع التجارية والمشتقات النفطية".

ولفت الى أنه "ما من شك أن إيقاف العمليات العسكرية في الحديدة في الساعات الأخيرة غير موازين القوى على الأرض في الشمال، وأتاح للحوثيين التركيز على المناطق الشرقية المحاذية للمملكة العربية السعودية، مما مكنهم من السيطرة على معظم جغرافية محافظة مأرب وكامل محافظة الجوف، إضافة إلى المداخيل الهائلة من كل ما يمر عبر ميناء الحديدة، ولكنها في المقابل لم تقم بتنفيذ الشق المتعلق بتسليم المرتبات بحجة أن "المعركة مستمرة".

وأشار الدبلوماسي اليمني الى أن " حرب الإبادة في غزة وانخراط "الجماعة" فيها عبر تهديد الملاحة في البحر الأحمر وتدفق الأساطيل إليه تحت غطاء حمايته من التهديدات الحوثية، أقول جاءت لتمنحها دوراً كانت تتوخاه بأن تصبح لاعباً مهماً في المنطقة من غير إدراك، لأنها لا تمتلك عناصر القوة الحقيقية الداخلية التي تجعل من السلاح قوة إضافية، بل على العكس استمرت في ممارسة انتهاك الحريات والتعسف والعبث من دون رقيب بالمال العام وتواصل ازدهار الفساد السياسي والمالي".

 

وانتقد "نعمان " الخطاب السياسي والإعلامي للحكومة الشرعية معتبرا" أن الاستمرار في الحديث عن خطأ الولايات المتحدة في التغاضي عن تنامي قوة الحوثيين العسكرية، يعبر عن طفولة سياسية، وكلمة حق يراد بها التنصل من المسؤولية، لأن الواقع المعاش يدل على ركاكة السلطة المعترف بها دولياً في تثبيت الأوضاع داخل الجغرافيا التي تخلو من وجود الحوثيين، بل إن أية مقارنة بين السلطتين لا تعني شيئاً لأنهما لا تقدمان أي نموذج جاذب لمساندة الناس في كل الاتجاهين، فواحدة لا يشعر الناس بوجودها وتأثيرها، وأخرى لا تقيم وزناً للمواطن إلا من حيث أنه مورد للتجنيد والمسيرات والحشود."

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: الى أن

إقرأ أيضاً:

ما تأثير تصنيف واشنطن الحوثيين منظمة إرهابية على السلام باليمن؟

صنعاء- يرجح خبراء أن تصنيف الولايات المتحدة جماعة الحوثيين منظمة إرهابية قد يغلق أو يؤجل تنفيذ خارطة الطريق الرامية للدفع بخيار السلام في اليمن، الذي يواجه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية جراء الحرب بين القوات الحكومية والحوثيين منذ نحو 10 سنوات.

وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن، في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، إدراج الجماعة -المسيطرة على مساحات واسعة من اليمن- ضمن قائمة "المنظمات الإرهابية الأجنبية". وقال إن قراره جاء "بسبب أنشطة الحوثيين التي تهدد أمن المدنيين والموظفين الأميركيين في الشرق الأوسط، وأقرب الشركاء الإقليميين، واستقرار التجارة العالمية".

ويشير ترامب بذلك إلى هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، التي نُفذت بين نوفمبر/تشرين الثاني 2023 ويناير/كانون الثاني 2025، والتي قالت الجماعة إنها عمليات عسكرية داعمة لغزة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.

خارطة طريق

وكان المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ أعلن، في ديسمبر/كانون الأول 2023، أن الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي "التزمتا باتخاذ خطوات نحو وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، والانخراط في الاستعدادات لاستئناف عملية سياسية شاملة تحت رعاية الأمم المتحدة".

إعلان

وهذه بمثابة خارطة طريق تشمل دفع رواتب موظفي القطاع العام المتوقفة منذ عام 2016، واستئناف صادرات النفط التي توقفت عام 2022، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة الخاضعين لسيطرة الحوثيين.

ورغم مرور نحو 14 شهرا، إلا أن تطبيق هذه الخارطة لم يتم على أرض الواقع، وسط اتهامات متبادلة ومتكررة بين الحكومة والحوثيين بشأن عرقلة التقدم في هذا المسار رغم موافقتهما عليها.

وفي أحدث إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، أمس الخميس، قال المبعوث الأممي إلى اليمن غروندبرغ إنه ينتظر المزيد من الوضوح بشأن تصنيف واشنطن المرتقب لجماعة أنصار الله منظمة إرهابية أجنبية، مشددا -في الوقت ذاته- على أهمية حماية الجهود الرامية إلى دفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف "لا أزال ملتزما بالعمل بموجب التفويض الذي منحه لي هذا المجلس لإنهاء النزاع في اليمن، ولا يمكن تحقيق تطلعات الشعب اليمني إلى سلام دائم إلا من خلال تسوية سياسية للنزاع". وأكد أن هذا الهدف ليس بعيد المنال، بل هو ممكن وواقعي وقابل للتنفيذ، معتبرا أن عناصر خارطة الطريق ركيزة أساسية لهذا المسار.

وقبل نحو أسبوعين، قال وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني -في تصريحات صحفية- إن "خارطة الطريق كانت تمهد لحل مجموعة من القضايا المتعلقة بالجوانب الاقتصادية والإنسانية، والانتقال بعدها إلى الحل السياسي". وأضاف أن "جماعة الحوثي صعدت من أعمالها وهجماتها التي تهدد الملاحة في البحر الأحمر، ما أدى إلى تجميد العمل بهذه الخارطة نتيجة خرق بعض بنودها".

سيناريوهات

في المقابل، أكدت جماعة الحوثي، في يناير/كانون الثاني الماضي، استعدادها للتوقيع على هذه الخارطة، متهمة الولايات المتحدة بمنع الحكومة اليمنية من توقيع الاتفاق.

إعلان

وفي ظل استمرار حالة التباين بين الحكومة والحوثيين، من المرجح أن يؤثر تصنيف الجماعة منظمة إرهابية سلبا على مسار السلام.

في السياق، يرى ماجد المذحجي رئيس مركز صنعاء للدراسات الإستراتيجية (مؤسسة بحثية غير حكومية)، أن هذا التصنيف "يُعد واحدا من أهم القرارات المتعلقة بمستقبل اليمن، حيث يُغلق باب العملية السياسية في البلاد، ونعني بذلك خارطة الطريق التي تقودها الأمم المتحدة ورعتها السعودية".

واعتبر -في حديث للجزيرة نت- أن القرار الأميركي "يعزل الحوثيين تماما، ويصعّب على أي طرف أن يبادر بإدارة علاقة معهم، سواء بالنقاش السياسي أو حتى التعامل معهم".

من جانبه، استعرض الخبير الإستراتيجي علي الذهب -في تصريح للجزيرة نت- عددا من سيناريوهات تأثير تصنيف الحوثيين على مسار السلام ومستقبل اليمن.

ويعتقد أن التصنيف الأميركي قد يبطئ عملية السلام حتى يكون هناك بحث عن مخارج أو مقاربات جديدة قد تُفرض على الحوثيين، أو تأجيل جهود السلام بشكل يضع اليمن "في حال تمزق أكثر" خصوصا على مستوى المناطق الخاضعة للحكومة المعترف بها دوليا.

آثار التصنيف

وحتى تتضح الصورة أكثر حول آثار هذا التصنيف، يشدد الخبير الذهب على أهمية أخذ مدى زمني من 6 أشهر إلى عام، إذ قد تظهر خلال هذه الفترة الخيارات المتاحة التي ستفرض للتعامل مع الحوثيين. وأشار إلى أن أحد الخيارات هو العسكري لمواجهة الحوثيين، والذي قد يأخذ شكلين بما يناسب الظروف والمواقف الناشئة وهما:

الشكل الأول: إشعال مناطق التماس بشكل كامل. الشكل الثاني: التركيز على النقاط الهشة التي من شأنها إحراز تقدم كبير بحيث يجري إسقاط الحوثيين إذا كان هناك قرار حاسم بذلك، أو إخضاعهم ووضعهم بشكل أضعف على نحو ما حصل لما يسمى "محور المقاومة" في سوريا (نظام الأسد) أو لبنان (حزب الله).

ولا يعني أن تصنيف الحوثيين يضعهم في هذا الموقف، ولكن يأتي كأحد أهم العوامل التكتيكية التي قد تأخذهم إلى مرحلة التسليم أو الضعف، وفق الذهب الذي استدرك بأن هذا الخيار يتطلب أمورا أخرى تتعلق بالممولين وبمن سيتبنى الخيار العسكري على مستوى الداخل والخارج، وحسابات اليوم التالي وقضايا أخرى.

إعلان

وينبه الخبير اليمني إلى سيناريو آخر متوقع خلال الأشهر الستة المقبلة إلى غاية عام، يتمثل في اجتياح جزئي لمنطقة التهديدات البحرية و"هذا ما يهم الغرب". وهو يعني انتزاع مناطق الساحل الغربي التي تصدر تهديدا للتجارة الدولية، وتأمين مساحة آمنة في العمق تحرم الحوثيين من إحداث تهديد مباشر، أو عن قرب لمنطقة تدفق النفط وسلاسل الإمداد في البحر الأحمر.

وبعد تصنيف الحوثيين، يثار تساؤل بشأن مسار التهدئة العسكرية في جبهات اليمن المستمرة منذ أبريل/نيسان 2022. ومنذ مطلع العام الجاري، شهد عدد من الجبهات اشتباكات متكررة بين القوات الحكومية والحوثيين من دون تقدم ميداني لأي طرف، وسط مخاوف من اشتعال الصراع من جديد.

في السياق، يقول الكاتب السياسي يعقوب العتواني إن هناك عدم وضوح -بشكل عام- بشأن المدى الذي سيأخذه تأثير التصنيف الأميركي للحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، "لكن يمكن توقع أن الأمور ذاهبة باتجاه التصعيد في اليمن".

وأضاف للجزيرة نت: "الحوثيون أكدوا منذ بداية الحرب بكل الطرق الممكنة أنهم غير معنيين بتقديم التنازلات اللازمة لتحقيق السلام، وطوال الوقت كانوا يثقلون المفاوضات باشتراطات صعبة بغرض إفشالها، حتى عندما كان المعسكر الآخر (الطرف الحكومي) يلوح بالتنازل عن المرجعيات الثلاث في سبيل الوصول إلى صفقة".

وتابع العتواني: "حتى لو افترضنا أن خارطة الطريق الأممية جرى توقيعها من الأطراف، فليس هناك أي ضمان أنه لن يتم نقضها في غضون سنوات قليلة وربما شهور، كما كان الحال مع أكثر من اتفاق سابق".

مقالات مشابهة

  • محاكم بلا نفوذ: كيف تُفشل واشنطن العدالة الدولية؟
  • "تقرير أمريكي" يتوقع عودة الحرب في اليمن وسيطرة الحوثيين على عدن ومأرب (ترجمة خاصة)
  • ما هي تأثيرات تصنيف واشنطن الحوثيين منظمة إرهابية على السلام باليمن؟
  • العليمي يلتقي في ميونخ مبعوث واشنطن السابق لدى اليمن ويدعو المجتمع الدولي الالتحاق بأمريكا في قرار تصنيف الحوثيين
  • غروندبرغ يُعرب عن قلقه من تصاعد العمليات العسكرية في اليمن
  • واشنطن: التدريبات العسكرية مع الفلبين دفاعية بحتة
  • ما تأثير تصنيف واشنطن الحوثيين "منظمة إرهابية" على السلام باليمن؟
  • ما تأثير تصنيف واشنطن الحوثيين منظمة إرهابية على السلام باليمن؟
  • إيران تنفي تصريحات واشنطن بشأن دعم الحوثيين وتقول إنها تدعم الاستقرار والحل السياسي في اليمن
  • اليمن يبحث مع البحرين التطورات الإقليمية وتهديدات الحوثيين في البحر الأحمر