حزب الأمة القومي يعرض رؤيته لإصلاح تحالف القوى المدنية بالسودان
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
الخرطوم- على نحو مفاجئ، دفع حزب الأمة القومي في السودان برؤية لإصلاح تحالف القوى المدنية المعروف اختصارا بـ"تقدم" وهو ائتلاف جرى إعلانه من العاصمة الإثيوبية أواخر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، واختير لرئاسته عبد الله حمدوك رئيس الوزراء السابق، ليعمل بشكل أساسي على وقف الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، وانضمت إليه قوى الحرية والتغيير ومنظمات مدنية، ولجان مقاومة وأجسام مهنية ومبادرات، علاوة على حركات كفاح مسلح.
وخلال الفترة ما بين 3 و7 مارس/آذار الجاري، عقد مجلس التنسيق الأعلى لحزب الأمة اجتماعات بالقاهرة، ناقشت ضمن مساعي إيقاف الحرب والجهود المبذولة من تحالف القوى المدنية ومشاركة الحزب فيها، وخلصت الاجتماعات لضرورة إصلاحها، ومن ثم مناقشة مستقبل الحزب فيها. وأمهل الحزب تنسيقية القوى المدنية أسبوعين للرد على مقترحاته الإصلاحية، ليقرر بناء عليه الإجراء اللازم لتحديد دوره.
تقييم حزب الأمةتحدثت الرؤية المطروحة من حزب الأمة، والتي جرى تسليمها لرئيس تنسيقية "تقدم"، في القاهرة السبت الماضي، عن إيجابيات التنظيم الوليد وما تمكن من إنجازه خلال الفترة الماضية، باتفاق مكوناته على خارطة طريق لإنهاء الحرب، علاوة على التحركات الدبلوماسية الكثيفة، والاتصال بالقوى الإقليمية والدولية المهتمة بالشأن السوداني.
وأشارت -ضمن سلسلة الإيجابيات- إلى أن تحالف "تقدم" يُعد الكيان الأعرض المعترف به من المجتمع الدولي، وهو ما يساعد الشعب السوداني على تعزيز عملية التحول الديمقراطي، وإعفاء السودان من ديونه وإعماره بعد الحرب.
في المقابل، تحدثت الورقة عن سلبيات شابت أداء "تقدم" وتكوينه، وعلى رأسها تغليب دور منظمات المجتمع المدني، بمنحها 70% من الهيئة القيادية مقابل 30% للتنظيمات والتحالفات السياسية وحركات الكفاح المسلح.
وتحفظت الرؤية على وضع الأحزاب والحركات المسلحة في فئة واحدة داخل التنظيم الهيكلي، وتحدثت عن عدم تمكن "تقدم" من تحقيق التوسعة المطلوبة للكيان، رغم اتصالاتها بالعديد من القوى الفاعلة خارج الائتلاف.
ورأت مذكرة الحزب في توقيع "تقدم" إعلانا سياسيا مع الدعم السريع -مطلع يناير/كانون الثاني الماضي في أديس أبابا– أمرا ينافي الأسس الصحيحة للتوسط في حل النزاعات، فضلا عن مخالفته مسار العمل المتفق عليه في خارطة الطريق، الصادرة عن "تقدم" ومخرجات مكتبها التنفيذي، الذي قصر الاتصال بطرفي الحرب على مداولة وقف العدائيات.
وتطرقت الرؤية الإصلاحية إلى ما قالت إنها "شبهات غياب الحياد الإيجابي، والانحياز الإعلامي لأحد طرفي الحرب" وأشارت كذلك الى انعدام المعايير الموضوعية لتمثيل الأحزاب السياسية بما يراعي اختلاف الأوزان.
خلافات داخليةتحدث مراقبون عن قوة تأثير حزب الأمة في حال قرر مغادرة تحالف "تقدم" الذي يواجه بدوره حملة ضاغطة بعد اتفاقه مع الدعم السريع، والتي بدا فيها كظهير سياسي للقوات المتهمة بممارسة انتهاكات واسعة ضد المدنيين في السودان، وهو ما يهدد المستقبل السياسي للتنظيم الوليد، في ظل حملات العداء التي تشنها قوى مساندة للجيش ورافضة لتحركات "تقدم" بالجملة.
كما يفسر قيادي رفيع في "تقدم" -تحدث للجزيرة نت- مذكرة حزب الأمة الإصلاحية بأنها "انعكاس لصراع داخلي" خاصة أن ثلاثة من قياداته شاركوا بفاعلية في كل الخطوات التي اتخذتها التنسيقية، ولم يكن الحزب بعيدا عن أي قرار تم اتخاذه في الائتلاف.
ويقول المتحدث ذاته إن "اجتماعات مجلس التنسيق الأعلى لحزب الأمة، التي نتجت عنها الرؤية، هدفت لاتخاذ قرار بمغادرة تقدم، وتم الاستعاضة عنه بالرؤية الإصلاحية" ويلفت القيادي إلى أن مجلس التنسيق الأعلى يضم قيادات مقربة من النظام السابق، تحاول باستمرار جر حزب الأمة بعيدا عن القوى المدنية الديمقراطية.
ويؤكد في الوقت ذاته أن "تقدم" بصدد صياغة رد على رؤية حزب الأمة، وتسليمها له ربما خلال أقل من أسبوعين، لافتا إلى أن العديد من النقاط التي أثيرت في المذكرة، بينها مراجعة تمثيل الحزب والنسب الممنوحة للقوى السياسية مقابل منظمات المجتمع المدني وتمثيل المرأة، قضايا صحيحة وموضوعية سيتم الرد عليها.
ويرفض حمدوك الاتهامات بالانحياز للدعم السريع، وقال في تصريحات له بالقاهرة "نحن غير منحازين لأي طرف، كتبنا رؤيتنا وقدمناها للجيش وللدعم السريع الذي قبِل التباحث وحضر، هل نرفضه؟" وأشار الى أن قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وافق على اللقاء بالتنسيقية في أديس أبابا، بعد أن كان مصراً على عقد الاجتماع في بورسودان.
"الأمة" شارك بتحالف "تقدم" على مستوى الأمين العام للحزب الواثق البرير (مواقع التواصل) انتقاد للخطوةويكرس بيان صدر عن كوادر وقيادات الحزب، لم يذيل بأي توقيعات، لفرضية الخلافات الداخلية في حزب الأمة، حيث يوضح أن "الوجود بتنسيقية تقدم كان مستمدا من شرعية التمثيل في ائتلاف قوى الحرية والتغيير، المصادق عليه بواسطة المكتب السياسي، وأن الحزب ملتزم بوجوده في تقدم وفقا لذلك".
ويذهب الصحفي والمحلل السياسي عثمان فضل الله باتجاه معاناة حزب الأمة من خلل هيكلي، حيث "أدت طريقة الإدارة العقيمة إلى بروز 3 تيارات، تتصارع جميعها على القيادة، وفق رؤى متضاربة" ويقول "ازدادت حدة الصراع بدخول الحزب في تحالف تقدم، بعد أن رأت مجموعة التمثيل بالائتلاف الجديد في شخصيات لا تتولى مناصب قيادية، لكن الحزب شارك في تقدم على مستوى أمينه العام الواثق البرير، بجانب الصديق الصادق المهدي".
وينقل فضل الله عن حمدوك تأكيده تضمن مذكرة حزب الأمة نقاطا موضوعية، وأخرى تحتاج للنقاش، وأن "حزب الأمة جزء أصيل من تقدم، لكن جهده في إصلاح التحالف يجب ألا يكون بالمذكرات ومنح المهل، وإنما من أجهزة تقدم" مذكرا بأن رئيس الحزب وأمينه العام في الأجهزة القيادية للتحالف.
ويرى المحلل السياسي أن "قرار تجميد مشاركة حزب الامة في تقدم لن يصمد" لكنه يرشح أن يتعرض الحزب لانشقاق قوي، كما أن "خروج الحزب من تقدم أو تجميده لعضويته سيترك آثارا كبيرة، على رأسها خروج الكتلة الثورية داخل الحزب، وبالتالي خسارة الأمة لوضعه وسط أي حراك قادم، كما أن مغادرة حزب الأمة سيضعف التحالف بشكل كبير، لصالح الكتلة الديمقراطية، التي تضم قوى متهمة بموالاة الجيش والنظام المعزول".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان حريات القوى المدنیة حزب الأمة الحزب فی
إقرأ أيضاً:
محمد وداعة يكتب: تقدم .. تتصدع
*اضعاف دور القوى السياسية وتعليه كعب منظمات المجتمع المدنى و الحركات المسلحة اهم عوامل تفكك تقدم*
*تعقيدات كثيرة حالت بين هذه المجموعة و بين المضى الى فتح حوار حقيقى داخل تقدم ممكن يفضى الى تبنى منهج سياسى جديد*
*المفاصلة : تطرح قضايا و شاكالات تتعلق بمن سيرث الاسم ( تقدم ) ، و قضايا اعادة الهيكلة و الوظاف القيادية*،
*المفاصلة : اعادة النظر فى اتفاق اديس مع ( الدعم السريع ) ، و قضايا التمويل و الالتزامات المالية* ،
*المفاصلة : بروز مؤشرات لتقارب تجاه القوى الوطنية الداعمة لسيادة البلاد واستقلال القرار الوطنى،*
*المفاصلة : تقتضى فك الارتباط بالامارات*
*المفاصلة : انباء عن اتصالات يجريها الدقير مع القوى السياسية خارج تقدم ، و رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان*
تقدم تحالف مخدوم ، و ( متعوب عليه ) ، و كان اعلانه امتداد لمشروع فولكر و الرباعية و ثمرة لجهود اروبية و بريطانية و تعهدات بالتمويل ، و لعل الغرض كان حشد اكبر عدد من القوى المدنية و السياسية فى جبهة واحدة تبدو اكثر انسجامآ و تماسكا مما بدا عليه الحال بعد تاسيس تقدم ، كان تأثير الاتحاد الاروبى لجهة تعظيم دور منظمات المجتمع المدنى على حساب دور القوى و الاحزاب السياسية اكبر عوامل فشل تقدم فى ان تكون محلآ لجبهة وطنية عريضة تتفق على أهداف متعلقة بإيقاف الحرب ورؤية ما بعد إيقافها، تعقيدات كثيرة حالت بين هذه المجموعة و بين المضى الى فتح حوار حقيقى داخل تقدم ممكن يفضى الى تبنى منهج جديد يسترشد بارث الثورة و يمييز بين الاهداف الاستراتيجية الوطنية و بين الانخراط فى اجندات دولية و اطماع اجنبية و التعاطى مع الاجهزة الاستخبارية الاجنبية ،وصولآ الى ما يحدث داخل تقدم من بوادر لانشقاقات بين مكونات تريد المشاركة في حكومة (مدنية) داخل مناطق سيطرة المليشيا وأخرى رافضة ،
من الصعوبة بمكان تصور وجود فصيل يدعو لتشكيل حكومة وآخر ضدها ضمن تحالف واحد بقنوات تنظيمية واحدة و بالطبع هى مفاصلة ، و تطرح قضايا و اشكالات ليست سهلة تتعلق بمن سيرث الاسم ( تقدم ) ، و قضايا اعادة الهيكلة و الوظائف القيادية ، و عما اذا كان اى من الفريقين سيعيد النظر فى اتفاق اديس مع ( مليشيا الدعم السريع ) ، و قضايا التمويل و الالتزامات المالية ، ربما سيتم الاتفاق وديآ على بعض القضايا و الاختلاف و النزاع فى قضايا اخرى ،خاصة الاسم و الختم ، اذ ان هناك اتفاقات و مكاتبات و بروتوكولات باسم تقدم لا زالت فاعلة و تؤتى اكلها ،
هل ستتوقف القوى الرافضة لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة الدعم السريع عند محطة الرفض ، ام ستنقلها هذه الخطوة الى مربع اكثر تميزآ فى مناهضة خطط رفاق الامس من قوى تقدم الراغبة فى توثيق رباطها بالدعم السريع ومشروعه المدعوم اقليميآ ، و هل فى افق هذا الموقف النية لابداء تقارب اكثر وضوحآ و الاقتراب تجاه اغلبية القوى الوطنية الداعمة لسيادة البلاد واستقلال القرار الوطنى الذى تمثله قيادة القوات المسلحة و يعبر عنه رئيس مجلس السيادة و قائد الجيش عبد الفتاح البرهان ، و تسانده الاغلبية الغالبة من ابناء و بنات الشعب السودانى ، تشير معلومات الى اتصالات يقوم بها رئيس حزب المؤتمر السودانى الدقير ، لجهة الدفع بالموقف الجديد لعدد من القوى السياسية داخل تقدم و رفض الانجرار لتشكيل حكومة فى مناطق سيطرة الدعم السريع ، و تطوير العلاقة مع القوى السياسية خارج تقدم ، و اجراء اتصالات مع قيادة القوات المسلحة ، على اساس الالتزام بالانخراط فى حوار سودانى – سودانى لا يقصى احدآ ، للقضايا المطروحة عبر مؤتمر دستورى يستند على عقد اجتماعى جديد بين السودانيين ، و دستور دائم يضمن المساواة و الحريات العامة و العدالة الاجتماعية ، و التداول السلمى للسلطة عبر الانتخابات.. الخ ،
في ظل الانتصارات الكبيرة للقوات المسلحة و القوات المساندة لها ، و صمود غير عادى للفاشر والدعم اللامحدود الذى تجده من الشعب السودانى ، ومع التراجع االواضح الذى تشهده قدرات المليشيا ، و تاثير ذلك على الاوضاع السياسية الداخلية ، و فضح كل الاكاذيب حول حماية المدنيين ، و نذر المجاعة ، مع ما تحمله من بشريات بالنصر المؤزر على المليشيا ومشروعها الاستيطانى المدعوم من الامارات ، ربما هذا سيضع ضغوطآ هائلة على مجموعة الدقير فى تقدم لجهة فك الارتباط بالامارات ، وهو افضل ما يمكن حدوثه مبكرآ و الآن ،
محمد وداعة
إنضم لقناة النيلين على واتساب