مع قرب موعد الانتخابات إجراء الانتخابات العامة داخل الهند، تزداد الفاتورة الانتخابية من قبل حزب بهارتيا جاناتا الحاكم بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، خصوصا تجاه المتعصبين من الهندوس، خصوصا وأنه منذ سطوع نجمه السياسي، وهو يدقم نفسه بأنه الزعيم القومي الهندوسي، وفي تلك المرة يبحث مودي عن ولاية ثالثة في منصبه، ودائما ما تكون المعادلة المنحازة للهندوس على حساب المسلمين، وهو ما حدث في الأيام الأخيرة، إذ أعلنت الهند عن تطبيق قانون منح الجنسية المثير للجدل.

 

وبحسب تقرير نشرته صحيفة NPR الأمريكية، فقد أعلنت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي أمس يوم الاثنين – مع أول أيام شهر رمضان - عن قواعد لتنفيذ قانون الجنسية لعام 2019، والذي يستثني المسلمين، بل ويهدد الملايين منهم بسحب الجنسية الهندية عنهم، وذلك قبل أسابيع من سعي الزعيم القومي الهندوسي لولاية ثالثة في منصبه.

الانتخابات على الأبواب

وبحسب الأنباء الواردة من نيودلهي، فإن الهند الهند تستعد للانتخابات العامة التي من المقرر إجراؤها في أبريل ومايو من هذا العام، وتُمثل الانتخابات حدثا هاما في الهند، والتي تُعد من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم والتي تمر بمرحلة مفصلية من تاريخها في وقت تسعى فيه إلى أن تصبح دولة متقدمة.

وعلى الرغم من أن «لجنة الانتخابات الهندية» لم تعلن بعد عن المواعيد المحددة بالضبط، فإن حمى الانتخابات بدأت تجتاح البلاد منذ الآن، ويُعد نطاق الانتخابات الهندية كبيراً جداً، إذ من المتوقع أن يدلي نحو 986 مليون ناخب بأصواتهم، كما سيتم إنشاء 1.2 مليون مركز اقتراع عبر أنحاء البلاد لتمكين الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، وعلى الرغم من أنه ما زالت تفصلنا قرابة شهرين عن موعد الانتخابات، فإن حزب بهارتيا جاناتا الحاكم بقيادة مودي يبدو واثقاً في أفق هذا الاستحقاق المهم، لا سيما بعد الفوز الذي حققه الحزب مؤخراً في انتخابات الجمعية التشريعية في 3 ولايات مهمة تعد من المناطق الناطقة باللغة الهندية. 

وكذلك تُعد هذه الانتخابات بالغة الأهمية بالنسبة لتحالف المعارضة، لأن الحظوظ السياسية لحزب المؤتمر تراجعت بشكل مطرد وسط صعود حزب بهارتيا جاناتا، وما زال حزب المؤتمر، الذي خسر الانتخابات في استحقاقين متتاليين في 2014 و2019، يعاني مشكلاتٍ جمةً، من خلافات مع الحلفاء وانشقاق بعض زعمائه البارزين إلى المشاكل المالية، وعلاوةً على ذلك، وفي وقت تحتاج فيه الأحزاب للتمويل من أجل خوض الانتخابات، تطالب إدارة ضريبة الدخل حزب المؤتمر بتسديد ما قيمته 2.1 مليار روبية، ومع أن الأحزاب السياسية معفاة من ضريبة الدخل، إلا أن هيئة الضرائب سحبت 650 مليون روبية من عدة حسابات مصرفية لحزب المؤتمر، وهو ما وصفه الحزب بـ«الإرهاب الضريبي». 

عودة أزمة قانون الجنسية بعد وقف تنفيذه سابقا

بحسب الصحيفة الأمريكية، فقد أعلنت حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي يوم الاثنين عن قواعد لتنفيذ قانون الجنسية لعام 2019 الذي يستثني المسلمين، وذلك قبل أسابيع من سعي الزعيم القومي الهندوسي لولاية ثالثة في منصبه، ويوفر قانون تعديل المواطنة مسارًا سريعًا للتجنس بالنسبة للهندوس والبارسيين والسيخ والبوذيين والجاينيين والمسيحيين الذين فروا إلى الهند ذات الأغلبية الهندوسية من أفغانستان وبنغلاديش وباكستان قبل 31 ديسمبر 2014، ويستثني القانون المسلمين، الذين هم الأغلبية في الدول الثلاث.

ووافق البرلمان الهندي على القانون في عام 2019، لكن حكومة مودي أوقفت تنفيذه بعد اندلاع احتجاجات دامية في العاصمة نيودلهي وأماكن أخرى، وقُتل العشرات خلال أيام من الاشتباكات، وقد اجتذبت الاحتجاجات التي عمت البلاد في عام 2019 أشخاصًا من جميع الأديان الذين قالوا إن القانون يقوض أسس الهند كدولة علمانية، وكان المسلمون يشعرون بالقلق بشكل خاص من أن الحكومة قد تستخدم القانون، إلى جانب السجل الوطني المقترح للمواطنين، لتهميشهم.

أزمة السجل الوطني للمواطنين 

ويعد السجل الوطني للمواطنين جزءًا من جهود حكومة مودي لتحديد الأشخاص الذين تدعي أنهم جاءوا إلى الهند بشكل غير قانوني والتخلص منهم، ولم يتم تنفيذ السجل إلا في ولاية آسام الشمالية الشرقية، ووعد حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بإطلاق برنامج مماثل للتحقق من الجنسية على مستوى البلاد، وقد دافعت حكومة مودي عن قانون الجنسية لعام 2019 باعتباره لفتة إنسانية، وتقول إن القانون يهدف فقط إلى منح الجنسية للأقليات الدينية الهاربة من الاضطهاد ولن يستخدم ضد المواطنين الهنود.

وكتب وزير الداخلية أميت شاه على موقع X المعروف سابقًا باسم تويتر: "ستمكن هذه القواعد الآن الأقليات المضطهدة لأسباب دينية في باكستان وبنغلاديش وأفغانستان من الحصول على الجنسية في أمتنا"، فيما شكك حزب المؤتمر المعارض الرئيسي في الهند في هذا الإعلان قائلا إن "التوقيت المناسب قبل الانتخابات يهدف بوضوح إلى استقطاب الانتخابات".

المنظمات الحقوقية: قانون تمييزي

من جانبها وصفت منظمة العفو الدولية لمراقبة حقوق الإنسان في بيان لها القانون بأنه "تمييزي"، وقالت إنه "يتعارض مع القيم الدستورية للمساواة والقانون الدولي لحقوق الإنسان"، وأوضحت أن القانون "يضفي الشرعية على التمييز على أساس الدين"، وهو "إقصائي في بنيته وهدفه"، ويعيش في الهند 200 مليون مسلم يشكلون أقلية كبيرة في الدولة التي يزيد عدد سكانها عن 1.4 مليار نسمة، وهم منتشرون في كل أنحاء الهند تقريبًا، وقد تم استهدافهم في سلسلة من الهجمات التي وقعت منذ تولي مودي السلطة لأول مرة في عام 2014.

ويقول منتقدون إن صمت مودي الواضح بشأن العنف ضد المسلمين شجع بعض مؤيديه الأكثر تطرفا ومكن من المزيد من خطاب الكراهية ضد المسلمين، حيث يخلط مودي بشكل متزايد بين الدين والسياسة في صيغة لاقت صدى عميقا لدى الأغلبية الهندوسية في الهند، ففي يناير، افتتح معبداً هندوسياً في موقع مسجد مهدم في مدينة أيودهيا الشمالية، محققاً بذلك التعهد القومي الهندوسي الذي طالما تمسك به حزبه.

وقال زعيم حزب المؤتمر الوطني ، ماماتا بانرجي، "بعد تأجيلات متواصلة طوال 4 سنوات، يأتي تفعيل التعديل القانوني قبل يومين او ثلاثة من إعلان موعد الانتخابات، وهو ما يوضح أن الأسباب سياسية"، فيما كتب مسؤول الإعلام بالحزب، جيرام رامش، على مواقع التواصل الاجتماعي "الوقت الذي استغرقه فحث التعديل الخاص بقانون الجنسية هو مثال آخر للكذب الصريح الذي يمارسه رئيس الوزراء".

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: قانون الجنسیة رئیس الوزراء حزب المؤتمر حکومة مودی فی الهند

إقرأ أيضاً:

محاولات تشكيل حكومة موازية في السودان تهدد وحدة البلاد

يمر السودان بمرحلة بالغة التعقيد في تاريخه الحديث، حيث تشهد البلاد حربًا مستمرة تهدد استقراره ووحدته. في خضم هذه الأوضاع المضطربة، برزت محاولات لتشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، وهي خطوة تُعتبر خطيرة ليس فقط لأنها تكرس الانقسام السياسي والجغرافي، بل لأنها أيضًا تفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والصراعات الداخلية. هذه المحاولات ليست مجرد تحرك سياسي عابر، بل هي انعكاس لمخططات أعمق تسعى إلى تقويض الدولة السودانية وإضعافها، مما يجعل مستقبل البلاد أكثر غموضًا.
يعود الصراع في السودان إلى عقود طويلة من التهميش السياسي والاقتصادي، خاصة في مناطق الأطراف التي عانت من إهمال الحكومات المركزية المتعاقبة. أدى هذا التهميش إلى نشوء حركات مسلحة ومطالب بالحكم الذاتي أو الانفصال، كما حدث في جنوب السودان الذي انفصل عام 2011 بعد عقود من الحرب الأهلية. ومع ذلك، لم تحل مشكلة التهميش في المناطق الأخرى، مما أدى إلى استمرار التوترات واندلاع صراعات جديدة.
قوات الدعم السريع، التي نشأت كقوة شبه عسكرية لدعم النظام السابق بقيادة عمر البشير، تحولت إلى لاعب رئيسي في المشهد السياسي والعسكري السوداني. بعد الإطاحة بالبشير في عام 2019، أصبحت هذه القوات جزءًا من المشهد السياسي المضطرب، حيث تتنازع مع القوات المسلحة السودانية على النفوذ والسيطرة. ومع تصاعد العنف، سيطرت قوات الدعم السريع على مناطق واسعة، خاصة في دارفور ومناطق أخرى، مما منحها نفوذًا سياسيًا وعسكريًا كبيرًا.
تشير التقارير والأخبار إلى أن قوات الدعم السريع تسعى إلى تشكيل حكومة موازية في المناطق التي تسيطر عليها، وذلك في محاولة لتعزيز نفوذها السياسي وإضفاء شرعية على سيطرتها العسكرية. هذه الخطوة تأتي في إطار صراعها مع الحكومة المركزية في الخرطوم، والتي تتهمها قوات الدعم السريع بالتهميش وعدم تمثيل مصالح جميع السودانيين.
تشكيل حكومة موازية في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع يُعتبر خطوة خطيرة تهدد وحدة السودان. فهي لا تؤدي فقط إلى تقسيم البلاد سياسيًا وجغرافيًا، بل أيضًا تكرس الانقسامات العرقية والقبلية التي تعاني منها البلاد منذ عقود. بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الخطوة قد تفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والصراعات الداخلية، حيث يمكن أن تدفع مجموعات أخرى إلى المطالبة بحكومات موازية في مناطق نفوذها.
تشكيل حكومة موازية يُعتبر تهديدًا مباشرًا لوحدة السودان، حيث يعزز الانقسامات القائمة ويفتح الباب أمام احتمالية انفصال مناطق أخرى عن الدولة المركزية. هذا الانقسام قد يؤدي إلى تفكك الدولة السودانية بشكل كامل، مما يجعلها عرضة للتدخلات الخارجية والمزيد من الصراعات الداخلية. الانقسام السياسي والجغرافي سيؤدي حتمًا إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها السودان. فمع تقسيم الموارد والسلطة، ستصبح عملية إعادة الإعمار والتنمية أكثر صعوبة، مما يزيد من معاناة المواطنين الذين يعيشون في ظل ظروف اقتصادية صعبة بالفعل. بالإضافة إلى ذلك، فإن الانقسام سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الإنسانية، خاصة في المناطق التي تشهد نزاعات مسلحة.
في ظل الأوضاع المضطربة في السودان، تبرز مخاطر التدخلات الخارجية التي تسعى إلى استغلال الوضع لتحقيق مصالحها. بعض القوى الإقليمية والدولية قد تدعم تشكيل حكومة موازية كجزء من استراتيجيتها لتقويض الدولة السودانية وإضعافها، مما يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والصراعات. لذا فإن تفكك السودان أو استمرار الصراعات الداخلية سيؤثر بشكل كبير على الاستقرار الإقليمي، خاصة في منطقة القرن الأفريقي التي تعاني بالفعل من العديد من الأزمات. فقد يؤدي ذلك إلى تدفق اللاجئين وانتشار الأسلحة عبر الحدود، مما يزيد من حدة الصراعات في الدول المجاورة.

د. سامر عوض حسين

samir.alawad@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • قانون الإجراءات الجنائية.. تفاصيل تنفيذ حكم الإعدام في مشروع القانون الجديد
  • إندبندنت: ارتفاع خطاب الكراهية ضد مسلمي الهند في 2024
  • محاولات تشكيل حكومة موازية في السودان تهدد وحدة البلاد
  • نائب:خلافات كبيرة بين الأحزاب المتنفذة بشأن تعديل قانون الانتخابات
  • خلافات سياسية تُؤجل تعديل قانون الحشد الشعبي في العراق
  • تعليق مثير للجدل من أحمد شوبير على أزمة ميشالاك
  • جدل في عُمان بسبب تعديلات على قانون الجنسية.. تسقط بهذه الحالات
  • ترامب يجمد المساعدات إلى جنوب إفريقيا بسبب إدعاء مثير للجدل | تقرير
  • القانونية النيابية: لا يوجد أي مقترح بتعديل قانون الانتخابات
  • تفاصيل قانون الجنسية العمانية