“فم مملوء بالملح”.. حكاية 3 نساء شمالي السودان تفوز بجائزة “الجزيرة” للرواية الأفريقية
تاريخ النشر: 24th, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة السودان عن “فم مملوء بالملح” حكاية 3 نساء شمالي السودان تفوز بجائزة “الجزيرة” للرواية الأفريقية، المرأة، والعنصرية، والعادات والتقاليد ثالوثٌ تكشف عنه رواية “فم مملوء بالملح” A Mouth Full of Salt ، المكتوبة باللغة الإنجليزية، عبر خيوط قصة .،بحسب ما نشر النيلين، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات “فم مملوء بالملح”.
المرأة، والعنصرية، والعادات والتقاليد ثالوثٌ تكشف عنه رواية “فم مملوء بالملح” (A Mouth Full of Salt)، المكتوبة باللغة الإنجليزية، عبر خيوط قصة وقعت أحداثها قبل أكثر من 30 عامًا، لكن فارق الزمن لم يغير شيئًا، إذ ترى ريم جعفر -أول سودانية تفوز بجائزة “الجزيرة” (The Island) للرواية الأفريقية- أن هذه الرواية يمكن أن تكون واقعا خلال عام 2023 في مناطق ليست بعيدة من العاصمة السودانية الخرطوم.
في حديثها للجزيرة نت، تقول ريم “في روايتي النساء يواجهن الأسرة الصغيرة، والأسرة الكبيرة، والمجتمع ثالثا، وهذا ما يحدث في الواقع إذا نجت من واحدة أو الثانية لا تنجو من الثالثة، وأول من يتسلط على المرأة المرأةُ نفسها، وهو ما جسدته إحدى شخصيات الرواية.
ولأن للموت بداية ونهاية أخرى في حياة الآخرين، تبدأ ريم قصتها بغرق الابن الوحيد لسلافة (إحدى شخصيات الرواية). وتقول ريم “في الوقت الذي تغرق فيه سلافة في حزنها وتسترجع شريط حياتها المليء بالمآسي، تتابع فاطمة (من شخصيات الرواية) عملية البحث وكيفية تقبل سكان القرية للخبر حيث يعتقدون أن ابن سلافة غرق بسبب لعنة أصابته من امرأة تجوب في أنحاء قريتهم، إلى جانب أحداث أخرى، مرض مفاجئ وحرائق في مزارع التمر”.
عبر قصة غرق الابن الوحيد لسلافة، تُسلط ريم جعفر الضوء على قضايا المرأة، والعنصرية، ومقاومة التغيير، وغلبة العادات والتقاليد على المنطق. وتوضح ريم للجزيرة نت أسباب اختيارها هذه القضايا، قائلة “هي قضايا نواجهها بصورة يومية في السودان، وفي المنطقة عموما، تظهر في مختلف النواحي وأبسط المواقف والتعايش معها يصبح مملا، وأحيانا يجعل الحياة مستحيلة”.
النساء السودانيات -وفقا لريم- ضحايا في المجتمع والفضاء العام، لكن مجتمع النساء يصر أيضا على تطبيق العادات الضارة، حسب قولها. وتابعت “ما زالت الفئات ذات الامتيازات النوعية والقبلية هي التي تفرض آراءها، وهناك نظرة دونية وعنصرية للآخر”.رئيس لجنة التحكيم في جائزة الجزيرة (The Island) مؤسس دار هولاند هاوس للنشر روبرت بيتروبرت بيت رئيس لجنة التحكيم في جائزة “الجزيرة” ومؤسس دار “هولاند هاوس” للنشر (الجزيرة)
حقيقة يصعب على النساء الثلاث تقبلها، هكذا تصف ريم نهاية الرواية وتورط أقرب الأقربين في مأساة غرق ابن سلافة. وتقول “يواجه مجتمعنا كثيرا من القضايا بالنكران، مُصرا على طريقته التقليدية، تحديدا في ما يخص المرأة، وينساق كثيرون وراء رأي الأقلية ذات الصوت العالي وذوي الامتيازات التاريخية والعرقية والنوعية، ويتضح أيضا في المقاومة الشرسة التي تواجهها محاولات الأجيال الجديدة للتغيير والنهوض السياسي”.
من جانبه، يصف روبرت بيت -رئيس لجنة التحكيم في جائزة “الجزيرة” (The Island) ومؤسس دار هولاند هاوس للنشر- الرواية بالدقيقة والقوية، متوقعا أن يكون لها تأثير حقيقي بمجرد نشرها.
بدوره، يرى الكاتب الجزائري حمزة كودري أن الرواية تسلط الضوء على ثقافة غير معروفة لبقية العالم. وقال كودري للجزيرة نت إنها تخلق نقاشات حول قضايا اجتماعية من خلال شخصيات واقعية يمكننا جميعا التعرف على تحدياتها وتطلعاتها وإخفاقاتها كقراء.
وأضاف “تربط أحداث الرواية 3 نساء من خلفيات مختلفة بحيث يجدن صلة في عزلتهن، وتسعى كل واحدة منهن إلى أن تصنع مساحتها الخاصة، بينما يواجهن تمييزا اجتماعيا ثلاثي الاتجاهات”.
في المقابل، تقول الكاتبة كارن جانينز من جنوب أفريقيا إن للرواية العديد من نقاط القوة، ومع ذلك -نظرا لطبيعة النشر والطريقة التي يقرأ بها العديد من القراء- يمكن اعتبار بعض نقاط القوة هذه نقاط ضعف.
وأضافت -في حديث للجزيرة نت- أن “السرد، على سبيل المثال، يركز بشدة على المجتمع، بدل الشخصية الفردية وتجربة تلك الشخصية، ويسمح هذا النهج الفريد برؤية كامل القرية التي تدور فيها القصة، مما يتيح للقارئ الانغماس في الزمان والمكان، ويشعر كأنه أحد القرويين أنفسهم تقريبا. ومع ذلك، ربما لا يستمتع بعض القراء بهذا النهج، إذ يفضلون البقاء مع شخصية واحدة بمفردها”.
ورغم التعقيد الذي تتسم به القضايا التي طرحتها رواية “فم مملوء بالملح”، فإن الكاتبة راشيل إدواردز تقول للجزيرة نت إن الرواية تبحث في الطرق التي يتفاعل بها أفراد المجتمع السوداني، خاصة النساء مع بعضهن بعضا، مثل العلاقة بين الأم وابنتها، وانعدام الأمان للمرأة التي ليس لديها أبناء.
وأضافت أن كتابات ريم تمكنت “عبر نسيج غني بالسرد من إنشاء مجموعة متنوعة من الشخصيات وتسليط الضوء على التحديات الرئيسية في حياتهم اليومية”.
“الجزيرة نت”
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: تاق برس تاق برس موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس تفوز بجائزة للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
حكايات المؤسسين (4): حكاية جيش التأسيس – الحلم الذي اقترب من أن يصبح حقيقة
د. احمد التيجاني سيد احمد
لماذا جيش التأسيس؟
السودان اليوم أمام مفترق طرق حاسم؛ فإما أن يتوحد السودانيون تحت مظلة جيش قومي حقيقي يدافع عن البلاد، وإما أن يظل السودان رهينة للمليشيات، والتدخلات الأجنبية، والمؤسسة العسكرية الفاسدة التي لطالما استخدمت ٨٠٪ من ميزانية الدولة في تعزيز سلطتها بدلاً من حماية الوطن والمواطن.
لطالما كانت المؤسسة العسكرية السودانية أداةً في يد الأنظمة الاستبدادية، منذ قمع تمرد توريت إلى قصف القرى الجنوبية بقيادة حسن بشير، وصولاً إلى الانقلابات العسكرية المتكررة، وأخيرًا الحرب التي أشعلتها مليشيات الإسلاميين في ١٥ أبريل ٢٠٢٣ لإعادة عقارب الساعة إلى حكمهم الشمولي. لكن الأوضاع اليوم مختلفة، إذ تشكلت قوى مقاومة واسعة تسيطر على أكثر من ٧٠٪ من السودان، وهي فرصة ذهبية لتأسيس جيش قومي جديد هدفه حماية السودان، وليس حماية نظام بعينه أو عقيدة شمولية.
١. توحيد الفصائل المقاومة: ضرورة وجودية
السودان يعيش حالة تشرذم عسكري خطير، حيث تتوزع السيطرة بين الجيش الرسمي المودلج الشمولي والمليشيات والقوات المتحالفة مع النظام السابق. هذا الوضع لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج ٣٥ عامًا من الحكم الإسلاموي الذي قوّض الجيش القومي لصالح كتائب الظل والمليشيات الموالية، والتي أُعيد إنتاجها في عدة أشكال بعد سقوط البشير.
لكن على الضفة الأخرى، هناك واقع جديد:
- الفصائل المناهضة للانقلاب العسكري تسيطر على الغالبية العظمى من السودان، وتملك القدرة على تأسيس جيش جديد على أسس قومية.
- القوى المدنية والمسلحة المتضررة من حكم العسكر بدأت تفهم ضرورة التنسيق العسكري والسياسي لخلق كيان قادر على فرض معادلة جديدة في البلاد.
وهنا يبرز السؤال إلى خالد عمر والقوى المدنية فيما اسموه تحالف الصمود :
لماذا لا يكون هناك تحالف شامل يوحد الفصائل المقاومة ضد الانقلابيين الذين تحصنوا في بورتسودان؟ لماذا لا تنضمون إلى تحالف التأسيس، الذي يسعى إلى تشكيل جيش قومي يحمي السودان من التفكك والخضوع للنفوذ الأجنبي؟
٢. الأدلة الإحصائية والمنطقية على الحاجة لجيش قومي جديد
أ. انهيار الجيش الرسمي وسيطرة المليشيات
- فقد الجيش السوداني الرسمي أكثر من ٦٠٪ من قوته القتالية بسبب الانشقاقات والصراعات الداخلية.
- أصبحت المؤسسة العسكرية مخترقة بالكامل من الإسلامويين، وتحولت إلى أداة لحماية مصالحهم وليس حماية الوطن.
- المليشيات المنتشرة الآن تتجاوز ٨٠ مجموعة مسلحة، ما يجعل السودان أقرب إلى الفوضى إذا لم يتم بناء جيش قومي موحد.
ب. التجارب السابقة لفشل الدمج العسكري
- كل محاولات دمج المليشيات في الجيش الرسمي فشلت لأنها لم تكن قائمة على أساس قومي حقيقي.
- تجربة اتفاق جوبا للسلام أثبتت ، بالرغم من اهمية الاتفاقية و الامال العريضة التي بنيت عليها، هشاشة الحلول الجزئية، إذ لم تسهم في توحيد القوات بل زادت من تشرذمها.
ج. البوادر المشجعة نحو جيش التأسيس
- على المستوى السياسي، هناك توافق على ميثاق ودستور لدولة التأسيس، ما يمهد لإطار قانوني لجيش قومي جديد.
- على المستوى العسكري، بدأت بوادر تنسيق بين الفصائل المسلحة، وهي خطوة يجب تعزيزها بإعلان توحيد الجيش بدون تأخير.
٣. المخاطر الإقليمية: مصر، روسيا، وتركيا تتربص بالسودان
في ظل انهيار الجيش الرسمي، بدأت قوى إقليمية ودولية في فرض أجنداتها على السودان:
- مصر تدعم بقايا النظام القديم، وتسعى لإبقاء السودان ضعيفًا لضمان عدم تهديدها في ملف النيل. كما أنها فرضت عقودًا تمتد ٩٩ عامًا للاستحواذ على مساحات شاسعة من الأراضي السودانية.
- روسيا تستغل الوضع لتمرير مشاريع التعدين ونهب الذهب، وتسعى لإنشاء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر.
- تركيا تدخل على خط الأزمة بعلاقات مشبوهة مع فلول النظام البائد لضمان مصالحها الاقتصادية والعسكرية.
لذلك، فإن بناء جيش وطني مستقل ليس خيارًا، بل ضرورة وجودية لحماية السودان من التبعية والانهيار.
٤. جيش التأسيس: كيف يبدو الحل؟
إنشاء جيش قومي جديد لا يعني فقط استبدال الأشخاص، بل بناء مؤسسة قومية عسكرية جديدة بالكامل، تستند إلى المبادئ التالية:
✅ محايد سياسيًا: يعمل وفقًا لدستور وقوانين الدولة، وليس وفقًا لأيديولوجيا حزبية أو دينية.
✅ متنوع قوميًّا وجغرافيًا: يمثل كافة أقاليم السودان بعدالة، لمنع احتكار السلطة العسكرية.
✅ تدريب احترافي: يعتمد على معايير عسكرية حديثة، بدلاً من التعبئة العشوائية الحالية.
✅ خاضع للحكم المدني: لا يتدخل في السياسة، بل يكون تحت إشراف حكومة ديمقراطية منتخبة.
٥. الخطوات المطلوبة الآن
1. الإعلان عن هياكل دولة التأسيس، بما يشمل قيادة الجيش الجديد وآلياته التنظيمية.
2. دمج الفصائل المقاومة في كيان عسكري قومي يضمن عدم تكرار تجارب الفشل السابقة.
3. عزل بقايا النظام السابق عن أي ترتيبات عسكرية جديدة لمنعهم من التسلل وإفساد المشروع.
4. رفض أي تدخل خارجي في تشكيل الجيش الجديد، خاصة من القوى التي تسعى لاستغلال السودان لمصالحها.
٦. الخاتمة: البناء أو الانهيار
السودان يواجه خيارًا واضحًا:
- إما بناء جيش قومي جديد يحمي وحدة البلاد ويمنع التدخلات الأجنبية.
- أو الاستمرار في دوامة الفوضى، مما سيؤدي إلى تقسيم البلاد وتحويلها إلى ساحة صراع دولي.
تحالف السودان التأسيسي (تاسيس Tasees) هو الفرصة الأخيرة لإنقاذ السودان من التفكك والخضوع للنفوذ المصري والروسي والتركي. إن لم يتم استغلال هذه الفرصة الآن، فإن الأجيال القادمة لن تتذكرنا سوى كجيل فرّط في السودان.
نواصل
د. احمد التيجاني سيد احمد
٩ مارس ٢٠٢٥ نيروبي كينيا
ahmedsidahmed.contacts@gmail.com