ضعف الإقبال على فوانيس رمضان بمصر وسط أوضاع اقتصادية صعبة
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
تملأ فوانيس كبيرة وملونة الشوارع بوسط القاهرة حيث يبحث المتسوقون المصريون حولهم لشراء فوانيس تقليدية مزخرفة مرتبطة بشهر رمضان المبارك، حيث اعتاد المصريون على تزيين بيوتهم بالفوانيس خلال الشهر الفضيل.
لكن الأزمة الاقتصادية وانعكاسها على الواردات تضغط على كل من البائعين والمشترين هذا الموسم. ويوضح العديد من المتسوقين أن أسعار الفوانيس التقليدية أعلى من السنوات السابقة.
من هؤلاء المتسوق إيهاب لطفي الذي اعتبر أن الأسعار ارتفعت بشكل ملحوظ عن السابق، فسابقا كانت الحياة بسيطة مقارنة بالوقت الحالي.
وأضاف لطفي "حتى مهما كان غلا (ارتفع)، رمضان على طول مرتبط بالفانوس، مهما عمل لازم (نشتري) فانوس رمضان".
وقال المتسوق محمد حسن "ليس للأطفال فقط وإنما للجميع، هو بالنسبة لنا الفانوس سواء ارتباطه تاريخيا أو بالحي إن هو النور اللي بيهل بيه الشهر، فبالنسبة لنا هو شيء بنور لنا حياتنا، هو رمضان شهر فعلا بينور حياتنا حتى لو حياة صعبة وفيها أزمات وعندما يأتي يزيح كل الأزمات ويجعل الحياة أحلى".
وأضاف حسن "أنا شخص غير متجوز (متزوج) وليس عندي أطفال ولكن لا بد من الفانوس"، مستدركا بالقول الأسعار مرتفعة جدا عن السابق، معتبرا أن الفوانيس المصنوعة مصريا لم ترتفع أسعارها كثيرا.
وأقر البائع أشرف أحمد بارتفاع أسعار الفوانيس هذا العام، مشيرا "نحن كبياعين نحاول نخفض الأسعار لتناسب الزبائن ويكون الربح بسيط، فلا نريد بيت مصري في رمضان من غير فانوس، حتى يفرح الجميع"، منهيا كلامه "أنا أريد أبيع كتير وأكسب قليل".
وسجل التضخم في أسعار المستهلكين في مصر خلال فبراير/شباط الماضي أكبر صعود شهري على الإطلاق، إذ قفز 11.4% على أساس شهري من 1.6% في يناير/كانون الثاني، وهو ما يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين.
وتأتي الزيادة في التضخم قبل الارتفاع المتوقع أن ينتج عن انخفاض قيمة العملة الأسبوع الماضي. حيث سمح البنك المركزي المصري الأربعاء الماضي للجنيه المصري بالانخفاض إلى نحو 50 جنيها في مقابل الدولار من 30.85 جنيها.
وقال محافظ البنك المركزي المصري حسن عبد الله إن القاهرة تستهدف خفض معدل التضخم إلى رقم أحادي (دون 10%) على المدى المتوسط، وذلك بعد أن حرر البنك سعر صرف الجنيه، ورفع أسعار الفائدة 600 نقطة أساس خلال اجتماع استثنائي الأربعاء الماضي.
وقال رئيس الوزراء المصري، الأربعاء، إن صندوق النقد الدولي سيرفع برنامجه الحالي لإقراض مصر 5 مليارات دولار إلى 8 مليارات، وذلك في الوقت الذي سمح فيه البنك المركزي للجنيه بالهبوط، وقال إنه سيسمح بحرية تداول العملة.
والاتفاق الجديد توسيع لتسهيلات الصندوق البالغ 3 مليارات دولار لمدة 46 شهرا الذي أبرمه صندوق النقد الدولي مع مصر في ديسمبر/كانون الأول 2022، والذي كان أحد بنوده الرئيسية التحول إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
من روائع شهر رمضان بمصر «جمال ابتهالات الشيخ سيد النقشبندي»
منذ ستينات وسبعينات القرن الماضي ارتبط قدوم شهر رمضان بمظاهر احتفالية كثيرة كان من أهمها سماع الابتهالات والأدعية الدينية من خلال البرنامج العام بالإذاعة المصرية بعد آذان المغرب مباشرة، وفي ذلك يقول الحاج سليم إبراهيم رخا وهو من عشاق الشيخ سيد النقشبندي بأنه كان قد سمعه من خلال الراديو الفيلبس الوحيد بالقرية داخل محل البقالة الخاص به، وكان من عادة الفلاحين وأهل القرية أن يقفون ويجلسون بجوار محل البقالة وسط مفارق القرية وكانوا يسمعون قرآن المغرب للشيخ محمد رفعت وبعد مدفع الإفطار كان الشيخ سيد النقشبندي يعلن عن نفسه بالابتهالات الدينية الخاصة بشهر رمضان مما كان يدخل السرور والبهجة والجو الرباني على الصائمين، وقد بدأ لعدة سنوات بعرض ابتهال سبحانك ربي سبحانك لشهر رمضان ثم عاد للإذاعة بابتهال آخر جميل ارتبط بشهر رمضان هو "الله يا الله" وظل هذا الابتهال الديني مرتبط بالإذاعة وشهر رمضان إلى وقتنا هذا ولا يمكن لنا ولكل الأجيال إلا أن ترتبط بهذا المبتهل الجليل الذي يندر أن يجود الزمان بمثله.
ولد الشيخ سيد النقشبندي بقرية ديميرة بمحافظة الدقهلية عام 1920م ثم انتقل مع أسرته إلى طهطا بالصعيد وفيها حفظ القرآن صغيرا وتعلم الإنشاد الديني من خلال حلقات الذكر للطريقة النقشبندية التي ينتمي نسب جده محمد بهاء الدين النقشبندي إليها وهو الذي قد نزح من بخاره بولاية أذربيجان إلى مصر للالتحاق بالأزهر، وكذلك يعتبر والد الشيخ سيد من علماء الدين ومشايخ الطريقة النقشبندية الصوفية، يذكر أن الشيخ سيد النقشبندي كان محبا للموالد الدينية وحفظ أشعار البوصيري وابن الفارض، وفي عام 1955 عاد إلى مدينة طنطا واستقر بها طوال حياته حتى ذاعت شهرته في مصر والدول العربية والأفريقية والأسيوية وغيرها، وفي عام 1966 التقى بمسجد الحسين بالإذاعي الكبير أحمد فراج الذي قام بتسجيل بعض البرامج له بموافقة رئيس الإذاعة محمد محمود شعبان في هذا الوقت ومنها برنامج في رحاب الله عام 1967وبرنامج دعاء الذي كان يذاع يوميا عقب آذان المغرب، ثم البرنامج الإذاعي الباحث عن الحقيقة سليمان الفارسي، ثم بدأ بالاشتراك في العديد من الأدعية والابتهالات الدينية بالإذاعة والتليفزيون وأهمها كان بشهر رمضان وقد لحن له العديد من أشهر الملحنين في مصر في حينه ومنهم محمود الشريف وسيد مكاوي وأحمد صدقي وحلمي أمين ثم بليغ حمدي الذي لحن له ابتهال مولاي يا مولاي وهو من أشهر الألحان، ويعتبر أستاذ المداحين وسيد المبتهلين وكبار المنشدين بمصر بسبب صوته الأخاذ وتجلياته العلية ونغمات مقامات صوته التي ترق لها القلوب فتصبح عامرة بالحب الإلهي والإيمان، وقد ارتبط اسمه بالشهر الكريم عندما كان يصافح قلوب الصائمين لحظة الإفطار وما تبثه الإذاعة المصرية من ابتهالاته التي كانت تنبع من قلبه قبل حنجرته فتدخل الخير والبهجة والبركة على الكبار والصغار وكأن صوته نفحة بربانية تهل على أسر الصائمين فتسعدهم فتنشأ الرحمة والمودة بينهم عند لحظات الإفطار. بدأ الشيخ سيد الابتهال والإنشاد الديني وقراءة القرآن في سن مبكرة فبرع في الابتهالات وكأنها خلقت له وخلق لها حتى صار صاحب مدرسة تميزت بالصوت الجميل الموسيقي الخاشع فلقب بالكروان، وقد أجمع خبراء الأصوات على أن صوته من أعزب الأصوات التي قدمت الدعاء الديني ومن أهم أعماله الكثيرة وأشهرها "جل الإله، أقول أمتي، يا رب دموعنا، حشودنا تدعوك، ربنا، ليلة القدر، مولاي يا مولاي، إن عظمت ذنوبي، يا رب كرمك علينا، رمضان أهلا، ماشي في نور الله، الله يا الله، ربي هب لي هدى، ثم سبحانك ربي سبحانك"، وكانت من آخر ابتهالاته، وهناك عشرة من الأدعية مرتبطة له بشهر رمضان وهي المتعلقة بالصيام ورجاء تقبله من الله ثم الهدى واللطف من الله بحال المسلمين، وكذلك أدعية متعلقة بالاستغفار والسعي على الرزق، والدعاء بالنصر على الأعداء والحث على زكاة الفطر واستقبال عيد الفطر ومن أشهرها على الإطلاق الأدعية المرتبطة بابتهال الله يا الله بشهر رمضان.
يذكر أن هذا المبتهل الجليل الذي لن تنساه ذاكرة المصريين وبخاصة في هذا الشهر الكريم بأن الرئيس السادات قد كرمه بعد وفاته ومنحه وسام الدولة من الدرجة عام 1979 وكذلك الرئيس مبارك، وكذلك محافظة الغربية التي كرمته وتم دفنه حسب وصيته بها عام 1976، وأطلق اسمه على أكبر شوارع طنطا الممتد من ميدان المحطة وحتى ميدان الساعة ليظل هذا الشيخ الجليل بإرثه الديني التراثي الكبير الذي تركه من ابتهالات وأدعية وتلاوة وآذان من أجمل وأعرق ما خلد لأمتنا المصرية والإسلامية لهذا الصرح الكبير النقشبندي.