في أحدث تطور ميداني، أعلن الجيش السوداني دخول قواته إلى مقر الإذاعة والتلفزيون في مدينة أم درمان، بعد أن كان المقر يخضع لسيطرة قوات الدعم السريع، مما اعتبره مراقبون تحولا في المعارك الجارية بين الطرفين.

وسيطرت قوات الدعم السريع على مقر الإذاعة والتلفزيون بأم درمان، التي يفصلها نهر النيل عن العاصمة السودانية، الخرطوم، في الساعات الأولى للمعارك التي اندلعت في 15 أبريل الماضي.

ونفذ الجيش، خلال الشهور الماضية، عددا من الهجمات بالجنود المشاة وبالطائرات المسيّرة، لدخول المقر، لكن التحصينات التي وضعتها قوات الدعم السريع حالت دون نجاح تلك المحاولات، وفق مختصين.

ومؤخرا كثّف الجيش عمليات العسكرية في أم درمان، إذ أعلن في 17 فبراير الماضي، أن قوة تابعة له تحركت من منطقة كرري العسكرية، وتمكنت من الوصول إلى منطقة سلاح المهندسين، وأدخلت امدادات غذائية وعسكرية إلى القوات الموجودة هناك، للمرة الأولى منذ 10 شهور.

تطور ميداني

ويرى الخبير العسكري، عبد العظيم الطيب، أن "استرداد الجيش مقر الإذاعة والتلفزيون يعني فعليا أن مدينة أم درمان باتت تحت سيطرة الجيش بدرجة كبيرة، وأن السيطرة الكلية عليها مسألة أيام قليلة فقط".

وقال الطيب لموقع الحرة، إن "استرداد المقر سيرفع الروح المعنوية للجيش السوداني، وسيجعل قوات الدعم السريع في وضع معنوي منهار، مما يسهل عملية الانقضاض على المواقع الأخرى التي تقع تحت سيطرتها".

وأشار إلى أن "تمدد الجيش في أم درمان سيمهد الطريق واسعا أمام طرد عناصر الدعم السريع من المقرات السيادية وسط الخرطوم، مثل القصر الجمهوري ومقار الوزارات وغيرها".
 
وأوضح الخبير العسكري أن "التفوق الميداني للجيش في أم درمان يعود بدرجة كبيرة إلى الطائرات المسيرة، التي أسهمت بفاعلية في ضرب قوات الدعم السريع في عدد من أحياء المدينة، مما جعلها تتشتت بين هارب ومنسحب ومستسلم".

ونوّه إلى أن "العامل الأخر الذي أثّر على مجريات المعارك في أم درمان، أن الجيش غيّر استراتيجيته القائمة على الدفاع، وتحوّل إلى الهجوم البري عبر الجنود المشاة".

ونقلت وكالة "بلومبرغ"، في يناير الماضي، عن مسؤولين غربيين كبار أن إيران تزود قوات الجيش بطائرات مسيرة.

وذكرت الوكالة، نقلا عن ثلاثة مسؤولين غربيين، أن "السودان تلقى شحنات من طائرة "مهاجر 6" وهي طائرة مسيرة مزودة بمحرك واحد، تم تصنيعها في إيران بواسطة شركة القدس للصناعات الجوية وتحمل ذخائر موجهة بدقة".

وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال في أغسطس الماضي أن "الإمارات ترسل أسلحة إلى قوات الدعم السريع"، كما أشارت في أكتوبر الماضي، إلى أن "مصر زودت أيضا الجيش السوداني بطائرات من دون طيار ودربت القوات على كيفية استخدامها".

دعوات لحكم ذاتي وتحذير من "انفصال".. الجزيرة تتحرك بمواجهة الدعم السريع على نحوٍ، عدّه مراقبون أنه "يتقاطع مع النزعة القومية التي عُرفت بها ولاية الجزيرة بوسط السودان"، تصاعدت دعوات بصورة مكثفة إلى "ضرورة تكوين قوة عسكرية شعبية، تعمل على طرد قوات الدعم السريع، ثم تخطط لحكم الولاية ذاتيا".

في المقابل، أشار مستشار قائد قوات الدعم السريع، الباشا طبيق، إلى أن "المعارك لاتزال مستمرة في محيط مقر الإذاعة والتلفزيون"، ونوّه إلى أن "قوات الدعم السريع تسيطر على 70 في المئة من مناطق وأحياء أم درمان".

وقال طبيق لموقع الحرة، "لا استطيع أن أؤكد دخول الجيش إلى الإذاعة، لأن المواجهات لا تزال مستمرة، كما أنه لم يصدر أي بيان رسمي من قوات الدعم السريع بشأن الموضوع".

ولفت إلى أن "القيادة الميدانية لقوات الدعم السريع متماسكة، والجنود على درجة عالية من المعنويات، ولا صحة لما يتردد عن انشاقاقات أو حدوث انسحابات أو استسلام".

وكان الجيش السوداني، أعلن الأسبوع الماضي، سيطرة قواته على أحياء ود نوباوي وبيت المال وأبو روف في مدينة أم درمان، بعد أن كانت تنتشر فيها قوات الدعم السريع خلال الشهور الماضية.

وتُصنّف أم درمان، كضلع ثالثة للعاصمة السودانية المثلثة، المكونة من الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان. 

وتتميز عن الخرطوم في الأهمية التاريخية، لكونها كانت عاصمة للدولة المهدية التي حكمت السودان في نهاية القرن التاسع عشر، كما أنها شهدت مولد حركات التحرر من الاستعمار البريطاني.

ووصف أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية، عز الدين المنصور، دخول الجيش إلى مقر الإذاعة والتلفزيون بأنه "تقدم محدود، لا يعني سيطرة الجيش على المدينة كليا".

وتوقع، في الوقت ذاته، أن يكون لذلك التقدم تأثير على العمليات العسكرية في عدد من المحاور القتالية، وأن يتبعه تقدم جديد للجيش في الخرطوم".

وقال المنصور لموقع الحرة، إن "قوات الدعم السريع دفعت ثمن تمددها في ولايات أخرى غير الخرطوم، وخاصة ولاية الجزيرة وولاية سنار وولاية النيل الأبيض بوسط السودان، مما أضعف قواتها في أم درمان، وجعلها تحت نيران الجيش".

ولفت إلى أن "معظم عناصر الدعم السريع في ولاية الجزيرة انخرطوا في عمليات نهب وسلب واسعة بحق المواطنين العزل في القرى، وقاموا بنهب آلاف السيارات لمصلحتهم الشخصية".

وأضاف "أثّر ذلك على معنويات قسمين من زملائهم في محاور قتالية أخرى، مثل أم درمان وغيرها. القسم الأول من يشعرون أنهم يقاتلون دون مقابل، في حين يحصل آخرون من زملائهم على ما يسمونها بالغنائم، لمصلحتهم الشخصية".

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن "هناك قسما آخر، هم من يقتنعون أنهم يقاتلون من أجل قضية، وليس من أجل غنيمة، وهؤلاء تراجعت معنوياتهم لأنهم شعروا أن "قضيتهم" تم تخريبها بواسطة العناصر المتورطة في عمليات السلب والنهب".

وبسطت قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، في 18 ديسمبر الماضي، بعد انسحاب الجيش من المدينة التي تقع على مسافة 180 كلم جنوب الخرطوم، قبل أن تتمدد في معظم مدن وقرى الولاية.

وأصدر قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، قرارا بتكليف القائد الميداني بالدعم السريع، أبو عاقلة كيكل، الذي ينتمي إلى ولاية الجزيرة، حاكما على الولاية، بعد أن كانت تدار بحكومة داعمة للجيش السوداني.

وكون الجيش، في 19 ديسمبر الماضي، لجنة للتحقيق في ملابسات وأسباب انسحاب قواته من مدينة ود مدني، لكنه لم يعلن نتائج التحقيق حتى الآن.

ماذا بعد؟

يطرح دخول الجيش إلى مقر الإذاعة والتلفزيون، تساؤلات عن الخطوات التي يمكن أن تترتب على ذلك، خاصة في مسار الهدنة التي دعا لها الأمين العام للأمم المتحدة، وأقرها مجلس الأمن، في التاسع من مارس الجاري، بعد مقترح من بريطانيا، وكذلك عن مجمل مسار التفاوض.

هنا يقول الطيب، إن "موقف الجيش واضح ومعلن، بأنه لا تفاوض مع مليشيا الدعم السريع، ما لم تنفذ اتفاق جدة، وتخرج من منازل الموطنين والأعيان المدنية".

وأضاف "اتوقع أن تقود انتصارات أم درمان لفتح شهية قادة وعناصر الجيش للعمل على حصد مزيد من الانتصارات في محاور قتالية أخرى، ولا اتوقع أن تقود إلى إحياء المسار التفاوضي".

ووقع الجيش وقوات الدعم السريع في 11 مايو الماضي، اتفاقا في مدينة جدة، برعاية من السعودية والولايات المتحدة، ينص على "حماية المدنيين، وحماية كافة المرافق الخاصة والعامة والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية".

من جانبه يشير طبيق إلى أن "الجيش لم يتمكن خلال 11 شهرا من استرجاع أي مقر عسكري أو استراتيجي استولت عليه قوات الدعم السريع، لذلك يتعامل قادته بفرح هيستيري مع أي تقدم ميداني محدود تحرزه قواتهم".

وأضاف "هم يبحثون عن أي نصر لرفع الروح المعنوية، ويمكنهم اللجوء إلى التفاوض، بزعم أنهم حققوا نصرا، يسمح لهم بالتفاوض بسقف أعلى".

بدوره، استعبد المنصور، أن تسهم انتصارات الجيش في أم درمان في عودة وفده إلى المفاوضات من جديد، ورجح أن "تستمر المعارك بحدة أكبر".

ولفت إلى أن "عناصر النظام السابق يشاركون بفعالية في العمليات القتالية إلى جانب الجيش، ولن يسمحوا بأي خطوة من شأنها إنعاش المباحثات، لأنهم يعلمون أن المفاوضات لن تكون في مصلحتهم، وستقود إلى عزلهم من أي عملية سياسية متوقعة".

ووفق أرقام الأمم المتحدة، أدى الصراع بين الجيش والدعم السريع إلى مقتل أكثر من 12 ألف شخص، وأجبر أكثر من 7 ملايين على الفرار من منازلهم، بينهم 1.5 مليون لجأوا إلى تشاد ومصر وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان وإثيوبيا.

وفي السابع من فبراير، أطلقت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، نداء لتقديم دعم دولي بقيمة 4.1 مليار دولار للمدنيين المحاصرين في السودان.

وقالت وكالات الأمم المتحدة إن نصف سكان السودان، أي حوالي 25 مليون شخص، يحتاجون إلى الدعم والحماية، وإن الأموال المطلوبة ستخصص لمساعدة ملايين المدنيين في السودان، وغيرهم ممن فروا إلى الخارج.
 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: مقر الإذاعة والتلفزیون قوات الدعم السریع الدعم السریع فی ولایة الجزیرة فی أم درمان إلى أن

إقرأ أيضاً:

بعد حصار الدعم السريع ... 79 قتيلا بولاية الجزيرة السودانية

ارتفعت حصيلة قتلى مدينة "الهلالية" بولاية الجزيرة جراء حصارها من قبل قوات الدعم السريع إلى 79  قتيلا وفق ما أعلنته منصة نداء الوسط ( خاصة ) وأطباء السودان.

اقرأ ايضاًالسودان... مقتل 10 مدنيين بجرائم للدعم السريع في ولاية الجزيرة

وقالت “المنصة” ونقابة أطباء السودان إن المحاصرين يعانون أوضاعا إنسانية بالغة التعقيد، حيث يفتقرون لأبسط مقومات الحياة، كـ المياه، والغذاء، والدواء، مطالبة المنظمات بالتدخل العاجل لإنقاذ حياتهم.

وفي مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور قتل 5 أشخاص وأصيب 13 آخرون بسبب القصف المدفعي لقوات الدعم السريع وفق تقارير أعلامية.

وذكرت وسائل إعلام محلية بأن مدينة الفاشر شهدت اشتباكات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع أمس الأربعاء حيث شنت قوات الدعم السريع هجومًا على المدينة من الجهة الشرقية، مستهدفةً منطقة حي ديم سلك.

وتمكنت الدعم السريع من التوغل إلى الأحياء الشرقية للفاشر، حيث تسعى لدخول قيادة الفرقة السادسة مشاة.

حزب المؤتمر السوداني - ولاية الجزيرة:

- مدينة "الهلالية" في شرق الجزيرة تعيش أوضاعاً مأساوية نتيجة الحصار الخانق والهجمات المستمرة من قبل الدعم السريع

- سقوط أكثر من 70 ضحية في مدينة الهلالية نتيجة إطلاق الأعيرة النارية، وتدهور الحالة الصحية ونقص الغذاء والدواء#الشرق_السودان pic.twitter.com/DK2DOSZffv

— الشرق للأخبار - السودان (@AsharqNewsSUD) November 7, 2024

⬛️⬛️ #جرائم_الدعم_السريع
نساء وأطفال وكبار في السن من المواطنين العزل يفترشون الأرض ويلتحفون السماء تحت الحصار في مدينة #الهلالية #ولاية_الجزيرة #السودان.. الصور أبلغ وصفاً كمثال في مسيد الشيخ الطيب المرين بالمدينة حيث تحتجزهم عناصر #الدعم_السريع مع انعدام أقل مقومات الحياة… pic.twitter.com/oe9DhPBlD2

— يوسف النعمة (@YousifAlneima) November 5, 2024

المصدر: وكالات 
 


© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)

محرر البوابة

يتابع طاقم تحرير البوابة أحدث الأخبار العالمية والإقليمية على مدار الساعة بتغطية موضوعية وشاملة

الأحدثترند بعد حصار الدعم السريع ... 79 قتيلا بولاية الجزيرة السودانية 71 شهيدا منذ فجر اليوم في قطاع غزة غالبيتهم في الشمال ماكرون: على الأوروبيين ألا يفوضوا للأبد أمنهم للأمريكيين صيحة أزياء طبعات الفهد الراقية في موسم خريف وشتاء 2024-2025 3 شهداء في صيدا.. وحزب الله يقصف عكا وحيفا والخضيرة Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • «القاهرة الإخبارية»: الدعم السريع يستهدف قرى شرق جزيرة السودان
  • السودان: قيادي أهلي يكشف عن «هجوم ضخم» من الدعم السريع على الفاشر
  • اتهامات للدعم السريع بالتحضير لهجوم على شمال دارفور
  • بعد حصار الدعم السريع ... 79 قتيلا بولاية الجزيرة السودانية
  • النازيون السمر.. الدعم السريع وهولوكوست التوحش في السودان
  • كشف تفاصيل كارثية في الجزيرة على يد قوات الدعم السريع.. 1000قتيل وإحتجاز مواطنين رهائن وتهجير قسري وحصار
  • السودان: قوات الدعم السريع تصفي 11 مواطناً في سنجة وتمنع الأهالي من المغادرة
  • الدعم السريع يدمر حاضر السودانيين وقادة الجيش والإسلاميون يدمرون مستقبلهم
  • اتهممها تسليح الدعم السريع..السودان يشكو تشاد لدى الاتحاد الإفريقي
  • مقتل 18 مدنيا في هجوم لقوات الدعم السريع في ولاية الجزيرة