قضايا غريبة وقعت وأثارت الجدل تحول فيها القاتل إلى برىء، والجاني إلى مجني عليه، ألغاز كشفتها التحقيقات، وأزال عنها الستار دفوع المحامين في ساحات القضاء، اليوم السابع يقدم على مدار 30 حلقة خلال شهر رمضان المبارك، أبرز هذه القضايا ووقائعها المُثيرة.
"عدالة السماء".. يروى هذه الحلقة المستشار بهاء الدين أبو شقة فى كتابه "أغرب القضايا".

.   عاش طفولته وصباه وشبابه محروماً من دفء الأسرة وحنان الأبوين.. فد مات أبواه فى حادث سيارة وتركاه طفلاً.. فتجرع مرارة اليتم وهو صغير، حرم بفقدهما ينابيع الحنان ومرافىء الأمان التى تعين الإنسان على مواجهة الحياة، لكنه لم يفقد إصراره وعزيمته على شق طريقه.   ساق الله له رجلاً من أقربائه وقف بجانبه وتبناه وساعده حتى أكمل دراسته وحصل على بكالريوس الهندسة، ووقف فى طابور الانتظار فى قطار التعيين من قبل القوى العاملة، ورأى أن كل المنتظرين الذين سبقوه فقدوا الأمل فى الحصول على عمل. كان طموحه فى الحياة بلا حد فانضم إلى أسراب الطيور المهاجرة التى تحفظ على أرض النفط والبترول، حيث فرص العمل متاحة للجميع، وتحمل عذاب الغربة والبعد عن الأهل والاصدقاء والأحباب سعياً وراء المال. وامتدت غربته عشرين عاماً أفنى خلالها زهرة شبابه فى العمل الذى وصل فى الليل بالنهار حتى استطاع أن يجمع ثروة كبيرة.. عاد بها إلى أرض الوطن وتذكر فى غمرة غربته وكفاحه أنه قد نسى نفسه، وبدأ يشغله ويؤرقه حرمانه الطويل من متع الحياة فلم يعرف عالم النساء ولا خفق قلبه بحب، فقد تعمد أن يغلق بابه حتى لا يكون فيه فراغ لشيء إلا عمله وجمع المال.   التقى بها رآها فتاة جاوزت سن العشرين بقليل.. حباها الله جمالاً يدير الرؤوس، وتنفجر منه أنوثة  طاغية وتتمتع بجاذبية أثره، فسعى للتعرف عليها وتودد إليها كثيراً وتكرر اللقاء وأحست باختلاقه الفرص للقائها، عاملة فى كافيتريا فى وسط القاهرة، لمحت فى بريق عينيه إعجاباً بها وفى نبرات صوته حباً دفيناً يكتمه فى صدره، كان سخياً معها فى "البقشيش" الذى يقدمه مع حساب طلباته.   طلب لقاءها بعيداً عن العمل، حكى لها قصة حياته، طفولته، سنوات عمره التى عاشها يعمل حتى جمع ثروة كبيرة، وعن حرمانه من العطف والحنان، وبحثه عن إنسانةتعوضه ما فات.. تكون بمثابة الأم والصديقة بعيداً عن الرغبة والجنس. اتفقت معه ورحبت به، وأفهمته أنها معجبة بكفاحه ومثابرته وإصراره على النجاح رغم الظروف الصعبة التى أحاطت به، فبددت مخاوفه التى كانت تستبد به من فارق السن بينهما،وأعطته الأمان والثقة، وأقنعته أنها أكبرت فيه رجاحة عقله وحسن تفكيره، وأحبت فيه رزانته وخبرته فى الحياة، فلا وجه للمقارنة بين كل هذه لميزات التى يفتقدها الشباب فى مثل سنه.   تم الزواج بمباركة الأهل والعشيرة، وانتقلت الزوجة إلى شقته الفاخرة المطلة على النيل، عاشت فى ظله الحياة المترفة، ارتدت الملابس الغالية المستوردة.. وتحلت بالمجوهرات الثمينة، واستعملت فى تنقلاتها أحدث السيارات التى اشتراها لها.. وغرق فى بحور أنوثتها يطفىء عطش الحرمان.   ولكن السعادة لا تدوم.. فقد أصيب فى عموده الفقرى أثناء عمله، فأقعده المرض الفراش، وأحس بتغيير سريع فى معاملتها له.. لم تقف بجانبه فى مرضه الذى امتد لأكثر من ثلاث سنوات. أطلقت يدها فى أمواله التى وضعها فى البنوك بعد أن حصلت منه على توكيل عام يتيح لها صرف ما تريد، وأطلقت لنزواتها ورغباتها العنان..تسهر حتى ساعة متأخرة من الليل، فإذا سألها أجابته ساخرة بأنها شابة.. وأنها لن تبقى شبابها أسيرة مرضه، كان يحبس مرارته وتعاسته وعجزه فى صدره.. لا ينام من النهار والليل إلا قليلاً رغم الأدوية والمهدئات والمنومات التى كان يتعاطها.. وفى الوقت الذى كان يسبح فى خياله، يستعرض تاريخ حياته ولحظات السعادة التى عاشها فى بداية زواجهما.. كانت تنبعث من شقة جاره خريج معهد الموسيقى الذى سكن حديثاً إلى جوارهما، وكان يعيش وحيداً فى شقته بعد أن أتم دراسته فى المعهد، وعاش يقضى ليله ونهاره يعزف ويلحن ويغنى. وأحس بان زوجته بدأت تطيل المكوث فى المنزل وعزفت عن حياة الشهر وهى تمعن فى السماع إلى صوته الدافىء وموسقاه وألحانه الحالمة. ذات ليلة استيقظ من النوم، وقد استبد به الأرق ولم تفلح فى التغلب عليه جرعة المنوم الزائدة التى تناولها فلم يجد زوجته بغرفة النوم.. بحث عنها فى كل أرجاء الشقة فلم يجدها، احتبس فى داخله الممزق ونفسيته المحطمة هذا الامر.. وبدأ يراقبها على حساب أعصابه المنهارة وعيونه الساهرة التى لا تنام. اكتشف الزوج أن زوجته تتسلل إلى هذا الشاب جارهما كل ليلة، وقد تزينت بأزهى وأبهى ملابس النوم وتعطرت بأغلى العطور وأنفذها..بعد أن تتأكد من تناولهجرعة كبيرة من المنوم كانت تقدمها له فى كوب اللبن دون أن يدرى، لاإضافة إلى الأدوية التى كان يتناولها ومن بينها دواء منوم أخر. ومنذ أن اكتشف خيانتها وتأكد منها طار النوم من عينيه إلى الأبد، ولم تفلح كل المنومات فى أن يغمض له جفناً واستبدت الأفكار السوداء بفكره المثقل، وتزايدت حيرته.. ماذا يفعل؟.. وفجأة عثر على هذا الزوج مقتولاُ فى غرفة مكتبه. تضمنت مذكراته التى كان يسجلها ويحتفظ بها فى درج مكتبه تفاصيل حياته على النحو السابق منذ أن تلقى صدمة اليتم وهو صغير حتى واجه صدمة الحياة فى شيخوخته على يد زوجته الخائنة. وأضاف فى مذكراته أنه يشعر أن نهايته فى الحياة قد قربت بعد أن واجهها بخيانتها فصدمته فى مشاعره وأحاسيسه، وكان جوابها فى منتهى الفجر والبجاحة، إذ طلبت الطلاقمنه.. عايرته فى رجولته وأنها وجدت ضالتها فى هذا الشاب الذى أخرجها من ذلك القبر، وأنه فوجىء بما هو أكثر من ذلك بما لم يكن يتوقع..هددته زوجته بالقتل إن لم يستجب لمطلبها بالطلاق، ويفتح لها الباب على مصراعيه..باب الخيانة.. عثر النيابة العامة أيضاً بالإضافة لمذكراة الزوج بشريط مسجل يتضمن ما حوته المذكرات، كما عثر وكيل النيابة المحقق على بلاغ للنيابة العامة يتهم فيه زوجته بالزنا مع هذا الشاب والاستيلاء على أمواله. ويروى أبو شقة..وبدأت التحقيقات، وتبين أن الخادمة كانت موجودة بالمسكن وقت الحادث فاستدعيتها وسألتها.. فأكدت ما كانت تراه من تصرفات قاسية وحادة فى معاملة المرأة لزوجها بعد مرضه، وأكدت أن الزوجة قد تخلص من زوجها بعد أن طلبت الطلاق ورفض وأنها رأتها بأم عينيها وهى تدس له السم فى "طبق البامية" الذى قدمته له للغذاء فى مكتبه. ولكن الشىء المحير أن الزوجة كانت غارقة فى البكاء مصرة على الإنكار نافية أنها قتلته، واعترفت بحبها لهذا الشاب، " نعم أحببت ذلك الشاب الموسيقى، فقد رأيت فيه فتى أحلامى..أعجبت بحلاوة صوته وطلاوة حديثه..كنت أتمنى أن أرتبط به إلى الأبد ليعوضنى أنوثتى التى افتقدتها مع هذا الكهل..طلبت الطلاق من زوجى لأرتبط به ولكنه رفض"، وأقسمت أغلظ الأيمان بأنها لم تقتله ولم تخنه.   تم حبس الزوجة على ذمة التحقيقات، وتم صدور قرار بتشريح جثة الزوج لبيان ما إذا كانت به إصابات والألة المستخدمة فى إحداثها وعما إذا كانت حيوية من عدمه، وكذلك بيان ما إذا كان تناول مادة سامة ونوعها وأثرها فى إحداث الوفاة، وهل كانت الوفاة نتيجة هذه المادة أم الإصابة التى فى جبهته. كانت المفاجأة التى حملتها التقارير الطبية..لقد ثبت من تقرير التحاليل أن أظافر المتهمة والخادمة خالية من أى مواد سامة، فى الوقت الذى ثبت فيه من تقرير الصفة التشريحية لجثة المجنى عليه،وتحليل أحشائه أنه تناول فى مشروب القهوة مادة سامة شديدة المفعول وأنها هى سبب الوفاة. ولكن ما أثار الدهشة هى أقوال  الخادمة التى تعتبر الدليل القولى قبل الزوجة أن معدة المجنى عليه كانت خالية من الطعام، بعد أن أكدت أن الزوجة هى التى دست السم فى طبق البامية. هنا أيقنت أن الخادمة كاذبة وأن هناك سرًا وراء هذا الكذب لابد من كشفه إذ إن حقيقة الحادث تكمن فى كشف هذا السر.   استدعيت الخادمة، وواجهتها بأكاذيبها وأن عليها أن تدلى بالحقيقة إذ إنها بهذه الأقوال الكاذبة ترتكب جريمة تضليل العدالة.. بل إن شكوكاً تقترب من اليقين أنها وراء مقتل المجنى عليه. انهارت الخادمة مؤكدة أنها ستقول الحقيقة ولن تخفى شيئاً.. قائلة:" الزوجة برئية إنها لم تقتله.. لقد انتحر الزوج..هو الذى وجد فى هذا الانتحار خلاصاً لحياته وإنهاء لألامه ووضع حدً لعذابه..ولكن أيترك زوجته تنعم بماله الذى أفنى عمره فى جمعه وتتزوج ذلك الشاب الموسيقى لينعم بماله ويسعد بجمالها؟..فعليه أن يحطمها كما حطمته.. أن يقضى عليها كما قض عليه، هى وعشيقها أن يسلمها بيديه إلى حبل المشنقة.. فقد قتلت فيه كل شىء". واستطردت الخادمة قائلة:" نعم إنه قرر أن ينتقم من زوجته وعشيقها الشاب الموسيقى، أحس بأن حياته باتت معدومة، وهو والميت سواء.. فأعطانى مبلغاً كبيراً من المال، ووضع السم أمام عينى فى فنجان القهوة وارتشفه أمامى بعد أن اتفق معى على اتهام الزوجة بوضع السم،والتأكيد على خيانتها لزوجها حتى لا ترث منه. وبتحليل أظافر المجنى عليه تم التأكد من حديث الخادمة..وكانت مفاجأة أخرى الشاب الموسيقى عاد من الخارج بعد غياب ما يقرب من شهرين وتوجه على الفور للنيابة ليدلى بحديثه قائلاً:"نعم كانت تتردد على فى شقتى المجاورةعندما يخلد زوجها للنوم.. كانت تشكو لى قسوة حياتها مع الرجل الذى أصبحت بالنسسبة له ممرضة لا زوجة..وبدأ نبض الحب يتسلل إلى قلبها ويتملك من مشاعرها".   مسطردا:"وذات مرة طلبت منى فجأة وبصراحة وإصرار لا يخالجه أدنى شك أن أساعدها فى التخلص من زوجها فى قتله لرفضه طلاقها.. فرفضت تمامً أن أشاركها فى فكرها.. وأحسست لحظتها أننى كنت مخدوعاً فيها.. رأيت فى عينيها لأول مرة الخسة والندالة والخيانة..واتخذت قراراً بينى ةبين نفسى لا رجعة فيه أن أترك الشقة وأن أسافر للغناء فى إحدى الدول العربية تلبية لرغبة متعهد طلب منى ذلك. لم يكن أمامى وقد ثبتت براءتها فى التهمة الموجهة إليها بقتل زوجها إلا إخلاء سبيلها، ولمحت الفرحة بلا حدود تكسو وجهها.. لقد ثبتت براءتها  وها هى تخرج للحياة بلا قيود وأصبحت تمتلك ثروة كبيرة.   فى صباح اليوم التالى مباشرةً..حضر إلى ضابط المباحث الذى شارك البحث فى قضية القتل ليعرض على- والابتسامة تكسو وجهه- محضراً لقضية جديدة. فسألته عن سر ابتسامته  فابتدرنى قائلاً- "عارف سيادتك الست اللى أفرج عنها امبارح بعد ما ثبت أن جوزها انتحر وإنها مقتلتهوش.. فقولت.."أيوة .. وإيه علاقة ده بالمحضر اللى معاك دلوقتى...   فقال.."المحضر ده خاص بيها".. وبسرعة أمسكت المحضر وأدركت على الفور سر ابتسامته.. لقد انقلبت بها سيارتها الفارهة وسقطت بها فى النيل وبجوارها شاب مخمور لقى نفس المصير نفسه.. كانت تنطلق بها كالمجنونة بعد سهرة صاخبة نفضت بها عن نفسها غبار الماضى.. لقد أفلتت من حبل المشنقة مرتين ولكنها لم تفلت من عقاب السماء.. إنها حقاً " عادالة..السماء"..    





المصدر: اليوم السابع

كلمات دلالية: اغرب القضايا اخبار الحوادث المجنى علیه هذا الشاب التى کان بعد أن

إقرأ أيضاً:

القضايا العربية والمتغيرات العالمية

 

حاتم الطائي

تَمرُ المنطقة العربية بمرحلةٍ مفصلية في تاريخها الحديث، لا تقل أهمية أبدًا عن المراحل المفصلية السابقة على مدى قرون؛ بل لن نُبالغ إذا قلنا إنَّ الفترة الراهنة الأشد خطورة على منطقتنا وقضايانا المصيرية، وفي المقدمة منها قضيتنا المركزية؛ فلسطين، خاصة في ظل الخذلان الدولي غير المسبوق تجاه الإجرام الإسرائيلي المدعوم أمريكيًا، والذي فاق التصورات وتجاوز الواقع السياسي والعسكري بمراحل.

لم تعد إسرائيل مجرد ذلك الكيان المغروس عمدًا مع سبق الإصرار والترصد لإضعاف الأمة العربية ووأد أي محاولة للنهوض ومنافسة الغرب؛ بل باتت دولة الاحتلال سرطانًا يُريد أن يلتهم المنطقة ويبتلعها، من خلال اقتلاع سكان قطاع غزة والضفة الغربية والقدس من أراضيهم، ومن ثم تصفية القضية الفلسطينية إلى الأبد، ثم التمدد إلى دول المنطقة، وفرض نفوذها وهيمنتها تحت قوة الضغط الأمريكي، الذي يستغل حالة الضعف التي تُعاني منها منطقتنا.

وعلى الرغم من أن العرب يملكون كل الأدوات والوسائل التي تُمكِّنهم من فرض عدالة قضيتهم ووجهات نظرهم فيما يتعلق بمصير المنطقة، إلّا أنهم يفتقرون إلى الإرادة السياسية القوية، والقدرة على مواجهة الصلف الأمريكي الذي تحول تحت إدارة الرئيس اليميني دونالد ترامب إلى تجبُّر واستعلاء لا مثيل له. العرب يملكون الثروات المالية والموارد الطبيعية التي تدعم قوتهم، فضلًا عن الجوانب الحضارية المُضيئة، فلقد كانت هذه المنطقة بيئة خصبة لازدهار أعرق الحضارات، وعلى أرضها عاش أنبياء الله ونشروا دعوتهم في ربوع الدنيا، غير أنَّ عدم الرغبة في المواجهة وتفضيل سياسات "النأي بالنفس"، تسبب في أن تتحول المنطقة العربية إلى لقمة سائغة في أفواه المُجرمين، من دعاة الاستعمار الجُدد، الذين ينظرون إلى الأوطان على أنها "مشاريع عقارية" يمكن إبرام "صفقات" عليها!

من المؤسف أنَّ الكثير من الأنظمة لم تعد قادرة على قول "لا" في وجه الولايات المتحدة الأمريكية، وباتت عاجزة عن طرح أي رؤية عادلة للقضايا العربية، لكن لا ينبغي أن يدفعنا ذلك إلى اليأس والتراجع والاستسلام؛ بل علينا أن نتحلى بالشجاعة في مُواجهة المخططات التي تريد عودة الاستعمار بصورة أخرى، وعلى الحكومات العربية أن تحتمي بشعوبها الرافضة رفضًا قاطعًا لأي احتلال إسرائيلي، والغاضبة بشدة من حرب الإبادة التي استمرت في قطاع غزة لأكثر من 15 شهرًا. ومع اقتراب انعقاد القمة العربية الطارئة في القاهرة، وتوقعات بإعلان رؤية عربية مشتركة لمواجهة مخططات الرئيس الأمريكي، فإن سقف المطالب في هذه القمة يجب أن يكون عاليًا، ليعكس إرادة الشعوب العربية التي ضجرت من المواقف غير الحاسمة، والتصريحات التي تحتمل أكثر من معنى. يجب أن تكون القمة تعبيرًا عن حالة التعاطف منقطعة النظير مع الشعب الفلسطيني المُستضعَف، والذي ما يزال يتجرع ويلات العدوان الإسرائيلي. 

ولا ريب أن المرحلة المقبلة من العمل العربي تتطلب سرديةً ذات طموح أعلى وتمثيلاً أكبر لإرادة الشعوب العربية الطامحة الى التحرر والعدالة، والتي لطالما حلمت بأن تتحرر فلسطين وأن ينعم كل مواطن فلسطيني بحقه الطبيعي في الحياة دون خوف من الموت أو التشرُّد أو الاعتقال والزج به في سجون الاحتلال.

الوضع الراهن وما يعتريه من متغيرات دولية عميقة التأثير، يؤكد لنا أن العرب يجب أن تكون لهم كلمة واضحة وموقفًا صلبًا في مواجهة مخططات ترامب-نتنياهو، وممارسة أقصى الضغوط من أجل استعادة الحقوق الفلسطينية وحماية الأمن القومي العربي من المُهددات غير المسبوقة، لا سيما في ضوء الإرهاب الصهيوني المُستمر منذ عقود طويلة.

على العرب في قمتهم الطارئة أن ينظروا إلى مواقف دول مثل جنوب أفريقيا والبرازيل- غير العربيتين- واللتين لم ترضخا للضغوط الصهيونية، وواصلتا الدفاع عن القضية الفلسطينية أمام المحاكم الدولية، في حين أن الأنظمة العربية الرسمية لم تتحرك ولم تشارك في تحريك أي دعوى قضائية دولية، رغم التعاطف الدولي الكبير، فضاعت من أمامنا فرصة تاريخية لتحقيق مزيد من النقاط لصالح القضية الفلسطينية.. ورغم ذلك نؤكد أنَّ الفرصة ما تزال قائمة، وأن بإمكان العرب إجبار أمريكا على التراجع عن مخططاتها والوصول إلى حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية.

على العرب مواجهة إسرائيل وأمريكا بكل قوة، والقول بصوتٍ عالٍ إن أمريكا فك مفترس ووحش كاسر ومارد شيطاني، تُريد أن تفتك بالعالم أجمع لتحقيق أهدافها وأطماعها، حتى لو كان الثمن أرواح الآلاف والملايين من البشر.

لقد كشفت السياسات الأمريكية الحالية، أن الرئيس ترامب يريد أن يلتهم كل شيء أمامه، ويدير بلاده والعالم بطريقة "الصفقات"، ولا أدل على ذلك من موقفه تجاه قضية أوكرانيا، وما شاهدناه في المشادة الكلامية بينه وبين رئيس أوكرانيا، ومدى التحقير الذي مارسه تجاه رئيس أوكرانيا، والذي يكشف أنَّ ترامب ربما باع أوكرانيا إلى روسيا، في صفقة غير واضحة المعالم حتى الآن.

ويبقى القول.. إنَّ القمة العربية الطارئة المرتقبة يوم الثلاثاء، يجب أن تُعبِّر عن مواقف الشعوب العربية الرافضة للإجرام الصهيوني والداعمة للحق الفلسطيني، وضرورة مواجهة الجبروت والتعنت الأمريكي، من خلال توظيف أدوات الضغط العربية، حتى تنعم منطقتنا بالأمن والاستقرار ويتحقق العدل في ربوعها.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • دستور عدالة المحاكم.. كيف يعمل نظام إخلاء السبيل بكفالة ومن يقدر قيمتها؟
  • عمان وأمريكا تعززان التعاون وتبحثان القضايا المشتركة
  • بعد حادثة التمثال.. من يمول الدكتور زاهي حواس وبعثته؟ ولماذا تصمت وزارة السياحة والآثار؟!
  • نجل شقيق الضحية الثانية لسفاح الإسكندرية يكشف التفاصيل الأخيرة في حياتها: «كانت واعية وحنونة»
  • بالقانون.. حبل المشنقة في انتظار قاتـ.ل والدته بالشرقية| ماذا حدث؟
  • رامز إيلون مصر يوقع بالفنان أحمد فهمي «الضحية الثانية»
  • سيدة تقتل مسنة وتسرق مشفولاتها الذهبية ومبلغ مالى فى بنى سويف
  • ترند زمان.. أنا ضحية جبروت امرأة .. اعترافات المذيع إيهاب صلاح بقتل زوجته
  • "رمضان يعنى".. ابتهالات النقشبندي والأذان بصوت محمد رفعت وخواطر الشعراوى
  • القضايا العربية والمتغيرات العالمية