في كلّ عام عندما يبدأ شهر رمضان المبارك يتحدث الناس عن مشروعية الصوم وأركانه ونواقضه، وهذا حديث مهم من أجل صحة الصيام، إلا أن هناك أحاديث في غاية الأهمية مرتبطة بالصيام تحتاج إلى أن نستوعبها لنستطيع الوصول إلى فلسفة الصيام والغاية الحقيقية منه.. حتى لا نصوم صوم العموم كما يقول أبو حامد الغزالي الذي اعتبر أن الصيام على مراتب ثلاث: المرتبة الأولى سمّاها صوم العموم وعرفه بأنها «كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة».
وفي الحضارات التي تقوم على الفكر المادي يتم استغراب الهدف من الصوم، أو ينظر إليه من بعده القريب الطقوسي وهو الامتناع عن المفطرات المادية، وهو مفهوم من حضارات لا تؤمن إلا بالجسد وبالمادية لكنها لا تؤمن بالروح ولذلك نجدها تكره أي عبادة تقيد الشهوات البشرية أو تساهم في إعادة ترويض الجسم أو البدن الذي تعود على التدليل الشهواني بكل أنواع الشهوات.
يقول المفكر الإسلامي علي شريعتي «الصوم نظام يمنح الإنسان قوة في مواجهة أشد الميول الغريزية والفردية في نفسه، ويجعله مسيطرًا عليها في طريق الإيمان».
وبهذا المعنى علينا أن نستحضر في كل النقاشات التي تدور حول شهر رمضان المبارك هذه الفلسفة التي من أجلها شرع الصيام والتي يمكن أن نفهمها عبر تأمل مصطلح «التقوى» الذي جعله الله سبحانه وتعالى الثمرة العظمى للصيام.
ثم إن فكرة التطهر التي ترتبط بالصيام تستحق المزيد من النقاشات، فالإنسان يتطهر بالصيام من الكثير من العادات سواء كانت عادات مرتبطة بالسلوك الشهواني وفي مقدمة ذلك شهوة الأكل، أو تلك المرتبطة بتطهير القلب من الأحقاد ومن الضغائن وزرع الحب والرحمة والمودة والتصالح والسلام ليسود بين الناس، فتكون كل هذه نتائج عليا لفريضة الصوم يخرج بها الصائم بعد نهاية شهره وقد تحولت بعد مران طويل إلى قيم ومبادئ لا تفرقه أبدا.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
الداعية نبيل العوضي: الذكاء الاصطناعي يطلق جيشا لنشر الشهوات وعلينا الانتباه
وحسب الداعية الإسلامي، فقد بدأت عداوة الشياطين وزعيمهم إبليس وذريته وأتباعه لبني آدم قبل أن يخلق الله عز وجل آدم عليه السلام، أي عندما كان طينا ولم تنفخ فيه الروح، وعندما نفخ فيه الروح وسجدت له الملائكة أبى إبليس واستكبر، وظل لسنوات طويلة جدا يوسوس لآدم وزوجه حتى أخرجهما من الجنة.
ويدعو الشيخ العوضي إلى عدم الاستهانة بشياطين الجن، لأنهم لا يتوقفون عن الوسوسة للشخص حتى يصلوا إلى أهدافهم. ورغم أنهم يصفدون ويضعفون في شهر رمضان المبارك، إلّا أن شياطين الإنس يقومون بأدوارهم. وتجدون الحلقة كاملة في هذا الرابط.
ويتعاون شياطين الجن مع نظرائهم الأناسي الذين تكمن خطورتهم -بحسب الدكتور العوضي- في كونهم ينتمون لنفس القوم ويتكلمون لغتهم، ويظهرون بمظهر الناصحين والمحبين لغيرهم، وقد يكون شيطان الإنس من المشاهير وله متابعون بعشرات الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي.
كما قد يكون شياطين الإنس ممن لديهم السلطة والنفوذ، ومثال على ذلك فرعون وغيره.
غواية الناسويحذر ضيف برنامج "الشريعة والحياة في رمضان" من أنه "خلال مستقبل قريب قادم ستنطلق شياطين بعدد لا نهائي، وظيفتها الأساسية ستكون جرف البشر وغوايتهم عن الهداية وإيقاعهم في الضلال الذي هو في نهايته الشرك الأكبر" ويقول إن القادم سيكون خطيرا زمن الذكاء الاصطناعي.
إعلانويبيّن الشيخ العوضي أن جيشا سيطلق عبر الذكاء الاصطناعي "هدفه فقط غواية البشر" ويلفت إلى أن هذا الأمر قد بدأ من طرف بعض الهواة، حيث يفعلون بعض الأشياء عبر الذكاء الاصطناعي ويطلقون فيديوهات هدفها غواية الناس.
وسينتج الذكاء الاصطناعي شياطين هدفها نشر الشهوات وإضلال البشر، ويدعو العوضي الدعاة والمصلحين والمربين والإعلاميين والمسؤولين والقادة الانتباه لمسألة مهمة وهي أن "الذكاء الاصطناعي فيه جزء مظلم يخطط له ويراد له، وبدأ عبر منصات من خلال إطلاق وسائل لا حصر لها هدفها الأوحد إضلال الناس وإغواؤهم".
ويستشهد الدكتور العوضي بقول الله عز وجل في سورة النور "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا" إذ أن الهدف الأكبر لإبليس وأتباعه وشياطين الإنس والجن أن تشيع الفاحشة وأولها الزنا التي هي بريد للوصول إلى الإلحاد والكفر. وسيقوم الذكاء الاصطناعي بهذا الدور.
ويحذر الشيخ من أن هدف الشياطين في المنصات والشاشات هو تدمير الفترة التدريبية الإيمانية للمسلمين خلال شهر رمضان المبارك، وإذا لم تتم مواجهة هذا الأمر بذكاء أكبر فسيكون الوضع خطيرا على الأبناء، كما يحذر العوضي.
موعظة لقمان لابنهولمواجهة الهجمات الشيطانية، يشدد الداعية الإسلامي على ضرورة أن يغرس الآباء والأمهات في قلوب أبنائهم الإيمان القوي الذي تتكسر أمامه كل الشهوات، فهم يحتاجون إلى موعظة كموعظة لقمان لولده.
ويعرج الدكتور العوضي على مأساة غزة، ويعتب على بعض المسلمين تخليهم عن أهالي غزة والانشغال بملهيات الحياة، إذ "توحي بعض المظاهر بموت القلب" في حين يجعل الإيمان المسلم يقف طول الوقت مع إخوانه المسلمين.
وبخصوص استفادة المسلم من شهر رمضان المبارك، يوضح العوضي أن الهدف ليس كثرة ختمات القرآن الكريم، بل أن يتزود المؤمن بالقرآن "كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته" كما قال الله سبحانه وتعالى في سورة ص. وينصح بأن تخصص ساعة كل يوم لتدبر القرآن، مشيرا إلى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يقوم الليل بآية واحدة من سورة المائدة "إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم".
إعلانكما ينصح ضيف البرنامج الوالدين بتخصيص ربع ساعة قبل الإفطار للدعاء رفقة أولادهم، حتى يساهموا في غرس الإيمان في قلوبهم.
2/3/2025