قنابل سقطت ولم تنفجر في غزة... تهديد على المدى الطويل لحياة سكان القطاع
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
إعداد: عمر التيس تابِع | مارك ضو إعلان اقرأ المزيد
مرت الآن أكثر من خمسة أشهر منذ بدء الجيش الإسرائيلي في إمطار قطاع غزة بالقنابل ردا على هجوم حماس المباغت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وفيما توعدت حكومة بنيامين نتانياهو بالقضاء على الحركة الإسلامية وإسقاط حكمها في غزة، دمرت الغارات الإسرائيلية أنحاء واسعة في القطاع وتسببت بسقوط أكثر من 30 ألف قتيل، وفق وزارة الصحة التابعة للحركة.
وإضافة إلى القصف اليومي المكثف، تتمدد المجاعة في الجيب الفلسطيني الذي يعيش أصلا أزمة إنسانية كارثية. وينضاف إلى كل هذا، خطر مميت يحدق بسكان غزة ويتمثل في القنابل غير المتفجرة التي سقطت على القطاع.
وتعرف بقايا متفجرات الحرب (REG) بأنها ذخائر لم تنفجر عند وقوعها بسبب خلل تقني أو تم تركها في ساحة المعركة أو تركت عمدا بنية القتل.
"صواريخ، قذائف مدفعية، قنابل انشطارية... هذه مجمل الذخائر التي لم تنفجر عند إطلاقها، أو تمت برمجتها لتنفجر في وقت لاحق والإيقاع بأشخاص أو تفجير عربات عسكرية، مثل الألغام المضادة للأشخاص أو المضادة للدبابات، وفق توضيح آن هيري مديرة الدعاوى في "هانديكاب إنترناشونال" التي تضيف أن "بقايا متفجرات الحرب هذه، التي تمثل خطرا كبيرا على أي شخص يلمسها أو يقترب منها، تواصل القتل والتسبب بإصابات، خلال الصراع وبعد نهايته بوقت طويل، وتمنع عودة النازحين إلى بيوتهم".
أكثر من مليوني إنسان وسط فخ المتفجراتتنشط "هانديكاب إنترناشونال" منذ عدة عقود وسط شعوب مهددة بخطر الأسلحة والذخائر والآليات المتفجرة في النزاعات المسلحة. ولم تتوقف المنظمة غير الحكومية عن التحذير من الخطر الذي تمثله المتفجرات في قطاع غزة، حيث يستمر الصراع بعد فشل التوصل لهدنة تضمن إطلاق سراح رهائن آخرين لدى حماس مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين في إسرائيل.
"في غزة، يرزح سكان القطاع تحت أكبر عدد من الغارات المكثفة في التاريخ العسكري، وفق آن هيري، يوجد عدد رهيب من الضربات والغارات وطلقات المدفعية، من حيث نسقها وتركيزها. حسب تقديراتنا، ومنذ خمسة أشهر من الحرب المستمرة، تم إطلاق ما معدله 500 قنبلة في اليوم".
تذكر آن هيري بأن الجيب الفلسطيني هو "أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في الكوكب والأكثر هشاشة بالنظر إلى حجم الدمار الذي خلفته الغارات التي دمرت البنية التحتية الحيوية للسكان".
"إنه قطاع يعيش فيه نحو 2.2 مليون شخص ولا يمكنهم الهرب إلى أي مكان ويجدون أنفسهم عالقين ليلا نهارا تحت غارات مكثفة، تضيف هيري. على سبيل المقارنة، تضاهي المنطقة التي قصفها الجيش الإسرائيلي مساحة مدينة فرنسية كبيرة مثل تولون، التي لا يتجاوز عدد سكانها خُمس سكان القطاع.
غزة تعاني أصلا من مخلفات المتفجرات في الحروب السابقةتشير نفس المنظمة غير الحكومية، التي تذكر بأن المدنيين يمثلون نحو 90 بالمئة من ضحايا الأسلحة المتفجرة عندما تلقى فوق مناطق سكنية، إلى أنه من الصعب جدا معرفة حجم ومساحة مخلفات بقايا متفجرات الحرب في غزة، لأن النزاع مستمر.
"نقدر بأنه تم إلقاء 45 ألف قنبلة على قطاع غزة خلال الأسابيع الثلاثة الأول من الحرب. ولكن -إذا ما قدرنا نسبة فشل انفجارها بين 9 إلى 14 بالمئة- فإنه من المحتمل أن تكون هناك عدة آلاف من القنابل التي لم تتفجر كما كان مبرمجا أو بقيت على حالها عند وقوعها، وتوارت بين الأنقاض وفي مختلف أنحاء القطاع" وفق آن هيري.
وحسب منظمة "هانديكاب إنترناشونال"، يمكن أن "تتسبب بقايا متفجرات الحرب في هلاك أناس آخرين في غزة وتلحق إصابات مسببة لإعاقة موقتة أو دائمة وتتطلب علاجا طارئا، وهو أمر غير متاح في سياق الحرب الحالية".
"تتطلب بعض الإصابات التي تسببها بقايا المفتجرات متابعة علاجية مدى الحياة بدون نسيان الصدمات النفسية التي لا تمحى من ذاكرة الضحايا أو من ذاكرة شعب بأكمله، طيلة سنوات"، وفق قراءة آن هيري. و"لا يتعلق الأمر فقط في كونك كنت ضحية لها أو فقدت أحد أقاربك، بل عندما تعيش طيلة أسابيع خوفا من القنابل".
كل ذلك بدون الأخذ في الحسبان أن القطاع يعاني أصلا من مخلفات بقايا متفجرات الحروب الإسرائيلية السابقة ضد حماس.
"تعرض القطاع الفلسطيني إلى قصف الحروب عدة مرات خلال العقود الأخيرة. وهو ما يعني أنه يوجد أصلا –قبل الحرب الحالية- مشكلة متعلقة بمخلفات المتفجرات في بعض المناطق، تذكر آن هيري. علما بأن سكان غزة لا يملكون الإمكانيات للتخلص من هذه المخلفات الملوثة بأنفسهم، إذ يجب توفير إمكانيات هائلة معقدة ومكلفة للتخلص من الارتفاع الهائل في حجم مخلفات المتفجرات الملوثة".
وتضيف هيري: "كل نزاع يخلف بقايا متفجرات يمكن أن تبقى تحت الأرض، أو وسط الأنقاض لمدة عقود. في حالة سوريا وأوكرانيا، سيتطلب الأمر عدة عقود للتخلص من تلوث هذه المتفجرات".
متفجرات ملوثة على المدى الطويلحسب نفس المنظمة غير الحكومية، فإن الآفة منتشرة حول العالم بما أن كل بلد من اثنين تضرر في السابق من "بقايا متفجرات الحرب". وتعد شعوب سوريا وأفغانستان وليبيا وأوكرانيا والعراق واليمن أكثر الشعوب تضررا من هذه الآفة، حيث تسبب الغارات والقصف في تلوث طويل الأمد لأراض شاسعة في هذه البلدان.
"إلى غاية اليوم في فرنسا، نعثر على قنابل تعود للحرب العالمية الأولى، وهناك جهود لنزع الألغام في لاوس تعود لحرب فيتنام"، وفق آن هيري. "وبالتالي فإنه يمكن أن نتخيل أن إزالتها في غزة سيتطلب وقتا طويلا بعد نهاية الحرب".
ويمكن أن تتسبب مخلفات المتفجرات بالقطاع في تأثير كبير وطويل الأمد على الحياة اليومية لسكانه. فبالنظر إلى الكثافة الحضرية في القطاع وعدد المباني المدمرة جزئيا أو كليا، لا تمثل بقايا المتفجرات خطرا آنيا فقط، بل ستتسبب في تعطيل الحياة اليومية والتطور الاقتصادي والاجتماعي للقطاع.
وتخلص هيري إلى القول: "بقايا المتفجرات هذه تمثل عائقا أمام إعادة الإعمار وإيصال المساعدات الإنسانية وعودة النشاط الاقتصادي. فهذه المخلفات ستحد من قدرة أهل غزة على التنقل وتجعل أراض زراعية وبنى تحتية غير قابلة للاستخدام".
النص الأصلي بالفرنسية مارك ضو نقله إلى العربية بتصرف عمر التيسالمصدر: فرانس24
كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا الانتخابات الرئاسية الأمريكية ريبورتاج الإسرائيلي غزة حماس بنيامين نتانياهو الصراع الحرب بين حماس وإسرائيل غزة إسرائيل حماس للمزيد أسلحة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني فلسطينيون القنابل العنقودية الحرب بين حماس وإسرائيل غزة شهر رمضان فلسطين الإمارات العربية المتحدة الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا قطاع غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
خبير عسكري: صواريخ أتاكمز الأميركية ستنفجر بوجه واشنطن
دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة بالغة الخطورة من التصعيد بعد استخدام أوكرانيا للصواريخ بعيدة المدى التي حصلت عليها من الولايات المتحدة وبريطانيا لضرب أهداف في العمق الروسي، في وقت عدّلت فيه موسكو عقيدتها النووية بما يسمح لها باستخدام ترسانتها النووية ردا على أي هجوم كبير بأسلحة تقليدية.
واضطرت الولايات المتحدة أمس إلى إغلاق سفارتها في العاصمة الأوكرانية كييف وطالبت كل العاملين فيها بالدخول إلى الملاجئ عند سماع صافرات الإنذار، في ظل المخاوف من هجوم روسي ضخم على كييف، واستهداف مبان أميركية ردا على سماح واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى أتاكمز.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأميركية، قال دانيال إل. ديفيز، الخبير العسكري في مؤسسة أولويات الدفاع والضابط السابق في الجيش الأميركي إنه من غير الواضح السبب الذي دفع الرئيس جو بايدن، في هذه المرحلة المتأخرة من الحرب وفي اللحظة الأخيرة من رئاسته، للقيام بإجراء يحمل في طياته مخاطر تصعيد الحرب بشكل كبير.
خطر كبيرومن الواضح جدا -وفق ديفيز- أن هذا القرار يمثل خطرا كبيرا وغير ضروري على الولايات المتحدة، في حين يزيد احتمالات هزيمة أوكرانيا، وليس العكس.
في المقابل، هناك شخصيات معروفة في واشنطن أشادت بقرار بايدن، فقد خرج الجنرالات السابقون جاك كين وباري ماكافري وويسلي كلارك لدعم قرار الرئيس، في حين انتقد كين وجود قيود كثيرة جدا على استخدام الصواريخ الأميركية في أوكرانيا.
ويرى ديفيز أن هؤلاء الجنرالات قدّموا نصائح كارثية على شاشات التلفزيون طيلة هذا الصراع، مشيرا إلى أنه في سبتمبر/أيلول العام الماضي، عندما تم الكشف عن فشل هجوم الصيف الأوكراني، أعلن الجنرال ديفيد بتريوس أن أوكرانيا لا تزال قادرة على التسبب في "انهيار" الدفاعات الروسية.
أما ديفيز فكتب قبل أشهر من بدء هجوم الصيف أن أساسيات الحرب أظهرت أن أوكرانيا ليس لديها أي فرصة تقريبا للنجاح.
ويقول ديفيز إنه في يوليو/تموز 2023 وبعد شهر واحد من بدء هجوم الصيف الأوكراني وشهرين من ادعاء بتريوس بأن قوات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مازالت قادرة على تحطيم الدفاعات الروسية، كتب مقالا قال فيه إنه من الواضح أن الهجوم قد فشل.
وأضاف حينها أن المسار الأكثر حكمة وعقلانية وأخلاقية لكييف والغرب هو "السعي إلى تسوية تفاوضية تحافظ على أكبر قدر ممكن من الحرية والأراضي لكييف، وأن إنهاء الحرب من شأنه أن يوقف مسلسل القتل والإصابة لعشرات الآلاف من المقاتلين الشجعان والأبطال في أوكرانيا الذين ستحتاجهم كييف لإعادة بناء بلادهم بمجرد انتهاء الحرب".
ويقول ديفيز إن هذا يكشف حقيقة الموقف الصعب للقوات الأوكرانية سواء قبل الهجوم أو أثناءه أو بعده.
ومع ذلك، تجاهل كبار الجنرالات في الولايات المتحدة هذه الحقيقة، ونصحوا الحكومات الغربية بمواصلة الحرب، وهو ما أدى إلى مقتل آلاف الأوكرانيين الذين كان يمكن أن يظلوا على قيد الحياة لو اعترف بايدن بالحقائق العسكرية الأساسية في صيف عام 2023 وسعى إلى تسوية تفاوضية للحرب.
ويضيف ديفيز أن الحقيقة اليوم أشد وضوحا، فعدد الصواريخ بعيدة المدى التي تمنحها واشنطن لأوكرانيا لن يغير في الأمر شيئا، فهذه الصواريخ لا تستطيع وحدها تغيير ديناميكية ساحة المعركة، تماما مثل الدخول السابق للدبابات الغربية وناقلات الجنود المدرعة وقطع المدفعية وأسلحة الدفاع الجوي وأنظمة هيمارس، أو حتى طائرات إف16المقاتلة إلى المعركة.
الحقيقة الوحيدةويضيف "لقد خسرت كييف الحرب، وهذه هي الحقيقة الوحيدة والاستمرار في تجاهل الواقع -والاستماع إلى الجنرالات- سيزيد التكلفة النهائية لخسارة الحرب بالنسبة لأوكرانيا. ومع ذلك، فإن ما يفعله بايدن الآن أسوأ لأنه يخاطر بتوسيع الحرب، مما قد يجر الولايات المتحدة إلى صراع مباشر مع روسيا".
وتؤكد المجلة أن روسيا كانت واضحة في تصريحاتها بأن إدخال صواريخ بعيدة المدى أميركية أو غربية في الحرب ضد روسيا يمثل انخراطا مباشرا للغرب ضد روسيا ويفرض عليها "ردا".
ووفقا لتقارير إخبارية، فقد وقعت مثل هذه الهجمات الآن، وربما كان هذا هو السبب وراء إخلاء الولايات المتحدة لسفارتها أمس، خوفا من أن تنفّذ روسيا تهديدها، فتنفجر صواريخ أتاكمز الأميركية التي أطلقتها أوكرانيا على روسيا في وجه الولايات المتحدة.
ويقول ديفيز إن المخاطرة بتوسيع الحرب من خلال السماح باستخدام الأسلحة الأميركية بعيدة المدى ضد روسيا تمثل مجازفة متهورة إلى أقصى حد، خاصة وأن هذا لا يحقق أي فائدة عسكرية لأوكرانيا، بل يمثل خطرا إستراتيجيا كبيرا يتمثل في احتمال تورط واشنطن في الحرب.