إعداد: عمر التيس تابِع | مارك ضو إعلان اقرأ المزيد

مرت الآن أكثر من خمسة أشهر منذ بدء الجيش الإسرائيلي في إمطار قطاع غزة بالقنابل ردا على هجوم حماس المباغت في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وفيما توعدت حكومة بنيامين نتانياهو بالقضاء على الحركة الإسلامية وإسقاط حكمها في غزة، دمرت الغارات الإسرائيلية أنحاء واسعة في القطاع وتسببت بسقوط أكثر من 30 ألف قتيل، وفق وزارة الصحة التابعة للحركة.

وإضافة إلى القصف اليومي المكثف، تتمدد المجاعة في الجيب الفلسطيني الذي يعيش أصلا أزمة إنسانية كارثية. وينضاف إلى كل هذا، خطر مميت يحدق بسكان غزة ويتمثل في القنابل غير المتفجرة التي سقطت على القطاع.

وتعرف بقايا متفجرات الحرب (REG) بأنها ذخائر لم تنفجر عند وقوعها بسبب خلل تقني أو تم تركها في ساحة المعركة أو تركت عمدا بنية القتل.

"صواريخ، قذائف مدفعية، قنابل انشطارية... هذه مجمل الذخائر التي لم تنفجر عند إطلاقها، أو تمت برمجتها لتنفجر في وقت لاحق والإيقاع بأشخاص أو تفجير عربات عسكرية، مثل الألغام المضادة للأشخاص أو المضادة للدبابات، وفق توضيح آن هيري مديرة الدعاوى في "هانديكاب إنترناشونال" التي تضيف أن "بقايا متفجرات الحرب هذه، التي تمثل خطرا كبيرا على أي شخص يلمسها أو يقترب منها، تواصل القتل والتسبب بإصابات، خلال الصراع وبعد نهايته بوقت طويل، وتمنع عودة النازحين إلى بيوتهم".

أكثر من مليوني إنسان وسط فخ المتفجرات

تنشط "هانديكاب إنترناشونال" منذ عدة عقود وسط شعوب مهددة بخطر الأسلحة والذخائر والآليات المتفجرة في النزاعات المسلحة. ولم تتوقف المنظمة غير الحكومية عن التحذير من الخطر الذي تمثله المتفجرات في قطاع غزة، حيث يستمر الصراع بعد فشل التوصل لهدنة تضمن إطلاق سراح رهائن آخرين لدى حماس مقابل الإفراج عن معتقلين فلسطينيين في إسرائيل.

"في غزة، يرزح سكان القطاع تحت أكبر عدد من الغارات المكثفة في التاريخ العسكري، وفق آن هيري، يوجد عدد رهيب من الضربات والغارات وطلقات المدفعية، من حيث نسقها وتركيزها. حسب تقديراتنا، ومنذ خمسة أشهر من الحرب المستمرة، تم إطلاق ما معدله 500 قنبلة في اليوم".

تذكر آن هيري بأن الجيب الفلسطيني هو "أحد أكثر المناطق كثافة سكانية في الكوكب والأكثر هشاشة بالنظر إلى حجم الدمار الذي خلفته الغارات التي دمرت البنية التحتية الحيوية للسكان".

"إنه قطاع يعيش فيه نحو 2.2 مليون شخص ولا يمكنهم الهرب إلى أي مكان ويجدون أنفسهم عالقين ليلا نهارا تحت غارات مكثفة، تضيف هيري. على سبيل المقارنة، تضاهي المنطقة التي قصفها الجيش الإسرائيلي مساحة مدينة فرنسية كبيرة مثل تولون، التي لا يتجاوز عدد سكانها خُمس سكان القطاع.

غزة تعاني أصلا من مخلفات المتفجرات في الحروب السابقة

تشير نفس المنظمة غير الحكومية، التي تذكر بأن المدنيين يمثلون نحو 90 بالمئة من ضحايا الأسلحة المتفجرة عندما تلقى فوق مناطق سكنية، إلى أنه من الصعب جدا معرفة حجم ومساحة مخلفات بقايا متفجرات الحرب في غزة، لأن النزاع مستمر.

"نقدر بأنه تم إلقاء 45 ألف قنبلة على قطاع غزة خلال الأسابيع الثلاثة الأول من الحرب. ولكن -إذا ما قدرنا نسبة فشل انفجارها بين 9 إلى 14 بالمئة- فإنه من المحتمل أن تكون هناك عدة آلاف من القنابل التي لم تتفجر كما كان مبرمجا أو بقيت على حالها عند وقوعها، وتوارت بين الأنقاض وفي مختلف أنحاء القطاع" وفق آن هيري.

وحسب منظمة "هانديكاب إنترناشونال"، يمكن أن "تتسبب بقايا متفجرات الحرب في هلاك أناس آخرين في غزة وتلحق إصابات مسببة لإعاقة موقتة أو دائمة وتتطلب علاجا طارئا، وهو أمر غير متاح في سياق الحرب الحالية".

"تتطلب بعض الإصابات التي تسببها بقايا المفتجرات متابعة علاجية مدى الحياة بدون نسيان الصدمات النفسية التي لا تمحى من ذاكرة الضحايا أو من ذاكرة شعب بأكمله، طيلة سنوات"، وفق قراءة آن هيري. و"لا يتعلق الأمر فقط في كونك كنت ضحية لها أو فقدت أحد أقاربك، بل عندما تعيش طيلة أسابيع خوفا من القنابل".

كل ذلك بدون الأخذ في الحسبان أن القطاع يعاني أصلا من مخلفات بقايا متفجرات الحروب الإسرائيلية السابقة ضد حماس.

"تعرض القطاع الفلسطيني إلى قصف الحروب عدة مرات خلال العقود الأخيرة. وهو ما يعني أنه يوجد أصلا –قبل الحرب الحالية- مشكلة متعلقة بمخلفات المتفجرات في بعض المناطق، تذكر آن هيري. علما بأن سكان غزة لا يملكون الإمكانيات للتخلص من هذه المخلفات الملوثة بأنفسهم، إذ يجب توفير إمكانيات هائلة معقدة ومكلفة للتخلص من الارتفاع الهائل في حجم مخلفات المتفجرات الملوثة".

وتضيف هيري: "كل نزاع يخلف بقايا متفجرات يمكن أن تبقى تحت الأرض، أو وسط الأنقاض لمدة عقود. في حالة سوريا وأوكرانيا، سيتطلب الأمر عدة عقود للتخلص من تلوث هذه المتفجرات".

متفجرات ملوثة على المدى الطويل

حسب نفس المنظمة غير الحكومية، فإن الآفة منتشرة حول العالم بما أن كل بلد من اثنين تضرر في السابق من "بقايا متفجرات الحرب". وتعد شعوب سوريا وأفغانستان وليبيا وأوكرانيا والعراق واليمن أكثر الشعوب تضررا من هذه الآفة، حيث تسبب الغارات والقصف في تلوث طويل الأمد لأراض شاسعة في هذه البلدان.

"إلى غاية اليوم في فرنسا، نعثر على قنابل تعود للحرب العالمية الأولى، وهناك جهود لنزع الألغام في لاوس تعود لحرب فيتنام"، وفق آن هيري. "وبالتالي فإنه يمكن أن نتخيل أن إزالتها في غزة سيتطلب وقتا طويلا بعد نهاية الحرب".

ويمكن أن تتسبب مخلفات المتفجرات بالقطاع في تأثير كبير وطويل الأمد على الحياة اليومية لسكانه. فبالنظر إلى الكثافة الحضرية في القطاع وعدد المباني المدمرة جزئيا أو كليا، لا تمثل بقايا المتفجرات خطرا آنيا فقط، بل ستتسبب في تعطيل الحياة اليومية والتطور الاقتصادي والاجتماعي للقطاع.

وتخلص هيري إلى القول: "بقايا المتفجرات هذه تمثل عائقا أمام إعادة الإعمار وإيصال المساعدات الإنسانية وعودة النشاط الاقتصادي. فهذه المخلفات ستحد من قدرة أهل غزة على التنقل وتجعل أراض زراعية وبنى تحتية غير قابلة للاستخدام".

النص الأصلي بالفرنسية مارك ضو نقله إلى العربية بتصرف عمر التيس

المصدر: فرانس24

كلمات دلالية: الحرب بين حماس وإسرائيل الحرب في أوكرانيا الانتخابات الرئاسية الأمريكية ريبورتاج الإسرائيلي غزة حماس بنيامين نتانياهو الصراع الحرب بين حماس وإسرائيل غزة إسرائيل حماس للمزيد أسلحة النزاع الإسرائيلي الفلسطيني فلسطينيون القنابل العنقودية الحرب بين حماس وإسرائيل غزة شهر رمضان فلسطين الإمارات العربية المتحدة الجزائر مصر المغرب السعودية تونس العراق الأردن لبنان تركيا قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا التعنت الصهيوأمريكي؟ .. غزة هي مفتاح الحل

يمانيون../
في ظل تسارع التطورات التي تشهدها المنطقة والعالم، بفعل العدوان الصهيوأمريكي المُستمر على قطاع غزة، ومع اتساع رقعة النار إلى البحر الأحمر بما فيه العدوان الامريكي الهمجي على اليمن، وهو التصعيد الذي قد تكتوي بناره العديد من دول المنطقة، يبقى ايقاف العدوان على غزة هو الحل الوحيد للحيلولة دون اندلاع حرب إقليمية واسعة، قد تتسع لتصبح حرباً عالمية، وهذا ما يدعو إليه حكماء العالم، وترفضه أمريكا وكيان العدو الصهيوني؛ لانهما، على ما يبدو، خارج التوقيت الحضاري للإنسانية ويتخفون خلف أحلام تلمودية عقيمة.

ورغم اليقين الدولي بأن إيقاف العدوان على غزة هو “الوصفة الفورية” لإنهاء التوترات، فإن واشنطن و”تل أبيب” ترفضان الفكرة من أساسها، بحجة أنَّ وقف الحرب بغزة يصُب في مصلحة حركة المقاومة الإسلامية “حماس” كمبرر عقيم وشماعة صفراء في محاولة للهروب من المسؤولية، على الرغم من أن اتساع الحرب يمُثل تهديداً مباشراً لمصالح واشنطن وحلفائها؛ لكن على ما يبدو أن مشروع “اسرائيل الكبرى” يبقى هدفا صهيونيا وأمريكيا واضحا.

وفي هذا السياق، يمثل العدوان على اليمن تصعيدا أمريكيا خطيراً على أمن المنطقة علاوة أن هذا التصعيد سيفشل وستبقى شوكة اليمن أقوى من همجيته، لكن هذا التصعيد من شأنه أن يُعيد تعريف الصراع على أساس إقليمي، وهذا فعلا ما أصبح الحال عليه، فاليمن عازم على مواصلة حصار ملاحة العدو الصهيوني، واستهداف البحرية الأمريكية والبريطانية المساندة له، ولن يتخلى عن مساندته لأبناء فلسطين في قضيتهم العادلة مهما كان الثمن كموقف اسلامي انساني أخلاقي.

ورداً على التصعيد الأمريكي، جددت العديد من دول العالم، تأكيدها أن الحل الوحيد لإنهاء التوترات يتمثل في إيقاف العدوان على غزة، وانسحاب جيش العدو الصهيوني من القطاع بالكامل ومحاسبته على جرائمه، وهو ما ترفضه الولايات المتحدة وكيان العدو بشكل قاطع باعتبارهما مجرما حرب.

ودائمًا ما يكرر رئيس الوزراء الصهيوني مجرم الحرب، بنيامين نتنياهو، حديثه عن أهدافه من الحرب، والتي يلخصها بإطلاق سراح الأسرى وإجبار المقاومة على إلقاء سلاحها ونفي قادتها للخارج، وتهجير باقي سكان القطاع تنفيذا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؛ وهي أهداف تستهدف في حقيقتها القضاء على ما تبقى من المقاومة وتهجير ما تبقى من السكان وتمدد “اسرائيل الكبرى”؛ فكيف لمحتل بربري أن يطلب من أبناء الأرض إلقاء أسلحتهم وترك أرضهم والهجرة من بلدهم وتركها لقطعان من المجرمين المحتلين؟!

وتأكيداً على أن التوترات الإقليمية ليست في حقيقتها سوى امتداد للعدوان الصهيوني على قطاع غزة، يؤكد مراقبون أن حماية أمن البحر الأحمر تبدأ بحل أزمات المنطقة، وأولها القضية الفلسطينية وإزالة الاحتلال الصهيوني.. وأن الطريق إلى أمن البحر الأحمر يبدأ بوقف العدوان على غزة، وإلزام العدو الصهيوني بمبادئ القانون الدولي ومعاقبته على جرائمه ضد الإنسانية وحرب الإبادة الجماعية التي ينفذها بدعم أمريكي مطلق منذ أكثر من 17 شهرا على امتداد القطاع، علاوة على ما يمارسه من جرائم موازية في الضفة الغربية والقدس، وقبل كل ذلك انهاء الاحتلال؛ مالم فالمقاومة قادرة على اجباره على ترك الأرض والرحيل بعصاه.

مقالات مشابهة

  • حواجز الاحتلال بالضفة.. مصائد وتنكيل وإعاقة لحياة الفلسطينيين
  • وزير الحرب الإسرائيلي:ندفع باتجاه تهجير سكان غزة وفقا لرؤية ترامب
  • تزايد المخاطر التي تهدد الاقتصاد الإسرائيلي.. احتمالات حدوث أزمة مالية ورادة
  • «أبوظبي العالمي للصحة» يستكشف حلولاً فعالة لحياة مديدة
  • لماذا التعنت الصهيوأمريكي؟ .. غزة هي مفتاح الحل
  • ماكرون: غزة ليست مشروعا عقاريا
  • نتنياهو: هناك دول أخرى تريد استقبال سكان غزة
  • نتنياهو يتحدث عن دول تريد استقبال سكان غزة
  • وسائل إعلام: بوتين شكر لوكاشينكو على ضبط المتفجرات المتجهة إلى روسيا
  • تأكيد أردني مصري فرنسي على ضرورة وقف الحرب