المغاور في القلمون بريف دمشق … قصة حضارة تحكيها خبايا الصخور
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
ريف دمشق-سانا
توثق المغاور المنتشرة في منطقة القلمون ولا سيما مدينة يبرود بريف دمشق حقباً تاريخية متعددة ولعبت دوراً مهما في تاريخ الحضارة فكانت مسكناً للإنسان القديم وملاذاً آمناً للحيوانات في حقب أخرى، وحالياً باتت معالم سياحية مهمة ومواقع تاريخية لإجراء الأبحاث وتوثيقها وفق مدير آثار ريف دمشق جهاد أبو كحلة.
أبو كحلة وفي تصريح لمراسلة سانا أوضح أن الدراسات وأبحاث علماء الآثار أثبتت أن مغاور وملاجئ يبرود ومغارة قرنة غرة في صيدنايا توفرت فيها وفي محيطها جميع عوامل الحياة من ماء وغذاء مبيناً أنه في عصور أحدث استطاع الإنسان تطوير أدواته وتطويع بيئته بما يناسبه فقام ببناء البيوت وهجر المغاور لتصبح فقط مدافن للإنسان في العصور الكلاسيكية كما في معلولا ويبرود وعين الصاحب في حلبون وسوق وادي بردى وجبعدين.
وذكر أبو كحلة أن البعض الآخر من المغاور أصبح في العصر البيزنطي مكاناً للتعبد وملجأ للهروب من البطش الناتج عن سطوة أصحاب الدين القديم مع أصحاب الدين السماوي الجديد مثل مغارة القديسة تقلا في معلولا ومغاور صيدنايا ورأس المعرة ومغاور دربل وحينة الواقعة أسفل جبل الشيخ موضحاً أن بعض المغاور لها دلالات تاريخية من حيث التسمية لكنه بين أنه لا يوجد إثباتات علمية على هذا الكلام مثل مغارة موسى في بلودان التي تعد من أهم المعالم السياحية في منطقة الزبداني.
من جهته مرعي البرادعي الباحث في شؤون يبرود التراثية والتاريخية والثقافية أشار في تصريح مماثل إلى أن أغلب مغاور يبرود طبيعية وتتواجد في وديان اسكفتا وحرايا والمشكونه وقرينة وهي ذات ابواب واسعة وليست ذات عمق كبير وقد ظهرت بعد انحدار المياه عن هذه المنطقة التي كانت مغمورة منذ أكثر من مليون سنة لافتاً إلى أنه في العصر اليوناني تم حفر مجموعة
من القبور الملكية الجماعية لا تحمل اسماء تعرف بالوديان مثل مغارات عين كوشل ونبع الدبور في المشكونة والخيل في اسكفتا وهي عبارة عن تجويف كبير في سفح الجبل مثل التاج الصخري.
وأكد البرادعي أن أكبر المغاور في يبرود تنتشر في وادي اسكفتا لافتاً إلى أن الانسان القديم عاش في وادي المشكونة منذ 250 ألف عام حسب عالم الآثار والباحث الألماني الفريد روست، وفي وداي المشكونة عاش الانسان القديم حوالي 120 ألف عام وفق الباحث الالماني نيكولاس كونرد الذي أجرى دراسات عن انسان العصر الحجري في مغارة نبع الدبور قبل الأحداث وهو من سماها.
سفيرة إسماعيل
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
إقرأ أيضاً:
من العصر القديم إلى الحديث.. رمضان في الشعر العربي.. تجليات روحية وصور أدبية
يحتل شهر رمضان مكانة خاصة في وجدان المسلمين، حيث تتجلى فيه قيم العبادة، والتأمل، والتواصل الروحي، ولم يكن الشعراء بمنأى عن هذا التأثير، فقد تغنوا بجمال الشهر الكريم، ورصدوا أجواءه الروحانية وأثره في النفوس، معبرين عن معاني الصوم والطاعة والصفاء الروحي.
رمضان في الشعر العربي القديمفي العصر العباسي والأندلسي، أبدع الشعراء في وصف رمضان باعتباره شهر العبادة والتقوى. يقول أبو تمام في قصيدة مشهورة: (والصوم مروضة النفوس لفطْرها.. عن لذةِ الإثم الذي هو ملتذ).
ويرى أن الصوم يروض النفس، ويبعدها عن الذنوب والشهوات، ليكون وسيلة للتطهير والتقرب من الله.
أما الشاعر الأندلسي ابن العريف، فقد صور رمضان ببهجة خاصة، واعتبره موسماً للتوبة والمغفرة، حيث يقول: (وشهر الصوم منتصف تجلى
ينادي بالتقى في كل واد).
أما في الشعر الصوفي، فقد تميز رمضان بوصفه فرصة للوصول إلى الصفاء الروحي والانقطاع عن الدنيا للتركيز على الله، وكان جلال الدين الرومي وابن الفارض من أكثر الشعراء الذين مجدوا هذا الشهر بطريقة رمزية، حيث شبهوا الجوع بالصيام عن كل ما يشغل القلب عن الله، يقول ابن الفارض: (إن لم يكن فِي معادي آخِذِي بيدي.. فما صيامي وما صومي وما سنني)، ويعني هنا أن الصوم ليس مجرد الامتناع عن الطعام، بل هو تقرب روحي إلى الله، وتطهير للقلب والنفس.
رمضان في الشعر الحديثفي العصر الحديث، استمر الشعراء في الاحتفاء برمضان، ولكن بأساليب أكثر بساطة وأقرب إلى الحياة اليومية، فقد صور أحمد شوقي رمضان بكونه شهر الخير والرحمة، حيث يقول: (رمضان ولى هاتها يا ساقي.. مشتاقة تسعى إلى مشتاق)، ورغم أن البيت يتحدث عن انقضاء رمضان، إلا أنه يعكس اشتياق الناس لهذا الشهر بكل تفاصيله.
أما محمود حسن إسماعيل، فقد صوّر مشاهد رمضان في الريف المصري، حيث تحدث عن صوت المسحراتي، وعن تجمع الأسر حول موائد الإفطار في أجواء مليئة بالدفء.
ويظل رمضان ملهمًا للشعراء في كل العصور، حيث يجسد معاني الطهر والتأمل والتقرب من الله، وبينما ركز القدماء على الجوانب الروحانية والتعبدية، تناول المحدثون أجواءه الاجتماعية وتأثيره في الناس. ورغم اختلاف الأساليب، يبقى رمضان مصدر إلهام متجدد في الشعر العربي.