رغم حجم الألم.. غزة تقلب العالم رأسا على عقب
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
رغم الموت والجوع والعطش.. رغم الحصار والدمار.. رغم الوجع الصعب.. رغم الخذلان والصمت الرسمي العربي.. رغم المؤامرات التي حيكت بليل، لتُطبِق على أعناق الأطفال والأجنة، والنساء الوُلَّد.. رغم شلال الدماء الزكي الذي ينزف غزيرا في شوارع غزة وأزقتها.. رغم كل هذا المسلك الصهيوني الهمجي الذي يمارس الإبادة الجماعية لشعب فلسطين الصامد في قطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.
لقد قلبت غزة العالم رأسا على عقب، ومزقت قلب الكيان المحتل وبعثرت أحشاءه، وأوقعت فيه هزائم مادية ومعنوية أكبر مما يتخيل كثيرون.. الكيان المحتل يعاني اليوم من تشتت كبير وخلافات لا حصر لها؛ حتى باتت العداوة بين طوائفه وطبقاته ظاهرة للعيان في أكثر من صورة ومشهد.
على صعيد جيش الاحتلال ثمة هروب من الخدمة أو تهرب منها من قبل عدد لا بأس به من الجنود، وتذمر آخرين من الإرهاق الذي يصيبهم أثناء مواجهة المقاومين، والخوف الذي يسيطر عليهم جراء ذلك، ناهيك عن عدد القتلى والمصابين بإصابات خطيرة والتي تجاوزت الـ3000 إصابة، قلبت غزة العالم رأسا على عقب، ومزقت قلب الكيان المحتل وبعثرت أحشاءه، وأوقعت فيه هزائم مادية ومعنوية أكبر مما يتخيل كثيرون.. الكيان المحتل يعاني اليوم من تشتت كبير وخلافات لا حصر لهاوعشرات القتلى والمصابين من الضباط. وبلغ مجموع قتلاه حتى الآن نحو 600 قتيل، وهذا بعض ما يعترف به جيش الاحتلال، إلا أنه يخفي الأعداد الحقيقية لقتلاه ومصابيه في سبيل رفع الروح المعنوية للجنود، لكنّ كثيرين يتوقعون أن العدد أكبر بكثير، والقادم من الأيام سيكشف الحقائق.
وثمة خلافات بين القادة الميدانيين والقيادة المركزية، وذلك بسبب مجموعة الأخطاء التي يرتكبها القادة الميدانيون في العدوان على القطاع، ومن أبرزها قتل الأسرى الصهاينة في موقعتين تشكلان فضيحة كبرى تتعلق بفشل الجنود في تنفيذ العمليات القتالية، واستيعاب التعليمات، وذلك بسبب الخوف الذي يعتريهم عند مواجهة مقاتلي المقاومة. كذلك ثمة خلافات كبرى بين قيادات الجيش والطبقة السياسية، وعلى رأس هؤلاء نتنياهو الذي وصلت الأمور بينه وبين رئيس هيئة الأركان العامة وعضو مجلس الحرب بيني غانتس إلى ما يشبه القطيعة، على إثر رحلة الأخير إلى الولايات المتحدة، والتي ينهيها بزيارة بريطانيا، بدون موافقة نتنياهو. ولا تخفى مشكلات الأخير المتصاعدة مع وزير الأمن الداخلي يوآف غالانت، كذلك الخلافات الدائرة بين أعضاء حكومة نتنياهو و"كابينت الحرب"، والخلافات وتعالي الأصوات في الكنيست الذي يقف على فوهة بركان يكاد ينفجر.
ولا يسعني أن أمر بكل أوجه الخلافات بين أطراف القيادتين العسكرية والسياسية في الكيان، إلا أن الأخير يمر بحالة تخبط لم يشهدها من قبل، في ظل محاولات أمريكية لاستمالة السياسيين الصهاينة إلى خططها بمعزل عن نتنياهو الذي يحتكم إلى مصلحته الشخصية من جهة وإلى ضغوط اليمين المتطرف من جهة أخرى، بعيدا عن مصلحة الشعب اليهودي الذي يطالب جزء منه بوقف الحرب لاستعادة الأسرى، وجزء آخر يطالب بوقفها لوقف نزيف الدم الفلسطيني والصهيوني أو أحدهما.
أما على الصعيد الشعبي، فلا نود أن نكرر ما كنا قلناه سابقا عن النزوح الكبير لأعداد كبيرة من مستوطنات غلاف غزة وشمال فلسطين المحتلة، وما سبّبه هذا النزوح من مشكلات اقتصادية ونفسية وفوضى عارمة، وما سببه ذلك من اضطرابات سياسية واجتماعية في عقر الكيان؛ إلا أنه لا بد من الحديث عن مئات الآلاف الذين يتظاهرون بشكل شبه يومي من أقصى شمال فلسطين إلى أقصى جنوبها ضد حكومة نتنياهو وسياساتها؛ التي يرى المتظاهرون أنها لن تحقق أية مصلحة حقيقية لهم ولكيانهم المحتل، بل ستؤدي إلى مزيد من القتل والخوف وفقدان الأمل برجوع الأسرى سالمين.
وتزداد وتيرة العنف بين المتظاهرين وقوات الأمن من جهة، وبينهم وبين متظاهرين آخرين مؤيدين لسياسات نتنياهو، وخصوصا من اليمين المتشدد؛ ولم تتوقف التظاهرات أمام الكنيست، وأمام مقر إقامة نتنياهو، مطالبة بإسقاط الحكومة وإيقاف الحرب، وإنقاذ الأسرى.
لقد وصلت الاحتجاجات والتظاهرات أكثر من مرة إلى حد تصريح كبار الضباط في المؤسسة الأمنية بأنهم فقدوا السيطرة على الشارع، ووصل الأمر إلى تصريح أحد مسؤولي الأمن بالقول: "إن إسرائيل تنزف".. الشارع الصهيوني يغلي والحرب الأهلية ربما تنتظر خلف الأبواب المغلقة، وهو ما يقوله ساسة الكيان وليس نحن.
إلى ذلك فقد استطاعت غزة أن تقلب موازين السياسة الأمريكية، وتربكها، وتجعل البيت البيض في حالة تناقض وتخبط وعجز عن تقديم نفسه بشكل مقنع للجمهور الأمريكي الذي فقدت أعداد كبيرة منه الثقة ببايدن وحكومته التي لم تستطع إيقاف العدوان، ولم تتمكن من إقناع نتنياهو بأيّ من أطروحاتها حول مجريات الحرب ونهايتها، استطاعت غزة أن تثوّر مئات الملايين من البشر حول العالم على الكيان المحتل، أو عليه وعلى دولهم في آن معا، وأن تغير المعادلات التقليدية التي كانت تحكم المشهد العالمي في نظرته للقضية الفلسطينية؛ فقد أصبحت شعوب العالم التي كانت مخدرة بالإعلام الغربي المدعوم بإمبراطورية ميردوخ الإعلامية قادرة على وعي ما يجري في فلسطينحتى لكأنك تحس بأن بايدن رهين لإرادة نتنياهو، وليس العكس، مما دفع بايدن إلى التعامل مع أشخاص آخرين في حكومة نتنياهو ومجلس الحرب في محاولاته لزحزحة الأمور والخروج من هذه الحرب المدمرة التي هيجت الشعب الأمريكي عليه وعلى سياساته المنحازة، وفتحت عيونه على أمور ظلت خافية عليه لسنوات طويلة، مما جعل الولايات المتحدة أحد أكبر الخاسرين في هذه الحرب الهمجية.
ولا تخفى على أحد المشاهد اليومية التي تعصف ببايدن كلما اعتلى منصة ليتحدث للجماهير في الانتخابات التمهيدية؛ فيخرج له من يبهته ويصرخ في وجهه، فقد كان نتنياهو لعنة ناجزة على بايدن، وذات الأمر ينطبق على دول أخرى مثل كندا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا بدرجة أساسية، إضافة إلى بعض دول أوروبا.
واستكمالا لما تم ذكره؛ فقد استطاعت غزة أن تثوّر مئات الملايين من البشر حول العالم على الكيان المحتل، أو عليه وعلى دولهم في آن معا، وأن تغير المعادلات التقليدية التي كانت تحكم المشهد العالمي في نظرته للقضية الفلسطينية؛ فقد أصبحت شعوب العالم التي كانت مخدرة بالإعلام الغربي المدعوم بإمبراطورية ميردوخ الإعلامية قادرة على وعي ما يجري في فلسطين، بعد أن نجحت قناة الجزيرة وقنوات أخرى إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي في فضح جرائم الإبادة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في حق المدنيين بدون تمييز؛ فلا يمر يوم من دون أن نرى عشرات التظاهرات في الكثير من دول العالم، وخصوصا في أمريكا وأوروبا..
ولا يغيب عن المشهد تغير موقف كل من الصين وروسيا تجاه ما يحدث، فقد كانتا في السنوات الأخيرة تتعاملان مع القضية الفلسطينية بشيء من الحياد الواضح، إلا أنهما باتتا منحازتين للجانب الفلسطيني، وتطالبان بوقف الحرب، وتجرّمان الفيتو الأمريكي الذي يعفي الكيان من العقاب الأممي الذي طالما أوقعته أمريكا على دول أخرى طبقا لمصالحها..
الحكومات الغربية، ظلت تسمح بممارسة الحريات العامة وتدعو لممارستها إلى أن وصل الأمر لكشف عورة الكيان المحتل؛ لتتخلى عن ثوابتها ومقدساتها
كذلك فقد كشفت غزة عن كذب أنظمة الغرب في مسألة الحرية والديمقراطية، فهذه الحرية تطبق حيث المصالح السياسية، وتلجم حيث المصالح ذاتها. فالحكومات الغربية علمتها للأجيال في المناهج الدراسية، وأُشربوها كالماء، لكن هذه الحكومات لم تكن تتخيل أنه سيأتي اليوم الذي تتضرر فيها مصالحها ومصالح صنيعها، الكيان الصهيوني. واللافت هنا أن الحكومات الغربية، ظلت تسمح بممارسة الحريات العامة وتدعو لممارستها إلى أن وصل الأمر لكشف عورة الكيان المحتل؛ لتتخلى عن ثوابتها ومقدساتها للأسف.
وأخيرا فقد كشفت غزة عن الوجه القميء للأنظمة الرسمية العربية، وفضحت الخيانة والتواطؤ والارتهان والهشاشة والتفاهة التي لم تسلم دولة عربية منها جميعا أو من بعضها. وهو ما فتح عيون الشعوب على الحالة البائسة لحكام المنطقة العربية، فارتفعت وتيرة النقمة عليهم والرغبة في التخلص منهم، خصوصا أولئك الذين بدت خيانتهم وتواطؤهم ظاهرين للعيان بشكل سافر.
غزة أحدثت زلزالا أصاب كل بقعة على وجه الأرض، وهز كل ضمير حي في هذا العالم، لكن لم يهز ضمائر أبت إلا أن تظل راسفة في مستنقع الذل والعار من جيراننا وأبناء جلدتنا أو هكذا يفترض.. لكن كما قلبت غزة الطاولة على رؤوسهم، ستعيد ترتيب أوراقهم، ووضعها في المكان المناسب..
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة إسرائيل أوروبا إسرائيل امريكا غزة أوروبا تحولات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان المحتل التی کانت على دول إلا أن
إقرأ أيضاً:
نتنياهو يتوعد .. نستعد للمراحل المقبلة من الحرب
قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الاثنين، إن بلاده "تستعد للمراحل المقبلة من الحرب"، متوعدا بعدم التوقف إلا بعد تحقيق "كل أهداف النصر".
جاء ذلك في كلمة له أمام الجلسة العامة للكنيست (البرلمان)، التي انعقدت بعد توقيع 40 نائبا (من أصل 120) على استدعاء نتنياهو في جلسة لمناقشة تشكيل لجنة تحقيق رسمية في أحداث 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
وفي ذلك التاريخ، هاجمت فصائل فلسطينية بغزة عبر عملية سمتها "طوفان الأقصى"، 11 قاعدة عسكرية و22 مستوطنة بمحاذاة القطاع بغية "إنهاء الحصار الجائر على غزة (الذي استمر 18 عاما) وإفشال مخططات إسرائيل لتصفية القضية الفلسطينية وفرض سيادتها على المسجد الأقصى".
وقال نتنياهو في مستهل كلمته: "نستعد للمراحل المقبلة من حرب النهضة".
وأضاف: " في الصفقة الحالية، أعدنا 38 مختطفا كانوا محتجزين لدى حماس إلى إسرائيل، ولن نتوقف حتى نحقق كل أهداف النصر- إعادة كل مختطفينا، وتدمير قوة حماس، وضمان أن غزة لم تعد تشكل تهديدا لإسرائيل".
وتنصلت إسرائيل من اتفاق لوقف إطلاق النار بغزة وتبادل أسرى مع حركة "حماس" في 19 يناير/ كانون الثاني الماضي، برفضها الانتقال إلى مرحلته الثانية، بعد أن انتهت الأولى منتصف ليل السبت/ الأحد.
وارتكبت إسرائيل بدعم أمريكي بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة، خلّفت أكثر من 160 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.
** انتقادات المعارضة
وتباهى نتنياهو بالأسرى الذين أعادتهم إسرائيل ضمن الصفقات مع حركة حماس، قائلا: "البعض لم يصدق أننا سنعيد حتى واحدا".
وتابع: "تمكنا من استعادة 80 مختطفا في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023 بدلا من 50، وكان هناك استعداد لإرجاع 50، لكنني أصررت على 80 وتم إحضار 30 بسبب هذا الإصرار".
وخاطب نتنياهو نواب المعارضة بقوله: "ماذا يعاني أهالي المختطفين عندما يسمعون أكاذيبكم؟ أنتم بكل بساطة تسحقون أرواحهم".
ومضى بقوله: "في الصفقة الحالية، قمنا بإعادة 25 مختطفا إسرائيلياً على قيد الحياة، وهذا الرقم يزيد عن ضعف العدد الذي حددته حماس في المفاوضات (..) لكن بفضل إصراري وإصرار أصدقائي فقط، توصلنا إلى صفقة أفضل بكثير، وأنتم (المعارضة) لا تخبرون عائلات المختطفين وأولئك الذين تم إطلاق سراحهم بهذا".
وقاطع أعضاء كنيست من المعارضة كلمة نتنياهو في الجلسة العامة للكنيست.
وبعدما توجه نتنياهو في بداية كلمته إلى عائلات الأسرى الإسرائيليين، صاح عضو الكنيست جلعاد كريف من حزب العمل: "هذه عائلات ثكلى! أنت لا تعرف ذلك". ورد نتنياهو قائلاً: "أنا أعرف جيدًا ما هي العائلات الثكلى، عار عليكم".
** مقترح ويتكوف
وبشأن المفاوضات الأخيرة لبحث المراحل التالية لوقف إطلاق النار بغزة، قال نتنياهو: "قدمنا إلى (المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف) ويتكوف مبادئنا للمرحلة الثانية، والتي لا توافق عليها حماس".
وادعى أن ويتكوف "أشار إلى أن المسافة بين الطرفين في المرحلة الثانية كبيرة لدرجة لا يمكن سدها، وأن هذا من شأنه أن يؤدي إلى انفجار. لذا، بدلاً من الانفجار، اقترح (ويتكوف) وقف إطلاق النار خلال رمضان وعيد الفصح (12- 19 أبريل/ نيسان 2025) مقابل إعادة جميع المختطفين الـ 59 المتبقين في أيدي حماس- نحو 24 مختطفا على قيد الحياة وما لا يقل عن 35 جثة".
وتابع نتنياهو: "اقترح (ويتكوف) هذا لأنه أراد ضمان استمرار العملية وعدم الوصول إلى نقطة الانهيار. وبينما وافقنا على مخطط ويتكوف، رسخت حماس نفسها مرة أخرى في موقفها السلبي".
وزاعما أن حكومته لم تخرق الاتفاق مع حماس، أضاف: "نحن لم نخرق الاتفاق، وبحسب الاتفاق، وليس الاتفاق فقط، بل أيضا وثيقة جانبية صاغتها إدارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب، لدينا الحق في أي لحظة من اليوم الثاني والأربعين بالانسحاب من المفاوضات والعودة للقتال إذا كان لدينا انطباع بأن المفاوضات غير مجدية".
وأشار إلى أن ويتكوف "يقترح حاليا طريقة لإعادة جميع المختطفين، نصفهم في اليوم الأول والنصف الآخر في اليوم الأخير، إذا توصلنا إلى اتفاق".
** تجويع غزة
وعن وقف إسرائيل دخول المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، قال نتنياهو: "قررنا أمس الأول (السبت) وقف دخول البضائع والإمدادات إلى قطاع غزة".
وأردف أنه يقول لحماس إنها إذا لم تفرج عن الأسرى الإسرائيليين "فستكون العواقب لا يمكن تخيلها".
وتابع: "سلسلة إنجازاتنا العظيمة غيرت وجه الشرق الأوسط، والآن، بدعم من الرئيس ترامب، نستعد للمراحل التالية من المعركة".
ولأكثر من مرة اضطر نتنياهو إلى وقف خطابه مع صيحات نواب المعارضة، الذي قال لهم: "أنتم تقومون بالضغط علينا وليس على حماس وترددون دعاية حماس، أنتم تحرضون ضدنا طيلة الأوقات بأسوأ صورة ممكنة ما يضر بإمكانية إعادة المختطفين، أنتم لا تتوقفون عن بث الفرقة والتحريض".
وعند منتصف ليل السبت/الأحد، انتهت المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة رسميا والتي استغرقت 42 يوما، دون موافقة إسرائيل على الدخول في المرحلة الثانية وإنهاء الحرب.
ويريد نتنياهو تمديد المرحلة الأولى من صفقة التبادل للإفراج عن أكبر عدد ممكن من الأسرى الإسرائيليين في غزة، دون تقديم أي مقابل لذلك أو استكمال الاستحقاقات العسكرية والإنسانية المفروضة في الاتفاق خلال الفترة الماضية، وذلك إرضاء للمتطرفين في حكومته.
بينما ترفض حركة حماس ذلك، وتطالب بإلزام إسرائيل بما نص عليه اتفاق وقف إطلاق النار، وتدعو الوسطاء للبدء فورا بمفاوضات المرحلة الثانية بما تشمله من انسحاب إسرائيلي من القطاع ووقف الحرب بشكل كامل.
** تفجيرات "البيجر"
وخلال كلمته، تطرق نتنياهو إلى عملية تفجير أجهزة اتصالات لاسلكية من نوع "بيجر" كان يحملها عناصر من حزب الله اللبناني في سبتمبر/ أيلول الماضي.
وقال: "قبل أيام قليلة، تحدث (رئيس الموساد) ديفيد برنياع عن عملية البيجر. لقد ألحقت العملية ضرراً بالغا بحزب الله".
وزاد: "كان هناك من طالبني بعدم الموافقة على هذه العملية، ووصفوها بازدراء بأنها لعبة، حتى أن هناك من سربها إلى وسائل الإعلام لإحباط العملية، ولم يتم فتح تحقيق في هذا التسريب الخطير أيضا"، دون أن يوضح من قاموا بالتسريب.
وفي 17 سبتمبر 2024، فجرت إسرائيل أجهزة "بيجر" كان يحملها عناصر من حزب الله، وفي اليوم التالي فجرت أجهزة من نوع "آيكوم"، ما أسفر إجمالا عن مقتل 37 شخصا وإصابة 2931 بجروح في موجتي التفجيرات.
** تهجير الفلسطينيين
وتطرق نتنياهو إلى خطة تهجير الفلسطينيين من غزة والتي تحدث عنها مرارا الرئيس الأمريكي ترامب، فقال: "قدم ترامب رؤية مبتكرة وثورية بشأن الهجرة من غزة. أعتقد أنه يجب دعمها. نحن ندعمها بالكامل وستتيح مستقبلا مختلفا للمنطقة"، على حد زعمه.
وزعم نتنياهو أنه "في العام ونصف العام الماضيين، غادر عشرات الآلاف غزة، لقد دفعوا رشاوى للخروج، غادر الأغنياء لكن الفقراء بقوا"، مضيفا أنه "حان الوقت لإعطاء سكان غزة الخيار الحقيقي، حرية الاختيار".
ومنذ 25 يناير الماضي، يروج الرئيس الأمريكي ترامب لمخطط تهجير فلسطينيي غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو ما رفضه البلدان، وانضمت إليهما دول عربية أخرى، ومنظمات إقليمية ودولية.
وفيما يتعلق بإيران، قال نتنياهو: "أما بالنسبة لإيران، فإننا سنواصل العمل بكل حزم لمنعها من الحصول على سلاح نووي".
** مطالب التحقيق
وبشأن مطالب التحقيق في هجوم 7 أكتوبر، قال نتنياهو: "من المهم والضروري التحقيق بعمق في كل ما حصل في السابع من أكتوبر وما سبقه، ولكن هذا التحقيق يجب أن يحظى بثقة الشعب أو أغلبية الشعب".
وتابع: "لذلك نطالب بتشكيل لجنة تحقيق موضوعية ومتوازنة ومستقلة وغير منحازة سياسيا ولا تكتب نتائجها مسبقا ولا تكون من طيف واحد".
وأضاف: "الجمهور يُطالب بالحقيقة، ونحن نطالب بالحقيقة. نريد لجنة تحقق في كل شيء بلا استثناء وتفعل ذلك بطريقة غير متحيزة، وهذا ما سيحدث".
وختم نتنياهو بالقول: "سأستمر في المطالبة بلجنة تحقيق حقيقية ومتوازنة تصل إلى الحقيقة، وسأستمر في التمسك بالنصر المطلق".
ومنذ بداية حرب الإبادة بغزة، يرفض نتنياهو تشكيل لجنة تحقيق رسمية تعيّن من رئيس المحكمة العليا أعلى سلطة قضائية في إسرائيل، ويعرب عن استعداده بدلا من ذلك لتشكيل لجنة تحقيق حكومية.
واعتبر مسؤولون إسرائيليون هجوم 7 أكتوبر إخفاقا سياسيا وأمنيا وعسكريا واستخباريا، أجبر مسؤولين عسكريين واستخباراتيين على الاستقالة لفشلهم في توقعه ومواجهته