أكتب لأدفع الموت بعيدًا عني.. يوميات وزير فلسطيني في حرب غزة لقيت صدى عالميا (1)
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
ترجمة: محمد مستعد
مقدمة:
عند اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، كان الكاتب الروائي ووزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف (1) في زيارة مع ابنه ” ياسر” (15 عاما)، إلى القطاع الذي ولد وتربى فيه عاطف أبو سيف. جاء من رام الله في زيارة عمل ولتفقد عائلته، لكنه سيجد نفسه محاصرا مع ابنه. فقرر أن يكتب كل يوم طيلة 3 أشهر ليوثق بدقة عن ويلات هذه الحرب التي خلفت أزيد من 30 ألف قتيل فلسطيني نتيجة القصف الإسرائيلي.
هذه المقتطفات من اليوميات، التي تنشرها “اليوم 24″، نقلا عن جرائد فرنسية وإنجليزية، كانت لها أصداء عالمية. وستصدر قريبا في كتاب بعد أن استطاع عاطف أبو سيف أن يخرج مؤخرا من قطاع غزة.
السبت 7 أكتوبر: أول يوم في حرب غزة
لم أتخيل أبدًا أن الحرب ستندلع وأنا أسبح في بحر غزة. كان الوقت صباحا، استيقظت مبكرًا، حوالي الساعة 5 والنصف. قلت مع نفسي: ” هذا يوم جميل”. سأسبح في البحر حتى الساعة 7 والنصف صباحًا، ثم سأستحم في منزلي في حي “الصفطاوي” الموجود قرب “جباليا”، مخيم اللاجئين الذي ولدت فيه وأمضيت معظم حياتي. ركبنا في السيارة وسرنا إلى غاية الطرف الشمالي من الشاطئ ثم مشينا فوق الرمال التي كانت تخللها صدف البحر. كالعادة، كانت السفن الحربية الإسرائيلية تغلق الأفق أمامنا. لكن البحر كان يرحب بنا أيما ترحاب. وكان الشعور والإحساس بالماء لذيذا جدا.
وفجأة دوّت الانفجارات من كل الاتجاهات. في السماء، كانت الصواريخ ترسم مسارات من الدخان. اعتقدت “بدون شك أن الأمر يتعلق بتمارين عسكرية”. لكنني عندما عدت إلى الشاطئ، وجدت أن الجميع كانوا يركضون من المدينة في اتجاه الشاطئ. أخي محمد كان يقول لي: “علينا أن نغادر هذا المكان!”. صارت الإنفجارات أقوى وأقوى. ركضنا إلى السيارة بأقدام حافية، ونحن نمسك بأمتعتنا. كنت أقود سيارتي بجنون، وأطلق الكلاكسون من أجل إخلاء الطريق. لم يفهم أحد ما الذي يحدث. ولم أدرك سوى في منتصف النهار أن الأمر يختلف هذه المرة. ذهبت إلى “المركز الصحفي” في حي “الرمال” لأتحدث مع “بلال” مدير المركز. لم تكن لدينا أي فكرة إلى أين سيأخذنا كل ما يقع.
الاثنين 9 أكتوبر: اجتماع للحكومة الفلسطينية في رام الله
أصبحت مدينة غزة حقلا من الخراب ومن الحطام. عمارات جميلة صارت تنهار مثل أعمدة من الدخان. كان يوم الاثنين (2) هو موعد الاجتماع الأسبوعي للحكومة في الضفة الغربية والذي سينعقد على الساعة 10 صباحا. سأحضر الاجتماع بواسطة هاتفي عبر تطبيق “زووم”، لكن ضجيج الصواريخ التي تطلقها السفن الحربية الإسرائيلية كان يصم الآذان. جاءت أخبار تفيد بأن غارة جوية ضريت منطقة “الترانس” الموجود في قلب مدينة “جباليا” وخلفت 50 قتيلا. فاعتذرت للوزراء عن مواصلة الاجتماع، وعدت إلى المخيم. وجدت في الشوارع المئات من العائلات وهي تتجول تائهة لا تعرف إلى أين تذهب. وعندما وصلت إلى المخيم، أحسست بالرعب عندما رأيت أن كل شيء قد تعرض للتدمير. السوبر ماركت، مكتب صرف العملات، مطعم الفلافل، متاجر الفواكه، صالون العطور، متجر الحلويات، محل بيع الألعاب… كل شيء احترق. المشي على أنقاض البنايات تجربة مروعة. كل شيء كان مغطى بالدم: قطع من ألعاب الأطفال، معلبات، فواكه مسحوقة، زجاجات العطور المتفتتة. بدأت أسعل حتى كادت تنقطع أنفاسي وأنا وسط الغبار والدخان.
ابني “ياسر” سيبقى مقيما في منزل أجداده. وقد اعتدنا في السابق خلال فترات الحرب على أن ننام جميعا في أماكن متفرقة. بحيث إذا قُتل جزء من العائلة، يبقى جزء آخر على قيد الحياة.
عاطف أبو سيف كاتب روائي ووزير الثقافة الفلسطيني. يكتب بالعربية والإنجليزية، له كتب في العلوم السياسية، وروايات، منها رواية بعنوان “حياة معلقة”. وكتاب بعنوان ” الدرون يأكل معي” The Drone Eats with Me وهي يوميات كانت تحكي عن حرب 2014 الإسرائيلية على غزة. وصدرت آنذاك بمقدمة للكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي. عاطف أبو سيف هو عضو في الحكومة الفلسطينية في رام الله، علما بأن هناك حكومة موازية بقيادة حماس في قطاع غزة.
كلمات دلالية أكتوبر إسرائيل عاطف ابو سيف غزة فلسطين
المصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: أكتوبر إسرائيل عاطف ابو سيف غزة فلسطين
إقرأ أيضاً:
عاطف عبدالغني يحذر من "حرب الإنترنت": تدمر استقرار المجتمع (فيديو)
قال الكاتب الصحفي عاطف عبد الغني، إن مهمة بناء الوعي ومواجهة الشائعات من أهم وأخطر القضايا التي تفرضها المستجدات الداخلية والأزمات العالمية والإقليمية المتلاحقة، مؤكدا أن انعكاساتها خطيرة جدا على استقرار المجتمع.
وأضاف، خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، الأمر أكبر من مجرد نشر خبر كاذب، أو خبر به جزء من الحقيقة وآخر كاذب ومن ثم يعاد تدويرها مرة أخرى، فنحن الآن نعيش حرب الإنترنت والمعلومات أو ما يطلق عليها حروب الجيل الرابع.
الشائعات سُمٌ قاتل أيمن الجميل: الاقتصاد الوطنى قوى ومتنوع ولن تؤثر فيه حروب الشائعات أو حملات التشويه المغرضةولفت إلى أن هناك دولا تصنع الشائعات، مما يصعب من مهمة مواجهتها ويجعل أمرا في غاية التعقيد والصعوبة، لافتا إلى أن الشائعات لعبت دورا كبيرا في انطلاق شرارة ما أسماه “الخريف العربي”.