الجزيرة:
2024-12-26@15:37:42 GMT

كيف يبدو واقع المهن التراثية والتقليدية في سوريا؟

تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT

كيف يبدو واقع المهن التراثية والتقليدية في سوريا؟

 دمشق- لم تكن المهن التراثية والحرف التقليدية في سوريا محصّنة ضد تداعيات الحرب، ففي ظل الظروف الاقتصادية والأمنية الصعبة التي تشهدها البلاد منذ ما يربو على عقد، تعاني هذه المهن من تراجع غير مسبوق مرتبط بظروف الإنتاج والسوق، مما يجعلها اليوم مهددة بالاندثار.

وكشف رئيس اتحاد الحرفيين في محافظة اللاذقية جهاد برو، في تصريح حديث لصحيفة الوطن المحلية، عن تراجع إنتاج الحرف والمشغولات اليدوية بمختلف أنواعها بنسبة 50% ضمن المحافظة، معتبرا ارتفاع تكاليف مستلزمات الإنتاج وزيادة ضرائب الدخل أسبابا مباشرة لهذا التراجع.

من جهته، قال رئيس الجمعية الحرفية لصناعة الحلويات في دمشق بسام قلعجي، في تصريح لصحيفة غلوبال المحلية الشهر الماضي، إن أكثر من نصف الحرفيين الحلوانيين توقفوا عن الإنتاج وتحولوا إلى العمل بمهن أخرى بسبب انخفاض الطلب وعدم كفاية الأرباح.

تصريحات متعاقبة تكشف واقع الحرف التراثية والتقليدية السورية التي باتت تئنّ تحت وطأة التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه البلاد.

الحرف التراثية والتقليدية السورية باتت تئنّ تحت وطأة التدهور الاقتصادي الذي تعاني منه سوريا (الجزيرة)

هذا الوضع دفع آلاف الحرفيين إلى إغلاق ورشهم ومحالهم والتحول لأعمال أخرى، أو الهجرة ونقل أعمالهم إلى خارج البلاد، وسط تهديد فعلي باندثار العديد من المهن التراثية والحرف اليدوية التقليدية التي تشكّل قطاعات حيوية من القطاعات الاقتصادية في البلاد وجزءا لا يتجزأ من هويته الحضارية.

فما أبرز أسباب هذا التراجع؟ وكيف ينعكس على الحياة الاقتصادية في البلاد؟

غياب الدعم والمنافسة غير المتكافئة

يقول أنطون (42 عاما)، وهو حرفي دمشقي ومالك سابق لورشة صناعة موزاييك في ريف دمشق، إن كفاحه لسنوات للإبقاء على ورشته مشرعة الأبواب تنتج وتبيع ما يكفي لدفع أجور العاملين فيها لم يكن مجديا.

ويضيف في حديث للجزيرة نت: "حاولت جاهدا الحفاظ على الورشة والعاملين فيها لأطول فترة ممكنة، لكن الغلاء المستمر في أسعار الخشب (المحلي والمستورد) بصورة غير موائمة، والانقطاع الطويل للتيار الكهربائي (16_18 ساعة يوميا)، وانخفاض الطلب على الموزاييك في السوق المحلية والخارجية، كلها عوامل أجبرتني على تسريح العاملين، ولاحقا إلى إغلاق الورشة بعد انقضاء أشهر لم أستلم خلالها سوى طلبيتين".

وبالإضافة إلى تلك العوامل، يرجع أنطون سبب انخفاض الطلب على الموزاييك "الأصلي" وغيرها من المشغولات اليدوية والمصنوعات التراثية (نحاسيات، دمشقيات، أنتيكا، منسوجات) إلى:

واقع السوق في الوقت الراهن في ظل غياب السياح. تراجع الطلب الخارجي على السلعة نتيجة انقطاع العلاقات التجارية مع الأسواق الخارجية. هجرة الوسطاء والتجار وبالتالي انخفاض التصدير. منافسة غير متكافئة. تراجع الطلب الخارجي على السلعة أثر في الحرف التراثية والتقليدية السورية (الجزيرة)

ومع تحوّل المنتجات التراثية إلى سلع "أكثر من كمالية" بالنسبة إلى السوريين الذين يعانون من ضعف القدرة الشرائية (متوسط الرواتب الشهرية نحو 20 دولارا)، وغياب الدعم للحرفيين والتوعية بأهمية وأصالة هذه المنتجات من قبل الاتحادات الحرفية والجهات الحكومية، يواجه حرفيو سوريا تحديات كبرى للاستمرار في حرفهم.

وبالرغم من عدم توفر أرقام دقيقة حول أعداد الحرفيين الذين دفعتهم  ظروف العمل إلى الهجرة خارج البلاد، إلا إن رئيس اتحاد حرفيي دمشق علي قرمشتي كشف، في حوار مع موقع كليك نيوز الإخباري المحلي، العام الماضي، أن نسبة الحرفيين الدمشقيين المهاجرين أصبحت مرتفعة جدا لا سيما من شريحة الشباب.

سياسات اقتصادية واجتماعية طاردة

وإلى جانب العوامل الاقتصادية المباشرة التي أدّت إلى تراجع الحرف التراثية خلال الأعوام القليلة الماضية متمثلة بارتفاع أسعار المواد الأولية، وسوء الواقع الخدمي، وتراجع حركة البيع والشراء، كانت هناك عوامل غير مباشرة أضرت بهذه الحرف.

ويرى الخبير الاقتصادي السوري يونس كريّم أن أزمة الحرفيين بدأت منذ عام 2008 بعد تعرضها لضغوطات كبيرة بحكم تغيّر التوجه الاقتصادي العام في البلاد.

واقع عمل الحرف التراثية بعد عام 2011 أصبح أعقد وأصعب (الجزيرة)

ويقول كريّم في حديث للجزيرة نت: "منذ عام 2008 وضعت السلطات يدها على أماكن انتشار هذه الصناعات نظرا لأهمية موقعها الجغرافي، والعمل على تغيير معالمها لصالح مستثمرين أثرياء، أو تقديمها كهبات للدول التي تسعى دمشق إلى إقامة علاقات ثنائية معها"

ووفق الخبير فإن واقع عمل الحرف التراثية بعد عام 2011 أصبح أعقد وأصعب مع "استمرار اعتماد النظام سياسات اقتصادية واجتماعية تضيّق على أصحاب هذه الحرف، وتستبعد عنهم الدعم، وتستملك أماكن انتشارهم، إلى جانب توقّف المعارض وصعوبة المشاركة بفعاليات خارجية بسبب المواقف السياسية للنظام.

ويوضح كريّم أن التفكك الأسري والاجتماعي الذي يعاني منه السوريون نتيجة الهجرة الواسعة النطاق خلال العقد الأخير، كانت سببا مضافا من أسباب تراجع هذه الحرف التي "اعتمدت على التوريث بين أجيال العائلة الواحدة كتقليد اتبعه الحرفيون السوريون منذ زمن بعيد".

من الكيلو إلى القطعة والقطعتين

يبدو أن بعض المهن والحرف التقليدية في خندق واحد مع الحرف التراثية في حربها ضد الاندثار، حيث يعاني أصحاب حرف تقليدية عديدة لا تقلّ أصالة عن تلك التراثية، ولا سيما الحلوانيين من ارتفاع تكاليف المواد الأولية الداخلة في الإنتاج، وارتفاع تكاليف حوامل الطاقة، والخسارات المتتابعة على خلفية عزوف المواطنين عن شراء الحلويات العربية الفاخرة المرتفعة الثمن.

أكثر من نصف الحرفيين الحلوانيين توقفوا عن الإنتاج وتحولوا إلى العمل بمهن أخرى (الجزيرة)

يقول صهيب (55 عاما)- صاحب محل حلويات في منطقة الجزماتية في دمشق، للجزيرة نت: "تنقضي أيام دون أن نبيع ما مجموعه كيلو من مختلف الأصناف، ومنذ سنتين أصبح كساد البضائع في المحل ظاهرة مألوفة لنا، ولولا مواسم الأعياد، وبعض المناسبات والأفراح التي تقام هنا وهناك، لكنا أغلقنا منذ أمد بعيد".

ويضيف الحلواني الدمشقي في حديث للجزيرة نت: "انخفضت أرباحنا، وأرباح معظم محال الحلوانيين في دمشق بنسبة كبيرة منذ بداية الأزمة الاقتصادية في البلاد".

ويشير الحلواني إلى أن سعر الكيلو من بعض أصناف الحلويات العربية قد تجاوز الـ400 ألف ليرة مؤخرا، مضيفا: "وهو ما لا قدرة للسوريين على شرائه، ولذلك أصبحنا نتبع أساليب بيع نعتمد فيها على الكميات القليلة، فنبيع البقلاوة والبلورية والمشكَّل والآسية والمبرومة وغيرها من الأصناف بالأوقية والحبة (القطعة) والحبتين للحفاظ على حركة البيع، وعدم انقطاع الزبائن عن محلنا".

وعن أسباب توقف حلوانيين في دمشق عن العمل وهجرة كثيرين منهم إلى خارج البلاد، يقول الحلواني الخمسيني: "إن الأسباب كثيرة تبدأ من الضرائب السنوية الكبيرة غير المنسجمة مع تكاليف التشغيل المرتفعة والأرباح المنخفضة، ويضاف إليها الارتفاع الكبير في أسعار الكهرباء التجارية والمحروقات اللازمة لتشغيل المحال والمعامل، والزيادة الهائلة بأسعار المواد الأولية، وارتفاع أجور العمال، وعزوف الزبائن عن شراء هذه الحلويات إلا بالمناسبات".

الاندثار التدريجي للحرف التقليدية شكل ضربة موجعة للاقتصاد السوري (الجزيرة) ارتفاع الأسعار

وارتفعت أسعار المواد الغذائية والمكسرات وغيرها من مكوّنات الحلويات العربية بنسب متفاوتة في الآونة الأخيرة، حيث بلغ سعر كيلو السمن الحيواني 150 ألف ليرة ( دولار يعادل نحو 2511 ليرة)، بينما ارتفع سعر كيلو الفستق الحلبي الحب إلى 300 ألف، وسعر كيلو الجوز إلى 120 ألفا.

وسجلت أسعار الحلويات الشعبية كالبرازق والمعمول في أسواق دمشق، بحلول رمضان الفضيل، أسعارا تتراوح بين 100 و130 ألف ليرة للكيلو الواحد، في حين تراوحت أسعار الحلويات المتوسطة والفاخرة من قبيل "البلورية" و"المشكّل و"كول وشكور" و"عش البلبل" و"البقلاوة"  بين 250 و500 ألف للكيلو الواحد وهو ما يعادل راتب موظف سوري في القطاع العام.

وأرجع رئيس الجمعية الحرفية لصناعة الحلويات بسام قلعجي، هذا الارتفاع بأسعار الحلويات إلى رفع الحكومة الدعم عن المشتقات النفطية، مما أدى إلى ارتفاع التكاليف مباشرة بنسبة 150%، مشيرا إلى أن رفع سعر الكهرباء بنسبة 5 أضعاف سيؤدي إلى زيادة سعر نحو 650 منتجا.

وأكد قلعجي، عبر تصريح لصحيفة الوطن المحلية الشهر الماضي، أن العدد الأكبر من الحرفيين الحلوانيين هاجروا، وكانت وجهتهم الأولى هي الجزائر وتتبعها ألمانيا.

وكان قد كشف رئيس الجمعية الحرفية لصناعة الحلويات، في مارس/آذار من العام الماضي، عن إغلاق 70% من ورش صناعة الحلويات متأثرة بالأزمة الاقتصادية وضعف الإقبال على شراء الحلويات والمرطبات.

ضربة موجعة للاقتصاد

ويشكّل هذا الاندثار التدريجي للحرف التقليدية ضربة موجعة للاقتصاد السوري، ويقول الخبير الاقتصادي يونس كريم " لقد شكلت هذه الحرف على مر عقود أكبر حاضنة للعمالة السورية، وكانت نسبة مساهمتها في الاقتصاد قبل عام 2011 تتراوح بين 40 إلى 50%".

وهو ما يذهب إليه الباحث ووزير النفط السوري الأسبق مطانيوس حبيب، في ورقة بحثية بعنوان "القطاع الخاص في سوريا" (2005)، عندما يشير إلى أن القطاع الصناعي الخاص في سوريا اتجه للاستثمار بالمهن الحرفية خوفا من سياسات التأميم سواء في عهد الوحدة السورية-المصرية (1958- 1961)، أو بعد ثورة الثامن من مارس/آذار (1967) مما جعل الاستثمار بالحرف سمة أساسية من سمات القطاع الخاص في سوريا.

شكلت الحرف اليدوية السورية مساهمة بنسبة تتراوح بين 40 إلى 50% في الاقتصاد السوري قبل عام 2011 (الجزيرة)

بينما يؤكد كريم على أن أزمة العاملين في الحرف التقليدية من حلوانيين وغيرهم تعود إلى ما قبل عام 2011، وتحديدا إلى الفترة الممتدة بين عامي 2007 و2009 حيث كانت هناك "محاولة من قبل النظام للضغط على أصحاب المهن التراثية والحرف التقليدية عبر إجبارهم على دفع الضرائب، وإبعادهم عن مراكز المدن لصالح المستثمرين الكبار".

ويعتقد يونس كريم أن اندثار هذه الحرف تدريجيا سيكون له آثار سلبية على الاقتصاد السوري لدورها في "توفير فرص عمل تفوق تلك التي توفرها المعامل الكبيرة ولتميزها بسهولة التشغيل والإنجاز، والقدرة على الانتشار.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان حريات

إقرأ أيضاً:

WSJ: هذه هي التحديات التي تواجه حكام سوريا الجدد

قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن سيل الزوار الدبلوماسيين العرب والغربيين لحكام سوريا الجدد هو لغاية واحدة هي معرفة كيف يخطط أحمد الشرع لحكم الدولة التي مزقتها الحرب والتي يبلغ عدد سكانها 23 مليون نسمة؟

وتضيف الصحيفة، بحسب تقرير لمراسلها في الشرق الأوسط جاريد مالسين، أن الشرع وزعماء هيئة تحرير الشام بالإضافة إلى جماعات الفصائل المتحالفة، يواجهون قرارات تفتح الباب لإعادة البناء السلمي بعد أكثر من عقد من الحرب الأهلية أو جولات جديدة من القتال الطائفي الذي غذته تدخلات القوى الخارجية.

التحدي الفوري الذي يواجه الشرع هو الحفاظ على النظام والخدمات الحكومية. كانت مجموعته، هيئة تحرير الشام، تدير مدينة واحدة في جيب يسيطر عليه المتمردون ويسكنه خمسة ملايين شخص. إن حكم البلاد بأكملها مهمة شاقة.



وصف عضو مكتب الشؤون السياسية في هيئة تحرير الشام محمد خالد في إحاطة مع الصحفيين قائمة المهام التي يتعين على المجموعة القيام بها: دمج الجماعات المسلحة في جيش وطني، وإعادة اللاجئين السوريين، وكتابة دستور وتشغيل الوزارات الحكومية.

قال خالد إنه والشرع يتصوران انتقالا لمدة عام لوضع الإطار للحكومة الجديدة. وقالا إنه سيتم مناقشة القضايا الاجتماعية الساخنة مثل قواعد لباس المرأة، ومعاملة المثليين جنسيا واستهلاك الكحول، وسيتعين على الانتخابات الانتظار.

على نطاق أوسع، سيشكل مسار سوريا نفوذ روسيا، التي لديها قواعد عسكرية في البلاد تعمل كموطئ قدم لها في الشرق الأوسط، وإيران، التي أرسلت قوات ميليشيا لدعم نظام الأسد واستخدمت سوريا منذ فترة طويلة كساحة لممارسة النفوذ الإقليمي.

لا تزال الميليشيات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة تسيطر على نحو ثلث الأراضي السورية في الشمال الشرقي، لكنها تتعرض لضغوط متزايدة من تركيا، التي تتحالف إلى حد كبير مع الحكومة الجديدة.

في الجنوب، أرسلت "إسرائيل" قوات إلى منطقة عازلة بالقرب من مرتفعات الجولان واستولت على أرض مرتفعة تتحكم في الاقتراب من دمشق. سعى الشرع إلى تجنب الاحتكاك مع "إسرائيل"، حتى بعد الغارات الجوية الإسرائيلية الكثيفة.

قالت باربرا ليف، مساعدة وزير الخارجية الأمريكي التي التقت بالشرع، الجمعة، إنها سمعت "بعض التصريحات البراغماتية والمعتدلة للغاية حول قضايا مختلفة من حقوق المرأة إلى حماية الحقوق المتساوية لجميع المجتمعات".

قالت ليف: "كان أول لقاء جيد. سنحكم على الأفعال، وليس فقط بالأقوال".

تقول دارين خليفة، المستشارة البارزة في مجموعة الأزمات الدولية التي أجرت مقابلات مع الشرع عدة مرات: "في نهاية المطاف، هم براغماتيون، ومفيدون، وسياسيون، ولا يمكن مقارنتهم بالنظام من حيث سياساتهم. ولكنهم إسلاميون محافظون."

ويجادل بعض المسؤولين والمحللين الغربيين بضرورة إزالة تصنيف الولايات المتحدة للجماعة كمنظمة إرهابية. وقال روبرت فورد، السفير الأمريكي السابق في سوريا الذي دفع في البداية لإضافة جماعة الشرع إلى قائمة الإرهاب، إن الجماعة ربما لم تعد مستحقة لذلك التصنيف.

وقال: "بناء على ما يفعلونه الآن، سيكون من الصعب كتابة مبرر لوضعهم على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، مشيرا إلى أن مقاتلي الجماعة قاتلوا وماتوا في معركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية وسمحوا لسنوات لجمعية خيرية طبية مقرها الولايات المتحدة بإدارة مستشفى في إدلب".

وقال فورد: "لا أعتقد أن لديهم خطة مفصلة بعد. أعتقد أنهم، جزئيا، يرتجلون الأمر على الطريق".

اكتسب الشرع شعبية مع النجاحات العسكرية ضد نظام الأسد والخدمات الاجتماعية التي تقدمها مجموعته، وفقا لأرون زيلين، محلل أمني في معهد واشنطن لشؤون الشرق الأدنى.



عندما أعلن البغدادي إنشاء الدولة الإسلامية في عام 2013، انشق الشرع وجدد ولاءه لتنظيم القاعدة. وقد ضمن له زعيم القاعدة أيمن الظواهري الاستقلال. ووصف الشرع لاحقا الأمر بأنه زواج مصلحة.

قطع الشرع علاقاته مع القاعدة في عام 2016 وشرع في التوحد مع الجماعات المسلحة الأخرى. وضع جانبا الجهاد العابر للحدود الوطنية الذي دعا إليه تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية وقال إن هدفه كان الإطاحة بنظام الأسد وتخليص سوريا من النفوذ الروسي والإيراني والسماح بعودة النازحين السوريين.

خلال عقد الحرب الذي أعقب ثورة سوريا عام 2011، دفع نظام الأسد بدعم من القوة الجوية الروسية والمقاتلين المتحالفين مع إيران هيئة تحرير الشام والمتمردين الآخرين إلى جيب جبلي في شمال غرب سوريا يتركز حول مدينة إدلب.

كانت إدلب تُعرف بأنها واحدة من أكثر مدن البلاد محافظة قبل الحرب وتضخمت بتدفق ما يقدر بنحو مليوني شخص نزحوا بسبب الحرب من أجزاء أخرى من سوريا. أصبحت المدينة دويلة يديرها المتمردون وتحكمها الشريعة الإسلامية. كانت جميع النساء تقريبا يرتدين الحجاب، ولم تسمح هيئة تحرير الشام بأي معارضة لحكمها.

وقد شكلت الجماعة المعارضة حكومة يقودها إسلاميون وتضم محاكم ونظاما مدرسيا في إدلب، وأطلقت حملة للقضاء على تنظيم الدولة الإسلامية وفتحت المنطقة أمام المنظمات غير الحكومية الأجنبية. وعلى مدى سنوات، حاولت هيئة تحرير الشام أن تنأى بنفسها عن حلفائها السابقين في عالم التطرف العنيف وحظرت الهجمات في الخارج.

ويقول الشرع ومساعدوه، الذين يتولون المسؤولية الآن، إنهم بحاجة إلى احترام تنوع سوريا.

وقال خالد، مسؤول مكتب الشؤون السياسية، الأسبوع الماضي: "الناس لديهم ثقافات مختلفة". وفي الوقت نفسه، قال: "هوية سوريا سورية، ومعظم سكانها مسلمون".

بعد فرار الأسد من دمشق في الثامن من كانون الأول/ ديسمبر، نقلت حركة الشرع وهيئة تحرير الشام الكثير من إدارتها من إدلب. وقال الشرع للصحفيين: "لقد أحضرت معي مؤسسات كاملة"، بما في ذلك القوات المسلحة والوزراء والمخططات لنظام التعليم.

وبعد فرار أجهزة الأمن التابعة للأسد، وصلت سيارات الشرطة التي تحمل شعار حكومة الإنقاذ التي يقودها الإسلاميون. واستولى مقاتلو هيئة تحرير الشام مرتدين ملابس قتالية وبنادقهم الهجومية على أكتافهم، على القصر الرئاسي والمباني العسكرية والاستخباراتية.

وقال أبو رضا خالد، وهو عضو في القوات الخاصة يبلغ من العمر 21 عاما أثناء سيره في المسجد الأموي في دمشق: "الهدف الرئيسي هو الأمن، من أجل السماح بتشكيل الحكومة الجديدة والشرطة".

أعادت الحكومة الجديدة فتح المدارس وأعادت الموظفين الحكوميين إلى العمل. وهي تسيطر على التلفزيون الحكومي ووكالة الأنباء التي تسيطر عليها الدولة. وقال مسؤولون في هيئة تحرير الشام إنه على الرغم من أن القادة الجدد قاموا بتفكيك الأجهزة العسكرية والأمنية للنظام، إلا أنهم قرروا الحفاظ على العديد من مؤسسات الدولة.

وقال خالد: "لم يكن لدينا خيار. إنهم يفهمون أسرار الدولة". وعندما شكلت هيئة تحرير الشام حكومة جديدة، نقلت المجموعة رئيس الوزراء من حكومة الإنقاذ التي تتخذ من إدلب مقرا لها.

يتفق المسؤولون الغربيون على نطاق واسع على أن القادة الجدد في سوريا أظهروا إتقانا للتفاصيل التكنوقراطية لإدارة المسؤوليات الوطنية مثل توليد الطاقة واحتياطيات العملة. وقال أحد الدبلوماسيين الأوروبيين، الذي تحدث مع الشرع هذا الشهر، إنه يتوقع أخطاء من الحكومة الجديدة. وقال الدبلوماسي إن السؤال بالنسبة للغرب هو أي الأخطاء يجب التسامح معها.

وقال العديد من السوريين في المنفى إنهم يخططون للعودة إلى ديارهم، بما في ذلك أولئك الذين يأملون في بدء أعمال تجارية أو جمعيات خيرية أو مؤسسات إعلامية. وقال كثيرون في دمشق إنهم غير مبالين بهيئة تحرير الشام لكنهم يتمتعون بحرية التعبير الجديدة.

لقد أغلق نظام الأسد منذ فترة طويلة ساحة المسجد الأموي ذات الحجارة البيضاء التي يعود تاريخها إلى القرن الثامن، والتي تقع في وسط دمشق. لقد كانت مصدر فخر وطني للسوريين، ووجهة سياحية قبل الحرب الأهلية ورمزا عاطفيا لملايين المسلمين في جميع أنحاء العالم.

في منتصف كانون الأول/ ديسمبر، فتح المتمردون الساحة، ودخلت حشود من الناس إلى المجمع. ولوح العديد منهم بأعلام الثورة السورية الخضراء والبيضاء والسوداء التي تم خياطتها حديثا، والتي كانت محظورة في ظل نظام الأسد. وفي الساحة، وقف المقاتلون المتمردون والسكان على حد سواء لالتقاط الصور.

قالت زويا عبد الله، وهي طالبة اقتصاد تبلغ من العمر 22 عاما في جامعة دمشق: "الآن يمكنني أن أفعل شيئا لمساعدة البلاد. من قبل، لم أكن أستطيع ذلك. نشعر بمزيد من الاسترخاء الآن".

لقد نجح الشرع ومجموعته كمحررين ولكنهم لم يثبتوا أنفسهم بعد كقادة. بعد فترة وجيزة من تغيير أيدي البلاد، تجمع مئات الأشخاص في ساحة بدمشق وهم يهتفون "العلمانية" و"لا للحكم الديني".

جاء الاحتجاج بعد أن صرح المتحدث باسم الحكومة الجديدة، عبيدة أرنوت، لقناة إخبارية لبنانية أن النساء "بطبيعتهن البيولوجية والنفسية" غير مناسبات "لجميع الأدوار داخل الدولة، مثل وزارة الدفاع".

وقفت غزل بكري، 23 عاما، من مدينة السويداء، في الساحة وهي تحمل لافتة عليها أسماء ناشطات سوريات بارزات.



وقالت بكري: "لا نريد أن تذهب السنوات الـ13 الماضية سدى. نطالب بفصل الدولة عن الدين".

وفي لقاء مع صحافيين أجانب، سُئل خالد عن كيفية تعامل حكومته مع القضايا الاجتماعية مثل حقوق المثليين جنسيا وبيع الكحول في الحانات.

قال خالد: "الأمر مفتوح للنقاش. ستكون هناك لجان، وسيكون هناك دستور، وكل هذا سيقرره القانون".

وقال إن هذا الانتقال سيستغرق بعض الوقت مع كتابة القوانين والدستور. وأضاف أنه حتى ذلك الحين لن تكون هناك انتخابات.

مقالات مشابهة

  • دمشق تحت الضوء... زيارات دبلوماسية متسارعة تفتح آفاق مرحلة جديدة لسوريا
  • سوريا.. انتقال سياسي في واقع جديد
  • سوريا.. ضبابية المشهد طاغية ومخيم الهول أحد الأسباب الـ 7 التي تستدعي القلق
  • سوريا.. ضبابية المشهد طاغية ومخيم الهول أحد الأسباب الـ 7 التي تستدعي القلق - عاجل
  • مسيحيو سوريا يحتفلون بالكريسماس تحت حماية أمنية مشددة بعد سقوط الأسد
  • WSJ: هذه هي التحديات التي تواجه حكام سوريا الجدد
  • تقرير يكشف واقع اليهود المتبقين في سوريا.. كم عددهم؟
  • أعياد الميلاد في سوريا.. فرح وأمل بمستقبل أفضل بعد سقوط النظام (شاهد)
  • أعياد الميلاد في سوريا.. فرح يشوبه الأمل بمستقبل أفضل بعد سقوط النظام (شاهد)
  • بعد سقوط نظام الأسد.. سوريون يحدوهم الأمل بغدٍ أفضل