قانون الجنسية الهندي.. لماذا يخيف المسلمين؟
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
شرعت الهند، الاثنين، في تطبيق قانون معدل للمواطنة اعتبره مسلمون وجماعات حقوقية يشكل "تمييزا" بحق الأقلية المسلمة التي تزايدت مخاوفها في ظل حكومة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، القومية الهندوسية.
وبعد مرور أكثر من أربع سنوات على إقرار البرلمان لقانون المواطنة المعدل، لعام 2019، نشرت وزارة الداخلية، الاثنين، قواعد تنفيذ القانون.
وفي ديسمبر 2019، أقر البرلمان تعديلا على قانون الجنسية لعام 1955، ليشمل بندا يمنح الجنسية الهندية للهندوس والبارسيين والسيخ والبوذيين والجاينيين والمسيحيين الذين فروا إلى الهند، ذات الأغلبية الهندوسية، بسبب الاضطهاد الديني في أفغانستان وبنغلادش وباكستان، ذات الأغلبية المسلمة، قبل 31 ديسمبر 2014.
ويعني ذلك أن القانون يستثني المسلمين، الذين هم الأغلبية في الدول الثلاث.
وفي جوهره، يوضح موقع "إنديا إكسبريس" إن القانون خفف من معايير الأهلية للحصول على الجنسية لفئات معينة من المهاجرين (على أسس دينية) من الدول المجاورة الثلاث.
وتحدد القواعد التي تم الإبلاغ عنها في الجريدة الإلكترونية الإجراءات التي ينبغي اتباعها للأفراد المؤهلين للتقدم بطلبات للحصول على الجنسية الهندية، من بينها اختبار ديني.
وقالت الحكومة الهندية إن الأشخاص المؤهلين يمكنهم التقدم بطلب للحصول على الجنسية من خلال بوابة إلكترونية.
موقف الحكومةوكان تنفيذ القانون أحد الوعود الانتخابية الرئيسية لحزب بهاراتيا جاناتا الحاكم، الذي يتزعمه مودي، قبل أسابيع من الانتخابات العامة التي يسعى من خلالها للفوز بولاية ثالثة.
ورفضت حكومة مودي فكرة أن القانون "تمييزي" ودافعت عنه باعتباره لفتة إنسانية، وقالت إن هدفه فقط منح الجنسية للأقليات الدينية الفارة من الاضطهاد ولن يستخدم ضد المواطنين الهنود.
وقال متحدث باسم مكتب رئيس الوزراء: "لقد كان القانون جزءا لا يتجزأ من البرنامج الانتخابي لحزب بهاراتيا جاناتا لعام 2019. وهذا سيمهد الطريق أمام المضطهدين للحصول على الجنسية في الهند".
وقالت وزارة الداخلية في بيان إن التعديل سيزيل العوائق القانونية أمام اللاجئين الراغبين في الحصول على الجنسية، مما يمنح "حياة كريمة" لأولئك الذين يعانون منذ عقود.
ماذا قال المنتقدون؟في المقابل، يقول المنتقدون إن القانون دليل آخر على أن حكومة مودي تحاول إعادة تشكيل البلاد لتكون دولة هندوسية وتهميش ملايين المسلمين الذين يعيشون هناك.
وتقول جماعات إسلامية وأخرى حقوقية إن القانون، إلى جانب نظام مقترح لتسجيل المواطنة، يمكن أن يشكل تمييزا ضد مسلمي الهند.
ويعيش في الهند 200 مليون مسلم يشكلون أقلية كبيرة في الدولة التي يزيد عدد سكانها عن 1.4 مليار نسمة. وهم منتشرون في كل أنحاء الهند تقريبا، وقد تم استهدافهم بسلسلة من الهجمات التي وقعت منذ تولي مودي السلطة لأول مرة في عام 2014.
ولم تنفذ حكومة مودي القانون بعد صدوره في 2019 بعد اندلاع احتجاجات وعنف طائفي في نيودلهي وأماكن أخرى، قتل خلالها العشرات وأصيب المئات على مدى أيام من الاشتباكات.
لكن المتحدث الحكومي قال في تصريحه الجديد إن "العديد من المفاهيم الخاطئة انتشرت" عن هذا القانون، مشيرا إلى أن تأخر تنفيذه يرجع إلى جائحة كوفيد.
وأضاف: "هذا القانون مخصص فقط لأولئك الذين يعانون من الاضطهاد، منذ سنوات، وليس لديهم مأوى آخر في العالم سوى الهند".
اتهامات متزايدة للحزب الحاكم في الهند بمعاداة المسلمينوأضاف أن القانون يهدف أيضا إلى منح الجنسية وليس سحبها من أي شخص، ووصفت الاحتجاجات السابقة بأنها ذات دوافع سياسية.
في المقابل، دعا الحزب الشيوعي الهندي المعارض، الذي يحكم ولاية كيرالا الجنوبية، إلى تنظيم احتجاجات على مستوى الولاية، الثلاثاء.
وقال بيناراي فيجايان، رئيس وزراء ولاية كيرالا الهندية، في بيان "يهدف هذا (القانون) إلى بث الفرقة في صفوف الشعب وإثارة المشاعر الطائفية وتقويض المبادئ الأساسية للدستور.. يجب الوقوف صفا واحدا في مواجهة هذه الخطوة الرامية إلى تقسيم المواطنين الهنود المتساوين في الحقوق إلى طبقات".
لماذا القانون مثير للجدل؟وكانت الاحتجاجات التي عمت البلاد، في عام 2019، اجتذبت أشخاصا من جميع الأديان قالوا إن القانون يقوض أسس الهند كدولة علمانية.
وشعر المسلمون بالقلق بشكل خاص من أن الحكومة قد تستخدمه، إلى جانب السجل الوطني المقترح للمواطنين، لتهميشهم، إذ تخشى بعض هذه الجماعات من أن تسحب الحكومة الجنسية من المسلمين الذين ليس لديهم وثائق في بعض الولايات الحدودية.
ويعد السجل الوطني للمواطنين جزءا من مساعي حكومة مودي لتحديد الأشخاص الذين جاءوا إلى الهند بشكل غير قانوني والتخلص منهم.
ولم يتم تنفيذ السجل إلا في ولاية آسام الشمالية الشرقية، لكن حزب مودي وعد بإطلاق برنامج مماثل للتحقق من الجنسية على مستوى البلاد.
ويقول المنتقدون والجماعات الإسلامية إن قانون الجنسية الجديد سيساعد في حماية غير المسلمين المستبعدين من السجل، في حين قد يواجه المسلمون خطر الترحيل أو الاعتقال.
ويرتكز المعارضون، وهم مسلمون وأحزاب في المعارضة وجماعات لحقوق الإنسان، على فكرة التمييز في دولة علمانية بالأساس، ويرون أن المعتقد الديني لا يمكن أن يكون شرطا للمواطنة.
وتقول أسوشيتد برس إن "هذه هي المرة الأولى التي تضع فيها الهند، وهي دولة علمانية تضم سكانا متنوعين دينيا، معايير دينية للحصول على الجنسية".
عدد المسلمين في الهند يزيد عن 200 مليون نسمةووفق موقع إنديا إكسبريس، فإن معارضي القانون الذي تعرض لطعون قضائية وصلت إلى المحكمة العليا للبلاد، يقولون إنه ينتهك المادة 14 من الدستور، التي تنص على أنه "لا يجوز للدولة أن تحرم أي شخص من المساواة أمام القانون أو الحماية المتساوية للقوانين داخل أراضي الهند".
وقالت منظمة العفو الدولية الاثنين إن القانون "يضفي الشرعية على التمييز على أساس الدين".
ويرى البعض أيضا أنه إذا كان القانون يهدف إلى حماية الأقليات المضطهدة، فكان ينبغي أن يشمل الأقليات الدينية المسلمة التي واجهت الاضطهاد في بلدانها، مثل الجماعة الأحمدية في باكستان، والروهينغا في ميانمار.
ويقولون إن مودي يدفع بأجندة قومية هندوسية تهدد بتقويض الأساس العلماني للبلاد، وتقليص المساحة المتاحة للأقليات الدينية، خاصة المسلمين، وتقريب البلاد من الأمة الهندوسية.
وتم إعدام عشرات المسلمين على يد حشود هندوسية، بسبب مزاعم عن أكل لحوم البقر أو تهريب الأبقار، وهو حيوان يعتبر مقدسا لدى الهندوس، وتمت مقاطعة الشركات الإسلامية، وتجريف مناطقهم، وإحراق أماكن العبادة.
ويقول منتقدون إن صمت مودي بشأن العنف ضد المسلمين شجع بعض مؤيديه الأكثر تطرفا ومكن من المزيد من خطاب الكراهية ضد المسلمين.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: للحصول على الجنسیة حکومة مودی إن القانون فی الهند
إقرأ أيضاً:
مودي يشارك في مهرجان كومبه ميلا الهندوسي بعد أيام من كارثة التدافع
شارك رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي اليوم الأربعاء في طقوس الاستحمام المقدسة خلال مهرجان "كومبه ميلا" بمدينة براياجراج في ولاية أوتار براديش، وذلك بعد أسبوع من حادث تدافع مأساوي أودى بحياة 30 شخصا على الأقل، وفقا للتقارير الرسمية، في حين تزعم المعارضة أن العدد الحقيقي للضحايا أكبر من ذلك.
ويُعد "كومبه ميلا" أكبر تجمع ديني في العالم، حيث يتوافد ملايين الهندوس من مختلف أنحاء الهند وخارجها إلى ملتقى أنهار الغانغ ويامونا وساراسواتي للاستحمام، اعتقادا بأن ذلك يطهرهم من الخطايا السابقة ويحررهم من دورة الولادة والموت، مما يساعدهم على الوصول إلى مرحلة الـ"موكشا" (الخلاص الروحي).
PM Modi at Maha Kumbh Today
PM taking a holy dip at Maha Kumbh sends a message to the world that India knows how to walk together and uplift everyone…-@AcharyaPramodk tells @anchoramitaw pic.twitter.com/dpnVw3xhnU
— TIMES NOW (@TimesNow) February 5, 2025
ويُقام المهرجان مرة كل 12 عاما ويستمر 45 يوما، حيث يشهد توافدا كثيفا للزوار الذين يقيمون في مخيمات مؤقتة على ضفاف الأنهار.
وتشير تقديرات المنظمين إلى أن عدد المحتفلين قد يبلغ 400 مليون شخص، مما يجعله حدثا بحجم مدينة ضخمة مؤقتة تتطلب إدارة صارمة وتنظيما دقيقا للحشود والخدمات اللوجيستية.
إعلان مودي يشارك في الطقوس المقدسةرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي ارتدى قميصا بلون الزعفران، وهو اللون الذي يرمز إلى الروحانية عند الهندوس، وحمل مسبحة في يده أثناء توجهه إلى أقدس موقع في سانغام، نقطة التقاء الأنهار الثلاثة المقدسة.
وأمام حشود ضخمة من الحجاج المحتشدين على ضفاف النهر، نزل مودي إلى المياه، ثم غمس رأسه تحت سطح النهر عدة مرات تنفيذا للطقوس الهندوسية التي يُعتقد أنها تجلب البركة والتطهر الروحي.
وعبر حسابه على وسائل التواصل الاجتماعي، وصف مودي مشاركته في هذا الحدث بأنها "لحظة اتصال إلهي"، مضيفا "مثل عشرات الملايين الآخرين الذين شاركوا في هذا المهرجان، كنت مليئا بروح التفاني".
Blessed to be at the Maha Kumbh in Prayagraj. The Snan at the Sangam is a moment of divine connection, and like the crores of others who have taken part in it, I was also filled with a spirit of devotion.
May Maa Ganga bless all with peace, wisdom, good health and harmony. pic.twitter.com/ImeWXGsmQ3
— Narendra Modi (@narendramodi) February 5, 2025
تداعيات حادث التدافع المميتتأتي مشاركة مودي في المهرجان بعد أسبوع واحد فقط من وقوع حادث تدافع مأساوي أسفر عن مقتل 30 شخصا وإصابة العشرات أثناء اندفاع "الحجاج" للدخول إلى نقطة التقاء الأنهار، حيث يُعتقد أن هذه البقعة لها قدسية خاصة في العقيدة الهندوسية.
وأثار الحادث انتقادات واسعة للحكومة المحلية في أوتار براديش، والتي يديرها حزب "بهاراتيا جاناتا" القومي الهندوسي بزعامة مودي. وزعمت أحزاب المعارضة أن العدد الحقيقي للضحايا يفوق بكثير الرقم الرسمي المعلن، متهمة الحكومة بالتستر على الأعداد الحقيقية وإخفاء التفاصيل المتعلقة بالحادث.
زعماء المعارضة ألقوا اللوم على الحكومة في وقوع الحادث، متهمينها بسوء إدارة الحشود، خاصة مع العلم بأن المهرجان يجتذب أعدادا ضخمة من الزوار والحجاج كل 12 عاما. وطالبوا بفتح تحقيق شفاف لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء التدافع وضمان عدم تكراره.
إعلانوفي المقابل، نفت السلطات هذه الاتهامات، مؤكدة أنها تتخذ كافة التدابير الأمنية اللازمة، كما شددت على أنها نشرت قوات إضافية لتنظيم الحشود ومنع وقوع حوادث مماثلة.
فتح تحقيق في الحادثوبعد تصاعد الانتقادات، أعلنت الحكومة الهندية عن فتح تحقيق رسمي في الحادث، وأشارت إلى أن السبب المحتمل للتدافع هو عدم التحكم في تدفق الحشود عند ملتقى الأنهار.
ورغم هذه التطمينات، فإن الحادث أثار جدلا واسعا داخل الهند، حيث طالب ناشطون بضرورة تعزيز إجراءات السلامة في مثل هذه التجمعات الضخمة، خاصة أن الحوادث المماثلة تكررت خلال مهرجانات دينية سابقة.
ولم تمر زيارة مودي إلى مهرجان "كومبه ميلا" دون أن تربطها المعارضة بالسياسة، إذ تزامنت هذه الزيارة مع انطلاق الانتخابات المحلية في العاصمة الهندية دلهي.
ويعتبر "كومبه ميلا" مناسبة مهمة سياسيا، حيث يسعى القادة الهنود لكسب تأييد الأغلبية الهندوسية من خلال المشاركة في الطقوس الدينية. وتتهم المعارضة رئيس الوزراء باستغلال الحدث الديني لتعزيز شعبيته قبل الانتخابات، خاصة أن حزب بهاراتيا جاناتا يعتمد بشكل كبير على القاعدة الهندوسية القومية في كسب الدعم السياسي.