أجابت دار الإفتاء المصرية، عبر موقعها الرسمي، على سؤال يقول صاحبه: "ما هو معنى تصفيد الشياطين في قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ»، وكيف نفسر حصول المعاصي من بعض الناس في شهر رمضان مع كون الشياطين مُصفَّدة؟".

الإفتاء توضح ضابط المفطرات في رمضان الإفتاء توضح حكم استخدام غسول الفم للصائم

وقالت الإفتاء، إن عبارة "تصفيد الشياطين" الواردة في الحديث الشريف المسؤول عنه قد تفاوت العلماء في تفسيره على مداركَ متعددةٍ، وإن كانت في جملتها متكاملة متعاضدة، فقد يُرَاد به أنَّ الشياطين مغلولون ومقيدون حقيقةً في هذا الشهر، وقد يكون المراد أنهم ممنوعون من إيذاء المؤمنين وإغوائهم والتزيين لهم، ويحتمل أن المراد أن الله تعالى يحفظ فيه المسلمين أو أكثرهم في الأغلب من المعاصي، أو يقصد به نوعٌ مخصوصٌ من الشياطين، وهم: مُسْتَرِقُو السَّمْع منهم، أو مَنْ صُفِّدوا هم غالب الشياطين والمَرَدةُ منهم، وأما غيرهم فغير مُصَفَّد.

أوضحت الإفتاء أن حصول المعاصي من بعض الناس في شهر رمضان مع كون الشياطين مُصَفَّدة: فإما أن يكون تصفيدُهم إنما هو في حقِّ الصائم المراعي لشروط الصوم وما ينبغي أن يتحلَّى به من آدابه، أو أنَّ سبب اقتراف الذنوب آتٍ من النفس وخَطراتها.

تفضيل شهر رمضان على غيره من الشهورمدفع رمضان

مما امتاز به شهر رمضان المعظم عن غيره من الشهور الأخرى ما أكدته السُّنَّة النبوية المطهرة من أنه إذا دخل هذا الشهر المُعظم صُفِّدَتِ الشياطين، وقد تواردت نصوص السُّنَّة المشرفة على ذلك، وأهمها:

ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ» رواه مسلم.

وما ثبت أيضًا عن أبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ فُتِّحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ جَهَنَّمَ، وَسُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ» رواه الشيخان، واللفظ للبخاري.

وما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتِ الشَّيَاطِينُ، وَمَرَدَةُ الجِنِّ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ، فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الجَنَّةِ، فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ، وَيُنَادِي مُنَادٍ: يَا بَاغِيَ الخَيْرِ أَقْبِلْ، وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنَ النَّارِ، وَذَلكَ كُلَّ لَيْلَةٍ» رواه الترمذي، وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك".

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الشياطين الإفتاء دار الإفتاء رسول الله العلماء رسول الله صلى الله علیه وآله وسلم أ ب و اب ر م ض ان

إقرأ أيضاً:

  الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: لتُخرج الناس من الظلمات إلى النور

قال الله تعالى: «الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ» [إبراهيم: 1].

وكلمة (إليك) فى قوله سبحانه وتعالى: «أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ» تدل على أن الوحى انتهى إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إلى غيره، فهو لا يُؤخذ إلا منه صلى الله عليه وسلم، ولا يُدرك إلا بواسطتِهِ صلى الله عليه وسلم.

وقد انبنى على هذا قوله سبحانه وتعالى: «لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ»، حيث أُسند إخراج الناس من الظلمات إلى النورِ إلى سيدِنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالهداية لا تكون إلا باتباعِه هو صلى الله عليه وسلم، والاستنان بسُنته والتمسك بهَديه.

وكان من الممكن -من حيث الصياغة اللغوية- أن تكون الآية: لِيَخرج الناسُ، بحيث تفيد أنه بوُسعِ كلِّ واحد من الناس أن يهتدىَ بالكتاب، ويخرج نفسه بنفسه من الظلمات إلى النور بمجرد قراءته وفهمه الخاص للقرآن الكريم دون الرجوع إلى سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنها لم تأتِ كذلك؛ لأن هذا المعنى غير صحيح، وغير مراد.

فهذه الكلمة الربانية «لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ» تبين دون أدنى شكٍّ أنه ليس دورُ سيدِنا رسولِ الله صلى الله عليه وسلم هو مجرد تلاوة آيات القرآن الكريم على مسامع الناس فقط.

وقد جاءت آيات أخرى توضح هذا فى جلاء لا خفاء فيه، قال الله تعالى: «وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً» [النساء: 113]، وهذه الآية صريحة فى أن الله تعالى أنزل عليه صلى الله عليه وسلم القرآن الكريم وأنزل عليه الحكمة أيضاً، وعطف الحكمة على الكتاب يقتضى المغايرة بينهما، والذى يغايرُ الكتابَ هو ما يُبلغُه صلى الله عليه وسلم من تشريع بقوله، أو بفعله، أو بتقريره -أى: عدم اعتراضِه على فعل بحضرته- فالسُّنّة وحى كالقرآن تماماً، وتفسير بعض العلماء للحكمة بأنها النبوة لا يناقض هذا المعنى، بل يؤيده ويقويه، فالحكمة نبوة ووحى زكى قسيم لكتاب الله تعالى، جاءت مبينة له، وموضحة لأحكامه، بل استقلت ببيان بعض الأحكام الشرعية.

فسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن لم يكن مجرد مبلغ لآيات القرآن الكريم، بل كان يعلم الناس القرآن والحكمة، وقد جاء هذا صريحاً فى غير موضع من كتاب الله تعالى، من هذا قوله سبحانه: «كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ» [البقرة: 151]، وقوله تعالى: «لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُبِينٍ» [آل عمران: 164]، وقوله عز وجل: «هُوَ الَّذِى بَعَثَ فِى الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِى ضَلَالٍ مُبِينٍ» [الجمعة: 2]، فهذه الآيات جميعاً نصَّت على أنه صلى الله عليه وسلم يعلِّم الكتاب والحكمة؛ أى: ما أوحاه الله تعالى إليه من القرآن الكريم ومن السنة المطهرة.

وجَلىٌّ فى هذه الآيات المباركات أن تعليم الكتاب والحكمة جاء معطوفاً على تلاوته صلى الله عليه وسلم آيات الله تعالى؛ وسبقت الإشارة إلى أن العطف يقتضى المغايرة، فتعليم الكتاب شىء غير تلاوة آياته وتبليغها للناس، ومن صور هذا التعليم ما كان يراه الصحابة الكرام من سلوكه وأخلاقه التى هى صورة عملية لكتاب الله تعالى، فلما قال أحدُهم للسيدة عائشة رضى الله عنها: يا أمَّ المؤمنين أنبئينى عن خُلُق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: «ألستَ تقرأُ القرآن؟» قال: بلى، قالت: «فإن خُلقَ نبى الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن» [رواه مسلم].

وهذا معناه أنه لا بد من أن نأخذ بالسنة المطهرة، فبها يكون الانتقال من الظلمات إلى النور، وهى الحكمة التى بدونها يتخبط الناس فى دنياهم، والتى لا يصح أخذ القرآن الكريم بعيداً عنها، فالقرآن الكريم يدل على أنه لا يُؤخذ إلا من خلال سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه هو الذى يعلمه، وتعليمه صلى الله عليه وسلم هو سنته المطهرة.

مقالات مشابهة

  • في يومه العالمي.. المُعلم وريث الأنبياء ومُحارب الشيطان في الإسلام
  • جمعة يوضح دلائل الحب التي جرت أيام سيدنا النبي
  •   الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: لتُخرج الناس من الظلمات إلى النور
  • 8 حقائق عن فضل رسول الله على العالمين
  • علي جمعة: علمنا رسول الله أن نقدم مصلحة الأمة على كل شئ
  • فضل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة
  • حزب الله يقتل جنودا إسرائيليين وصواريخه تحدث أضرارا كبيرة بالجليل / شاهد
  • أهداف مباراة مان يونايتد وبورتو.. ماجواير ينقذ الشياطين من الخسارة بالدوري الأوروبي «فيديو»
  • عجائب حب وإيمان الصحابة لرسول الله
  • جمعة: النبي كنز مخفي لمن أراد باب الله وعز الدنيا ومفاتيح الجنة