هل ستكون للأزمة الزراعية في فرنسا عواقب كارثية؟
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
البوابة - سلطت الاحتجاجات التي تجتاح فرنسا الضوء مجددا على أزمة المزارعين، وهم فئة فقيرة ومتقدمة في السن تقع تحت رحمة الأسعار المتقلبة والصراع مع توقعات اقتصادية مموهة، وتحت هذه الظروف خرج المزارعون وقفة واحدة أمام العلم الوطني الفرنسي المدلى عن مقطورة جرار أثناء قيامهم بإغلاق الطريق السريع A7 احتجاجًا على الضرائب وانخفاض الدخل، بالقرب من ألبون، جنوب شرق فرنسا.
وسع المزارعون الفرنسيون حواجز الطرق التي أقاموها احتجاجا على انخفاض أسعار المواد الغذائية وارتفاع التكاليف، ورافضين التشريعات التي يقولون إنها تقضي على سبل عيشتهم.
وتشكل الاحتجاجات جزء من موجة الغضب المتزايدة بين المنتجين الزراعيين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي، تحديًا كبيرًا لحكومة الرئيس إيمانويل ماكرون، وتأتي قبل أشهر فقط من الانتخابات الأوروبية.
وقد أعادت هذه الاضطرابات فتح باب النقاش الحساس في فرنسا، عن المنتج الزراعي الرائد في الاتحاد الأوروبي، والتي شهدت تقلص عدد المزارعين من 2.5 مليون مزارع في الخمسينيات إلى أقل من نصف مليون اليوم.
ولم يتقلص عدد السكان الزراعيين في فرنسا بشكل كبير فحسب؛ بل إنها وفقًا لآخر إحصاء متاح، بلغ متوسط عمر المزارعين 51.4 عامًا في عام 2020، ارتفاعًا من 50.2 عامًا في عام 2010.
ومن بين 496 ألف مزارع تم إحصاءهم في عام 2020، وكانوا ما يقرب من 200 ألف مؤهلين للتقاعد بحلول عام 2026، وفي الوقت نفسه، يتم استبعاد المزارعين الشباب الطموحين من المجال، لعدم قدرتهم على الاستثمار في الأراضي والممتلكات.
"يتعين على الشباب الذين يرغبون في العمل في الزراعة أن يستثمروا مئات الآلاف، إن لم يكن الملايين، من اليورو في مهنة معروفة بصعوبتها، مع ساعات عمل طويلة، وعطلات قليلة، ودخل متقلب" تقول الخبيرة الاقتصادية أليساندرا كيرش، رئيسة الدراسات في مركز الأبحاث الفرنسي "استراتيجيات الزراعة".
ويضيف يوهان باربي، وهو مربي ماشية من شرق فرنسا وعضو في مجلس إدارة FNSEA، الاتحاد الزراعي الرئيسي في فرنسا، أن تحسين صورة القطاع أمر بالغ الأهمية لبقائه، ويقول: "نحن بحاجة إلى أن نقدم للناس فرصة الحصول على ظروف عمل أفضل" و "نحن محظوظون بما فيه الكفاية للعمل على اتصال مع الطبيعة، ولكن علينا أن نكون قادرين على تغطية نفقاتنا أيضًا."
حيث انخفض إجمالي عدد المزارعين بنحو 21% بين عامي 2010 و2020 ــ وهو ما يعني خسارة نحو 100 ألف شركة في غضون عقد من الزمن، وقد تم إلقاء اللوم على الصعوبات التي يعاني منها المزارعون في ارتفاع معدل الانتحار بشكل ملحوظ مقارنة بالسكان على نطاق أوسع.
في عام 2020، كان معدل الانتحار بين المزارعين الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عامًا أعلى بنسبة 43.2% من المتوسط الوطني، وفقًا للأرقام التي جمعتها شركة Mutuelle Sociale Agricole (MSA).
وفقا للمعهد الوطني للإحصاء INSEE تبلغ نسبة الأسر الزراعية التي تعيش تحت خط الفقر 17.4% وهذا أمر خطير وقد يودي بتخبط وتوتر في ما يتعلق بمجال الزراعة والمزارعين.
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: فرنسا ماكرون المزارعين الرواتب والأجور إحتجاج أجور العاملين فی فرنسا فی عام
إقرأ أيضاً:
عواقب الصدمات النفسية على ضحايا الحرب في دول الجوار
يعاني ضحايا حرب 15 أبريل 2023 من أزمات نفسية حادة، حيث أصابت الصدمات النفسية مئات الآلاف من النازحين إلى مناطق سيطرة الجيش السوداني أو قوات الدعم السريع في دارفور وكردفان وبعض مناطق الخرطوم وولاية الجزيرة. لم يسلم هؤلاء من استهداف طيران الجيش السوداني المستمر للمدنيين. كما يعاني اللاجئون السودانيون في دول الجوار من صدمات نفسية عميقة نتيجة اضطرارهم لمغادرة وطنهم في ظروف قاسية.
هناك حاجة ماسة لتنسيق الجهود بين المنظمات الدولية والحكومات الإقليمية لتقديم الدعم الإنساني المناسب لهؤلاء النازحين. فهم يستحقون على الأقل الاهتمام بالجانب النفسي لمساعدتهم على تجاوز ما شاهدوه من مشاهد الدمار والدماء وفقدان الأحبة، بما يقلل المخاطر المستقبلية على الأفراد والمجتمعات.
صدمة الحرب
تعرف صدمة الحرب بأنها الاستجابة العاطفية للأحداث المؤلمة التي تتجاوز قدرة الشخص على التحمل، مما يفقده الإحساس بالأمان ويشعره بالعجز والذهول. وتظهر هذه الصدمة في شكل خوف وقلق وارتباك، وقد تتطور إلى غضب أو شعور بالذنب.
والصدمة النفسية هي تأثير نفسي عميق نتيجة حدث استثنائي يشكل عبئًا نفسيًا على الفرد. تحدث عندما تكون إمكانيات الشخص غير كافية لتجاوز الموقف أو عند شعور المصاب بالعجز، مما يؤدي إلى ضغوط نفسية شديدة مثل الخوف أو الرعب.
أسباب الصدمة النفسية
تشير الدراسات إلى أن الصدمات النفسية يمكن أن تنتج عن حوادث طبيعية أو أفعال بشرية مثل العنف الجسدي أو الاعتداء الجنسي أو الإصابة بأمراض خطيرة.
وتوضح الصيدلانية أسماء ضياء الدين أن الحروب والصراعات تعرض الأفراد لظروف تهدد حياتهم، وتسبب إصابات جسدية وعنفًا وتدميرًا للممتلكات، وصولًا إلى التهجير. هذه الظروف تؤدي إلى الصدمات النفسية، سواء للمدنيين أو الجنود الذين يعانون من مشاهد الموت والدمار.
وتشير اللاجئة السودانية إسراء يعقوب في تشاد إلى الآثار الاجتماعية والنفسية السيئة التي خلفتها حرب 15 أبريل، خاصة على اللاجئين، حيث فقدت أسر كثيرة أبناءها، ونساء فقدن أزواجهن، وأطفال أصبحوا بلا والدين. تضيف إسراء أن هذه الصدمات تعيق الأطفال عن التكيف مع الحياة في المخيمات، مما يهدد تعليمهم ومستقبلهم.
ومن جهته، يسرد اللاجئ علي آدم علي رحلته من نيالا إلى جنوب السودان، حيث عانى من أوضاع صعبة ومعاملة قاسية من طرفي النزاع، مشيرًا إلى غياب الخدمات الأساسية مثل السكن والصحة والتعليم، ويفتقد للدعم النفسي والاجتماعي الذي يمكن أن يساعده على تجاوز عزلته. ويناشد المنظمات الدولية تقديم الدعم النفسي المناسب في هذه الظروف.
آليات الحلول لهذه الأزمة
تشدد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين على أهمية توفير الدعم النفسي والاجتماعي من خلال نهج شامل يشمل الخدمات الأساسية وتعزيز التماسك الاجتماعي وتوفير الدعم النفسي المركّز عبر تدخلات فردية أو جماعية.
ويوصي الخبراء بالتعامل مع ضحايا الحروب باحترام خصوصيتهم ومنحهم الوقت الكافي للتعافي دون ضغط، مع تشجيعهم على ممارسة أنشطة ترفيهية مثل الرسم والقراءة والرياضة لتخفيف الأثر النفسي.
وبدورها، تشير الطبيبة عجايب عبد العزيز إلى أهمية دعم الضحايا لمساعدتهم على التعبير عن أحزانهم ومنع تطور حالتهم إلى اكتئاب أو يأس.
ختامًا
يؤكد الخبراء أن معالجة الصدمات النفسية الناتجة عن الحروب عملية طويلة ومعقدة، ولكن مع توفير الدعم النفسي والاجتماعي والعلاج المتخصص، يمكن للضحايا استعادة حياتهم الطبيعية تدريجيًا.
تقرير: حسن إسحق
ishaghassan13@gmail.com