قتل وتهديد بالاغتصاب.. سكان بولاية الجزيرة السودانية يبثون معاناتهم
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
لم تُخف أصوات الرصاص ووقع الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع صرخات مريم وهي تبحث عن أبنائها الذين فرّقهم طريق الفرار بحثا عن الأمان إثر هجوم لقوات الدعم على منطقة "المدينة عرب" غرب مدينة ود مدني.
مريم التي جلست على قارعة الطريق بعد صراخٍ وعويل طغى على مخاوف الهاربين من انتهاكات الدعم السريع، والذي قطعته سيرا على الأقدام تسأل القادمين من المنطقة عن أبنائها، تقول إنهم كانوا بمعية عائلتها لكنهم لم يصلوا برفقتهم، وحال انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت في ولاية الجزيرة دون تواصل الأُسر مع أفرادها ومعرفة أماكنهم.
لم تكن مريم حالة استثنائية في ظل تمدد قوات الدعم وانتشارها واجتياحها قُرى ولاية الجزيرة عقب سقوط ود مدني في 18 سبتمبر/كانون الأول الماضي، وانقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت منذ فبراير/شباط الفائت، حيث انقطعت أخبار الأُسر عن بعضها، وظل كثيرون عاجزين عن الوصول لذويهم وتفقد أحوالهم.
انتهاكاتوقطعت عائلات مسافة مسيرة يومين سيرا على الأقدام، واضطر آخرون إلى كتابة الرسائل الورقية لذويهم وإرسالها عبر الحافلات أو الدواب، وصارت مواقف المواصلات في بعض القرى والمدن الرئيسية بالجزيرة مكانا يتوافد إليه الراغبون في معرفة أخبار قُراهم ومناطقهم أو عائلاتهم.
ومنذ الأول من فبراير/شباط الماضي، اجتاحت قوات الدعم السريع عددا من قُرى ولاية الجزيرة، وعملت على تهجير بعض المواطنين من قُراهم التي أصبحت خاوية من السكان عقب إرغامهم على مغادرتها.
ورصدت الجزيرة نت مداهمة عدد من هذه القوات لمنازل المواطنين في قُرى تقع غرب ود مدني، وتهديدهم بالقتل وسرقة ممتلكاتهم، من سيارات، وهواتف وأموال ومؤن غذائية، واعتدت بالضرب بالسياط على رجال ونساء.
كما قتلت هذه القوات عددا من المواطنين خلال مداهماتها، واختطفت عددا من الشباب لا يُعلم مصيرهم حتى الآن. وقال شهود عيان للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع هددت باغتصاب النساء لإجبارهن على إخراج مدخراتهن وممتلكاتهن.
ويُعاني سكان قُرى ولاية الجزيرة -عقب انقطاع خدمات الاتصالات والإنترنت- من أزمة سيولة نقدية وصعوبة توفير المؤن الغذائية، وتوجه بعضهم إلى مدينة المناقل التي يسيطر عليها الجيش السوداني، حيث توفر مطاحن الغلال في المدينة خدمة الإنترنت "ستار لينك" للمواطنين تسهيلا للتحويلات المالية.
لكن ازدحام المواطنين أدى إلى بقاء بعضهم على الطريق لأيام حيث تقطعت بهم سُبل النجاة، وغادر آخرون إلى الولايات الشرقية التي عادت إليها خدمات الاتصال والإنترنت، ثم العودة مجددا لولاية الجزيرة عقب توفير المبالغ النقدية. كما أدى انقطاع الكهرباء لشهور في بعض القُرى إلى فرض عزلة أخرى عن العالم.
نساء ضحاياولم يكن الأربعاء 28 فبراير/شباط الماضي إلا يوما آخر فاصلا في حياة محمد إبراهيم ورحلة النزوح المتوالية، ففي الطريق إلى قريته حاملا مؤنا غذائية استعدادا لاستقبال شهر رمضان، كانت قوات الدعم قد حشدت وتقدّمت باتجاه مناطق تقع تحت سيطرة الجيش السوداني، حيثُ وقعت اشتباكات عنيفة في قُرى تبعد حوالي 50 كيلومترا شرق مدينة المناقل الواقعة تحت سيطرة الجيش.
وبحسب شهود عيان، اجتاحت الدعم السريع قُرى "بورتبيل" و"المدينة عرب" التي كانت تشهد تقدما وارتكازا لقوات من الجيش، واعتدت على المواطنين بالضرب ونهب الممتلكات، والمتاجر، والمنازل، ومارست عُنفا مفرطا تجاه السكان ففروا سيرا على الأقدام وتوجهوا نحو مدينة المناقل التي ازدحمت بالفارين من جحيم انتهاكات الدعم السريع.
وتشهد هذه المدينة -التي اكتظت بالنازحين- تعزيزات عسكرية مكثفة للجيش السوداني.
وأفادت نساء فارات من منطقة المدينة عرب خرجن سيرا على الأقدام عبر طُرق زراعية، التقت بهن الجزيرة نت، بأن قوات من الدعم السريع هددتهن بأخذ بناتهن رهينة إن لم يُخرجن ما يملكن من ذهب.
وتقول إحداهن: "توسلت إليه، وقلت له لا نملك أموالا ولا ذهبا، لكنهم فتشوا المنازل، وجلدوا الشباب حتى سال الدم من أجسادهم، ونهبوا وأتلفوا السوق والمتاجر بالمنطقة".
أما (ح.ن) وهي سيدة في العقد السابع من عمرها، وتعاني آلام السرطان، فقد بدأت هي الأخرى -مُرغمة- رحلة نزوح نحو الولايات الشرقية.
وسبق أن أعلنت قوات الدعم السريع أنها شكلت لجنة مكافحة "الظواهر السالبة" للتصدي للمتفلتين، وأوضحت أن اللجنة أنزلت عقوبات مشددة بحق معتدين على المواطنين في ولاية الجزيرة والتعامل بالرصاص الحي مع رافضي الاستجابة لأوامر اللجنة في الولاية.
أزمة غذائيةواضطر عشرات المواطنين النازحين من قراهم للجوء للمدارس، والمساجد، وافتراش الطرق، واتّخاذ الشاحنات والدواب وسيلة للتنقل والهروب نحو أماكن أكثر أمنا، ولم يبق في بعض قرى غرب مدينة ود مدني إلا نازحين أقاموا في المدارس لم يجدوا سبيلا للخروج.
وعلى طول الطرق الممتدة في مناطق سيطرتها بولاية الجزيرة، تفرض قوات الدعم السريع -عبر ارتكازاتها- رسوما على الشاحنات وبضائع التجار، وتنهب بضائع الشاحنات، ومن المحلات التجارية في عدد من قُرى ولاية الجزيرة وتحاول بيعها بأقل من أسعارها، كما سعت إلى فرض رسوم مالية عن كل منزل في بعض قرى الجزيرة.
وتسببت المعارك في ولاية الجزيرة بأزمة غذائية حادة، وأمام استمرار الاضطرابات بالولاية وازدحام الفارين في مواقف المواصلات، اضطر بعضهم للبقاء مؤكدين أنه لا يوجد مكان آخر يذهبون إليه، بينما يبحث آخرون عن وسائل نقل مختارين العودة إلى العاصمة الخرطوم.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان حريات قوات الدعم السریع سیرا على الأقدام ود مدنی فی بعض
إقرأ أيضاً:
السودان.. "الدعم السريع" يسيطر على مدينة استراتيجية بكردفان
قالت قوات الدعم السريع إنها سيطرت على مدينة النهود إحدى المدن الاستراتيجية في إقليم كردفان والتي تبعد بنحو 210 كيلومتر عن الأبيض عاصمة حاضرة الإقليم.
يأتي هذا فيما تتواصل الاشتباكات العنيفة في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور والتي تعتبر آخر معاقل الجيش السوداني والقوة المشتركة المتحالفة معه في الإقليم الذي سيطرت قوات الدعم السريع على معظم أجزائه خلال الاشهر الأولى من اندلاع القتال في منتصف أبريل 2023.
ومنذ الثلاثاء، تدور معارك طاحنة بين الجيش وقوات الدعم السريع حول مدينة النهود التي تقع في إحدى أهم مناطق إنتاج الصمغ العربي والمحاصيل النقدية في البلاد.
وشددت قوات الدعم السريع حصارها صباح الخميس على المدينة من ثلاث اتجاهات، ونفذت هجوما بقوة كبيرة، وقالت إنه أجبر الآلاف من قوات الجيش والمستنفرين على التسليم لها.
ولم يصدر بعد بيان رسمي من الجيش، لكن قوات الدعم السريع نشرت صورا لمقاتليها من السوق الرئيسي والمقر الإداري الرئيسي في وسط المدينة.
يأتي هذا في وقت استمرت فيه المعارك الضاربة في مدينة الفاشر التي تقول قوات الجيش إنها تمكنت من صد هجوم جديد نفذته قوات الدعم السريع التي تحاول دخول الفرقة السادسة لقيادة الجيش والتي تعتبر أحد المقار الرئيسية في المدينة التي لا تزال في قبضة الجيش.
وفي سياق متصل، أشارت تقارير إلى قصف مدفعي عنيف استهدف مناطق تقع في محيط القصر الرئاسي في العاصمة الخرطوم، وسط تكثيف للهجمات في عدد من المنشآت الرئيسية في وسط وشمال الخرطوم.
ومع احتدام المعارك في عدد من محاور القتال تتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل مريع، حيث أشارت تقارير إلى استمرار فرار المدنيين إلى مناطق آمنة نسبيا في ظل نقص حاد في مواد الإيواء والاحتياجات الغذائية والطبية.