علاقة لا استراتيجية.. أسباب تهاوي التجارة الإيرانية مع سوريا
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
رغم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وما تخللها من زيارات مكوكية جرت بين دمشق وطهران خلال السنوات الماضية لم تطرأ أي بادرة إيجابية حتى الآن على خط التجارة والاقتصاد بين إيران والنظام السوري.
وتكشف إحصائيات وبيانات نشرها مسؤولون حديثا عن "أزمة عميقة" باتت تخيم بشكل واضح على مشهد العلاقة الاقتصادية بين الجانبين، في مشهدٍ يخالف تفاصيل المسار الذي يربطهما سياسيا وعسكريا منذ سنوات.
وفي تصريح حمل نبرة "أسف" قال، عبد الأمير ربيهاوي، مدير عام منظمة غرب آسيا لتنمية التجارة، حسبما نقلت وسائل إعلام إيرانية، الأحد، إنهم صدّروا في العام الماضي (الشمسي الإيراني) إلى سوريا ما قيمته 244 مليون دولار.
وأضاف أن هذا الرقم وصل في العام الحالي إلى 120 مليون دولار (...) هذه ليست إحصائية تستحق التعاون الاقتصادي بين البلدين".
وعن ذات القضية أوضح، شاه حسيني، رئيس المكتب السوري بوزارة الخارجية أن "العلاقات الإيرانية السورية استراتيجية وهي في ذروتها عسكريا وسياسيا"، لكن استطرد بالقول إن "المسؤولين الإيرانيين والسوريين يشكون من تدني مستوى العلاقات الاقتصادية".
حسيني أضاف كما نقلت وكالة "مهر" أنه وخلال 9 أشهر من العام الجاري (الشمسي) بلغ حجم العلاقات التجارية بين البلدين 100 مليون دولار، "وهو أمر مؤسف"، وفق تعبيره.
وتابع محذرا: "إذا لم نذهب إلى هذا البلد الآن حيث ليس لدينا منافسون أقوياء في سوريا فسيكون من الصعب تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين في المستقبل".
"خطوات دون جدوى"ويأتي نشر الأرقام الحديثة عن حجم التجارة بين البلدين بعد أسابيع من الزيارة التي أجراها رئيس حكومة النظام السوري، حسين عرنوس، إلى طهران، وما تبعها من زيارة وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق.
الزيارتان صبّتا حسب التصريحات الرسمية بذات الغرض، وهو الدفع بالتجارة والاستثمارات إلى الأمام، والتأكيد على ضرورة كل ما تم الاتفاق عليه في الزيارة التي أجراها الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى دمشق، مطلع العام الماضي.
ولا تعطي تفاصيل الواقع على الأرض أي مؤشر عن الشروع بما تم الاتفاق عليه بين رئيسي ورئيس النظام السوري، بشار الأسد، فعليا.
وعلاوة على ذلك، وقبل حديث ربيهاوي وحسيني كان العديد من المسؤولين الإيرانيين قد عبّروا عن توجسهم من ضعف حجم التبادل التجاري مع سوريا، وما زالوا يؤكدون على الفكرة حتى الآن.
ويرى الباحث في الشؤون الإيرانية، محمود البازي، أن تصريح ربيهاوي عن انخفاض حجم الصادرات الإيرانية إلى سوريا للنصف "مهم للغاية".
ويقول لموقع "الحرة" إن كلماته تشير إلى أن "حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يرقى إلى مستوى علاقتهما التي يصفانها بالاستراتيجية".
كما تعطي مؤشرا على أن "جميع الاتفاقيات التجارية والجهود التي بذلها رئيسي لم تحقق نتائجها".
ما الأسباب؟توجد عدة أسباب تساهم مجتمعة في انخفاض حجم التجارة بين إيران وسوريا، حسبما يوضح الباحث البازي لموقع "الحرة".
ويضيف أن أهمها "يمكن اكتشافها في الاستقالة الغريبة والخارجة عن السياق لحسن شمشادي من منصبه كأمين عام لغرفة التجارة المشتركة بين إيران وسوريا".
وكان شمشادي قد قدم استقالته في ديسمبر 2023، وقالت الغرفة التي كان يتولى منصب أمينها العام في بيان حينها إن قراره "يرتبط ببعض المشكلات الإدارية".
ويشير البازي إلى أن "الوضع والثقافة الإيرانية السائدة بالنسبة للمناصب الحكومية والرسمية هو أنه من النادر جدا تقديم الاستقالة".
وعلى أساس ذلك تعطي استقالة المسؤول بحسب تصريحاته التي حدد فيها الأسباب بالمشاكل الإدارية وبذل الجهد دون جدوى مؤشرا على أن التعامل التجاري مع سوريا صعب للغاية بالنسبة للإيرانيين.
ويعود ذلك، حسب ذات الباحث إلى "المسار غير الرسمي الموازي في سوريا لأي تعاملات تجارية كبرى والضرائب غير الرسمية وغير ذلك من معضلة السوق السورية بشكل عام".
"وثيقة المناطق الثلاث".. "انقلاب" على حالة السكون بالأزمة السورية مع اقتراب "الثورة السورية" على نظام بشار الأسد من دخول عامها الرابع عشر، أعلن أكاديميون ومثقفون وناشطون في ثلاثة بقع بمحافظات السويداء ودرعا وحلب عن إطلاق مبادرة تحت مسمى "وثيقة المناطق الثلاثة"، تقوم على خمسة مسارات أساسية. "رابح- خاسر"وتعتبر طهران من أبرز حلفاء النظام السوري إلى جانب روسيا، وخلال السنوات الماضية قدمت له دعما عسكريا وسياسيا واقتصاديا.
ورغم الكم الكبير من الاتفاقيات التي أبرمتها "لقاء تدخلها" بحسب باحثين في الاقتصاد، إلا أن جزءا كبيرا منها لم ينفذ على أرض الواقع، على عكس تلك الخاصة بموسكو، التي اتخذت مسارات بعيدة كل البعد عن ذلك.
وتنشط إيران في مختلف القطاعات الاقتصادية بسوريا، وكانت ركّزت مؤخرا على ضرورة دخولها في الأسواق السورية.
وسبق أن ذكرت وسائل إعلام سورية رسمية أن وفدا من مؤسسة "إتكا" الإيرانية (تتبع للحرس الثوري) أجرى سلسلة جولات للأسواق السورية، في مسعى لتوقيع اتفاقيات وشراكات تبادل تجاري.
وفي غضون ذلك لطالما ردد مسؤولون إيرانيون نيتهم تأسيس بنك مشترك في سوريا، ووصلوا في آخر خطواته قبل أسبوعين بالإعلان عن رخصة تأسيسه.
ويعتقد الباحث السوري في "مركز عمران للدراسات الاستراتيجية"، محمد العبد الله، أن أسباب ضعف التبادل التجاري بين إيران وسوريا يرتبط بجزء أولي وأساسي بالتجار السوريين أنفسهم.
ويقول في حديثه لموقع "الحرة" إن "الكتلة الأكبر منهم داخل الغرف التجارية السورية كانوا غير راغبين في التعامل مع الجانب الإيراني، لأسباب ترتبط بأن الأخير يحاول إغراق الأسواق بمنتجات رديئة".
ويمكن القول إن العلاقة بين التجار السوريين والإيرانيين قائمة على مبدأ "رابح خاسر" وليس "رابح رابح"، وفق العبد الله.
ويضيف: "إيران تحاول الهيمنة على السوق التجاري في سوريا مقابل عدم وجود مكسب حقيقي للتجار السوريين، إذا ما تناولنا الزاوية من ناحية الكسب المتبادل".
وبعد طول تواجدها في سوريا وما دفعته من فواتير تحاول إيران الآن قدر الإمكان أن تستعيد جزءا من التكلفة، وسواء من جيب النظام وخزينته أو أي فرص استثمارية في البلاد، وفق العبد الله.
لكنها تدرك حسب الباحث الاقتصادي أن "النظام غير قادر على دفع التكلفة المرتفعة".
ولذلك تحاول "السيطرة على قطاع الإسكان وقطاعات أخرى بما يؤمن لها عائد ومردود اقتصادي ربما يسد جزءا من التكلفة التي تكبدتها"، حسب قوله.
"فجوة تكلفة وتحصيل"ومثّل اندلاع الحرب السورية في 2011، فرصة لإيران لزيادة نفوذها في سوريا.
وكان هذا مدفوعا بأهمية البلاد الاستراتيجية وموقعها، ودورها في ضمان استمرارية الممر البري من طهران إلى بيروت، ووصولها إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.
ونادرا ما تنشر إحصائيات توضح ما تكلفت به إيران في سوريا.
ومع ذلك قال النائب، حشمت الله فلاحت بيشه، من لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في تصريح لافت عام 2020 إن بلاده أنفقت ما بين 20 و30 مليار دولار في سوريا لدعم بشار الأسد.
ويشير موقع "iranwire" إلى أن أحد أهم نفقات إيران في سوريا هو تسليم النفط والمنتجات النفطية إلى قوات الأسد، ويتم ذلك في إطار "حد ائتماني" فتحته إيران لسوريا.
ويتراوح هذا الحد، بحسب وسائل إعلام إيرانية، بين 2-3 مليار دولار في السنة، مع منح حد ائتماني إجمالي يصل إلى 6 مليارات دولار في السنة، بما في ذلك الإمدادات الغذائية والطبية، التي حددها وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، بنحو 2.5 مليار دولار في السنة.
وبالنظر لهذه الأرقام وما تجنيه إيران تجاريا تظهر تفاصيل الفجوة الحاصلة بين الهدف وما تحقق منه، وفق خبراء ومراقبين.
محللون: إيران تستغل حرب غزة لتعزيز نفوذها الإقليمي أكد محللون وخبراء سياسيون لموقع "صوت أميركا" أن نظام الحكم في طهران قد حاول استغلال الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة لتعزيز نفوذ إيران في الشرق الأوسط من خلال وكلائها في المنطقة. "4 أسباب"ويستعرض الباحث البازي أسبابا إضافية تحول دون الدفع بالتجارة إلى الأمام بين إيران وسوريا.
أولا: أكبر المؤسسات التجارية الإيرانية هي تلك التي تعمل في مجال النفط والبتروكيماويات ويبدو بأنّ سوريا غير قادرة على إيفاء التزاماتها في هذه المجالات بسبب نقص القطع الأجنبي.
ولذلك تقتصر المعاملات التجارية على المواد الغذائية وغيرها.
ثانيا: صعوبة التعامل بالعملات المحلية بسبب العقوبات على البلدين وأسباب أخرى تعود إلى ترجيح التجار الإيرانيين إلى التعامل مع أسواق أخرى، بسبب سرعة تحصيل الأموال وإعادة تدويرها في الاقتصاد.
ويقول البازي: "في إيران أسعار مدعومة للدولار، ولذلك فإن بعض التجار الإيرانيين يفضلون استيراد السلع بالسعر المدعوم ومن ثم بيع الدولار بالقيمة الحرة في السوق الإيرانية وهذا ما لا تستطيع الأسواق السورية توفيره".
ثالثا: صعوبات لوجستية في نقل البضائع.
ويوضح الباحث أنه رغم الجهود الإيرانية لأكثر من 20 عاما إلا أن العراق لم يوافق حتى الآن على إحداث طريق تجاري يربط أراضيه بإيران وسوريا، وهو ما يضعف عملية النقل والتجارة.
رابعا: تقدر إيران حجم الأموال التي أنفقتها في سوريا بين 30 إلى 50 مليار دولار وهي تبحث عن طرق لإعادة هذه الأموال.
ولذلك تحدث مسؤولون عن الاستثمار في مجالات (النقل والبناء والمساكن والبنوك) وهي مجالات سيادية اقتصادية بالنسبة لسوريا.
ولأن هذه الاستثمارات قج تكون دون عوائد اقتصادية للحكومة السورية، يرجح الباحث البازي "وجود مقاومة غير رسمية للانخراط في مثل هذه المشاريع".
"بلد مستورد"وحتى الآن لم تصدر تصريحات جدية من جانب مسؤولين في حكومة النظام السوري تشير إلى الأسباب التي تقف وراء ضعف التجارة مع إيران.
وينسحب الموقف على الإحصائيات الحديثة التي أعلنها ربيهاوي، الأحد، وعلى كلام مسؤولين إيرانيين خلال السنوات الماضية.
لكن وزير الاقتصاد السوري، سامر الخليل، كان قد أشار في وقت سابق إلى "القانون رقم 18"، ووضعه كحل من أجل الدفع بالاستثمار والتجارة إلى الأمام.
وعاد، شاه حسيني، رئيس المكتب السوري بوزارة الخارجية ليقول الآن إن "القانون حديث، ولا يمكن الاستفادة منه في دراسة وتطوير سبل الاستثمار".
ويرى الباحث الاقتصادي العبد الله أن إيران تحاول "جعل سوريا بلدا مستوردا"، ويضيف أنها حاولت خلال السنوات الماضية السيطرة على القطاع التجاري بالتحديد.
لكن ومع ذلك لم تصل حتى الآن إلى النقطة التي عملت على تثبيتها من خلال الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.
العبد الله لا يستبعد من جانب آخر دور الجانب الروسي، ويقول إنه موسكو قد تكون تلعب دورا في تخفيف وتيرة النشاط التجاري بين إيران وسوريا، لغايات تصب في صالحها.
ويشير أيضا إلى واقع النقل المكلف بالنسبة لإيران وواقع القطع الأجنبي ومدى توافره في سوريا لاستيراد البضائع الإيرانية، فضلا عن الجانب الأمني ومدى القدرة على تأمين القوافل حتى وصولها إلى سوريا. ويقول العبد الله: "كلها عوامل تصب في إطار الضعف الحاصل في التبادل التجاري".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: خلال السنوات الماضیة بین إیران وسوریا التبادل التجاری النظام السوری بین البلدین ملیار دولار العبد الله حتى الآن إیران فی فی سوریا دولار فی
إقرأ أيضاً:
شاهد بمقتل الباحث الإيطالي ريجيني في مصر: رأيت أهوالا
قدم شاهد كان معتقلاً في أحد سجون جهاز الأمن المصري بالقاهرة، شهادة صادمة أمام قضاة محكمة الجنايات الأولى في روما، حيث إنه كشف تفاصيل عن الأيام الأخيرة للباحث الإيطالي جوليو ريجيني، الذي تعرض للتعذيب والاحتجاز قبل وفاته.
وخلال جلسة المحكمة، عُرض مقطع فيديو يوثق شهادة الشاهد، التي سبق أن بُثت في فيلم وثائقي على قناة الجزيرة. وأشار الشاهد إلى أنه التقى بريجيني يومي 28 و29 كانون الثاني/ يناير 2016، داخل السجن، وذلك بعد أيام من اختفاء الباحث في إحدى محطات مترو الأنفاق بالقاهرة.
وتسلط هذه الإفادة الضوء على جانب جديد من القضية التي أثارت اهتماماً دولياً واسعاً، وسط مطالبات بمحاسبة المسؤولين عن الجريمة.
وأفاد الشاهد، الذي أدلى بشهادته أمام محكمة الجنايات في روما، بأنه رأى الباحث الإيطالي جوليو ريجيني في سجن أمني بالقاهرة وهو مقيد اليدين ومعصوب العينين، ويرافقه حارسان.
وأوضح أن ريجيني كان منهكًا نتيجة التعذيب، لدرجة أن الحراس اضطروا لحمله إلى زنزانته.
وبحسب الشهادة، فقد استمرت التحقيقات مع ريجيني لساعات، حيث إنه تعرض لصدمات كهربائية وأساليب تعذيب قاسية، بينما كان المحققون يكررون عليه سؤالاً حول مهارته في التغلب على تقنيات الاستجواب.
وأشار الشاهد إلى وجود ضباط وأفراد أمن لم يتعرف عليهم، بالإضافة إلى العقيد أحمد، وهو طبيب نفسي حضر استجوابات ريجيني بشكل متكرر.
ويضيف الشاهد أن الباحث كان يرتدي ملابس داكنة وقميصًا أبيض أثناء احتجازه.
تأتي هذه التفاصيل ضمن الجهود المستمرة لتسليط الضوء على ملابسات قضية مقتل جوليو ريجيني، التي أثارت جدلاً واسعاً على المستوى الدولي.
وأوضح الشاهد أنه، رغم عدم مشاهدته آثار التعذيب على جسد ريجيني، فقد لاحظها على معتقل آخر في نفس السجن. وأضاف أن الزنازين كانت ضيقة جدًا، باردة ورطبة، وتفوح منها روائح كريهة.
وأشار إلى أن المعتقلين كانوا في عزلة تامة عن العالم الخارجي، وشعروا وكأنهم "في قبر". وأكد أن فترات الاستجواب كانت خالية من تقديم أي طعام، في حين كانت وجبات الطعام خلال فترة السجن سيئة للغاية من حيث الجودة.
وتحدث الشاهد عن عمليات اعتقال تعسفية في مصر، قائلاً: "تم اختطافي واحتجازي ثم إطلاق سراحي دون أي سبب أو ضمانات قانونية".
وخلال الجلسة، تحدثت إيرين ريجيني، شقيقة الباحث الإيطالي، التي تأثرت بشدة أثناء استرجاعها ذكريات اختطاف شقيقها والعثور على جثته. وأشارت إلى أنها سمعت عن تعرضه للتعذيب لأول مرة عبر الأخبار، ووصفت جوليو بأنه شاب عادي، محب للحياة، وملهم بالنسبة لها، مشيرة إلى أنه كان كالأخ الأكبر الذي يقدم النصائح.
وأضافت أن جوليو كان شغوفًا بالتاريخ والبحث الميداني، ودرس اللغة العربية قبل أن يسافر إلى مصر لأول مرة. وأكدت أنه كان منفتحًا على التعرف على الثقافات المختلفة، وخاصة الثقافة المصرية، وكان متحمسًا لإجراء أبحاثه هناك.
تأتي هذه الشهادات كجزء من التحقيقات الجارية في قضية مقتل ريجيني، التي أثارت جدلاً دولياً حول الانتهاكات الحقوقية والممارسات الأمنية في مصر.
سير القضية؟
في 3 شباط/ فبراير 2016، تم العثور على جثة طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني في مصرف بمدينة 6 أكتوبر على أطراف القاهرة، بعد اختفائه لمدة تسعة أيام.
وأظهرت التحقيقات الطبية في كل من إيطاليا ومصر أن جثة ريجيني كانت مشوهة بشكل كبير نتيجة تعرضه لتعذيب وحشي قبل وفاته، وقد أفادت التقارير الشرعية بكسر عنقه كأحد أسباب الوفاة.
وفي 20 شباط/ فبراير الماضي، استأنفت إيطاليا محاكمة أربعة من رجال الأمن المصري المتهمين باختطاف وتعذيب وقتل طالب الدكتوراه الإيطالي في القاهرة.
وجاءت هذه الجلسة بعد توقف دام أكثر من عامين ونصف، منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2021، حين قرر القاضي أن المحاكمة ستبطل في حال عدم إثبات علم المتهمين بالتهم الموجهة إليهم.
وعلى الرغم من جهود الادعاء، فإنه لم يتمكن من تحديد مكان المتهمين المصريين أو إصدار أوامر استدعاء بحقهم، ما أدى إلى محاكمتهم غيابيًا.
وفي محاولة النظام المصري تبرئة ساحته من تهمة القتل، فإنه قام في آذار/ مارس 2016، بالإعلان عن تصفية خمسة أشخاص، متهما إياهم باختطاف وقتل ريجيني. وادعت العثور على جواز سفره ووثائق تخصه في منزل أحدهم، مشيرة إلى أنهم كانوا جزءًا من "تشكيل عصابي" متخصص في اختطاف الأجانب وسرقتهم.