رغم توقيع العديد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وما تخللها من زيارات مكوكية جرت بين دمشق وطهران خلال السنوات الماضية لم تطرأ أي بادرة إيجابية حتى الآن على خط التجارة والاقتصاد بين إيران والنظام السوري.

وتكشف إحصائيات وبيانات نشرها مسؤولون حديثا عن "أزمة عميقة" باتت تخيم بشكل واضح على مشهد العلاقة الاقتصادية بين الجانبين، في مشهدٍ يخالف تفاصيل المسار الذي يربطهما سياسيا وعسكريا منذ سنوات.

وفي تصريح حمل نبرة "أسف" قال، عبد الأمير ربيهاوي، مدير عام منظمة غرب آسيا لتنمية التجارة، حسبما نقلت وسائل إعلام إيرانية، الأحد، إنهم صدّروا في العام الماضي (الشمسي الإيراني) إلى سوريا ما قيمته 244 مليون دولار.

وأضاف أن هذا الرقم وصل في العام الحالي إلى 120 مليون دولار (...) هذه ليست إحصائية تستحق التعاون الاقتصادي بين البلدين".

وعن ذات القضية أوضح، شاه حسيني، رئيس المكتب السوري بوزارة الخارجية أن "العلاقات الإيرانية السورية استراتيجية وهي في ذروتها عسكريا وسياسيا"، لكن استطرد بالقول إن "المسؤولين الإيرانيين والسوريين يشكون من تدني مستوى العلاقات الاقتصادية".

حسيني أضاف كما نقلت وكالة "مهر" أنه وخلال 9 أشهر من العام الجاري (الشمسي) بلغ حجم العلاقات التجارية بين البلدين 100 مليون دولار، "وهو أمر مؤسف"، وفق تعبيره.

وتابع محذرا: "إذا لم نذهب إلى هذا البلد الآن حيث ليس لدينا منافسون أقوياء في سوريا فسيكون من الصعب تطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين في المستقبل".

"خطوات دون جدوى"

ويأتي نشر الأرقام الحديثة عن حجم التجارة بين البلدين بعد أسابيع من الزيارة التي أجراها رئيس حكومة النظام السوري، حسين عرنوس، إلى طهران، وما تبعها من زيارة وزير خارجية إيران، حسين أمير عبد اللهيان إلى دمشق.

الزيارتان صبّتا حسب التصريحات الرسمية بذات الغرض، وهو الدفع بالتجارة والاستثمارات إلى الأمام، والتأكيد على ضرورة كل ما تم الاتفاق عليه في الزيارة التي أجراها الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، إلى دمشق، مطلع العام الماضي.

ولا تعطي تفاصيل الواقع على الأرض أي مؤشر عن الشروع بما تم الاتفاق عليه بين رئيسي ورئيس النظام السوري، بشار الأسد، فعليا.

وعلاوة على ذلك، وقبل حديث ربيهاوي وحسيني كان العديد من المسؤولين الإيرانيين قد عبّروا عن توجسهم من ضعف حجم التبادل التجاري مع سوريا، وما زالوا يؤكدون على الفكرة حتى الآن.

ويرى الباحث في الشؤون الإيرانية، محمود البازي، أن تصريح ربيهاوي عن انخفاض حجم الصادرات الإيرانية إلى سوريا للنصف "مهم للغاية".

ويقول لموقع "الحرة" إن كلماته تشير إلى أن "حجم التبادل التجاري بين البلدين لا يرقى إلى مستوى علاقتهما التي يصفانها بالاستراتيجية".

كما تعطي مؤشرا على أن "جميع الاتفاقيات التجارية والجهود التي بذلها رئيسي لم تحقق نتائجها".

ما الأسباب؟

توجد عدة أسباب تساهم مجتمعة في انخفاض حجم التجارة بين إيران وسوريا، حسبما يوضح الباحث البازي لموقع "الحرة".

ويضيف أن أهمها "يمكن اكتشافها في الاستقالة الغريبة والخارجة عن السياق لحسن شمشادي من منصبه كأمين عام لغرفة التجارة المشتركة بين إيران وسوريا".

وكان شمشادي قد قدم استقالته في ديسمبر 2023، وقالت الغرفة التي كان يتولى منصب أمينها العام في بيان حينها إن قراره "يرتبط ببعض المشكلات الإدارية".

ويشير البازي إلى أن "الوضع والثقافة الإيرانية السائدة بالنسبة للمناصب الحكومية والرسمية هو أنه من النادر جدا تقديم الاستقالة".

وعلى أساس ذلك تعطي استقالة المسؤول بحسب تصريحاته التي حدد فيها الأسباب بالمشاكل الإدارية وبذل الجهد دون جدوى مؤشرا على أن التعامل التجاري مع سوريا صعب للغاية بالنسبة للإيرانيين.

ويعود ذلك، حسب ذات الباحث إلى "المسار غير الرسمي الموازي في سوريا لأي تعاملات تجارية كبرى والضرائب غير الرسمية وغير ذلك من معضلة السوق السورية بشكل عام".

"وثيقة المناطق الثلاث".. "انقلاب" على حالة السكون بالأزمة السورية مع اقتراب "الثورة السورية" على نظام بشار الأسد من دخول عامها الرابع عشر، أعلن  أكاديميون ومثقفون وناشطون في  ثلاثة بقع بمحافظات السويداء ودرعا وحلب عن إطلاق مبادرة تحت مسمى "وثيقة المناطق الثلاثة"، تقوم على خمسة مسارات أساسية. "رابح- خاسر"

وتعتبر طهران من أبرز حلفاء النظام السوري إلى جانب روسيا، وخلال السنوات الماضية قدمت له دعما عسكريا وسياسيا واقتصاديا.

ورغم الكم الكبير من الاتفاقيات التي أبرمتها "لقاء تدخلها" بحسب باحثين في الاقتصاد، إلا أن جزءا كبيرا منها لم ينفذ على أرض الواقع، على عكس تلك الخاصة بموسكو، التي اتخذت مسارات بعيدة كل البعد عن ذلك.

وتنشط إيران في مختلف القطاعات الاقتصادية بسوريا، وكانت ركّزت مؤخرا على ضرورة دخولها في الأسواق السورية.

وسبق أن ذكرت وسائل إعلام سورية رسمية أن وفدا من مؤسسة "إتكا" الإيرانية (تتبع للحرس الثوري) أجرى سلسلة جولات للأسواق السورية، في مسعى لتوقيع اتفاقيات وشراكات تبادل تجاري.

وفي غضون ذلك لطالما ردد مسؤولون إيرانيون نيتهم تأسيس بنك مشترك في سوريا، ووصلوا في آخر خطواته قبل أسبوعين بالإعلان عن رخصة تأسيسه.

ويعتقد الباحث السوري في "مركز عمران للدراسات الاستراتيجية"، محمد العبد الله، أن أسباب ضعف التبادل التجاري بين إيران وسوريا يرتبط بجزء أولي وأساسي بالتجار السوريين أنفسهم.

ويقول في حديثه لموقع "الحرة" إن "الكتلة الأكبر منهم داخل الغرف التجارية السورية كانوا غير راغبين في التعامل مع الجانب الإيراني، لأسباب ترتبط بأن الأخير يحاول إغراق الأسواق بمنتجات رديئة".

ويمكن القول إن العلاقة بين التجار السوريين والإيرانيين قائمة على مبدأ "رابح خاسر" وليس "رابح رابح"، وفق العبد الله.

ويضيف: "إيران تحاول الهيمنة على السوق التجاري في سوريا مقابل عدم وجود مكسب حقيقي للتجار السوريين، إذا ما تناولنا الزاوية من ناحية الكسب المتبادل".

وبعد طول تواجدها في سوريا وما دفعته من فواتير تحاول إيران الآن قدر الإمكان أن تستعيد جزءا من التكلفة، وسواء من جيب النظام وخزينته أو أي فرص استثمارية في البلاد، وفق العبد الله.

لكنها تدرك حسب الباحث الاقتصادي أن "النظام غير قادر على دفع التكلفة المرتفعة".

ولذلك تحاول "السيطرة على قطاع الإسكان وقطاعات أخرى بما يؤمن لها عائد ومردود اقتصادي ربما يسد جزءا من التكلفة التي تكبدتها"، حسب قوله.

"فجوة تكلفة وتحصيل"

ومثّل اندلاع الحرب السورية في 2011، فرصة لإيران لزيادة نفوذها في سوريا.

وكان هذا مدفوعا بأهمية البلاد الاستراتيجية وموقعها، ودورها في ضمان استمرارية الممر البري من طهران إلى بيروت، ووصولها إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط.

ونادرا ما تنشر إحصائيات توضح ما تكلفت به إيران في سوريا.

ومع ذلك قال النائب، حشمت الله فلاحت بيشه، من لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في تصريح لافت عام 2020 إن بلاده أنفقت ما بين 20 و30 مليار دولار في سوريا لدعم بشار الأسد.

ويشير موقع "iranwire" إلى أن أحد أهم نفقات إيران في سوريا هو تسليم النفط والمنتجات النفطية إلى قوات الأسد، ويتم ذلك في إطار "حد ائتماني" فتحته إيران لسوريا.

ويتراوح هذا الحد، بحسب وسائل إعلام إيرانية، بين 2-3 مليار دولار في السنة، مع منح حد ائتماني إجمالي يصل إلى 6 مليارات دولار في السنة، بما في ذلك الإمدادات الغذائية والطبية، التي حددها وزير الخارجية الإيراني السابق، محمد جواد ظريف، بنحو 2.5 مليار دولار في السنة.

وبالنظر لهذه الأرقام وما تجنيه إيران تجاريا تظهر تفاصيل الفجوة الحاصلة بين الهدف وما تحقق منه، وفق خبراء ومراقبين.

محللون: إيران تستغل حرب غزة لتعزيز نفوذها الإقليمي أكد محللون وخبراء سياسيون لموقع "صوت أميركا" أن نظام الحكم في طهران قد حاول استغلال الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في قطاع غزة لتعزيز نفوذ إيران في الشرق الأوسط من خلال وكلائها في المنطقة. "4 أسباب"

ويستعرض الباحث البازي أسبابا إضافية تحول دون الدفع بالتجارة إلى الأمام بين إيران وسوريا.

أولا: أكبر المؤسسات التجارية الإيرانية هي تلك التي تعمل في مجال النفط والبتروكيماويات ويبدو بأنّ سوريا غير قادرة على إيفاء التزاماتها في هذه المجالات بسبب نقص القطع الأجنبي.

ولذلك تقتصر المعاملات التجارية على المواد الغذائية وغيرها.

ثانيا: صعوبة التعامل بالعملات المحلية بسبب العقوبات على البلدين وأسباب أخرى تعود إلى ترجيح التجار الإيرانيين إلى التعامل مع أسواق أخرى، بسبب سرعة تحصيل الأموال وإعادة تدويرها في الاقتصاد.

ويقول البازي: "في إيران أسعار مدعومة للدولار، ولذلك فإن بعض التجار الإيرانيين يفضلون استيراد السلع بالسعر المدعوم ومن ثم بيع الدولار بالقيمة الحرة في السوق الإيرانية وهذا ما لا تستطيع الأسواق السورية توفيره".

ثالثا: صعوبات لوجستية في نقل البضائع.

ويوضح الباحث أنه رغم الجهود الإيرانية لأكثر من 20 عاما إلا أن العراق لم يوافق حتى الآن على إحداث طريق تجاري يربط أراضيه بإيران وسوريا، وهو ما يضعف عملية النقل والتجارة.

رابعا: تقدر إيران حجم الأموال التي أنفقتها في سوريا بين 30 إلى 50 مليار دولار وهي تبحث عن طرق لإعادة هذه الأموال.

ولذلك تحدث مسؤولون عن الاستثمار في مجالات (النقل والبناء والمساكن والبنوك) وهي مجالات سيادية اقتصادية بالنسبة لسوريا.

ولأن هذه الاستثمارات قج تكون دون عوائد اقتصادية للحكومة السورية، يرجح الباحث البازي "وجود مقاومة غير رسمية للانخراط في مثل هذه المشاريع".

"بلد مستورد"

وحتى الآن لم تصدر تصريحات جدية من جانب مسؤولين في حكومة النظام السوري تشير إلى الأسباب التي تقف وراء ضعف التجارة مع إيران.

وينسحب الموقف على الإحصائيات الحديثة التي أعلنها ربيهاوي، الأحد، وعلى كلام مسؤولين إيرانيين خلال السنوات الماضية.

لكن وزير الاقتصاد السوري، سامر الخليل، كان قد أشار في وقت سابق إلى "القانون رقم 18"، ووضعه كحل من أجل الدفع بالاستثمار والتجارة إلى الأمام.

وعاد، شاه حسيني، رئيس المكتب السوري بوزارة الخارجية ليقول الآن إن "القانون حديث، ولا يمكن الاستفادة منه في دراسة وتطوير سبل الاستثمار".

ويرى الباحث الاقتصادي العبد الله أن إيران تحاول "جعل سوريا بلدا مستوردا"، ويضيف أنها حاولت خلال السنوات الماضية السيطرة على القطاع التجاري بالتحديد.

لكن ومع ذلك لم تصل حتى الآن إلى النقطة التي عملت على تثبيتها من خلال الاتفاقيات ومذكرات التفاهم.

العبد الله لا يستبعد من جانب آخر دور الجانب الروسي، ويقول إنه موسكو قد تكون تلعب دورا في تخفيف وتيرة النشاط التجاري بين إيران وسوريا، لغايات تصب في صالحها.

ويشير أيضا إلى واقع النقل المكلف بالنسبة لإيران وواقع القطع الأجنبي ومدى توافره في سوريا لاستيراد البضائع  الإيرانية، فضلا عن الجانب الأمني ومدى القدرة على تأمين القوافل حتى وصولها إلى سوريا. ويقول العبد الله: "كلها عوامل تصب في إطار الضعف الحاصل في التبادل التجاري".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: خلال السنوات الماضیة بین إیران وسوریا التبادل التجاری النظام السوری بین البلدین ملیار دولار العبد الله حتى الآن إیران فی فی سوریا دولار فی

إقرأ أيضاً:

مدير مبادرة «مديم» في «تنمية المجتمع» لـ«الاتحاد»: هدفنا تحقيق استراتيجية جودة حياة الأسرة

هدى الطنيجي (أبوظبي)
أكدت الدكتورة منى المنصوري - مدير عام هيئة أبوظبي للدعم الاجتماعي بالإنابة ومدير مبادرة مديم - دائرة تنمية المجتمع أبوظبي، أن إعلان عام 2025 عاماً للمجتمع تحت شعار «يداً بيد»، يعكس النهج المستمر الذي تتبعه قيادتنا الرشيدة لتعزيز تماسك المجتمع الإماراتي وضمان استقراره ورفاهيته، مع المحافظة على مكتسباتنا الوطنية والعمل على تحقيق مزيد من التقدم والازدهار، تماشياً مع رؤية الأب المؤسس، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أرسى أسس العمل المجتمعي الهادف إلى تقوية الروابط الأسرية والمجتمعية. وذكرت أن مبادرة «مدِيم» تأتي كواحدة من أبرز المبادرات المجتمعية التي تعكس روح هذا النهج، حيث تتماشى أهدافها بشكل كامل مع شعار «يداً بيد» لعام المجتمع، وتسعى المبادرة إلى تشجيع الشباب على الزواج وتعزيز ثقافة تأسيس أسر مستدامة تقوم على قيم التآلف والمودة والتكافل، وهي قيم جوهرية في مجتمعنا الإماراتي. وتعد هذه المبادرة رافداً مهماً لتحقيق التوجهات الحكومية الرامية إلى تنمية المجتمع من خلال دعم بناء أسر مِديمة ومتباركة، باعتبار الأسرة المستقرة والسعيدة هي الركيزة الأساسية لمجتمع متماسك ومزدهر.
وقالت الدكتورة منى المنصوري في حوارها مع «الاتحاد»: إن مفهوم تنمية المجتمع لا يمكن فصله عن بناء أسر قوية تنعم بالاستقرار والبركة، حيث تقوم هذه الأسر بدور محوري في نقل القيم الأصيلة وتعزيز موروثنا الثقافي والاجتماعي الذي نفخر به. ومن هذا المنطلق، تهدف مبادرة «مدِيم» إلى غرس مفاهيم البركة في النعم، والحفاظ على التقاليد الراسخة، وتعزيز مبادئ الاحترام والتآخي، ويمكننا القول: إن «مدِيم» تمثل تجسيداً عملياً لرؤية قيادتنا الحكيمة في بناء مجتمع متلاحم ومستدام، حيث تتضافر الجهود لضمان رفاهية أبناء الوطن وسعادتهم. كما أنها تدعم أهداف استراتيجية أبوظبي لجودة حياة الأسرة، التي تسعى إلى الارتقاء بجودة حياة أفراد المجتمع، وتعزيز التماسك الأسري، وتحقيق التنمية المستدامة التي ترتكز على قيمنا الأصيلة ومبادئنا الوطنية.

جودة حياة الأُسرة 
وأكدت د.منى المنصوري، أن مبادرة «مِديم» تمثل إحدى الركائز الأساسية لتحقيق أهداف استراتيجية أبوظبي لجودة حياة الأسرة، حيث تتكامل مع رؤية الاستراتيجية لضمان استقرار الأسرة وسعادتها وديمومتها. من خلال مجموعة من البرامج والخدمات المبتكرة، تسهم «مِديم» بشكل فعّال في توفير بيئة داعمة تساعد على تكوين أسر مستقرة ومتماسكة، مع التركيز على التوعية والتأهيل وتعزيز جودة الحياة لجميع أفراد الأسرة.
وذكرت أنه حتى نهاية 2024، سجلت مبادرة «مديم» في نموذج النساء للأعراس 1354 طلباً للزفاف، و705 طلبات لاختيار باقات الزفاف، و298 حفل زفاف مؤكداً، فيما شارك في مركز مديم 1182 شخصاً في ورش التوعية، إلى جانب عقد أكثر من 750 جلسة استشارية فردية وأكثر من 260 جلسة جماعية، وبالتزامن مع عام المجتمع 2025، تواصل الدائرة العمل على تطوير خدماتها لضمان تحقيق الازدهار والاستدامة للأسر الإماراتية، وتعزيز التماسك المجتمعي، وبناء مجتمع أكثر استدامة وتلاحماً.
ولفتت منى المنصوري إلى أن الركائز الرئيسة لمبادرة «مِديم» وكيفية دعمها للاستراتيجية تتمثل في بداية مركز مِديم لإعداد الأسرة، الذي يعتبر وجهة متكاملة تقدم خدمات اجتماعية شاملة وغير مسبوقة على مستوى الإمارة، يهدف المركز إلى إعداد وتأهيل المقبلين على الزواج والأسر حديثة التكوين، إضافة إلى تقديم الدعم للأسر التي تواجه تحديات مختلفة، ومن أبرز خدماته، الاستشارات النفسية والأسرية لدعم الصحة النفسية والاستقرار الأسري، والبرامج الإرشادية والتوجيهية التي تركز على إعداد الأفراد للحياة الزوجية وتطوير مهاراتهم في التواصل وحل النزاعات والبرامج التثقيفية والتوعوية لتعزيز الوعي بأهمية الاستقرار الأسري وكيفية التعامل مع تحديات الحياة الأسرية، هذه الخدمات تجعل المركز ركيزة أساسية لتحقيق أحد أهم أهداف الاستراتيجية، وهو تعزيز التماسك الأسري وتحسين جودة حياة أفراد الأسرة.

أخبار ذات صلة «الفارس الشهم 3» تقدم هدايا العيد لأطفال المستشفى الميداني الإماراتي تقنيات الاستشعار «عن بُعد» تعيد رسم ملامح المستقبل الفضائي

نموذج ملهم 
وقالت د. منى المنصوري: من الركائز كذلك نموذج مِديم لأعراس النساء، هذا النموذج المبتكر حظي بترحيب واسع من أفراد المجتمع، لما يقدمه من نموذج ملهم يجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث يشجع المزيد من الشباب الإماراتي على اتخاذ قرار الزواج من خلال توفير نموذج يقلل من تكاليف الأعراس، مع الحفاظ على الطابع الثقافي والتقاليد الإماراتية الأصيلة، ويساهم في إرساء ثقافة الاستدامة الاجتماعية من خلال مزج الأناقة العصرية مع العادات والتقاليد المحلية، ويتماشى مع أهداف الاستراتيجية في دعم ديمومة الزواج، حيث يقدم للمقبلين على الزواج برامج تأهيلية متكاملة ومرافقة مستمرة لمساعدتهم في مختلف مراحل حياتهم الزوجية.
وأشارت إلى أنه من الركائز برنامج «المزايا والمنافع» من مِديم، الذي يمثل عنصراً داعماً أساسياً للمبادرة، حيث يقدم باقة من العروض الحصرية للمقبلين على الزواج، الذين يختارون تطبيق نموذج مِديم لأعراس النساء أو الاستفادة من خدمات المركز، ويمنح بطاقة «مِديم» التي توفر خصومات وعروضاً استثنائية تهدف إلى تخفيف الأعباء المادية على الأزواج الجدد، ويشجع على التفاعل مع مختلف خدمات المبادرة، مما يعزز فرص تأسيس أسر مستقرة ومزدهرة، والركيزة الرابعة منصة مِديم الإلكترونية، تعتبر البوابة الرقمية الشاملة التي تسهل على المواطنين المقبلين على الزواج الحصول على كافة المعلومات حول المبادرة، وتمكن المستخدمين من إتمام جميع إجراءات الزواج تحت سقف رقمي واحد، مما يساهم في تسهيل العملية وتقليل الوقت والجهد، وتوفر محتوى تثقيفياً متكاملاً حول التخطيط للزواج، الحياة الزوجية، والتحديات الشائعة مع نصائح للتغلب عليها
وأوضحت، أنه بفضل هذه الركائز، استطاعت مبادرة «مِديم» أن تدعم بشكل كبير أهداف استراتيجية أبوظبي لجودة حياة الأسرة من خلال تشجيع تكوين أسر سعيدة ومستقرة، وتعزيز استدامة العلاقات الزوجية من خلال الدعم النفسي والإرشادي المستمر، وتحسين جودة حياة أفراد الأسرة، عبر خدمات شاملة تهدف إلى تحقيق الرفاهية النفسية والاجتماعية وتخفيف الأعباء المالية على الشباب المقبلين على الزواج، مما يشجعهم على تأسيس أسر في بيئة مريحة ومستدامة.
وقالت د. منى المنصوري: لطالما كانت الأُسرة المستقرة في صلب اهتمامات قيادتنا الرشيدة، التي تنظر إليها باعتبارها الأساس الراسخ لمجتمع متماسك ومستدام، فالأُسرة هي النواة الأولى التي تُبنى عليها الأوطان.
الرفاه المجتمعي 
وأشارت إلى أن الدراسات تؤكد أن السعادة الفردية ترتبط بشكل وثيق باستقرار الأسرة وعندما تنعم الأسرة بالسعادة والاستقرار، ينعكس ذلك على تحسين جودة الحياة العامة في مجتمع يتمتع أفراده بالاستقرار العاطفي والاجتماعي، تتعزز مفاهيم التعايش والتسامح والتعاون، مما يخلق بيئة محفزة على الابتكار والإبداع.
وقالت المنصوري: من هذا المنطلق، تعمل القيادة الرشيدة في دولة الإمارات العربية المتحدة على إطلاق مبادرات مجتمعية مبتكرة تهدف إلى تعزيز استقرار الأسرة ودعم الأزواج والزوجات لبناء أسر راسخة ومستدامة، هذه المبادرات تستند إلى قيمنا الأصيلة وموروثنا الحكيم، وتشجع على إنشاء أسر مِديمة تسودها المحبة والتعاون، مع الحرص على توفير بيئة داعمة للأجيال القادمة، كما تسهم البرامج التثقيفية والتوعوية في تمكين الأزواج والزوجات من مواجهة التحديات الأسرية، مما يعزز من قدرتهم على بناء حياة زوجية ناجحة ومستدامة.
وأضافت: لذا فإن استقرار الأسرة هو الأساس لمجتمع قوي ومزدهر، فهو لا يعزز فقط التماسك الاجتماعي، بل يشكل أيضاً قاعدة صلبة لتنمية الأجيال، تعزيز الاقتصاد الوطني، وحماية الهوية الإماراتية من خلال دعم الأسرة وتحقيق استقرارها، نضمن استمرار مسيرة البناء والتقدم في دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث تتكاتف الجهود لضمان مستقبل مشرق لأبنائنا ومجتمعنا بأسره.

الاستقرار الأسري
ذكرت منى المنصوري، أن مبادرة «مِديم» ترتكز في رؤيتها المستقبلية على ترسيخ توجهات مجتمعية جديدة تشجع الحفاظ على الموروث، وتبرز أهمية دعم الاستقرار الأسري في إمارة أبوظبي وتعزيز ديمومة الزواج، بما ينسجم مع رؤية الدولة واستراتيجياتها الرامية إلى تحقيق جودة حياة عالية لجميع أفراد الأسرة.
ولفتت إلى أن الأهداف المستقبلية لمبادرة «مِديم» تتمثل في إحداث تغييرات اجتماعية إيجابية ومستدامة، حيث تسعى المبادرة إلى إحداث تحول مجتمعي جذري في النظرة النمطية للأعراس في مجتمعنا، عبر الترويج لثقافة تتبنى التقاليد الأصيلة والقيم العريقة بأسلوب عصري وبسيط، وإحياء التراث الإماراتي، وتذكير الأجيال الشابة بجمال وأصالة عاداتنا وتقاليدنا، وتشجيعهم على تطبيق هذه القيم في مختلف مراحل الزواج وتجهيزات الأعراس، والتأكيد على البساطة والبركة في الأعراس كبديل للمظاهر المبالغ فيها، مما يعزز مفهوم الاستدامة الاجتماعية، ويخفف الأعباء المالية عن الأزواج الجدد.
وبينت أنه من الأهداف كذلك التوسع في تقديم خدمات داعمة للأسرة، تماشياً مع رؤية القيادة الرشيدة في تعزيز استقرار الأسرة الإماراتية وتحقيق التنمية المستدامة للمجتمع.
تعزيز التنمية الشاملة 
ذكرت د. منى المنصوري أن استقرار الأسرة ليس مجرد هدف اجتماعي، بل هو ركيزة أساسية للتنمية الاقتصادية، الأسر المستقرة والمزدهرة تكون أكثر قدرة على المشاركة في الاقتصاد الوطني من خلال تربية أفراد منتجين ومؤهلين لدخول سوق العمل بفعالية ودعم الاستهلاك المستدام من خلال التخطيط المالي السليم وتقليل الأعباء الاقتصادية، مما يسهم في خلق مجتمع متوازن اقتصادياً، وتعتبر الأسر المستقرة هي الحاضنة الطبيعية لتراثنا الثقافي وموروثنا الاجتماعي؛ فهي تساهم في غرس الهوية الوطنية وتعزيز ارتباط الأبناء بتاريخهم وتراثهم. هذا الارتباط القوي بالهوية الوطنية هو ما يجعل أفراد المجتمع أكثر تلاحماً وتمسكاً بقيمهم وتقاليدهم الأصيلة.
شراكات استراتيجية 
أكدت د. منى المنصوري أن المبادرة تسعى إلى استقطاب المزيد من الشركاء الاستراتيجيين من مختلف القطاعات الحكومية والخاصة للمشاركة في دعم برامجها، وخاصة برنامج «المزايا والمنافع» من مِديم، الذي يوفر باقات حصرية من العروض والتسهيلات للأزواج الجدد من خلال توسيع قاعدة الشراكات مع القطاع الخاص لزيادة عدد المزايا المقدمة، وتعزيز استفادة المستفيدين من المبادرة، وتفعيل دور المؤسسات المجتمعية لدعم برامج التوعية والمشاركة المجتمعية في تعزيز مفاهيم الاستقرار الأسري. 
دعم أهداف «عام المجتمع» 
وأكدت د. منى المنصوري أنه في إطار إعلان عام 2025 عاماً للمجتمع تحت شعار«يداً بيد»، تسعى مبادرة «مِديم» إلى المشاركة الفاعلة في تحقيق أهداف هذا العام من خلال إطلاق برامج ومبادرات جديدة تهدف إلى تعزيز الوعي المجتمعي بأهمية بناء أسر مستدامة تسهم في تقوية نسيج المجتمع الإماراتي، وإعداد وتأهيل جيل واعٍ ومسؤول يدرك الدور الحيوي للأسرة المستقرة في ضمان تماسك المجتمع واستقراره والحفاظ على المكتسبات الوطنية والاجتماعية، عبر تمكين الأسر من مواجهة التحديات المتغيرة، وتحقيق الازدهار الدائم. ومن خلال هذه الأهداف المستقبلية، تهدف «مِديم» إلى تعزيز استدامة الأسر الإماراتية وتحقيق المزيد من النجاح في إرساء أسس مجتمع مترابط ومتماسك، حيث يلعب كل فرد دوراً محورياً في بناء مستقبل مشرق ومستدام لدولة الإمارات العربية المتحدة.

مقالات مشابهة

  • مدير مبادرة «مديم» في «تنمية المجتمع» لـ«الاتحاد»: هدفنا تحقيق استراتيجية جودة حياة الأسرة
  • صفقات استحواذ استراتيجية تعزز توسع «مصدر» بأوروبا
  • واشنطن تعلق على اوضاع سوريا: من المبكر اتهام إيران
  • صحيفة إسرائيلية تكشف عن أسباب التعاون بين سوريا والعراق
  • رئيس الوزراء العراقي: نرفض التهديدات ضد إيران وندعم وحدة سوريا
  • الاعلام العبري: صواريخ اليمن تشكل مصدر إزعاج كبير” لإسرائيل”
  • إعلام العدو: صواريخ اليمن تشكل مصدر إزعاج كبير” لإسرائيل”
  • الآلاف يحتشدون في الجوامع والساحات العامة التي حددتها وزارة الأوقاف في مختلف المدن السورية لأداء صلاة عيد الفطر المبارك، وذلك في أول عيد بعد تحرير البلاد وإسقاط النظام البائد.
  • إيران تكشف عن القاعدة العسكرية التي ستضربها في حال تعرضها لهجوم أميركي
  • ترحيب بتشكيل الحكومة السورية الجديدة والآمال عليها معلقة لتحقيق تطلعات شعب سوريا والأمن والاستقرار