المأكولات التراثية في السويداء امتداد الماضي إلى الحاضر
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
السويداء-سانا
تبرز في محافظة السويداء العديد من المأكولات التراثية المشهورة والتي حملتها النساء من أمهاتهن وجداتهن وما زالت حاضرة على موائد الطعام والمناسبات إلى يومنا هذا.
المأكولات التراثية بحسب الباحث في التراث سلمان البدعيش تعكس طبيعة حياة سكان المحافظة قديماً والتي كانت تعتمد بشكل أساسي على الزراعة ومنتجات الأرض وتربية الثروة الحيوانية وانعكاساتها على إعداد الأطعمة الصحية والمفيدة مع تميزها بإمكانية حفظ موادها الأولية لمدة طويلة.
وأشهر المأكولات وفقاً للباحث البدعيش المنسف العربي كعنوان للكرم والضيافة والذي يتم تقديمه عادة ضمن المضافة ورغم تراجع تقديمه جراء ارتفاع تكاليفه يبقى حاضراً ويجمع أبناء المحافظة وضيوفهم في العديد من المناسبات.
المنسف كما بين البدعيش يتكون من الملاحية المصنوعة من اللبن الرائب أو المجمد ” الكثاء “، والبرغل واللحم والكبة ذات الأشكال المتعددة، منها القرص الذي يتم وضعه وسط المنسف وما يسمى الهلاليات بجانبه وفجة الرأس للخاروف فوقه، إضافة لأقراص الكبة المقلية المحشوة بالجوز واللحم والبصل والبهارات ونوع آخر من الكبة المسلوقة، وكذلك السمن العربي، إضافة إلى وجود خبز الصاج العربي الذي يتم وضعه حول المنسف.
وذكر البدعيش أنه جرت العادة عندما تكون الوليمة كبيرة تحوي أكثر من منسف والمدعوون كثر تشترك عدة نساء من البيت أو الجيران أو الأقارب بإعداد المنسف، وخاصة فيما يتعلق بتصنيع الكبب ودق اللحم ومرس ما يسمى بـ “الكثاء ” وسلق اللحم بالوعاء الكبير الذي يسمى “الدست “.
وهناك العديد من الأطعمة التراثية بالسويداء، ومنها وفقاً للباحث البدعيش المعكرونة بالكشك التي ما زالت تتقن تحضيرها العديد من نساء المحافظة بعد تناقلها عن أمهاتهن وجداتهن، وذلك باستخدام أطباق تحوي نقوشاً نافرة أو مصافي مثقبة للف قطع العجين عليها في حال عدم توافر أطباق القش لديهن.
وبين البدعيش أن المعكرونة بالكشك تطبخ غالباً في فصل الشتاء، ويعتمد تحضيرها على مواد تكون موجودة ضمن مؤونة الأسرة، حيث تعجن النساء دقيق القمح الأسمر ثم تقطعه بعد اختماره إلى قطع صغيرة يجري لفها على الطبق لتنطبع تعرجات الطبق عليها وتكسبها شكلاً شبيها بقطع المعكرونة لتوضع بعدها في ماء مغلي وتسلق وتصفى بالمصفاة، ويضاف لها الثوم والبصل والكشك وزيت الزيتون لتصبح جاهزة للأكل.
كما تحضر كذلك في السويداء وفقاً للبدعيش ما يسمى أكلة “العميشة” التي تتطلب سلق البرغل الناعم، ثم إضافة الكشك والسمن أو الدهنة ويرافق أكلها البصل المشوي، وكذلك أكلة “المقصصة” التي أصبحت من المأكولات القليلة وتحضر عبر تقطيع العجين أو قصه إلى قطع صغيرة بالموس، وإضافة العدس إليه وطبخه.
ولا تغيب عن موائد السويداء أكلة ما يعرف بـ “الشيش برك” التي تجمع أفراد الأسرة والأصدقاء والأقرباء في جلسات ومناسبات، وخاصة في فصل الشتاء وأيام العطل نظراً لطبيعة تحضيرها التي تتطلب الوقت والجهد كما أوضح الباحث البدعيش.
ويستلزم تحضير “الشيش برك” أولاً عجن دقيق القمح الصافي وتركه حتى يتخمر ثم إعداد الحشوة التي تتضمن البصل واللحم أو الدهن والجوز وبعد الانتهاء منها تبدأ عملية لف العجين بعد تقطيعه لقطع صغيرة وترقيقها باليد لتشكل قرصاً مستديراً ليتم بعدها وضع الحشوة في وسطه وثنيه ليكون نصف دائرة ثم لفه مرة أخرى من أطرافه ليصبح على شكل قبعة صغيرة، حيث تصف الحبات ضمن قدر كبير لتكون جاهزة للطبخ ليتم بعد ذلك إضافة اللبن المغلي أو المجمد “الكثاء ” ومادة الورس لحبات العجين ليتحول لونها إلى أصفر وتترك على نار هادئة حتى تنضج وتصبح جاهزة للأكل وتسكب إما في المنسف أو بالقدر أو الوعاء المناسب عند اقتصار تناولها على أفراد العائلة فقط كما تقفر بالسمن البلدي وأحياناً وضع أشياء في بعض حبات أو قطع العجين كمادة الهيل للدلالة على حظ صاحبها والأزرار للإشارة لسوء حظ من يأكل هذه الحبة وغيرها من الأشياء التي تدل على صفات إيجابية أو سلبية، وذلك بقصد الدعابة والتسلية.
وتماشياً مع الأطعمة تبرز في السويداء وفقاً للباحث البدعيش مأكولات تراثية كحلوى ومنها خبز “المرشم” الذي تكثر صناعته سابقاً خلال شهر نيسان من كل عام، وخاصة في يوم خميس الأسرار وفي الأعياد وهو يحمل اسمه من الرشم الذي يصنع منه والمتمثل بقالب خشبي محفور عليه دوائر ونقوش توضع داخله أقراص العجين.
خبز “المرشم” الذي انتشرت العديد من المحال لتصنيعه ولم يعد مقتصراً على المنازل فحسب تدخل في صناعته مجموعة من مواد تتضمن الطحين الأسمر والسكر والسمن والزيت والحليب والخميرة والبهارات وخاصة اليانسون الذي يضفي نكهة مميزة عليه وحبة البركة وتبدأ طريقة تحضيره وفقاً للبدعيش بفرك الطحين والسكر والبهارات مع السمنة، ثم إضافة الحليب والخميرة لها وتحريكها باليد حتى يتماسك المزيج ليترك بعدها لفترة تتراوح بين ثلاث إلى أربع ساعات ليختمر ويصبح عندها جاهزاً للخبز بالفرن أو على الصاج على شكل أقراص مع إضافة السمسم إليه وذلك حسب الرغبة.
وتشتهر السويداء كما بين البدعيش بحلوى “اللزاقيات” التي تقدم خاصة للضيوف في المحافظة أو في المناسبات كانتهاء أعمال موسم الحصاد وتقدم غالباً ضمن المناسف ويدخل في تكوينها مواد تتمثل بالدقيق الأسمر والحليب والحلاوة والبهارات المختلفة، إضافة لما يعرف بأكلة “الزلابي” التي تتطلب الدقيق والخميرة واليانسون والورس والبهارات والسكر، حيث يتم عجن عجينتها وتقلى حين تتخمر بزيت نظيف لتصبح جاهزة للأكل كأكلة منزلية من المعروف عنها أنها للسهرات الشتوية كونها تعطي طاقة للجسم لاحتوائها على السكر مع تميزها بمرافقة الأمثال الشعبية لها فنسمع مثلاً يقول ” زلابي زلزبول يا بطعموني يا بقول”.
عمر الطويل
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: العدید من
إقرأ أيضاً:
ما نعرفه عن يوناني عماد الدين!
إذا كانت القاهرة الخديوية أو منطقة وسط البلد كما نعرفها حاليا، تضم بين جنباتها ثلثى عدد النوادى الخاصة فى القاهرة، فإن اليونانيون يمتلكون أكثر من ثلث هذه النوادى.
ونوادى اليونانيون على اختلاف مسمياتها كانت دائما الأقرب إلى روح المصريين كمطاعم مميزة وأماكن لطيفة للسهر والترفيه، ويعرف العديد من الكتاب والمثقفين والمصريين النادى اليونانى فى طلعت حرب كأحد أبرز منتدياتهم، فيما يعد بالنسبة للأجانب مزارا رئيسيا فى وسط البلد، ولازال النادى كذلك بعد تطويره وإعادة افتتاحه في السنوات القليلة الماضية.
وفى منتصف القرن التاسع عشر، اتسعت الجالية اليونانية فى مصر، وتولى أبناؤها العديد من الأعمال فى الميدانين الصناعى والتجارى، ونجح يونانيو القاهرة فى إقامة مشروعات خيرية كثيرة، ومن بينها مدارس لخدمة أفراد الجالية المقيمين بمصر، على رأسها “المدرسة العبيدية اليونانية”، التى أسسها الإخوة رافائيل وأندريا وجورج عبيد عام 1860.
بعد انقضاء عدة سنوات قرر مجموعة من خريجى المدرسة إنشاء رابطة أو ناديا لهم عام 1923، وكان التأسيس الرسمى فى الثانى عشر من يونيو عام 1932، واتخذوا في البداية مقرًا لناديهم فى 1 شارع فؤاد (26 يوليو حاليا) تجمع فيه مائة من خريجى المدرسة بدعوة من اللجنة المؤسسة، وبلغت قيمة الاشتراك حينها نحو خمسة وعشرين قرشا، وكان “خريستوس أفيرنوس” أول من ترأس مجلس إدارة النادى، وحاليًا يقع المقر الرئيسي للنادي بإحدى العمارات الخديوية الموجودة في شارع عماد الدين، بجوار سينما كريم، ويعرف حاليا فى أوساط رواده بـ”يونانى عماد الدين”.
الجمعية أو النادى يهدف إلى تقديم الخدمات الثقافية والعلمية والمساعدات الاجتماعية، إضافة إلى تنظيم الحفلات والرحلات ومساعدة الطلبة اليونانيين وتقديم المنح الدراسية، كما يقوم باستقبال الطلبة اليونانيين الوافدين إلى مصر، ومن ضمن الخدمات أيضًا وجود مطبخ وبوفيه لتقديم الوجبات بهدف تقوية الترابط الأسرى للأعضاء وأسرهم.
ويضم النادى فى عضويته نحو 165عضوًا عاملًا ممن اشتركوا فى تأسيس الجمعية منذ إنشائها، ولا بد أن يكون يونانى الأصل ومن خريجى المدرسة العبيدية القسم اليونانى، إضافة إلى نحو أربعين عضوًا منتسبا وهو الذى لا تتوافر فيه جميع شروط العضوية، ويقرر مجلس الإدارة قبوله عضوًا منتسبًا، كما يضم نحو اثنى عشر عضوًا فخريًا، ممن يقدمون خدمات جليلة للجمعية من بينهم سفير اليونان بالقاهرة.
يقع النادى على مساحة نحو ثلاثمئة متر، وينقسم إلى مكتب للإدارة، ومكتبة عامة تضم كتبًا فى التاريخ والحضارة اليونانية مترجمة للغات الفرنسية والإنجليزية والعربية، إضافة إلى غرفة للبلياردو وتنس الطاولة، وتراس خارجى، إضافة إلى صالة النادى التى تسع لـ25 طاولة ونحو مئة كرسى، إلى جانب وجود دولابين بالصالة يضمان الكؤوس والأوسمة التى مُنحت للنادى على مدار تاريخه.