لكل العرب: عزيزي المواطن عزيزي الفقير
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
بقلم: كمال فتاح حيدر ..
هناك مثل عراقي قديم يضرب دائما لوصف ترابط حلقات الدعم والتواصل بين العصابات والمافيات والبطلجية المسيطرة والمتنفذة في معظم بلدان الشرق الأوسط، وليس في بلد بعينه. يقول المثل:
(طاسة في بطن طاسة وبالبحر ركاسة)
وحتى تدرك مخاطر هذا الترابط المريب بين الشراذم التي استحوذت على الطوس والمواعين، لابد ان تعلم ان العصابات المحلية مرتبطة بالأساس بعصابات خارجية كبرى لها مخالب ولها جيوش ولها قدرات دولية استثنائية.
اما في الداخل فالتركيبة التي يراها كل مواطن في بلده تتمثل بالصورة اليومية المتداولة، التي تتحدث عنها الصحف والفضائيات، وهي صورة مطروحة لغرض الإلهاء والتضليل والثرثرة، وغالبا ما تكون محددة بنقاط لا ينبغي تجاوزها. وبالتالي فأن صورة الفساد التي يستعرضها الإعلام في هذا البلد أو ذاك تمثل الجزء الظاهر من جبل الجليد المغمور بالماء. .
في الشرق لدينا أوطان فقدت سيادتها منذ عام 1916. لكنها أوطان ظلت ترتدي جلباب الدولة وعمامة الحكومة بكل مجالسها الشكلية. وهذا الجلباب يتغير لونه وبريقه ومظهره من وقت لآخر، تارة يحمل مزايا دولة الخروف الأسود، وتارة يحمل ملامح دولة الخروف الأبيض. واحيانا يظهر بمظهر الورع والتقوى. او يكون متمردا على تعاليم السماء. فالهدف من هذه التقلبات والانقلابات هو ادخال المواطن في دوامات وكوابيس لا يستطيع الخروج منها. وإرغامه على التعايش مع كل حقبة وكل مرحلة من تلك المراحل المتعاقبة. .
اغلب الظن ان الشاعر (احمد النجار) تأثر بنظرية الطوس المتعاقبة والحاويات السياسية المتراكبة، فكتب قصيدته (تذاكر يا هانم) باللهجة المصرية الدارجة، فأصاب كبد الحقيقة المؤلمة. وهذا مقطع اخترته لكم من تلك القصيدة:
عزيزي المواطن – عزيزي الفقير
أمالك في بكرى بتنقص كتير
بتنقص بلادك أراضي وبيوت
بتنقص ولادك تابوت فوق تابوت
دا بينك يا باشا وبين الحياة
حواجز وشيش خلف شيش خلف شيش
سيناريو العجائب عجيب العجاب
تموت البراءة وتحيا الكلاب
وتصنع مهازل وتهدم منازل
وتعمل عوازل ما بين الصحاب. . د. كمال فتاح حيدر
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
العمالة السائبة.. ومعاناة المواطن
ينتشر في شوارع وأحياء مدينة جدة شمالها وجنوبها، ثلة من العمالة السائبة من سباكين ونجارين وكهربائيين، بعضهم على أرصفة الشوارع، والآخرين في دكاكين صغيرة، مليئة بالأجهزة التالفة.
وأكاد أجزم بأنه لم يسلم أي مواطن من عملية نصب، من قبل هذه العمالة السائبة، والتي يتضح للمواطن بعد تلقي خدماتها، أن ما قامت به تلك العمالة ليس أكثر من عملية نصب واحتيال، وبأثمان باهظة في معظم الأحيان.
وبالعودة لماضينا الجميل، نتذكر أن لكل مهنة من مثل تلك العمالة، كان هناك شيخ طائفة مسؤول عن ممارسي تلك المهن، فكان هناك على سبيل المثال شيخ للنجارين، وشيخ للسباكين، وشيخ للكهربائيين، بحيث يمكن لمن تعرّض للغش من قبل أي من ممارسي المهنة، الرجوع لشيخ الطائفة لمحاسبة ممارسي أي مهنة مارس الغش، أو الإحتيال، أو لم يكن مؤهلاً مهنياً للعمل في تلك المهنة.
أقول هذا الكلام، بعد تعرضي لأكثر من عملية نصب كان آخرها استعانتي بعامل من إحدي الجنسيات الآسيوية يمتهن اصلاح المكيفات المركزية، واستعنت به بعد أن توقف مكيِّف أحد الغرف عن العمل، وفشلت في إعادة تشغيله، فجاء ذلك (المهندس) ليقرر بعد التواصل مع المهندس الفعلي، والذي كان في بلده يستمتع بإجازة مدفوعة القيمة من قبل كفيله، ليخبرني أن تكلفة الإصلاح تتجاوز ال 1500 ريال. ولم أملك سوي الطلب منه المغادرة على الفور، لأستعين بمهندس آخر من جنسية عربية، ليتم اصلاح المكيِّف وإعادة تشغيله بتكلفة لم تتجاوز ال 200 ريال.
والسؤال الذي لم أجد له إجابة بعد، هو: من هي الجهة المسؤولة عن مقدمي تلك الخدمات ومنتحلي تلك المهن؟
ولماذا تسمح تلك الجهة لتلك العمالة السائبة والمنتشرة في كافة أحياء جدة عبر (دكاكين) صغيرة تجد فيها عامل أو إثنين، من المفترض أن يكونوا مؤهلين لتقديم خدمات الصيانة المنزلية، لكن معظمهم غير مؤهل لتقديم تلك الخدمات.
نشاهد في كل يوم سيارة البلدية تجول شوارع جدة للتفتيش على البقالات، ومكاتب الخدمات، وحتى المطاعم و(تصقعها) بالغرامات الفاحشة في معظم الأحيان، ولم يسلم من مندوبي البلدية حتى المطاعم العائدة لمواطن أو عاطل عن العمل يبحث عن لقمة عيشه بشرف ببيع الخضار والفواكه، ليتفاجأ بغرامات مطالب بدفعها وفوراً ودون أي اعتراض مع مصادرة كل ما يعرضه للبيع.
أتمنى ان يجد مقالي هذا تجاوبً من الجهة المسؤولة عن هكذا ممارسات من قبل بعض العمالة، ويرحم أيام شيوخ المهن المختلفة، والذين كانوا يبدعون في أدائهم، ويحمون المواطن قبل كل شيء من جهلة المهن والنصابين.
• كاتب رأي
ومستشار تحكيم دولي
mbsindi@