عقد نواب "التغيير" مؤتمرا صحافيا في مجلس النواب،  تناولوا فيه موضوع الاتصالات وتحدث خلاله النائبان ياسين ياسين وبولا يعقوبيان.

وكشف النائب ياسين في كلمته أن "قطاع الإتصالات حقق ما يقارب من 17 $ مليار دولار بين عامي 2010 و 2020 ، ومع هذه الايجابية المالية فهناك غياب للتدابير المالية من حيث الشفافية وما زال يعاني من سوء ادارة مالية".



وقال: "موضوعنا اليوم هو عن الOTT over the top  الذي هو وسيلة للوصول الى محتوى تلفزيوني عبر الانترنت، الى مشتركيها IPTV  هو وسيلة أخرى للوصول الى نفس المحتوى ولكن عبر الشبكة الأرضية التي تمتلكها الدولة وتديرها عبر"أوجيرو"، مشيرا الى ان "هذا البند أدرج على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء في احدى الجلسات السابقة يثير الاستغراب – لان الخلط بين الIPTV و الOTT  يبدو غير منطقيا خصوصا انه يمكن لاي كان وأينما كان ان يقدم هذه الخدمة ومن دون الحاجة بأن يكون مشغل خدمات انترنت حتى".

اضاف: "وحيث ان وزير الاتصالات كان قد تقدم بطلب رأي من هيئة التشريع والاستشارات في ايار 2023 يتعلق بقيام شركات القطاع الخاص بالتعاقد مع الوزارة ممثلة بأوجيرو بتقديم خدمة الIPTV، الا أن هيئة التشريع والاستشارات اعطت رأيها بالقول ان ذلك تمنعه المادة 6 من مرسوم التعرفة منعا باتا. وبعد هذا الرأي تخلى الوزير عن موضوع الiptv  وعمد الى الالتفاف على الرأي الذي أصدرته هيئة التشريع والاستشارات سابقا وتقدم بطلب رأي جديد بتعلق بخدمة الOTT  ".

وقال ياسين: "وبناء على هذا كله بتاريخ 6-1-24 نحن تقدمنا بسؤال، إلى الحكومة بشكل عام ولرئيس الحكومة السيد نجيب ميقاتي ولوزير الاتصالات السيد جوني قرم بشكل خاص وبتاريخ 22-1-24 ، تقدمنا بإخبار الى ديوان المحاسبة، مع تمنياتنا أن يصلنا جواب سريع من مجلس الوزراء حول هذا الملف وأن يقوم ديوان المحاسبة بالتحقيق في هذا الملف الاساسي والحيوي وأن يتعامل ديوان المحاسبة مع هذا الموضوع بنفس الطريقة الذي تعامل بها مع ملف الA2P والذي نشكر جهوده على حسم هذا الموضوع بالشكل الذي يضمن المنافسة والشفافية وحماية ايرادات الدولة".

واعلن انه "لم يصلنا جواب حتى الان، لذلك تواصلنا مع كل من الشراء العام وديوان المحاسبة وكلنا ثقة بالتقارير من ديوان المحاسبة، آملين كما حصل في تقارير سابقة بالوصول الى تصحيح الامور للحفاظ على المال العام الذي هو من ضمن مهامنا ويتكامل مع دور كل الهيئات الرقابية".

بدورها، قالت النائبة يعقوبيان: "نحن في لجنة الاتصالات نتابع ملف الاتصالات، لان لدينا الخوف من ان يتحول ملف الاتصالات الى ملف كهرباء جديد. وموضوع الاتصالات من الممكن ان يدر على الخزينة اموالا كثيرة أضعاف ما يعتبرونه انجازا في ما يدخلونه الى الخزينة، والمعروف ان الاتصالات تربح والدولة اللبنانية وضعت يدها على هذا القطاع ويديره الوزير مباشرة".

وسألت: "لماذا يكون هناك ملف يدخل اموالا الى الدولة ونذهب الى اطراف اخرين، فمن غير المسموح ان نبقى نتعاطى بملف الاتصالات وكأنه "سايب".

نص السؤال

وفي ما يلي نص السؤال الذي وجهه نواب "التغيير" إلى الحكومة والى وزير الاتصالات وتقدموا بإخبار الى ديوان المحاسبة، وجاء فيه:

لماذا لم يلتزم وزير الاتصالات برأي هيئةالتشريع والاستشارات الاول والسعي الى تقديم خدمة IPTV وفضل الالتفاف على هذا الرأي وطلب استشارة جديدة تتعلق بخدمة اخرى OTT ) ) وصرف النظر عن خدمة IPTV ؟
لماذا لا تلجأ وزارة الاتصالات الى تقديم خدمة IPTV منفردة سيما ان هذه الخدمة تشكل تطوير لقطاع الاتصالات نوعياً وماديا ً ؟
لماذا تسعى الوزارة الى اشراك الشركات الخاصة في تقديم خدمة نقل المحتوى الذي يقع ضمن “الخدمات المتاحة بحريّة على الإنترنت” “Over the Top” واختصاراً OTT ) ) إلى مشتركيها في حين يمكن الوزارة القيام بتقديم هذه الخدمة لوحدها . وماذا تنتظر الوزارة لوضع هذه الخدمة على سكة التنفيذ؟ ولماذا تصر على تفريغ دورها في إدارة القطاع وتطويره؟
لماذا تسعى الشركات الخاصة الى التعاقد مع الهيئة لقاء 25% من العائدات فيما يمكنها تقديم الخدمة من دون الحاجة إلى أوجيرو؟
لماذا يصرّ وزير الاتصالات على تمرير التعاقد مع الشركات الخاصة بأيّ ثمن، إن لم يكن لتقديم خدمة IPTV  فلتقديم خدمة  OTT؟ سيما ان الوزير اخفى عن مجلس الوزراء رأي هيئة التشريع والاستشارات الأول  رقم   520/2023 تاريخ 26/10/2023 ولم يلتزم برأيها الثاني  لناحية وجوب التقيد بقانون الشراكة مع القطاع الخاص وقانون المنافسة.
لماذا يصر وزير الاتصالات على تعاقد يضرب قانون المنافسة ويرتب مسؤوليات على اوجيرو في حال حصوله؟
لماذا تتبع الخطوات والمراحل المنصوص عنها في قانون الشراكة مع القطاع الخاص؟
هل "أوجيرو" ستقوم "بشراكة مع القطاع الخاص على اساس المداخيل بنسبة مئوية محددة"، أم أوجيرو "ستقوم بدفع تكاليف المحتوى المقدم من مقدمي الخدمات وفقاً للفاتورة المقدمة منه في نهاية كل شهر."؟ علما انه لا يجوز اللجوء الى الصيغتين معاً دفع "التكاليف و"المشاركة في المداخيل" .
اذا كانت وزارة الاتصالات سوف تقوم بدفع الفواتير بنهاية كل شهر من اجل نقل المحتوى ، فهذا يفترض ان الوزارة تملك منصة لنقل المحتوى . فلماذا الحاجة عندها الى التعاقد مع شركات خاصة مشغلة لنقل المحتوى ؟ و اليس من الافضل او الاجدى للوزارة بان تقوم بنفسها بوضع دفتر شروط مخصصة للتعاقد من ناقلي محتوى او اصحاب محتوى وفقاً للقوانين المرعية الاجراء لاسيما قانون الشراء العام مما يضمن المنافسة والشفافية وتكافؤ الفرص ؟
متمنين تقديمَ جوابٍ خطيٍّ على الأسئلة المذكورة في خلال مهلة أقصاها 15 يومًا، عملاً بالنظام الداخلي لمجلس النواب".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

التغيير والتدافع وحركة السنن.. مشاتل التغيير (3)

التغيير انتقال وتحول من وضع إلى وضع آخر، ومن حال إلى حال آخر؛ وسنة الله في التغيير هي الطريقة المتبعة في معاملة الله تعالى لعباده، بناء على سلوكهم وأفعالهم سلبا أو إيجابا، وما يترتب على ذلك من نتائج.

يقول ابن تيمية رحمه الله: "إن لفظ التغير لفظ مجمل، فالتغير في اللغة المعروفة لا يراد به مجرد كون المحل قامت به الحوادث، فإن الناس لا يقولون للشمس والقمر والكواكب إذا تحركت: إنها قد تغيرت، ولا يقولون للإنسان إذا تكلم ومشى إنه تغير، ولا يقولون إذا طاف وصلى وأمر ونهى وركب إنه تغير؛ وإذا جرى على عادته في أقواله وأفعاله فلا يقال إنه قد تغير".

فما  نريد أن نؤكد عليه أن سنة التغيير معادلة ثابتة مفادها أن الله لن يغير حال قوم من وضع مرضٍ مريح إلى وضع ضنك مذموم أو العكس إلا إذا غير هؤلاء القوم ما في قلوبهم، فإذا وجهوا قلوبهم إلى مولاهم وامتثلوا أوامره وابتعدوا عن نواهيه غيّر الله حالهم إلى أحسن حال، وإذا توجهت قلوبهم إلى الشهوات وارتكست أنفسهم في حمأة الرذيلة غيّر الله حالهم إلى أسوأ حال". يقول سبحانه: "فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى ۞ وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَة ضَنكا" (طه: 123-124).

مفهوم التدافع يستهدف ردع الظلم والطغيان والفساد والعدوان ومنع انتشار كل ذلك في الأرض، حماية لها من الوصول إلى نقطة الخراب والاندثار وخراب أو فساد العمران، ولأهلها من الوقوع في أغلال الذل والاستعباد، بغض النظر عن مصادر الظلم أو الطغيان أو الفساد
ويؤكد القرآن الكريم على مسألة التغيير بقوله سبحانه وتعالى: "إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ: (الرعد:11). ومن المهم أن نؤكد أن الآية تشتمل على أربعة مستويات من التغيير لا كما يشيع أنها تشتمل على نوعين فقط؛ فتغيير الله يقع في صدر الآية، ثم يأتي تغيير ما بالقوم ليشير إلى الحالة الجمعية والجماعية وهو التغيير الثاني، أما التغييران الثالث والرابع فيقعان من الإشارة "ما بأنفسهم"؛ أي التغيير على المستوى الجماعي (الجمع) الذي يشير إلى العبور من النفس إلى الأنفس؛ والنفس الفردية الواحدة التي تتفاعل مع محضنها كحالة فردية ضمن أصول تفاعل تتكامل وتتبادل التأثير بين حالة الأنفس الجمعية وحالة النفس الفردية.

كما أن استخدام حرف الجر "حتى" يعني قيام القوم والنفوس والنفس الفردية بحركة تغيير من الإيجابي للسلبي ومن السلبي للإيجابي؛ إنها حال إرادة وقرار؛ ومسار واختيار؛ ما يشكل حال التغيير ومساره ومسيرة التغيير ومآلاته. ثم يأتي تغيير الله جزاء وفاقا؛ بشرطه المعلوم "إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ" (محمد: 7). والنصر ليس منحة بل هو الجامع بين حالة الاختبار وحالة الاختيار؛ تشكل فيه إرادة التغيير معاملا حيويا في معادلة التغيير؛ ويتساند معه معامل العدة والإدارة لعمليات التغيير المتتابعة "وَلَوْ أَرَادُوا الْخُرُوجَ لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّة" (التوبة: 46).

يرى ابن عاشور أن سنة المدافعة وتجلياتها عبر التاريخ البشري شاهد على الحكمة الإلهية البالغة التي تجرى على وفقها حياة البشر، وعلى النظام المحكم المنضبط الذي ينتظم شئونهم وأحوالهم، وعلى قواعد العمران البشري التي لا يقوم بغيرها. يقول تعالى: "وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعالَمِينَ" (البقرة: 251)؛ ذيلت هذه الآية العظيمة كل الوقائع العجيبة التي أشارت بها الآيات السالفة لتدفع عن السامع المتبصر ما يخامره من تطلب الحكمة في حدوث هذه الوقائع وأمثالها في هذا العالم، ولكون مضمون هذه الآية عبرة من عبر الأكوان وحكمة من حكم التاريخ، ونظم العمران التي لم يهتد إليها أحد قبل نزول هذه الآية.

إنها مشاتل التغيير في المجالات والمستويات لتتحقق ثمرة التغيير إيجابية كانت أم سلبية؛ "ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرا نِعْمَة أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ" (الأنفال: 53). تتكامل تلك العمليات في تساوق مع بعضها البعض وفي تواقف على بعضها البعض؛ تلك العمليات تتأكد ضمن مساحات وساحات التدافع كعمليات تتحرى وعيا رشيدا وسعيا سديدا. الحالة التدافعية إذا سنة ماضية؛ من السنن التأسيسية في التدافع والتغيير لتأتي كل السنن الأخرى لترتبط بأحد المسارين وتفعّل كل الطاقات الإنسانية في مجرى الالتزام بالسنن الإلهية.

مفهوم التدافع يستهدف ردع الظلم والطغيان والفساد والعدوان ومنع انتشار كل ذلك في الأرض، حماية لها من الوصول إلى نقطة الخراب والاندثار وخراب أو فساد العمران، ولأهلها من الوقوع في أغلال الذل والاستعباد، بغض النظر عن مصادر الظلم أو الطغيان أو الفساد، ولو كان صادرا من المسلمين أو النفس أو أقرب الأقربين. وقد تكرر التنبيه القرآني إلى منظومة السنن الحاكمة لحركة البشر في ستة عشر موضعا من القرآن الكريم ذُكر فيها مصطلح السنن صراحة، فضلا عن عشرات المواضع التي ذكر فيها معنى السنن ضمنا. وهذه المواضع تُظهر بوضوح أن هذا التدافع المستمر بين الحق والباطل جزء من النظام الذي أقام الله عليه هذه الحياة البشرية.

التدافع إذا عملية إصلاحية وعمرانية في مواجهة الصراع الذي من الممكن أن يكون حركة هيمنة وفساد وتخريب للعمران، والتغيير سنة قائمة ماضية تظلل حركة ونشاط التدافع وفق القاعدة الأساسية؛ الجزاء من جنس العمل، ومعادلات التدافع والتغيير. والتدافع قانون إلهي من جملة القوانين التي وضعها الله لحياة الخلائق، وهي قوانين ثابتة فاعلة مطردة إذا تحققت المقدمة بشروطها ترتبت النتيجة بتمامها، وإذا أهدرت المقدمة تخلفت النتيجة بغير شك ولا جدال. وأشار القشيري في لطائفه إلى أن التدافع يجري أول ما يجري داخل النفس المؤمنة فتتدافع فيها الإرادات المختلفة والنزعات المتباينة بين يقظة وغفلة، وإخلاد وعزمة، وقعود ونفرة.

لقد كانت الحياة كلها تتأسن وتتعفن وتفسد لولا دفع الله الناس بعضهم ببعض، ولولا أن في طبيعة الناس التي فطرهم الله عليها أن تتعارض مصالحهم واتجاهاتهم الظاهرية القريبة، لتنطلق الطاقات كلها تتزاحم وتتغالب وتتدافع، فتنفض عنها الكسل والخمول، وتستجيش ما فيها من مكنونات مذخورة، وتظل أبدا يقظة عاملة، مستنبطة لذخائر الأرض مستخدمة قواها وأسرارها الدفينة.. وفي النهاية يكون الصلاح والخير والنماء.

التدافع الحضاري حركة فعل ممتد؛ مانعة لكل أنماط التخريب الكوني الجماعي والفردي، وهي رافعة لكلِّ عمل حضاريٍّ يشكِّل إضافة عمرانية إلى الكون ويكون فيه صلاحه وإصلاحه. والدفع عمل حضاري مقترن بالتغيير؛ مفتوح للعودة بأُطر التوازن الكوني والعدل في العمارة الكونية إلى حقيقته وجوهره: "ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ"؛ بحيث يجعل من حركة الدفع الحضارية غاية هادفة إلى الإحسان الحضاري بكلِّ تنوعاته ومجالاته. عمليات التدافع والتغيير في مشاتل الإصلاح والنهوض تتضمن جانبا سلبيا في مدافعة الفساد وخراب العمران؛ وجانبا بنائيا عمرانيا يحرك كل طاقات تـأسيس وإقامة البنيان. ولعل النظر في معامل ومختبرات السنن في الأنفس وفي الاجتماع وفي التاريخ، بل في الكون؛ هو العمل الأساس في الوعي بالسنن والسعي لهاومن هنا تبدو حركة الدفع الحافظة لجملة العَلاقات المتشابكة، وحركة ووقائع العلاقات المتفاعلة، هي الأساس في منع عناصر التخريب والخراب، وفي المقابل تعمل على تشييد العمارة الكونية الحضارية كفعل إيجابيٍّ من جانب آخر.

معادلة العمران في مواجهة معادلة الطغيان، ولا شكَّ أنَّ ترك معادلة الطغيان ضمن مجالات العلاقات الدولية والتعامل الدولي والعلاقات الخارجية تفعل فعلها وتراكم عملها من غير مجابهة يؤدي إلى نقيض العمران: "لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ" (الحج: 40)، "لفَسَدَتِ الأَرْضُ" (البقرة: 251)، ويحرك جملة الحركة في هذه المجالات المتنوعة للحركة الحضارية في طريق سلبي، يشوِّه أصولَ هذه العلاقات وفروعها؛ بحيث يكمن الظلم في أشكالها وأساليبها، ويحرك عناصر القوة الطاغية في الحركة والعلاقات.

وملاحظة معنى التدافع القويم يكمن في الفرق بين الوهن والضعف؛ ذلك أن الضعف نقص القوة، والوهن نقص الإرادة، والضعف لا حيلة للإنسان فيه كما قال تعالى: "وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفا" (النساء: 28)، لكن الوهن اختيار؛ لذا نهى الله عنه: "وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا" (آل عمران: 139)، في حين أنه لم ينه عن الضعف الذي هو نقص قدري في الإمكانات لا حيلة للإنسان فيه! الوهْن إذن هو أن يفعل الأقوياء فعل الضعفاء، أو يسلك القادرون مسالك العجزة! إن الإشكال في العمل التدافعي يكمن في ادعاء الإنسان العجز وهو يمتلك مكامن ومكنونات القوة؛ هذا الادعاء هو الوهن بعينه. العمل التدافعي مكمنه الإرادة؛ وتزييف المدافعة بالتبرير أو بالتغرير والتزوير والتمرير لهو عمل يسوّغ القعود ويثبط الصعود.

إن عمليات التدافع والتغيير في مشاتل الإصلاح والنهوض تتضمن جانبا سلبيا في مدافعة الفساد وخراب العمران؛ وجانبا بنائيا عمرانيا يحرك كل طاقات تـأسيس وإقامة البنيان. ولعل النظر في معامل ومختبرات السنن في الأنفس وفي الاجتماع وفي التاريخ، بل في الكون؛ هو العمل الأساس في الوعي بالسنن والسعي لها وفيها بالرشد الواجب والعدل اللازم والعمل الفاعل.

x.com/Saif_abdelfatah

مقالات مشابهة

  • العتال خلال مؤتمر صحفي: نتعاون مع البنك التجاري الدولي لتقديم مشاريع مستدامة.. والتكنولوجيا أساس تطوير القطاع العقاري
  • محافظ الشرقية لنواب البرلمان: الأجهزة التنفيذية لا تألوا جهدًا في تلبية احتياجات المواطنين
  • لماذا يجمِّل المغتربون المصريون واقعهم الصعب في الخارج؟
  • أموريم يطالب راشفورد بـ «التغيير» لإنقاذ نفسه!
  • خلال مؤتمر صحافي.. مرتضى منصور يكشف كواليس الانقلاب عليه
  • عزوف ومخالفات.. لماذا يتهرب القطاع الخاص من تطبيق قانون التقاعد والضمان الاجتماعي؟
  • مؤتمر«أرب هيلث».. «السبكى»: استخدام التكنولوجيا لتحقيق التغطية الصحية الشاملة في مصر
  • لماذا تنفد باقات الإنترنت سريعًا؟.. تنظيم الاتصالات يكشف الأسباب
  • التغيير والتدافع وحركة السنن.. مشاتل التغيير (3)
  • صحافي أمريكي: إدارة بايدن حاولت "قتل بوتين"