هل أوزمبيك مضاد لرغبات أخرى وليس فقط الأكل؟ وكيف يخفض ضجيج الطعام؟
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
يعمل "أوزمبيك" (Ozempic) على مقاومة الرغبة في تناول الطعام، وهو يخفف "الضجيج الداخلي" الذي نسمعه في رؤوسنا ويستحثنا على الأكل رغم عدم وجود الجوع. ولكن هذا التأثير قد يشمل أمورا أخرى غير الطعام.
وتعد الرغبة -في الطعام أو أي شيء آخر- أمرا يعطينا الحافزية ويمكن أن يجلب الإثارة والفرح، وحتى يعطي للحياة هدفا.
الرغبة غير المسيطر عليها تقود للإفراط في الطعام، ولإدمان المخدرات، وفقا لباحثين. الحل الذي استعصى على الباحثين لفترة طويلة هو خدعة لمساعدة الناس على إعادة التوازن. إنها خدعة تقلل من مستوى الرغبة بدرجة كافية لتكون فعالة، ولكن ليس كثيرا، وتحافظ على حافزنا، وهو علاج يمكن أن يصلح لمجموعة واسعة من المشكلات، منها اضطرابات تعاطي المخدرات والإفراط في تناول الطعام، وذلك وفقا لمقال للكاتب بريان ريسنيك في "موقع فوكس" (Vox).
تتوجه الأنظار إلى عقار أوزمبيك، وهو عقار للسكري يؤدي إلى إنقاص الوزن. ويحتوي على المادة الفعالة "سيماغلوتيد" (semaglutide).
الإنسولينينتمي أوزمبيك إلى فئة من الأدوية تسمى "ناهضات الببتيد-1 الشبيهة بالغلوكاغون" (glucagon-like peptide-1 "GLP-1" agonists)، والتي تعمل عن طريق الارتباط بمستقبلات "جي إل بي-1" (GLP-1) التي تحفز إفراز الإنسولين من البنكرياس عندما تحتاج إلى الإنسولين.
كما يساعد على تقليل كمية السكر التي يفرزها الكبد، ويبطئ خروج الطعام من المعدة، ويساعد الجمع بين هذه التأثيرات على خفض مستويات السكر التراكمي "إتش بي آيه 1 سي" (HbA1C) والسكر في الدم، وقد يساعد أيضا في تقليل الشهية.
نحن لا نفهم تماما كيف تعمل ناهضات "الببتيد-1 الشبيهة بالغلوكاغون". لكن يبدو أنها تؤثر على نظام الرغبة في الدماغ.
لماذا نرغب فيما يضرنا؟دعونا نأخذ هذا المثال: أنت جالس في المنزل وأمامك طبق من معمول الفستق الذي حضرته زوجتك، أنت لست جائعا، وأنت لا تحب معمول زوجتك لأنه جاف قليلا، ومع ذلك تتناول أول حبة، ثم الثانية، ثم الثالثة، وإلى أن تنهي الطبق بأكمله.
أنت لم تكن جائعا، وبعد قيل سيحين وقت العشاء وستأكل كالمعتاد. أنت لم تكن تريد أن تأكل المعمول، ومع ذلك، هناك شيء بداخلك -صامت يتواصل- يجبرك على أكل المزيد.
ما حدث هو نتيجة عمل نظام لدينا في الدماغ اسمه النظام الوسطي الحوفي mesolimbic system، وهو مسار المكافأة في الدماغ الذي يسهله الناقل العصبي الدوبامين. إنه نظام تم تدريبه بمرور الوقت للتأثير على قراراتنا. إنه النظام الذي يدفعك نحو المعمول السوداني وأيضا تجاه أشياء أخرى، مثل متابعة مشاهدة المقاطع على التيك توك أو إنستغرام رغم أن لديك امتحان غدا، أنت لم تدرس بعد.
والدوبامين هو نوع من الناقلات العصبية. يصنعه الجسم، ويستخدمه الجهاز العصبي لنقل الرسائل بين الخلايا العصبية. ويلعب الدوبامين دورا في الشعور بالمتعة، وفي القدرة على التفكير والتخطيط، فهو يساعد على التركيز والعثور على الأشياء المثيرة للاهتمام.
خارج نطاق الوعيالشيء الرئيسي حول نظام الرغبة -الذي يمكن القول إنه أكثر جوانبه إحباطا- هو أنه غالبا ما يكون موجودا خارج نطاق وعينا.
تقول ألكسندرا ديفيليسانتونيو، عالمة الأعصاب الغذائية في جامعة فرجينيا للتكنولوجيا، إنه يمكن البحث عن طعام معين بسبب الاختيار الواعي، مثلا لأنه صحي ومفيد.
ولكن من المحتمل أيضا أن تكون هناك عمليات غير واعية تجري لتدريب نظام المكافأة في الدماغ. على سبيل المثال، من المفترض أن هناك مسارا في الجهاز العصبي يربط أحشاءنا بأدمغتنا، والذي يخبر نظام المكافأة في الدماغ عن المحتوى الغذائي للطعام، مما يخلق الرغبة فيه.
لماذا نحب تناول معمول الفستق أكثر من تفاحة؟ قد يرجع السبب في ذلك إلى أن نظام الرغبة لديك قد تعلم ربط المعمول بكثير من السعرات الحرارية المغذية.
تقول دانا سمول، عالمة الأعصاب في جامعة ييل والتي تدرس الخيارات الغذائية التي نتخذها، "هناك في الواقع مساران ينقلان إشارات إلى الدماغ، أحد المسارات هو ما تفكر فيه عادة عندما تفكر في مكافأة الطعام: الطعم، والرائحة، وربما كيف يبدو شكله. ثم هناك مسار آخر وهو ينقل الإشارات التي يتم توليدها أثناء عملية الهضم والتي لا تكون على علم بها أبدا".
ضجيج الرغبةأحيانا تتسرب الرغبات إلى الجزء الواعي من أدمغتنا، وتصرخ بأفكار متطفلة. لكن الوعي بها لا يعني أننا نستطيع السيطرة عليها.
تقول سارة -اسمها مستعار، وهي امرأة تعاني من زيادة الوزن- إن ما تسمعه هو "ضجيج الطعام" فهي تسمع رسائل من دماغها أثناء مقاومتها للأكل، وتصرخ هذه الرسائل بها "أنت تموتين، أنت تتضورين جوعا، أنت تموتين". وتضيف أنها كلما أحرزت تقدما في فقدان الوزن، اشتدت "ضوضاء الطعام" في دماغها.
وتضيف "عندما أحاول أن أفعل أي شيء، يكون هناك تفكير مستمر في الطعام.. كما يقول لي جسدي: أنا بحاجة إلى هذا".
أوضحت سارة أن الأمر من المستحيل تجاهله، وكان من الصعب جدا النوم عندما كان دماغها يقول لها "أنت بحاجة إلى الطعام الآن" حتى عندما لم تكن جائعة.
تؤكد قصص مثل قصة سارة أن مطالبة الناس بالانخراط في قوة الإرادة المطلقة لإخضاع الحوافز القوية هي وصفة للفشل. فقط انظر حولك. تستمر أزمة البدانة حولنا في العالم بالتزايد. تجد الدراسات باستمرار أن اتباع نظام غذائي وممارسة الرياضة هما، في الواقع، حلول غير فعالة لإدارة الوزن. ليس الأمر أن النظام الغذائي وممارسة الرياضة لا يمكن أن ينجحا. هناك قصص نجاح. ولكن، يمكن القول، إذا قيمت فعالية النظام الغذائي وممارسة الرياضة كوصفة طبية لفقدان الوزن وحده، فستجد أنها لا تساعد كثيرا من الناس.
العقل اللاواعي ينتصرعندما ينخرط الناس في ضبط النفس للحد من السلوكيات، فإنهم يقاتلون لاستخدام عقلهم الواعي ضد عقلهم اللاواعي، وعادة العقل اللاواعي ينتصر.
ومن اللافت للنظر أن أدوية "جي إل بي-1" (GLP-1) -التي منها أوزمبيك وعقار ويغوفي Wegovy، ومونجارو Mounjaro- يمكن أن تساعدنا، فهي تحاكي هرمونا طبيعيا يسمى الببتيد -1 الشبيه بالغلوكاغون. يقوم هذا الهرمون بعمل كثير في الجسم، ولكن بطرق ملتوية.
في المقام الأول، فهو يعمل على تحفيز البنكرياس للإنسولين، مما يخفض نسبة السكر في الدم. ومن هناك يقمع الشهية من خلال بعض الآليات، منها زيادة مقدار الوقت الذي تستغرقه المعدة لإفراغها، مما يؤدي إلى الشعور بالامتلاء، وإنتاج شعور بالشبع المبكر.
هذه الأدوية ليست مثالية عندما يتعلق الأمر بإنقاص الوزن. يعاني العديد من الأشخاص من آثار جانبية، مثل الغثيان، أو يرون ثبات الوزن. حتى الآن، تمت دراسة أدوية "جي إل بي-1" (GLP-1) في الغالب على الأشخاص المصابين بالسكري وأمراض القلب والسمنة، لذلك لا يعرف سوى القليل عن تأثيراتها على المجموعات السكانية الأخرى.
ومثل أي دواء، فهي تأتي مع بعض المخاطر. من المعروف أنها تزيد من خطر الإصابة بسرطان الغدة الدرقية، على سبيل المثال، لا ينبغي أن تؤخذ أثناء الحمل. ومع ذلك فإن بيانات السلامة الصادرة عن حالات مرضى السكري منذ أكثر من عقد من الزمن تظهر أن هذه الأدوية، في معظمها، آمنة جدا.
اللغزلكن قطعة غريبة من اللغز تكمن في الدماغ. يبدو أن أدوية "جي إل بي-1" (GLP-1) تعمل مباشرة في الدماغ كناقل عصبي، مما يؤثر على الخلايا العصبية في نظام المكافأة في الدماغ، وفي منطقة ما تحت المهاد، التي تنظم عملية التمثيل الغذائي في الجسم. ومن المحتمل أن الأدوية لا تؤثر في المقام الأول على خلايا الدوبامين العصبية في حد ذاتها.. لكنها تعمل على الخلايا العصبية التي تتحدث إليها خلايا الدوبامين العصبية.
لذا، فالأمر معقد. ولكن مهما كانت فعالية الأدوية، يبدو أنها تؤدي خدعة رائعة.
تقول سارة -التي وصف لها الطبيب لها عقار مونجارو منذ بضعة أشهر بعد أن علمت أنها مصابة بمرض السكري- "ما زلت أحب الطعام.. مذاق الطعام رائع بالنسبة لي. كل ما علي فعله هو تجربة ذلك بطريقة لم أجربها من قبل".
والأهم من ذلك، أنها حاليا تتناول الطعام بدون ضجيج الطعام في رأسها.
وتقول سارة "بعد حوالي 24 ساعة من تناول الجرعة الأولى من مونجارو، كان هناك هدوء في جسدي وفي ذهني.. لم أكن أفكر في الطعام".
وأخيرا، أصبحت قادرة على تناول الطعام في أوقات الوجبات ولم تكن لديها أفكار متطفلة بينهما. وتقول إنها "طريقة عيش مختلفة تماما عما كنت أعيشه طوال معظم حياتي". فقدت سارة 65 رطلا من وزنها مع الدواء.
وتقول هذا رائع. لكن الجزء المتعلق بالسلام وغياب ضجيج الطعام، هو الأهم.
أوزمبيك لتهدئة الرغبة في ما هو أبعد من الطعاميستكشف الباحثون الآن ما إذا كان تهدئة العقل الناتج عن تناول أدوية "جي إل بي-1" (GLP-1) يمتد إلى ما هو أبعد من الطعام. ومن اللافت للنظر أن هذه الفئة من الأدوية أظهرت نتائج واعدة في تقليل الرغبة الشديدة في تناول مواد أخرى، مثل الكحول والنيكوتين والكوكايين.
من الناحية النظرية هذا منطقي. تقول ديفيليسانتونيو "لدينا نظام مكافأة واحد فقط.. لا يوجد نظام مكافأة خاص للطعام، ونظام مكافأة خاص للمخدرات".
لذا، فإن الاستفادة من نظام المكافأة للتحكم في الشهية يجب أن يؤثر على الرغبة الشديدة في أشياء أخرى.
وهناك أدلة على أن أدوية "جي إل بي-1" (GLP-1) قد تقلل الرغبة الشديدة في تعاطي المخدرات والخمر.
وهناك المزيد من التجارب الجارية على البشر لمجموعة متنوعة من المواد، منها الكحول والنيكوتين. وبينما يشعر العلماء في هذا المجال أن هذه الأدوية يمكن أن تشكل اختراقا، إلا أنهم يحثون على الحذر، وعلينا الانتظار حتى ظهور بيانات التجارب.
5 فوائد لأوزمبيكنختم بنتائج دراسة أجريت عام 2021، ونشرت في مجلة نيو إنجلاند جورنال أوف ميديسين New England Journal of Medicine ووجدت أن المشاركين الذين يعانون من السمنة أو زيادة الوزن والذين تلقوا جرعة 2.4 مليغرام من سيماغلوتيد مرة واحدة أسبوعيا مع تغييرات في نمط الحياة شهدوا الفوائد التالية على مدار 68 أسبوعا:
فقدان من 5% إلى 20% من وزن الجسم، وفقا لتقرير في فوربس انخفاض محيط الخصر. تحسين مستويات السكر في الدم. تحسين ضغط الدم. تحسين مستويات الكولسترول.المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان حريات الرغبة الشدیدة تناول الطعام الرغبة فی فی الطعام جی إل بی 1 یمکن أن لم تکن
إقرأ أيضاً:
وجبة خفيفة تحميك من الخرف.. ما هي؟
كشفت دراسة أجراها باحثون من مركز البحوث الصحية والاجتماعية في جامعة كاستيا لا مانشا الاسبانية ونُشرت في مجلة جيروساينس في 30 سبتمبر/أيلول الماضي، عن وجود ارتباط قوي بين استهلاك المسكرات عامة والجوز خاصة، وانخفاض خطر الإصابة بالخرف.
يطلق مسمى الخرف على مجموعة من الأعراض المرتبطة بمجموعة من الأمراض التي تؤثر في تفكير الشخص وقدراته العقلية والاجتماعية، وليس اسما لمرض معين. وهو اضطراب مرضي يصيب الشخص، وليس تغيرا طبيعيا في الدماغ بسبب التقدم في العمر، بل إن هذا التغير يؤدي إلى تقهقر نوعية حياة الشخص عامة.
تشير باندورا ديوان في مقالة نشر في مجلة نيوزويك الأميركية إلى أنه لا يوجد اليوم علاج معروف لمرض الزهايمر -وهو أكثر أسباب الإصابة بالخرف شيوعا- على الرغم من أن علماء الأعصاب يقدرون أن 45% من حالات الزهايمر يمكن تأخيرها أو منعها من خلال التغييرات في نمط الحياة، بما في ذلك نظامنا الغذائي.
حفنة المكسرات التي ستحمي صحتكتم استخلاص البيانات من بنك المملكة المتحدة الحيوي، وهي قاعدة بيانات طبية حيوية تحقق في مساهمات علم الوراثة والبيئة في تطور أمراض مختلفة. تم متابعة المشاركين الذين تتراوح أعمارهم بين 40 و70 عاما لمدة سبع سنوات في المتوسط بعد التقييم الأولي.
بعد تحليل البيانات، وجد الباحثون أن أولئك الذين تناولوا المكسرات يوميا شهدوا انخفاضا بنسبة 12% في خطر الإصابة بالخرف لأي سبب. اما المشاركين الذين تناولوا ما يصل إلى حفنة واحدة من المكسرات يوميا، انخفض خطر الاصابة لديهم 16%. كما لوحظ أن المكسرات غير المملحة لها تأثير أكثر إيجابية من المكسرات المملحة.
لا تثبت الدراسة بشكل قاطع أن المكسرات تمنع الخرف، على الرغم من ذلك فإن هذه النتائج تتفق مع الدراسات السابقة التي توضح فوائد تناول المكسرات على صحة الدماغ. على سبيل المثال، كشفت دراسة أجريت على 16 ألف ممرضة أمريكية، ونشرت في مجلة التغذية والصحة والشيخوخة في عام 2014- أن أولئك الذين تناولوا المكسرات خمس مرات على الأقل في الأسبوع كان أداؤهم أفضل في الاختبارات المعرفية من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك.
ووجدت دراسة أخرى نُشرت في مجلة التغذية السريرية عام 2023 أن كبار السن الذين تناولوا حفنتين من المكسرات المختلطة يوميا (بما في ذلك الجوز والفستق والكاجو والبندق) على مدى فترة 16 أسبوعا أظهروا تحسنا كبيرا في الذاكرة وتدفق الدم إلى الدماغ.
حبة جوز واحدة لصحة العقلوقد ارتبط الجوز على وجه الخصوص بصحة دماغية أفضل، حيث أظهرت الدراسات أن تناول حبة جوز واحدة فقط يوميا يرتبط بتحسين الاختبارات الإدراكية، وخاصة بين كبار السن.
وفقا لمؤلفي الدراسة الأخيرة، فإن تناول المكسرات قد يحسن صحة الأوعية الدموية ويخفض ضغط الدم والالتهابات، وقد يكون ذلك نتيجة للتركيزات العالية من الدهون الصحية والفيتامينات في هذه الأطعمة. وكتب الباحثون أن فيتامين إي، الموجود في العديد من المكسرات، قد يلعب أيضا دورا وقائيا في صحة الدماغ.