الذكاء اﻻصطناعي وأهميته في خدمة المراجعين
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
عائشة بنت محمد الكندية
يعيش العالم في عصر تكنولوجي متقدم، حيث أصبح الذكاء اﻻصطناعي واحدًا من أبرز التطورات التكنولوجية التي تشكل تأثيرًا عميقًا على مختلف جوانب الحياة، كما يلعب دورًا رئيسيًا في تحسين الخدمات المُقدمة للمراجعين، سواء في القطاعات الحكومية أو الخاصة. وفي هذا المقال سأقوم باستعراض المقصود بالذكاء الاصطناعي وأهميته، وكيفية توظيفه في خدمة المراجعين.
أولًا: المقصود بالذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي هو فرع من علوم الحاسوب يهتم بتطوير نظم ذكية قادرة على تنفيذ مهام تشبه قدرات الإنسان، ويستند الذكاء الاصطناعي على مجموعة من التقنيات والمفاهيم التي تسمح للأنظمة بالتفاعل مع البيئة المحيطة بها بشكل ذكي، واتخاذ قرارات مستنيرة، وتعلم من الخبرات.
وفي جوهره، يهدف الذكاء الاصطناعي إلى تمثيل الذكاء البشري في برمجيات وأنظمة ذكية، مما يشمل قدرة فهم اللغة الطبيعية، والتعلم من البيانات، وفهم السياق والتفاعل بشكل ذكي مع البيئة. كما يشمل ذلك تطبيق تقنيات متقدمة مثل شبكات العصب الاصطناعية وتحليل البيانات الضخمة لتحسين أداء الأنظمة وزيادة فعاليتها.
إضافة إلى أن الذكاء الاصطناعي يُستخدم في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك التشغيل الصناعي، والرعاية الصحية، والتعليم، والمالية، وتطوير البرمجيات، وألعاب الفيديو، والكثير من المجالات الأخرى. كما يساهم التقدم في هذا المجال في تحسين كفاءة الأنظمة التكنولوجية وابتكار حلول ذكية لتحديات متنوعة.
ثانيًا: أهمية الذكاء الاصطناعي:
1- تحسين تجربة المستخدم:
تُتيح تقنيات الذكاء الاصطناعي تحسين تجربة المستخدم بشكل فعال من خلال تحليل دقيق لسلوكيات المستخدمين وفهم احتياجاتهم، كما يُمكن لهذه التقنيات تقديم تجربة فريدة ومخصصة، وهذا يظهر جليًا في مجال التجارة الإلكترونية. على سبيل المثال، يقوم النظام الذكي بتوجيه المستخدمين نحو المنتجات المناسبة استنادًا إلى تاريخ مشترياتهم السابقة وتفضيلاتهم، حيث يعني ذلك بأنه يمكن للتكنولوجيا الذكية أن تفهم بشكل دقيق سلوك المستخدم وتوفير اقتراحات محددة تلبي توقعاتهم بشكل أفضل، مما يعزز التفاعل الإيجابي ويرفع مستوى رضا المستخدمين.
2- تحسين خدمات العملاء:
تحسين خدمات العملاء يمكن أن يتحقق عبر استغلال إمكانيات الذكاء الاصطناعي بشكل أكبر. على سبيل المثال، يمكن استخدام تقنيات الدردشة الآلية والتحليل اللغوي الطبيعي لتعزيز فهم استفسارات العملاء، حيث يعمل الذكاء الاصطناعي على تحليل بيانات الدردشة بسرعة وفعالية، مما يمكنه من استنتاج معاني الجمل واكتشاف الاحتياجات الفعلية للعملاء، وبفضل هذه التقنيات المتقدمة، يتسنى توجيه العملاء بشكل أكثر دقة إلى الحلول المناسبة، مما يعزز تجربتهم ويسهم في رفع مستوى رضا العملاء.
3- تسريع العمليات:
في الدول المتقدمة، تعتمد المؤسسات الحكومية والخاصة على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي بشكل متزايد لتعزيز وتسريع العمليات الداخلية والخارجية، ويعتبر الذكاء الاصطناعي جزءًا أساسيًا من استراتيجيات التحسين حيث يتيح للأنظمة الذكية معالجة البيانات بسرعة ودقة أعلى، وينجم عن هذا التحسين تقديم الخدمات بكفاءة متزايدة، مما يسهم في تعزيز تجربة المراجعين. علاوة على ذلك، يساهم الذكاء الاصطناعي في تحسين استجابة المؤسسات لاحتياجات العملاء وتلبية توقعاتهم بشكل أفضل.
4- تحليل البيانات الضخمة:
تحليل البيانات الضخمة يعتبر من أهم مميزات الذكاء الاصطناعي، إذ يمثل قوة دافعة فعّالة وراء فهم وتفسير الكميات الهائلة من المعلومات، حيث يُستخدم الذكاء الاصطناعي لاستخراج أنماط معقدة وتحليل الاتجاهات التي يصعب اكتشافها بوسائل تقليدية. كما يشكل هذا التحليل العميق للبيانات أساسًا لاتخاذ قرارات استراتيجية في مختلف المجالات، بدءًا من الأعمال التجارية وصولاً إلى القطاعات الحكومية. ويساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين فعالية القرارات الاستراتيجية، حيث يمكنه فحص البيانات بطريقة أكثر دقة وسرعة، مما يسهم في رفع كفاءة الأداء وتعزيز الابتكار في مختلف السياقات والصناعات.
5- توفير الوقت والجهد:
تسهم تقنيات الذكاء الاصطناعي في تحقيق تحسينات فعّالة في توفير الوقت والجهد للمراجعين والعاملين، حيث تُظهر هذه التقنيات فاعلية كبيرة في تقليل الحاجة إلى التدخل البشري في العديد من المهام الروتينية والمتكررة، مما يعزز الكفاءة ويسرع عمليات الإنجاز. وعلى سبيل المثال، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يتولى مهام إدارة البيانات، وفحص الوثائق، وتحليل البيانات بسرعة ودقة، دون الحاجة المستمرة لتدخل بشري. هذا التحسين يمكن المراجعين والعاملين من تحويل جهودهم نحو مهام أكثر إبداعًا وفعالية، مما يساهم في تحسين الأداء العام وزيادة الإنتاجية في مختلف القطاعات.
ثالثًا: كيفية توظيف الذكاء اﻻصطناعي لخدمة المراجعين:
1- خدمات العملاء الذكية:
يعتمد الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في تحسين خدمات العملاء على إطلاق واجهات دردشة ذكية تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث تقوم هذه الواجهات بتحليل الاستفسارات وتقديم إجابات فورية وفعالة للمراجعين.
تستخدم الروبوتات في الدردشة لتوجيه المراجعين إلى المعلومات المطلوبة بسهولة، وأيضًا لحل المشكلات البسيطة دون الحاجة إلى تدخل بشري.
2- تحسين التنبؤ والتحليل:
يقوم الذكاء الاصطناعي بتحليل السجلات والتعليقات التي يتركها المراجعون، مما يسمح بفهم تقييماتهم والتعرف على المجالات التي يمكن تطويرها.
من خلال تقنيات التنبؤ، يُمكن استنتاج احتياجات المراجعين المستقبلية استنادًا إلى سجلاتهم وسلوكهم السابق.
3- مراقبة الجودة والتحسين المستمر:
يُستخدم الذكاء الاصطناعي في مراقبة جودة الخدمة من خلال تحليل تعليقات المراجعين وملاحظاتهم.
بناءً على تحليلات الذكاء الاصطناعي، يتم تقديم توصيات لتحسين الخدمة بشكل دوري، مما يسهم في التحسين المستمر للخدمات المقدمة.
4- توفير تجارب شخصية:
يعتمد تخصيص تجربة المراجعين على تحليل سلوكهم وتفاعلاتهم باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.
يتم تقديم محتوى واقتراحات مخصصة لكل مراجع استنادًا إلى البيانات الشخصية والتفاعلات السابقة، مما يسهم في تحقيق تجارب شخصية مميزة وراضية للمستخدمين.
5- تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المُعزَّز:
توفير تجارب افتراضية أو معززة باستخدام تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز لإضافة عنصر إضافي من التفاعل والمشاركة في تجربة المراجعين.
6- تحسين سرعة الاستجابة:
ضمان استجابات سريعة وفعالة لاستفسارات المراجعين باستخدام الذكاء الاصطناعي للتفاعل الفوري وتلبية احتياجاتهم بشكل سريع.
وأخيرًا.. يتبيّنُ بوضوح أن الذكاء الاصطناعي يشكل تقنية حديثة ذات تأثير عميق على تحسين خدمة المراجعين في مختلف المجالات، ويظهر الذكاء الاصطناعي إمكانيات هائلة في تحسين تجربة المستخدم، تسريع العمليات، تحسين جودة الخدمة، وتحليل البيانات الكبيرة بطريقة فعّالة، ومن خلال استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، يمكن تحقيق خدمات عملاء أكثر فعالية، وتخصيص تجارب شخصية للمستخدمين، وتحسين استجابة المؤسسات لاحتياجات المراجعين. كما يُظهر هذا التطور التكنولوجي كيف يمكن للابتكار والتكنولوجيا تحويل وتطوير طرق تقديم الخدمات وتفاعل المؤسسات مع المراجعين.
ويمكن القول إنَّ فهم أهمية الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة المراجعين يمثل خطوة أساسية نحو استثمار أفضل في هذه التقنية الحديثة، وتحسين جودة الخدمات المقدمة بشكل مستمر. وبفضل توظيف التقنيات الذكية، يمكن تحقيق تحول إيجابي في كيفية تفاعل المؤسسات والشركات مع جمهورها، مما يعزز التفاعل الإيجابي ويرفع مستوى رضا المراجعين.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
كيف أصبحت غزة ساحة لتطوير الاحتلال قدرات الذكاء الاصطناعي وتجريبه؟
كشف تقرير نشرته صحيفة "نيويورك تايمز"، عن مدى توغل التكنولوجيا المتقدمة، وخاصة الذكاء الاصطناعي، في العمليات العسكرية الإسرائيلية خلال حربها المستمرة على قطاع غزة.
وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أن الاحتلال الإسرائيلي اعتمد بشكل متزايد على أدوات وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتحقيق تفوق نوعي في ميدان المعركة، وهو ما أدى في بعض الأحيان إلى نتائج قاتلة طالت المدنيين.
وأشار التقرير إلى أن أبرز مثال على هذا الاستخدام جاء في أواخر عام 2023، عندما حاولت القوات الإسرائيلية اغتيال إبراهيم البياري، أحد القادة البارزين في حركة حماس. ونظراً لصعوبة تحديد مكانه الفعلي، نظراً لاحتمال اختبائه في شبكة الأنفاق المنتشرة تحت غزة، لجأ جيش الاحتلال الإسرائيلي إلى تقنية تحليل صوتي مدعومة بالذكاء الاصطناعي، كانت قد طُورت قبل نحو عقد من الزمن لكنها لم تُستخدم في ساحات القتال من قبل.
وبحسب مصادر أمريكية وإسرائيلية مطلعة تحدثت للصحيفة، فقد تولى مهندسون في الوحدة 8200، المكافئة الإسرائيلية لوكالة الأمن القومي الأمريكية، تطوير الأداة ودمجها بتقنيات ذكاء اصطناعي متقدمة.
وتم تحليل مكالمات البياري، واعتمادا على تلك البيانات الصوتية، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي بشن غارة جوية في 31 تشرين الأول/أكتوبر 2023 استهدفت الموقع المشتبه به. غير أن الغارة، التي فشلت في قتل البياري، أسفرت عن استشهاد 125 مدنيا، بحسب منظمة "إيروورز" المعنية بتوثيق ضحايا الحروب.
ويمثل هذا الهجوم، وفق التقرير، نموذجاً مصغراً لطريقة استخدام إسرائيل لتقنيات الذكاء الاصطناعي في حربها ضد غزة، حيث دمجت هذه التقنيات بمجالات متعددة تشمل التعرف على الوجوه، وتحليل البيانات النصية، وتحديد الأهداف العسكرية المحتملة. وقد أشارت مصادر الصحيفة إلى أن عمليات تطوير هذه الأدوات جرت عبر تعاون وثيق بين ضباط الوحدة 8200 وعدد من جنود الاحتياط العاملين في شركات تكنولوجية كبرى مثل غوغل، مايكروسوفت، وميتا.
وتحدث التقرير عن إنشاء ما يعرف بـ"الاستوديو"، وهو مركز ابتكار تابع للوحدة 8200، يهدف إلى تسريع إنتاج وتطبيق أدوات الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية. وبيّن أن نشر هذه الترسانة التكنولوجية أدى أحياناً إلى نتائج كارثية، منها أخطاء في تحديد الهوية، واعتقالات عشوائية، بل ووقوع ضحايا مدنيين، وهو ما أثار تساؤلات أخلاقية لدى مسؤولين عسكريين إسرائيليين وأمريكيين على حد سواء.
وفي هذا السياق، قالت هاداس لوربر، المديرة السابقة لمجلس الأمن القومي الإسرائيلي ورئيسة معهد الأبحاث التطبيقية في الذكاء الاصطناعي، إن "وتيرة الابتكار تسارعت تحت وطأة الحاجة الملحة للرد على التهديدات"، مشيرة إلى أن هذه الابتكارات التقنية منحت الجيش الإسرائيلي "مزايا استراتيجية"، لكنها "أثارت أيضاً قضايا أخلاقية جوهرية تتطلب وجود ضوابط صارمة".
ورغم امتناع جيش الاحتلال الإسرائيلي عن التعليق المباشر على هذه التقنيات لأسباب تتعلق بالسرية، إلا أن مصادر التقرير كشفت أن الجيش أطلق تحقيقاً داخلياً في الغارة التي استهدفت البياري. أما شركات التكنولوجيا التي ذُكر أن موظفيها شاركوا في هذه الجهود ضمن صفوف جنود الاحتياط، فقد رفض معظمها التعليق، بينما قالت شركة غوغل إن مشاركة موظفيها "لا علاقة لها بمهامهم داخل الشركة".
ويذكر التقرير أن الاحتلال الإسرائيلي دأب على استغلال الحروب، خاصة في غزة ولبنان، كمنصات لاختبار وتطوير قدراتها التكنولوجية، مثل الطائرات بدون طيار، وأدوات اختراق الهواتف، ونظام الدفاع الصاروخي "القبة الحديدية".
ومنذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر، فتح الاحتلال المجال أمام استخدام واسع النطاق لتقنيات الذكاء الاصطناعي بالتعاون مع الوحدات العسكرية المختصة.
كما طوّر جيش الاحتلال الإسرائيلي نموذجاً لغوياً كبيراً باللغة العربية، أنشئ لتشغيل روبوت محادثة قادر على تحليل الرسائل النصية، ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي، وغير ذلك من البيانات. وتم تغذيته بكم هائل من البيانات التي جمعت خلال سنوات من المراقبة الإلكترونية، مما مكنه من تمييز اللهجات المختلفة وتحليل ردود الفعل العامة، كما حدث بعد اغتيال حسن نصر الله في أيلول/سبتمبر الماضي، وفق ما أفاد به ضباط إسرائيليون للصحيفة.
إلا أن النموذج لم يكن خالياً من العيوب، إذ فشل أحياناً في تفسير بعض المصطلحات العامية، أو أخطأ في فهم المحتوى البصري، ما تطلب تدخل ضباط مخضرمين لتصحيح هذه الأخطاء. وعلى الأرض، زودت إسرائيل نقاط التفتيش المؤقتة في غزة بكاميرات مدعومة بتقنيات التعرف على الوجه، لكنها أخفقت أحياناً في التعرف على الأشخاص بدقة، ما تسبب في اعتقال مدنيين عن طريق الخطأ.
ومن بين الأدوات التي أثارت جدلاً أيضاً، خوارزمية "لافندر"، وهي أداة تعلم آلي صممت لتحديد المقاتلين منخفضي الرتب في حماس، لكنها كانت غير دقيقة، ومع ذلك استخدمت لتحديد أهداف في بداية الحرب.
ويخلص التقرير إلى أن هذه التجارب التقنية، رغم ما توفره من قدرات عسكرية متقدمة، قد تؤدي إلى تسريع وتيرة العنف وسقوط ضحايا من المدنيين، في وقت لم تُحسم فيه بعد الأسئلة الأخلاقية الكبرى المرتبطة باستخدام الذكاء الاصطناعي في ميادين الحروب.