جريدة الرؤية العمانية:
2024-12-23@12:23:07 GMT

غزة.. بين الحقيقة والخيال

تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT

غزة.. بين الحقيقة والخيال

 

زكريا الحسني

 

من يتأمل سير التاريخ يستنتج كيف كان النَّاس يعيشون والأحداث التي وقعت وكأنها ضرب من الخيال، وما إن جاء السابع من أكتوبر 2023 حتى توالت علينا الأخبار التي تقشعر منها الأبدان؛ إذ عاد المجد للأمة ولاقت الويلات من العالم الذي يدعي التمدن، فما أجمل أن تقول "لا" للظلم والطغيان وكأن لسان الحال يقول "بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى"!

هذه الكلمة "لا" يبغضها الباطل لأنها تصريح صريح ضد الاستكبار والظلم وفورًا تدخل حيز التصنيف بأبشع الألقاب وأردأ الأوصاف.

وكم أنا فخور بعُمان أرض السلاطين بشعبها وسلطانها وأرضها وتضامن عمان من جبال مسندم إلى جبال ظفار صغارها وكبارها حكومةً وشعبًا ومساعداتهم السياسية واللوجستية والغذائية والصحية والكمالية؛ فهذا ما نملكه من قدرات نقدمه لإخواننا وأهلنا في غزة.

التاريخ شاهد وربي لا يضل ولا ينسى، فيكيفنا شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أخرج الإمام مُسلم في صحيحه من حديث أبي برزة الأسلمي، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعث إلى حي من أحياء العرب مبعوثًا فسبوه وضربوه، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: "لو أنَّ أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك".. الله أكبر أعظم به من ثناء، وأكرم بها من شهادة نفتخر بها أبناء عُمان ونُفاخر بها الزمان على مر دهوره.

أهلنا في غزة يواجهون إبادة جماعية بجيوش مدججة بالعدة والعتاد يُنزلون عليهم من السماء وابلًا من القابل الفتاكة والمحرمة دوليًا أمام مرأى العالم وكأن العالم يتفرج ولا يبالي.

لكن الشعوب الطاهرة حينما تبين لها الحق والحقيقة نزلت الشوارع والميادين تطالب بوقف هذا الظلم فورًا وتهتف بأعلى صوتها كفاكم من هذا الظلم وكأن سيناريو الهنود الحمر بات يتكرر من جديد في أرض العرب.

وخلال مؤتمر صحفي على هامش الدورة الثانية للمجلس الوطني في بكين، قال وانغ يي وزير الخارجية الصيني إنها مأساة للبشرية ووصمة عار على الحضارة؛ حيث لا يمكن وقف هذه الكارثة الإنسانية التي تحدث اليوم في القرن الـ21، مضيفا أنه "لا يمكن التذرع بأي سبب لقتل المدنيين في غزة".

ينبغي أن ندرك يقينًا أن هذه الحرب حرب مصيرية ووجودية لها أبعادها الاستراتيجية والسياسية  والاقتصادية.

 

ويقول الرسول المصطفى من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه، ويقول: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ويقول: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

وينبغي أن نضع هذا المثل في الحسبان: "أُكلت يوم أكل الثور الأبيض" لأنه مثل يضرب عند الشعور بالندم على التفريط والتهاون في الحقوق، والإحساس بالتشتت والضياع فالأمر يبدأ دائمًا بالغير وينتهي عندك فاحترس ولا تضع نفسك فريسة للخداع ما يطال غيرك يطالك.

حينما أرى ما يفعلون في غزة، أُدرك يقينًا أن الغرب يحب الازدواجية في المعايير وإنه مراوغ ومنافق في نفس الوقت وكل العناوين والمنظمات التي ينادي بها لحقوق الإنسان تقف عند حدود العرب وأفريقيا، فهذا العالم مليء بالمتناقضات وهذا يدل على أنَّ هذه العناوين الرنانة والمنظمات البراقة تحمل في طياتها مآرب أخرى، ليجدوا من خلالها مبررًا لسلب ثروات الدول وحقوق البشر.

يا أيها العرب اتحدوا على كلمة واحدة فنحن مصيرنا واحد وديننا واحد ولغتنا واحدة وتاريخنا واحد، فإذا لم نتحد الآن فمتى نتحد؟

يقول المولى عز وجل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ 
[آل عمران: 103].

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

كيف نثبت على الحق في زمن الاختلاط وندعو للسلام؟

في حديثه عن التحديات التي يمر بها المجتمع المسلم في زمننا هذا، دعا الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية الأسبق، إلى ضرورة تصحيح المفاهيم الدينية في وقت تكثر فيه الفتن والتحديات في هذه الأيام.

 

 يقول جمعة، نواجه اختلاطاً في الأوراق يراه البعض فوضى فكرية؛ حيث يُسمي البعض المنكر معروفًا والمعروف منكرًا، في مشهد يعكس ضياع البوصلة الأخلاقية والدينية في عالمنا المعاصر.

وأكد جمعة أن المؤمن مطالب بأن يعرف المعروف الذي حدده الله عز وجل، وأن ينكر المنكر الذي حذرنا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم منه. كما شدد على أهمية أن نسمي الأشياء بأسمائها، فأي محاولة لتسميتها بغير أسمائها الصحيحة قد تؤدي بالإنسان إلى الضلال.

صبر المؤمن وثباته على الحق


في هذا السياق، دعا الدكتور علي جمعة المؤمنين إلى التحلي بالصبر والثبات، مؤكداً أن الحق لا يضرنا من خالفنا عليه. وهذا التوجيه النبوي يتجسد في الحديث الصحيح الذي روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم إلى يوم القيامة".

هذه الطائفة التي تحدث عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي تلتزم بالحق وتثابر عليه مهما كانت التحديات، وهي على يقين بأن النصر في النهاية هو حليف الحق، مهما كانت الظروف أو الصعوبات.

الفرقة الناجية في زمن الفتن


دعا جمعة المسلمين إلى أن يظلوا ثابتين على الحق، مُستشهدًا بالأحداث المتتالية التي تُرشدنا إلى ما هو خير، بينما يصر البعض على السير في دروب الحرب والقتال والتعصب. هؤلاء الذين "يأبون إلا الحرب والقتال والإبادة الجماعية" حسب تعبيره، هم الذين ضلوا الطريق وأصبحوا لا يرون إلا مصالحهم الآنية أو شهواتهم العمياء. وذكر د. علي جمعة كيف أن البعض "يسمى العلم جهلاً، والحكمة تخاذلاً، والشهوة عقلاً"، في ظل هذا الاضطراب الحاصل في القيم.

الآيات التي تذكر المؤمنين وتسلّيهم


في حديثه عن التحديات الروحية التي تواجه المؤمنين، أشار د. علي جمعة إلى أن الله سبحانه وتعالى يسلي قلوب المؤمنين ويذكرهم بحقائق عظيمة في كتابه الكريم. وقد استشهد بآيات من سورة الضحى، التي نزلت لتسلّي قلب النبي صلى الله عليه وسلم وتبعث الأمل في نفسه بعد ما تعرض له من أذى، مؤكداً أن هذه الآيات ليست مقتصرة على حال النبي صلى الله عليه وسلم بل تشمل أيضاً المؤمنين في جميع الأوقات.

قال  جمعة: "لقد شعرت أن هذه الآيات نزلت اليوم خصيصًا لتسلّي قلوبنا، فهي لا تتحدث فقط عن حال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، بل هي رسالة موجهة إلينا جميعًا. إن الله سبحانه وتعالى يذكر النبي صلى الله عليه وسلم ويقول له 'مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى'، وهذا يشير إلى أن الله لم يترك نبيه ولم يقصِّه، بل كان معه في كل لحظة".

كما أشار إلى أن الله سبحانه وتعالى في هذه السورة يدعونا إلى العناية باليتامى والسائلين، وتذكيرنا بنعم الله علينا التي يجب أن نشكره عليها في كل وقت. "وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ" هو توجيه لنا بأن نتذكر نعم الله وننشرها في حياتنا اليومية، وأن نكون واعين بفضل الله الذي لا يعد ولا يحصى.


وفي الختام، أكد الدكتور علي جمعة على ضرورة تصحيح المفاهيم الدينية التي اختلطت في هذا العصر. ينبغي على المؤمنين أن يكونوا على دراية تامة بأن الحق أحق أن يُتبع، وأن الانحراف عن الطريق المستقيم يؤدي إلى الضلال والضياع. وأن يتحلوا بالصبر والتمسك بالحق، لأن الله سبحانه وتعالى وعدهم بالنصر والنجاة إذا ما ثبتوا على طريقه المستقيم.

مقالات مشابهة

  • الأمل بالله وتأثيره على حياتنا
  • فضل الدعاء عند المصافحة.. مستجاب ومقبول عند الله
  • لمحات من حروب الإسلام
  • ما حكم إلقاء السلام على قارئ القرآن؟.. الإفتاء تجيب
  • من هم الرجال الستة الذين يظهرون قبل نهاية العالم؟
  • داعية: لا صحة لأحاديث فضل البلاد إلا عن مكة والمدينة ومصر
  • غيرترود بِيل.. الجاسوسة التي سلّمت العرب للإنجليز
  • أهمية العمل والحث على إتقانه في الشرع الشريف
  • حكم التسول في الشريعة الإسلامية.. الإفتاء توضح
  • كيف نثبت على الحق في زمن الاختلاط وندعو للسلام؟