غزة.. بين الحقيقة والخيال
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
زكريا الحسني
من يتأمل سير التاريخ يستنتج كيف كان النَّاس يعيشون والأحداث التي وقعت وكأنها ضرب من الخيال، وما إن جاء السابع من أكتوبر 2023 حتى توالت علينا الأخبار التي تقشعر منها الأبدان؛ إذ عاد المجد للأمة ولاقت الويلات من العالم الذي يدعي التمدن، فما أجمل أن تقول "لا" للظلم والطغيان وكأن لسان الحال يقول "بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى"!
هذه الكلمة "لا" يبغضها الباطل لأنها تصريح صريح ضد الاستكبار والظلم وفورًا تدخل حيز التصنيف بأبشع الألقاب وأردأ الأوصاف.
وكم أنا فخور بعُمان أرض السلاطين بشعبها وسلطانها وأرضها وتضامن عمان من جبال مسندم إلى جبال ظفار صغارها وكبارها حكومةً وشعبًا ومساعداتهم السياسية واللوجستية والغذائية والصحية والكمالية؛ فهذا ما نملكه من قدرات نقدمه لإخواننا وأهلنا في غزة.
التاريخ شاهد وربي لا يضل ولا ينسى، فيكيفنا شهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أخرج الإمام مُسلم في صحيحه من حديث أبي برزة الأسلمي، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بَعث إلى حي من أحياء العرب مبعوثًا فسبوه وضربوه، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: "لو أنَّ أهل عُمان أتيت ما سبوك ولا ضربوك".. الله أكبر أعظم به من ثناء، وأكرم بها من شهادة نفتخر بها أبناء عُمان ونُفاخر بها الزمان على مر دهوره.
أهلنا في غزة يواجهون إبادة جماعية بجيوش مدججة بالعدة والعتاد يُنزلون عليهم من السماء وابلًا من القابل الفتاكة والمحرمة دوليًا أمام مرأى العالم وكأن العالم يتفرج ولا يبالي.
لكن الشعوب الطاهرة حينما تبين لها الحق والحقيقة نزلت الشوارع والميادين تطالب بوقف هذا الظلم فورًا وتهتف بأعلى صوتها كفاكم من هذا الظلم وكأن سيناريو الهنود الحمر بات يتكرر من جديد في أرض العرب.
وخلال مؤتمر صحفي على هامش الدورة الثانية للمجلس الوطني في بكين، قال وانغ يي وزير الخارجية الصيني إنها مأساة للبشرية ووصمة عار على الحضارة؛ حيث لا يمكن وقف هذه الكارثة الإنسانية التي تحدث اليوم في القرن الـ21، مضيفا أنه "لا يمكن التذرع بأي سبب لقتل المدنيين في غزة".
ينبغي أن ندرك يقينًا أن هذه الحرب حرب مصيرية ووجودية لها أبعادها الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية.
ويقول الرسول المصطفى من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا وشبك بين أصابعه، ويقول: من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ويقول: والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.
وينبغي أن نضع هذا المثل في الحسبان: "أُكلت يوم أكل الثور الأبيض" لأنه مثل يضرب عند الشعور بالندم على التفريط والتهاون في الحقوق، والإحساس بالتشتت والضياع فالأمر يبدأ دائمًا بالغير وينتهي عندك فاحترس ولا تضع نفسك فريسة للخداع ما يطال غيرك يطالك.
حينما أرى ما يفعلون في غزة، أُدرك يقينًا أن الغرب يحب الازدواجية في المعايير وإنه مراوغ ومنافق في نفس الوقت وكل العناوين والمنظمات التي ينادي بها لحقوق الإنسان تقف عند حدود العرب وأفريقيا، فهذا العالم مليء بالمتناقضات وهذا يدل على أنَّ هذه العناوين الرنانة والمنظمات البراقة تحمل في طياتها مآرب أخرى، ليجدوا من خلالها مبررًا لسلب ثروات الدول وحقوق البشر.
يا أيها العرب اتحدوا على كلمة واحدة فنحن مصيرنا واحد وديننا واحد ولغتنا واحدة وتاريخنا واحد، فإذا لم نتحد الآن فمتى نتحد؟
يقول المولى عز وجل: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ [آل عمران: 103].
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
ماذا بعد رمضان؟.. الإفتاء توضح كيفية التخلص من الفتور في العبادة
قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن حالة من الخوف والقلق تنتاب كثيرين؛ بسبب أنهم يشعرون بفتور فى الطاعة بعد رمضان، مؤكدًا أنه أمر طبيعي؛ لأنهم عادوا إلى الحالة التى كانوا عليها قبل رمضان.
وأضاف "فخر"، خلال لقائه بإحدى البرامج الفضائية فى إجابته عن سؤال «حكم من قلة طاعته بعد رمضان؟»، أن رسول الله "صلى الله عليه وسلم" كان يزيد من العبادة والطاعة فى شهر رمضان، وهذا يعني أن شهر رمضان كان له عبادة خاصة تزيد على بقية الأشهر، وعلى هذا فرسول الله "صلى الله عليه وسلم" كان يشد مئزره ويحيي الليل ويوقظ أهله، وذلك فى العشر الأواخر من رمضان، وبعد انتهاء العشر الأواخر يعود إلى الحال الذى كان عليه قبل رمضان.
وأشار إلى أن ما يشعر به البعض من الفتور في الطاعة بعد رمضان شعور طبيعي؛ لأنهم عادوا إلى ما كانوا عليه قبل رمضان ولكن ليس معنى ذلك أن نترك العبادة بعد نهاية شهر رمضان بل علينا أن نصطحب من الأعمال الفاضلة التي كنا نقوم بها طوال الشهر ونتعايش بها طوال العام، ونتذكر رمضان مثل صلاة القيام بعد العشاء، كذلك قراءة القرآن والتصدق؛ حتى نكون على هذه الطاعة طوال العام.
علامات قبول الطاعة بعد رمضانقال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن المخاصمة سبب لعدم قبول الأعمال عند الله أو التوبة من الذنوب، ففي الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تفتح أبواب الجنة يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئًا، إلا رجلًا كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقال: أنظروا هذين حتى يصطلحا، أنظروا هذين حتى يصطلحا".
وطالب عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، خلال أحد الدروس الدينية، بالتخلق بخلق المسامحة حتى ولو أخطا الآخر في حقنا، وأضاف: "فقد كنا قديما عندما يعتدى علينا أحد نقول له "الله يسامحك" التي لم نعد نسمعها الآن ، وأيضًا كنا نقول "صلى على النبي -صلى الله عليه وسلم-"، وأيضًا: "وحدوا الله" فنحتاج هذه الأدبيات والأخلاق وتراثنا الأصيل المشبع بأخلاق الإسلام أن يعود مرة أخرى".
وتابع: "القصاص لا نستوفيه من أنفسنا وإنما يكون من خلال القضاء الذي وضعه الشرع لنا كضابط، فعندما يظلمنا أحد لا نقتص منه بأيدينا وإنما نلجأ للقاضي ليقتص لنا".