مجدي حسين يكشف لـعربي21 أوجه الاختلاف بين العدوان الحالي على غزة وما سبقه (شاهد)
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
وصف المناضل والكاتب الصحفي المصري، مجدي أحمد حسين، الملقب بشيخ الصحفيين، العدوان على قطاع غزة من قبل الاحتلال الإسرائيلي بأنه يختلف عن أي عدوان آخر مر على القطاع سواء من حيث طبيعة العدوان الذي شاركت فيه دول غربية وأمريكا أو على مستوى ردود الفعل العربية والإسلامية التي جاءت أقل من المتوقع.
وقال في لقاء صحفي مع "عربي21"، إن دول الجنوب مثل جنوب أفريقيا والبرازيل في أمريكا اللاتينية سبقتنا في تسجيل مواقف تتسق مع الإنسانية والعدالة، وكانت نموذجا يحتذى به في الدفاع عن القضية الفلسطينية ودفعتها للأعلى حتى رآها العالم.
ورأى أن عملية طوفان الأقصى كانت حتمية بعد سنوات من الحصار والتنكيل وخطط الإبادة بالبطيء بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، واستبقت الخطط الإسرائيلية بإنهاء الوجود الفلسطيني في القطاع، وقضت على أسطورة الجيش وكشفت الوجه القبيح للاحتلال.
وأعرب حسين عن اعتقاده أنه لا مستقبل للتطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأن إسرائيل سوف تعاني من انهيار داخلي بعد وقف إطلاق النار في غزة، ولن تقبل بحل الدولتين لأن حكوماتها اليمينية المتطرفة هي المسيطرة على مقاليد الأمور.
أطلق سراح حسين في نيسان/ أبريل 2021 بعد 7 سنوات من الحبس على ذمة عدة قضايا، وهو أحد أبرز الصحفيين المعارضين في مصر منذ عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك الذي حكم البلاد 30 عاما قبل أن تطيح به ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
كان حسين (72 عاما) رئيس تحرير صحيفة "الشعب" الصادرة عن حزب العمل، وهو نجل السياسي الكبير أحمد حسين مؤسس حركة "مصر الفتاة" وعمه هو الكاتب الصحفي الراحل عادل حسين الأمين العام الأسبق لحزب العمل.
وتاليا نص الحوار كاملا:
زرت قطاع غزة في أزمة مشابهة قبل سنوات في زيارة قادتك إلى السجن.. ما الاختلاف بين العدوانين فيما يتعلق بمواقف دول الطوق مثل (مصر والأردن) والعالم؟
الفرق الكبير من حيث ملابسات العدوان على قطاع غزة، هناك مساندة أجنبية للاحتلال وتواجد للجيش الأمريكي على الأرض، هذه المرة الوضع مختلف تماما، بخصوص دول الطوق ملاحظتي الأساسية هو مسألة معبر رفح. في المرة الأولى كانت هناك أنفاق بين مصر وغزة لدخول المواد الغذائية، ودخلت من خلالها إلى القطاع عام 2008/2009، وفتح جبهات أخرى في الشمال والجنوب.
زيارتك إلى غزة انتهت إلى إقامة لبعض الوقت، برأيك ما هو سر صمود المقاومة، وهل تعتقد أنها فقدت حاضنتها الشعبية بسبب ويلات الحرب؟
بالعكس عندما ذهبت إلى هناك الشعب كله مع المقاومة، وفي كل مكان ذهبت إليه كان الناس يلتفون حول المقاومة بصورة كبيرة تتراوح ما بين 80% و90% ولم أسمع أحد يتكلم ضد المقاومة، لكن إذا افترضنا أن هناك معارضة 10% فهو أمر طبيعي.
في الأحوال العادية كان من الممكن أن يتركوا (الفلسطينيين) بلادهم ويهربوا من الحرب ولكن ما رأيته هو تمسك كبير بالأرض، الشعب في غزة ضمن الشعب الفلسطيني يضرب مثلا في الصمود والاستعداد للتضحية، والموت أصبح خبزهم اليومي دون أن تطرف لهم عين.
نقابة الصحفيين طالبت بعد مجزرة الجوعى بفك الحصار الإعلامي والسماح للصحفيين العرب والأجانب بالدخول لتغطية العدوان.. كيف يساعد ذلك في نقل الحقائق بل الكوارث الإنسانية ؟ وهل تعتقد أن توافق السلطات ؟ ولماذا ؟
دور الصحافة مهم للغاية من أجل نقل الحقائق ولعب دور كبير في تأليب الرأي العالمي ضد إسرائيل، وأتمنى السماح للصحفيين – حتى وإن استشهدوا – حتى يكونوا إلى جوار زملائهم في غزة، وأطالب بالسماح لهم بالذهاب، ومستعد أن أذهب إلى هناك رغم أنني اعتزلت العمل الصحفي لمشاركة الشعب الفلسطيني في مآسيه.
هل كانت تتمادى سلطات الاحتلال في عدوانها الغاشم على قطاع غزة لما يزيد عن 5 شهور لولا مواقف الدول العربية والمجتمع الدولي ؟ وكيف تراها ؟
لم يكن من الممكن أن تتمادى إسرائيل في العدوان من الحرب إلى الإبادة ثم المجاعة لولا تقاعس المجتمع الدولي، ومن الغريب أن القمة العربية – الإسلامية انعقدت في نوفمبر الماضي أي بعد شهر من العدوان وينص القرار على كسر الحصار وإدخال المعونات من معبر رفح، هذا أضعف الإيمان ولم يحدث حتى الآن، ولم تبادر أي دولة عربية أو إسلامية وتطلب من مصر رغبتها في تنفيذ نص القرار وكسر الحصار عبر معبر رفح، واكتفوا بتشكيل وفد من بعض الدول لزيارة الدول الكبرى بمجلس الأمن ولم يفعلوا شيئا، بينما الموقف الشرعي الحقيقي هو المشاركة في صد العدوان عن غزة بموجب فتاوى الأزهر.
هل تعتقد أنه لا سبيل لمقارعة جيش الاحتلال ومواجهته عربيا أم أن المعركة هي كما يقول الإعلام العبري نيابة عن الدول العربية التي لا ترغب في وجود نموذج حماس؟
حديث الإعلام العبري بشأن هذه المسألة ليس هو الشيء الجوهري، لكن المشكلة أن بعض البلاد العربية ترى العلاقة مع إسرائيل ضرورية في إطار العلاقة مع أمريكا، كنت اقترحت اقتراحا خياليا، أن يقوم وزراء دفاع الدول العربية ومعهم تركيا والدول الإسلامية المعنية بالاجتماع وتوجيه ضربة واحدة تحذيرية بأن المدنيين خط أحمر لكان تغير الواقع، وقد ثبت أن الجيش الإسرائيلي يقهر ويقهر وهو في حالة انهيار، واستطاعت المقاومة توجيه ضربات موجعة للاحتلال.
كيف ترى الدور المصري فيما يحدث حاليا في غزة وهل أثر موقف السلطة من حركة حماس في هذا الدور؟
لا أعتقد ذلك، على العكس السلطة في مصر اتخذ موقف موضوعي ومعظم المحللين المرتبطين بالنظام يقولون كلام معقول ومتجاوز للحساسيات ومؤيد للمقاومة، ولكن أرى أن قيد اتفاقية كامب ديفيد أخذ حجما أكبر حجمه، وهو القيد الأساسي، لكن مصر اتخذت موقف جيد في أزمة البحر الأحمر ورفضت المشاركة في ضرب الحوثيين رغم أنها الأكثر تضررا بسبب تأثير ذلك على قناة السويس ربما يخفف ذلك من تقصير مصر في موضوع عدم فتح معبر رفح إلا بإذن إسرائيل وهذا لا يليق بمستوى وحجم مصر قائدة المنطقة العربية.
ما تفسيرك للحراك الشعبي العربي حبيس التلفاز، هل تم فرض دور المشاهد عليه على عكس الشعوب الغربية ؟
الشعوب الغربية سبقتنا في تسجيل موقف إنساني، ولدينا حالة ذهول مما يحدث في أمريكا وغرب أوروبا ولكن في بداية الحرب المظاهرات في مصر لم تكن قليلة، وخرجت في عدد من الدول مثل المغرب وتركيا والعراق والأردن واليمن حدث ولا حرج، هناك بلا شك قبضة أمنية في عموم البلدان العربية تمنع الغضب من الانطلاق، لكن الجمهور استبدل ذلك بالمقاطعة وأدى أداء مذهلا في مقاطعة الشركات الأمريكية والغربية لم تحدث في أحداث سابقة وتسببت في خسائر كبيرة وتراجع الأرباح، وشاهدنا مقاطعة الأسر للمشروبات والمأكولات الشهيرة، الشعوب افتقدت القائد الحقيقي.
صورة تعبيرية للحوار
هل ترى أن المقاومة هي السبيل الوحيد لتحرير الأرض وأن المقاومة تحارب نيابة عن جميع العرب والمسلمين؟
نعم، لا سبيل للتحرر إلا بالمقاومة، هناك فجوة تكنولوجية بيننا وبين إسرائيل، لأنها تحصل، وهي لديها صناعة حربية متطورة، على أعلى تكنولوجيا في العالم من أمريكا والدول الغربية، ومن هنا المقاومة تستطيع أن تناضل بمنهج حرب العصابات والحرب الشعبية والتي أخذت شكل الأنفاق.
في الوقت الذى تقف أمريكا والدول الغربية مع الكيان في هذه الحرب كيف ترى تقاعس الأمة العربية والإسلامية عن نصرة أهل غزة؟
هذه كارثة لا مثيل لها بالتاريخ، وقرار الأمة العربية الإسلامية لم ينفذ، ويجب ألا يظل معبر رفح تحت سيطرة إسرائيل، وعندما قالوا سوف نرسل سفنا حربية لم تأت، تركيا تتحدث عن مراكب منذ عدة شهور لم يصل منها شيء، هناك خذلان كبير، وكل الأنظمة التي تخاذلت وتركت النساء والأطفال يذبحوا لن يمر ما فعلوه دون محاسبة، وأرجو أن يتحركوا، نحن لا نريد الدخول في حروب ولكن لا تزال أمامهم فرصة لرفع الموقف المخزي.
هل ترى أن قطار التطبيع سيستمر رغم ما حدث وأن هناك دول تنتظر دورها بعد انتهاء الحرب لكي تقوم بالتطبيع مع الكيان؟
لا أعتقد ذلك، سوف تكشف الكثير من الأسرار بعد الحرب، وسوف تعاني إسرائيل من انهيار داخلي، مع من سوف يقومون بالتطبيع، إسرائيل في النزع الأخير، هل سيقومون بالتطبيع مع الهواء، يجب التطبيع مع الشعب الفلسطيني، بل ينبغي سحب السفراء على غرار بعض الدول غير العربية مثل بعض دول أمريكا اللاتينية، أعتقد أنه لا مستقبل للتطبيع كما أنه لا مستقبل لإسرائيل في الجيل المقبل.
صورة تعبيرية للحوار
كيف ترى دور دول كجنوب أفريقيا والبرازيل فى ظل التخاذل العربي والعالمي الحالي؟
بالطبع قامتا بأدوار كبيرة، وجنوب أفريقيا فجرت قنبلة محكمة العدل الدولية في وجه إسرائيل، مع أن دور محكمة العدل دور ادعائي ولن توقف إسرائيل لكن هذا الدور مهم جدا ويجيش الرأي العام العالمي. ومواقف دول أمريكا اللاتينية تعطي مصداقية لقضيتنا، دولة بحجم البرازيل بنصف حجم أمريكا الجنوبية عندما يأتي الصوت من بعيد يكون له تأثير كبير، وينبغي أن تكون علاقتنا مع الجنوب أكبر وأوثق من العلاقات مع أمريكا والغرب الأوروبي، على الدول العربية إعادة النظر في علاقاتها مع تلك الدول التي أيدت ودعمت الحرب على أهلنا في غزة.
ترى هل تغير الموقف المصري تجاه القضية الفلسطينية مع تغير الرؤساء وما الذي طرأ عليه؟
لا توجد اختلافات كبيرة، ولكن اللافت في هذه الحرب هو تحكم إسرائيل في معبر رفح أثناء العدوان. في عهد مبارك ذهبت إلى هناك عبر الأنفاق، لكن عموما فإن اتفاقية كامب ديفيد قيدت الجميع فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، ودون الدخول في التفاصيل هذا الكيان الدموي يجب قطع العلاقات معه الذي يصف جميع الناس "بحيوانات"، ما الذي أفادتنا به إسرائيل سوى تصدير الأمراض والمجازر، هذا استعمار استيطاني وسوف يزول كما زال كل استعمار في كل دول العالم، والمقاومة الفلسطينية سوف تحول دون أي إبادة.
ترى هل توافق إسرائيل على قيام دولة فلسطينية خاصة أن "نتنياهو" يرفض ذلك هو ومجموعته وكلام "بايدن" في النهاية لا يسري عليه وهو قريبا خارج السلطة في الانتخابات القادمة وربما يأتي صديق نتنياهو المقرب ترامب؟
لا أعتقد ذلك، ومسألة حل الدولتين وهم وخداع، يتحدثون عن هذا الحل منذ عقود للاستهلاك الإعلامي منذ صدور القرار 242، لا أحد يؤمن بقيام الدولة الفلسطينية في إسرائيل والذي كان يقبل الحديث عنها هو اليسار (حزب العمل) وهو الآن غير موجود على الساحة السياسية ولا تأثير له، والتيار الغالب هو اليميني المتطرف، كل إسرائيل أصبحت تابعة له، لن يوافق على عودة القدس للفلسطينيين أو فك المستوطنات وإقامة دولة في الضفة الغربية أو كما يسمونا يهودا والسامراء وقطاع غزة بالتالي هو مشروع وهمي، والحل المنطقي هو تحرير كل أراضي فلسطين المحتل.
صورة تعبيرية للحوار
كيف ترى طوفان الأقصى بعد مرور نحو 150 يوما من الحرب والمجازر؟
طوفان الأقصى كان حتمي، لأن غزة كانت تباد "بالتقسيط"، وكانت هناك خطط لإبادة غزة وحزب الله في جنوب لبنان، ما يجري في غزة منذ الحصار هو إبادة بشكل تدريجي، إسرائيل تتخوف من الصواريخ التي بحوزة المقاومة في الجنوب والشمال والتي تهدد الكيان الإسرائيلي. الحقيقة طوفان الأقصى أحدث نتائج أكبر من توقعات الكيان، وكانت مشكلة إسرائيل أنها أضعف من تقديرات الجميع بل أضعف من تقديرات حماس، ولو كانوا يعلمون ذلك لكانوا اجتاحوا باقي غلاف غزة بعشرات الآلاف، وطوفان الأقصى أثبت هشاشة هذا الكيان الذي نعمل له ألف حساب.
أخيرا ماذا عن كتابك الأخير محمد علي من التبعية للاستقلال والتنمية وماذا تقصد بهذا العنوان؟
أنا مهتم بتجربة محمد علي في الاستقلال الاقتصادي عن الغرب وليس عن الدولة العثمانية واستطاع الرجل أن يبني صناعة وطنية مصرية خالصة وأصبح ينافس الغرب ويكتسح الأسواق ويحقق فائض في ميزان المدفوعات والميزان التجاري.
هل يمكن أن تحكي تجربتك في إيجاز عن تجربتك الخاصة بدخول غزة في عهد مبارك عبر الأنفاق وما الهدف منها؟
دخلت في نفق صغير جدا إلى غزة وكان أمرا مؤلما وصعبا ودخلت زحفا، وكان النفق غير مجهز وبدون علم حركة حماس نفسها وكان النفق لا يخصها أو يتبعها، وكانت الأنفاق كثيرة في هذا الوقت، وزحفت لمسافة طويلة، ولكني وصلت سالما.
هناك استقبلوني بحفاوة وتعرفت على ما يحدث في قطاع غزة من كوارث بسبب العدوان الإسرائيلي وزرت كل فصائل المقاومة تقريبا، وفي طريق عودتي اخترت الرجوع من معبر رفح، حتى أثبت أن زيارة غزة ممكنة، ولكن تم الحكم علي عسكريا بالسجن سنتين، وتم حبسي المدة كاملة دون أي تخفيض، لكن في سبيل غزة كل شيء يهون، ولم أتوقع أن تحبسني السلطات المصرية، ولم أندم على الزيارة لأني كانت أريد إثارة قضية حصار غزة بشكل كبير ونجحت في ذلك، وقضيت نصف عمري في السجون وفيها ألفت أفضل كتبي.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية مقابلات المصري غزة الاحتلال مصر غزة الاحتلال مجدي حسين المزيد في سياسة مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات مقابلات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الشعب الفلسطینی الدول العربیة طوفان الأقصى إسرائیل فی قطاع غزة معبر رفح کیف ترى فی غزة أنه لا
إقرأ أيضاً:
وما أدراك ما اليوم التالي
اعتبر يوم الأحد 19/1/2025 الساعة الثامنة والنصف صباحاً، بتوقيت القدس، يوم نفاذ اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وهو الاتفاق الذي أوقف العدوان الذي، وقعه نتنياهو، وأنفه راغم.
وذلك بعد ستة عشر شهراً من حرب بريّة/جويّة، شنّها جيش الكيان الصهيوني، في مواجهة، مباشرة مع المقاومة، بقيادة كتائب عز الدين القسّام، ولم يحقق هدفاً واحداً من الأهداف الثلاثة التي حدّدها. وهي القضاء على حماس (المقاومة)، إطلاق الأسرى الصهاينة عنوة، وثالثاً تهجير واسع، والسيطرة على القطاع، واستيطانه.
كان يوم الأحد المشهود، إعلاناً لانتصار المقاومة وقيادتها والشعب.
تعتبر هذه النتيجة، لمن شاء ولمن أبى، انتصاراً للمقاومة عسكرياً، وللشعب صموداً واحتساباً، بل واحتمالاً لما لا يحتمله البشر من جرائم قتل جماعي، وتدمير شبه شامل. وقد فرض عليه الحرمان من الدواء والطعام، والنوم في العراء تحت بردٍ قارص، أو حرٍ حارق، أو نوم في خيام غارقة بالماء.بلى إنه انتصار، بكل ما تعني الكلمة من معنى، (عدا الوصول إلى استسلام الجيش الصهيوني). وذلك بإجباره على وقف حرب العدوان، وإجراء صفقة تبادل، والانسحاب من القطاع (الشروط التي وضعتها المقاومة منذ اليوم الأول من المفاوضات).
تعتبر النتيجة التي عبّر عنها الاتفاق، هزيمة سياسية وعسكرية لنتنياهو، والجيش الصهيوني، وللرئيس الأمريكي جو بايدن.
لنقل، بداية، بسبب عدم تحقيق الأهداف التي أعلنت للعدوان، وبسبب ما ارتكب من جرائم إبادة، وتدمير ووحشية، ستلاحق الكيان الصهيوني حتى آخر يوم، لرحيله من فلسطين، بإذن الله.
وتعتبر هذه النتيجة، لمن شاء ولمن أبى، انتصاراً للمقاومة عسكرياً، وللشعب صموداً واحتساباً، بل واحتمالاً لما لا يحتمله البشر من جرائم قتل جماعي، وتدمير شبه شامل. وقد فرض عليه الحرمان من الدواء والطعام، والنوم في العراء تحت بردٍ قارص، أو حرٍ حارق، أو نوم في خيام غارقة بالماء.
اتجهت أغلب الآراء، ولا سيما، تلك التي روّجها الساسة الأمريكيون، وحكومة نتنياهو، وحتى من قِبَل حياديين وعسكريين إلى الترويج لمخططات اليوم التالي.
وبهذا اشتهر استخدام "اليوم التالي"، بأنه سيكون بلا حماس، وبلا مقاومة، أو حتى بلا أغلب السكان الذين سيهجرّون. والبعض حتى من مثقفي السلطة الفلسطينية، أملوا أن يكونوا وجه الصورة، لليوم التالي.
وراح البعض يحذر من أن تبحث أمريكا، عن فلسطيني تحاوره، ولا تجده. إنها نظرية الإعداد لليوم التالي.
وقد ثبت مع هذا الاتفاق، والذي خضع له نتنياهو، وباركه بايدن وترامب، وأيدّه الغرب كله، بأن اليوم التالي، آنف الذكر، كان وهماً، وتوقعاً متعجّلاً، ما دامت المقاومة في أعلى قوّتها، أو في الأقل، ما دامت مستمرة على الحال الذي بدأت به، في مواجهة العدوان.
الأمر الذي أكد أن اليوم التالي سيكون، كما سينتهي العدوان في يومه الأخير، الذي عبّر عنه الاتفاق العتيد.
وقد كرسّ هذا في الأقل، بأن الاتفاق تمّ مع حماس، من خلال مراجعته، كلمة كلمة من القيادة، التي أشرفت على المفاوضات.
إن ما ترجمه الشارع في قطاع غزة، في اليوم التالي للحرب، يفرض أن يعوّض ما ظهر من سلبية، على لسان الكثير من المثقفين، وهم يتحدثون عن اليوم التالي، الذي هو دائماً الابن الشرعي، أو الوريث، لليوم الأخير في الحرب. ولم يخطر ببالهم احتمال انتصار المقاومة فيه.على أن ما جرى في غزة، خلال يوم الأحد، بعد الساعة الثامنة والنصف، من سريان مفعول الاتفاق، تحوّل إلى مفاجأة، لا تقلّ أهمية عن مفاجآت الحرب، من طوفان الأقصى إلى معارك جباليا وبيت حانون (الشمال)، بل كل القطاع، خلال الشهرين اللذين سبقا توقيع الاتفاق. وبدت فيهما المقاومة، كما لو كانت الحرب في بداية مواجهة العدوان.
نزلت الجماهير المكلومة، طوال ستة عشر شهراً، بعد حرب إبادة وتدمير شبه شامل، إلى الشوارع لتحتفل بالانتصار، وتعلن دعمها للمقاومة ولقوات عز الدين القسّام، وسرايا القدس. كأنها ليست تلك الجماهير التي يحمل كل من شارك فيها فقدان الكثير من الشهداء، وإصابة الكثيرين من الجرحى، ناهيك عن تدمير شامل أصاب الجميع.
بكلمة، إن ما ترجمه الشارع في قطاع غزة، في اليوم التالي للحرب، يفرض أن يعوّض ما ظهر من سلبية، على لسان الكثير من المثقفين، وهم يتحدثون عن اليوم التالي، الذي هو دائماً الابن الشرعي، أو الوريث، لليوم الأخير في الحرب. ولم يخطر ببالهم احتمال انتصار المقاومة فيه.
واليوم الأخير في حرب العدوان في قطاع غزة، كان مقاومة باسلة منتصرة في معارك الاشتباكات الصفرية، لتوصل إلى اليوم التالي، كما ترجمته الجماهير في شوارع القطاع.
حقاً كان اليوم التالي جديراً بمقاومة وشعب يستحقانه.