تفشي الجراد والتغير المناخي.. علاقة مضطردة يؤكدها العلم
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
في الأسابيع القليلة الماضية، أعلنت مصر وصول أسراب الجراد الصحراوي إلى محافظة البحر الأحمر بعد تعثر مواجهتها في السودان جراء الحرب المستعرة.
وتعمل منظمة الأغذية والزراعة "فاو" التابعة للأمم المتحدة على تجنب تكرار ما حدث في شرق أفريقيا بين عامي 2019 و2020، عندما اجتاحت أسراب الجراد الصحراوي مئات الآلاف من الأفدنة الزراعية وألحقت أضرارا جسيمة بالمحاصيل، في أسوأ حادث على الإطلاق.
لذلك، فإن التنبؤ بمخاطر الجراد الصحراوي وتأثير التغيرات المناخية على أنماطه، أمر بالغ الأهمية، لتصميم إستراتيجيات وآليات فعالة لمكافحته.
وقد نشرت دورية "ساينس أدفانسز" في 14 فبراير/شباط الجاري دراسة وجدت أن ثمة صلة قوية تربط بين حجم تفشي الجراد الصحراوي وظروف الطقس، مثل درجات الحرارة وهطول الأمطار ورطوبة التربة وقوة الرياح، وكان لظاهرة النينو (وهي ظاهرة مناخية طبيعية) دور في تفشي الجراد الصحراوي بشكل أكبر وأسوأ.
ويعد الجراد الأصفر الصحراوي أكثر الآفات المهاجرة تدميرا في العالم، فموطنه شمال وشرق أفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا، وينتقل في أسراب مليونية، وقد يضم سرب واحد يبلغ طوله كيلومترا مربعا نحو 80 مليون جرادة.
وتشكل أسراب الجراد تهديدا كبيرا للأمن الغذائي وسبل العيش في المناطق الريفية، إذ تقطع الأسراب مسافات طويلة وتدمر المحاصيل في طريقها، ويمكن للسرب أن يستهلك محاصيل غذائية تكفي لإطعام 35 ألف شخص في يوم واحد فقط.
يقول الباحث الأول في الدراسة والأستاذ المساعد في جامعة سنغافورة الوطنية "شياو قانغ هي" في البيان الصحفي للدراسة: "إن الظواهر الجوية المتطرفة المتكررة والشديدة بسبب تغير المناخ يمكن أن تزيد من عدم القدرة على التنبؤ بتفشي الجراد الصحراوي".
ولتقييم مخاطر تفشي الجراد الصحراوي في أفريقيا والشرق الأوسط وارتباط ذلك بتغير المناخ، حلل العلماء حوادث تفشيه في الفترة من 1985 إلى 2020 باستخدام بيانات مركز الجراد التابع لمنظمة الأغذية والزراعة "فاو".
واكتشف الباحثون أن موائل الجراد توسعت منذ عام 1985، ووجدوا أن 10 دول -بما في ذلك كينيا والمغرب والنيجر واليمن وباكستان- شهدت غالبية تفشي الجراد بين 48 دولة متأثرة.
وتلعب الأمطار دورا بارزا في حياة الجراد، إذ تعزز نمو الغطاء النباتي، كما تجددت رطوبة التربة، ومن ثم سمحت للبيض باستكمال نموه.
ورجح الباحثون أن الجراد الصحراوي قد يغزو المناطق القاحلة التي تهطل عليها أمطار غزيرة بغتة، فعلى سبيل المثال في عام 2019، وعقب وقوع أعاصير أدت لظهور بحيرات، تكاثر الجراد في صحراء الربع الخالي في جنوب شبه الجزيرة العربية، وأصبحت نقطة ساخنة لتفشيه بالرغم من أنها لم تكن وجهة لهجرته في السابق.
وتتوقع الدراسة أن موائل الجراد ستتوسع بنسبة 5٪ على الأقل بحلول نهاية القرن الحادي والعشرين، خصوصا في غرب الهند وغرب آسيا الوسطى.
تتسبب أسراب الجراد في خسائر اقتصادية ضخمة. ووفقاً لإحصائيات البنك الدولي، فإن خسائر المحاصيل الناجمة عن تفشي أسراب الجراد في غرب أفريقيا في الفترة من 2003 إلى 2005 تقدر بنحو 2.5 مليار دولار أميركي.
وفي 21 مايو/أيار 2020، وافق البنك الدولي على برنامج بتكلفة 500 مليون دولار لمساعدة بلدان منطقتي أفريقيا والشرق الأوسط على محاربة أسراب الجراد التي هددت الأمن الغذائي وسبل كسب العيش للملايين من السكان بعد اجتياح أسراب الجراد 23 بلدا، ويعد هذا الهجوم أكبر انتشار واجهته بعض البلدان في 70 عاما.
وقال شياو قانغ هي: "إن البلدان المتضررة من تفشي الجراد الصحراوي تواجه بالفعل ظروفا مناخية متطرفة مثل الجفاف والفيضانات وموجات الحرارة، والتصاعد المحتمل لمخاطر الجراد في هذه المناطق يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التحديات القائمة".
وأضاف "أن الفشل في معالجة هذه المخاطر يمكن أن يزيد من الضغط على أنظمة إنتاج الغذاء ويؤدي إلى تفاقم حدة انعدام الأمن الغذائي العالمي".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان حريات أسراب الجراد الجراد فی یمکن أن
إقرأ أيضاً:
وفاة سعد الله آغا القلعة.. رائد التوثيق الموسيقي والوزير السوري السابق
توفي الباحث الموسيقي والمهندس السوري سعد الله آغا القلعة، أمس الأحد، في الولايات المتحدة الأميركية عن عمر ناهز 75 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، تاركا خلفه إرثا ثقافيا وموسيقيا وعلميا غنيا سيبقى علامة بارزة في تاريخ سوريا والعالم العربي.
ولد آغا القلعة عام 1950 في مدينة حلب السورية لأسرة جمعت بين العلم والفن، فقد كان والده، الطبيب فؤاد رجائي آغا القلعة، باحثا موسيقيا ومديرا لإذاعة حلب.
منذ نعومة أظافره، أبدى سعد الله شغفا لافتا بالموسيقى، إذ أتقن العزف على آلة القانون وعشق المقامات الشرقية، بالتوازي مع تفوقه الأكاديمي الذي قاده لدراسة الهندسة المدنية في جامعة حلب، قبل أن ينال الدكتوراه من فرنسا عام 1982.
آمن آغا القلعة بأن الموسيقى العربية بحاجة إلى مقاربة علمية حديثة تصون التراث وتعيد تقديمه للأجيال بأسلوب مبسط من دون الإخلال بالدقة الأكاديمية.
من هذا المنطلق، أطلق مشروعه الطموح "نهضة موسيقية عربية جديدة"، معتمدا الإعلام الثقافي وسيلة رئيسية لنشر رؤيته.
عبر برامجه التلفزيونية الشهيرة، مثل "العرب والموسيقى"، و"عبد الوهاب مرآة عصره"، و"أسمهان"، و"نهج الأغاني"، تمكن الراحل من تبسيط المفاهيم الموسيقية للجمهور، محللا الألحان الكلاسيكية ومضيئا على القوالب الغنائية العربية، بطريقة تجمع بين التوثيق والتحليل والشرح السلس.
إعلاناستشرف آغا القلعة أهمية الإعلام الرقمي مبكرا، فأطلق مشروع "كتاب الأغاني الثاني" عبر موقع إلكتروني وقناة على يوتيوب، مستوحى من عمل أبي الفرج الأصفهاني الشهير.
ضم المشروع شرحا لأهم 100 عمل موسيقي عربي، وتحليلات مدعمة بمقاطع سمعية بصرية نادرة، ومسابقات تفاعلية لاختيار أفضل الألحان الجديدة.
وجمع المشروع بين التوثيق الموسيقي الدقيق والابتكار التفاعلي، ساعيا إلى ربط التراث الموسيقي العربي بالتقنيات الحديثة وجعل الموسيقى الكلاسيكية أكثر قربا من الجيل الجديد.
رغم التزامه الشديد بمشروعه الموسيقي، برع آغا القلعة أكاديميا، فقد عمل أستاذا للهندسة المدنية ومديرا للحاسب الإلكتروني في جامعة دمشق. كما تولى منصب وزير السياحة السوري بين عامي 2001 و2011.
كان يؤمن أن العلم والموسيقى ليسا عوالم متوازية منفصلة، بل يراهما مكملين لبعضهما بعضا. وقد عبر عن ذلك بقوله، و"العلم والموسيقى عندي ليسا عالمين متوازيين، بل هما مكملان بعضهما بعضا".
خلال مسيرته، نال سعد الله آغا القلعة عديدا من الجوائز تقديرا لعطائه الإبداعي والثقافي، أبرزها، الميدالية الذهبية لأفضل مقدم برامج تلفزيونية في مهرجان القاهرة عام 1996، وجائزة زرياب للموسيقى من تونس عام 2016.