كوريا ج – طرحت “سامسونغ” هذا العام الجيل الجديد من هواتفها الذكية الرائدة تحت اسم “غالاكسي إس24” (Galaxy S24) وأرفقت بها مجموعة متنوعة من مزايا الذكاء الاصطناعي أملا في تعزيز تفردها عن المنافسين من هواتف “أندرويد” أو “آيفون”، وذلك أسوة بما قامت به “غوغل” في الجيل الأخير من هواتف “بيكسل” الذي يحمل الرقم 8.

بالطبع، وكعادة أي ميزة جديدة متعلقة بالذكاء الاصطناعي، أثارت هذه الهواتف ضجة كبيرة حول العالم، وأصبحت تحمل لقب أقوى الهواتف الذكية فقط لأنها كانت قادرة على الدمج بين مزايا الذكاء الاصطناعي ومزايا الهاتف الرائدة، وهو ما رآه الكثيرون كميزة فارقة تجعل كفة تفضيلهم تميل إلى “غالاكسي إس24 ألترا” (Galaxy S24 Ultra)، ولكن هل يتحول هذا الانبهار الأولي إلى العامل الفارق في اختيار الهواتف المحمولة بدلا من المكونات المادية؟ وهل يغيّر الذكاء الاصطناعي شكل عالم الهواتف المحمولة؟

لا يمكن المقارنة بين شعبية هواتف “غوغل” وهواتف “سامسونغ” بمختلف إصداراتها، إذ تمتعت الأخيرة بشعبية جارفة وانتشار كثيف في جميع الأسواق العالمية وفي مقدمتها بالطبع العربية والآسيوية بشكل خاص، لذا، لا يمكن قياس تقبل الجماهير لتقنيات الذكاء الاصطناعي على مدى انتشار ونجاح هواتف” بيكسل 8″، إذ إن هواتف “سامسونغ” تمثل معيارا أكثر دقة للهواتف من غيرها، كما أن “غالاكسي إس 24 ألترا” لم يحصل على الكثير من الترقيات في العتاد، ويمكن القول إن الذكاء الاصطناعي كان الميزة الأهم والأكثر تفردا فيه.

لذا، فإن الإقبال الجماهيري على سلسلة “غالاكسي إس 24” هو المعيار الأبرز في الوقت الحالي عن مدى تقبل الجماهير لهذه الهواتف، وهو يشير بوضوح إلى تعطش جموع مستخدمي الهواتف المحمولة إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي رغم محدوديتها.

في الأسابيع الماضية ظهرت تقارير عديدة تشير إلى مبيعات سلسلة الهواتف الجديدة من “سامسونغ”، وتحديدا الطلب المسبق على الهواتف في كوريا والهند، إذ استطاعت سلسلة “غالاكسي إس 24” تحطيم الرقم القياسي الذي حققته سلسلة “غالاكسي نوت” (Galaxy Note) قبل توقفها، وهي من أكثر هواتف “سامسونغ” شعبية في العالم.

واستطاعت سلسلة “غالاكسي إس 24” تسجيل أكثر من 1.21 مليون وحدة في كوريا فقط مع كون 60% من هذه الطلبات موجها لهاتف “غالاكسي إس 24 ألترا”، وذلك في الفترة بين 19 و25 يناير/كانون الثاني فقط وفق تقرير نشره موقع “ميل بزنس نيوز” (Maeil Business News) الكوري.

وبينما يظل هذا الرقم أقل من الطلب المسبق على هواتف “غالاكسي إس 10” (Galaxy S10) الذي حقق 1.38 مليون وحدة، فإن نجاح الأخير كان على فترة زمنية أطول، لذلك من المتوقع أن تتجاوز “غالاكسي إس24” هذا الحاجز بكثير، وعلى صعيد آخر، فإن السلسلة الأحدث من “سامسونغ” استطاعت بيع 173 ألف هاتف يوميا مقابل 125 ألف لسلسلة “غالاكسي نوت”، وهو الرقم القياسي السابق لأكثر الهواتف المباعة في يوم واحد.

%60 من طلبات شراء هواتف سلسلة “غالاكسي إس 24” كانت موجهة لهاتف “غالاكسي إس 24 ألترا” (سامسونغ)

في الهند، لم يختلف الأمر كثيرًا، إذ حقق الهاتف رقما قياسيا جديدا للشركة في المبيعات والحجز والمسبق، وذلك مقابل 250 ألف وحدة مباعة في 23 يناير/كانون الثاني بعد إتاحته في 18 يناير/كانون الثاني، ويعني ذلك أن هذه المبيعات تم تحقيقها في خلال 3 أيام فقط.

وأما في أوروبا، فقد اكتفى جيمس كيتو نائب مدير المبيعات في شركة سامسونغ بالتأكيد على نجاح الهاتف وتخطيه لتوقعاتهم، وذلك عبر تخطي إجمالي طلبات الحجز المسبق على هواتف “غالاكسي إس 23” في خلال 7 أيام فقط.

الإقبال الواسع على الهواتف الجديدة من “سامسونغ” دفعها إلى رفع توقعات البيع للربع الأول من عام 2024 ليصل إلى 13 مليون وحدة عالميا، وذلك وفق تصريح من ريفيجنس المحلل المالي عبر حسابه في منصة “X”.

التعطش الجماهيري لمزايا الذكاء الاصطناعي كان السبب الرئيسي في إقبال الملايين على الهواتف الجديدة حول العالم، وذلك رغم كون المزايا المتاحة فيه حتى الآن مزايا بدائية وأولية للغاية، إذ تتوفر هذه المزايا في الكثير من التطبيقات الخارجية، ولكن “سامسونغ” استطاعت دمجها مباشرة في نظام الهاتف ليسهل الوصول إليها.

“سامسونغ” قصرت مزايا الذكاء الاصطناعي الجديدة في هاتف “غالاكسي إس 23” على تحسين جودة الصور والترجمة الفورية في مختلف أشكالها، وهو الأمر الذي قدمته “غوغل” أيضًا في هواتف “بيكسل 8”.

وبينما تعد هذه المزايا مهمة وفريدة للكثير من المستخدمين، فإنها لا تشكل إلا قطرة في غيث قدرات الذكاء الاصطناعي التي تبدأ من الترجمة الفورية وتعديل الصور وتصل حتى التحول إلى مساعد شخصي كامل الذكاء ومصور محترف متوفر طوال الوقت في الهاتف.

ومن المتوقع أن يتزايد إقبال المستخدمين على الهواتف التي تسخر قدرات الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانبها بعد أن تتطور هذه المزايا لتصبح قادرة على الربط بين العديد من الخدمات المختلفة والتحول إلى مساعد شخصي متكامل الأركان، وذلك ما سيحدث عند تطبيقها في “مساعد غوغل الصوتي” أو “سيري” التي كانت غائبة عن ساحة الذكاء الاصطناعي لفترة طويلة.

“آبل” تدرك أهمية الذكاء الاصطناعي في معركة المستقبل وجذب المستخدمين إليها، لذلك تسعى جاهدة منذ العام الماضي لتطوير نموذج ذكاء اصطناعي رائد خاص بها، وذلك وفق تقارير عديدة صدرت من “بلومبيرغ” وغيرها من الصحف العالمية.

“سامسونغ” تتباهى بالنجاح الذي حققته في قطاع الذكاء الاصطناعي كأنه يعود لها بمفردها، ولكن في الحقيقة، فإن هناك شريكا خفيّا في هذا النجاح، إذ عززت شرائح “كوالكوم” الرائدة والمخصصة للذكاء الاصطناعي من قدرات “سامسونغ”.

ورغم أن الأخيرة تصنع الشرائح الخاصة بها وتقدم المزايا ذاتها، فإن شرائح “كوالكوم” تعد الرائدة حاليا في مجال الذكاء الاصطناعي إلى جانب “آبل” و”غوغل”، وتتجاوز أهميتها هذين المصنعين معا لأن عملاء “كوالكوم” من الشركات المصنعة للهواتف أكبر بكثير من “آبل” و”غوغل” مجتمعتين.

هذه الأهمية ظهرت منذ الإعلان عن الجيل الثالث من شرائح “جين 8” (Gen 8) الخاصة بالشركة، وحتى قبل الكشف عن مزايا الذكاء الاصطناعي في “سامسونغ” روجت الشركة لوجود مزايا ذكاء اصطناعي في شرائحها.

تقديم “كوالكوم” لهذه المزايا يمهد الطريق أمام دخول جميع مصنعي الهواتف في هذا القطاع، إذ إن الشركة لن تحتاج أكثر من الاستحواذ على شرائح “كوالكوم” من أجل استخدامها في الذكاء الاصطناعي وتقديم بعض المزايا البرمجية التي يسهل تطويرها.

في سباق شرائح الذكاء الاصطناعي، لا يمكن القول إن الغلبة لشركة بعينها، إذ إن جميع الشركات تتشارك معًا في دفع هذه العجلة إلى الأمام، وذلك يظهر بوضوح من خلال الزخم التقني الذي يوفره العمالقة الثلاثة في مجال الشرائح “آبل” و”غوغل” و”كوالكوم”.

“آبل” ما زالت تتكتم على تقنيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، ولكنها تعمل على تطويرها بشكل كبير، وهو الأمر الذي كان واضحا منذ تقديم شرائح للحواسيب تدعم هذه المزايا ومجهزة لها بشكل كبير، ويظل أمامنا الإعلان عن هذه المزايا بعد تطويرها وإتقانها برمجيًّا.

رغم محدودية مزايا الذكاء الاصطناعي التي توفرت الآن في الهواتف الذكية، فإن أثرها كان ملموسا وواضحا في زيادة مبيعات عدد من الهواتف التي استخدمتها.

ولن يزداد حجم هذه المزايا وتصبح ذات تأثير حقيقي، إلا بعد انتشارها في جميع الهواتف وتوافرها في جميع الهواتف الذكية من جميع المصنعين، وذلك لأنها في تلك اللحظة ستبدأ في التطور لأبعد من مجرد تعديل الصور والترجمة.

المصدر : الجزيرة

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: مزایا الذکاء الاصطناعی غالاکسی إس 24 على الهواتف هذه المزایا

إقرأ أيضاً:

الذكاء الاصطناعي في يد الهاكرز.. ديب سيك R1 يمكنه تطوير برامج الفدية الخبيثة

كشف باحثو الأمن السيبراني، عن كيفية استغلال نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني من ديب سيك Deepseek-R1، في محاولات تطوير متغيرات من برامج الفدية والأدوات الرئيسية مع قدرات عالية على التهرب من الكشف.

ووفقا لتحذيرات فريق Tenable، فأن النتائج لا تعني بالضرورة بداية لحقبة جديدة من البرامج الضارة، حيث يمكن لـ Deepseek R-1 "إنشاء الهيكل الأساسي للبرامج الضارة" ولكنه يحتاج إلى مزيدا من الهندسة الموجهة ويتطلب إخراجها تعديلات يديوية لاخراج الشيفرة البرمجية الضارة بشكل كامل. 

"مانوس" هل ينافس "تشات جي بي تي" ..تطبيق صيني جديد يثير الجدل بعد " ديب سيك"|ما القصة؟بعد رفضها ديب سيك.. شراكة بين أبل وعلي باباديب سيك R1 يساهم في تطوير برامج الفدية الخبيثة

ومع ذلك، أشار نيك مايلز، من Tenable، إلى أن إنشاء برامج ضارة أساسية باستخدام Deepseek-R1، يمكن أن يساعد "شخص ليس لديه خبرة سابقة في كتابة التعليمات البرمجية الضارة" من تطوير أدوات تخريبية بسرعة، بمل في ذلك القدرة على التعرف بسرعة على فهم المفاهيم ذات الصلة.

في البداية، انخرط ديب سيك في كتابة البرامج الضارة، لكنها كانت على استعداد للقيام بذلك بعد أن طمأن الباحثين من أن توليد رمز ضار سيكون "لأغراض تعليمية فقط".

ومع ذلك، كشفت التجربة عن أن النموذج قادر على تخطي بعض تقنيات الكشف التقليدية، على سبيل المثال حاول Deepseek-R1 التغلب على آلية اكتشاف مفتاح Keylogger، عبر تحسين الكود لاستخدام Setwindowshookex وتسجيل ضربات المفاتيح في ملفات مخفية لتجنب الكشف من قبل برامج مكافحة الفيروسات.

وقال مايلز إن النموذج حاول التغلب على هذا التحدي من خلال محاولة “موازنة فائدة السنانير والتهرب من الكشف”، اختار في النهاية مقاضاة Setwindowshookex وتسجيل ضربات المفاتيح في ملف مخفي.

وقال مايلز: “بعد بعض التعديلات مع ديب سيك، أنتجت رمزا لمفتاح Keylogger الذي كان يحتوي على بعض الأخطاء التي تطلبت تصحيحا يدويا”.

وأضاف أن النتيجة كانت أربعة "أخطاء في إيقاف العرض بعيدا عن مفتاح التشغيل الكامل".

في محاولات أخرى، دفع الباحثون نموذج R1 إلى إنشاء رمز الفدية، حيث أخبر Deepseek-R1 بالمخاطر القانونية والأخلاقية المرتبطة بإنشاء مثل هذا الكود الضار، لكنه استمر في توليد عينات من البرمجيات الخبيثة بعد أن تأكد من نوايا الباحثون الحسنة.

على الرغم من أن جميع العينات كانت بحاجة إلى تعديلات يدوية من أجل التجميع، تمكنا الباحثون من إنشاء عدة عينات، وقال مايلز إن هناك احتمالية كبيرة بأن يسهم Deepseek-R1 في المزيد من تطوير البرمجيات الضارة التي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي من قبل مجرمي الإنترنت في المستقبل القريب.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يفك لغزاً علمياً استعصى على العلماء لعقد كامل
  • استشاري: الذكاء الاصطناعي يفرض تحديات على بعض الوظائف التقليدية
  • بين الابتكار والسيطرة.. هيمنة الذكاء الاصطناعي الصيني
  • أيام أقل لتدريب الموظفين الجدد بفضل الذكاء الاصطناعي
  • إيران.. إطلاق منصة وطنية لـ«الذكاء الاصطناعي»
  • النمو السريع في سوق الذكاء الاصطناعي يعقّد مهمة المستثمرين
  • الذكاء الاصطناعي في يد الهاكرز.. ديب سيك R1 يمكنه تطوير برامج الفدية الخبيثة
  • الذكاء الاصطناعي والدخول إلى خصوصيات البشر
  • الجديد وصل .. جوجل تتحدى آبل في مجال الذكاء الاصطناعي الشخصي
  • الصين تدخل الذكاء الاصطناعي إلى مناهج الابتدائية