عرب نيوز: على الليبيين صناعة مستقبل بلادهم بأنفسم واكتفاء المجتمع الدولي بالدعم لا التنسيق
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
ليبيا – سلط تقرير تحليلي نشره موقع “عرب نيوز” الإخباري الدولي الناطق بالإنجليزية الضوء على السعي الجماعي للمجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار في ليبيا.
التقرير الذي تابعته وترجمت أهم رؤاه التحليلية صحيفة المرصد أوضح أن الجانب الخارجي لا زال يتابع إخفاق قمم ومبادرات معالجة الأزمة الليبية ذات النوايا الحسنة وآخرها الجهود التمهيدية لعقد المؤتمر الجامع للمصالحة الوطنية الشاملة في مدن سرت في أبريل القادم.
ووفقا للتقرير يهدف المؤتمر الجامع المرعي من قبل الأمم المتحدة ممثلة ببعثتها الأممية والاتحاد الإفريقي شأنه شأن مساع سابقة على مر السنين تمهيد الطريق نحو السلام والوحدة في ليبيا الممزقة بسبب صراع داخلي وتشرذم متفاقم دائم منذ أكثر من عقد زمني.
وبحسب التقرير لا تمثل الأهداف النبيلة نجاحا مضمونا على الإطلاق لأي جهد في حال عقد المؤتمر في أفضل الأحوال فالانقسامات العميقة الجذور والمتفاقمة بسبب مصالح الجهات الفاعلة الأجنبية في داخل ليبيا تشكل تحديات كبيرة معرقلة لبناء التوافق حول القضايا الرئيسية.
وأوضح التقرير إن هذه القضايا تتمثل في في توزيع عائدات النفط وتوحيد القوات المسلحة وإنشاء حكومة شرعية موحدة، مرجحًا أن يشوب نتائج مؤتمر سرت انعدام الثقة المستمر بين الفصائل والشعور بالإرهاق المنتشر بين الليبيين العاديين المنسحبين من المشهد ببساطة لفقدانهم الثقة في نخبة سياسية مشاكسة.
وتحدث التقرير عن مخاوف إضافية من مقاطعة محتملة للمؤتمر من قبل أصحاب مصلحة رئيسيين يشعرون بالفعل بالتهميش والتشكيك في المبادرة الأممية التاركة إلى حد كبير فصائل متحاربة للتفاوض على آليات توحيد نظام سياسي ممزق خلف أبواب مغلقة.
وأضاف التقرير إن هذه المبادرة محكوم عليها بالفشل حتى قبل أن تبدأ لكونها تمثل نمطًا فاشلًا متكررًا ينم عن واقع عنيد فالديبلوماسية التقليدية غير مناسبة لتعقيدات السياسة في وقت لا تزال فيه الجهات الفاعلة المؤثرة رافضة لمواجهة حقيقة مزعجة لا بد من الإقرار بوجودها.
وتابع التقرير إن هذه الحقيقة تتمثل بالفشل في تحويل بوصلة النخب السياسية وأصحاب المصلحة المؤسسيين باتجاه المصالحة الوطنية الشاملة المطلوبة بشدة في البلاد مؤكدا استمرار اتباع ذات الآليات الديبلوماسية والتعاملات خلف الكواليس وكل منها يعد بأن يكون الدواء الشافي لعلل السياسة.
وأشار التقرير إلى عدم نجاح هذه الأساليب سوى في ترسيخ المصالح الخاصة وتعميق الهوة بين الجهات الفاعلة المحلية المعارضة تماما لانتقال ليبيا إلى دولة ديموقراطية مستقرة ما يعني إن انتهاج ذات التكتيكات القديمة غير فعال ومفض إلى نتائج عكسية.
وأوضح التقرير إن هذه التكتيكات لا تعزز الحوار الحقيقي والتسوية وتحقيق أي تقدم وتسمح عوضًا عن ذلك للوضع الراهن القائم على الانقسام والصراع بالتفاقم، مرجعًا إصرار الجهات الفاعلة الدولية على اتباع ذات الأساليب لسوء تقديرها للديناميكيات الداخلية في ليبيا والمبالغة في تقدير النفوذ الخارجي.
وتطرق التقرير لوجود اعتقاد في غير محله بشأن قدرة الضغوط والحوافز الخارجية على إعادة تشكيل المشهد السياسي الراسخ ما مثل مغالطة أدت إلى المأزق الحالي، واصفًا النخب السياسية بالبارعة في الإبحار في المياه المضطربة للديبلوماسية الدولية واللعب ضد طرف آخر للاحتفاظ بقوتها.
وأكد التقرير إن الشبكة المعقدة من الميليشيات المسلحة والتحالفات القبلية والمصالح الاقتصادية المحددة للسياسة الداخلية للبلاد لا يمكن التعامل معها عبر ذات الجهات الفاشلة مرارًا وتكرارًا والرافضة لفهم تعقيدات نسيجها الاجتماعي، مؤكدًا إن خذلان الجهات الخارجية لليبيا مستمر بـ4 طرق رئيسية.
وأوضح التقرير إن الافتراض المثير للقلق بأن الديومقراطية على النمط الغربي يمكن ببساطة أن تنزل بالمظلة إلى ليبيا لا يزال قائما حتى يومنا هذا، مبينًا أن أول الطرق هي غياب أي محاولة ذات معنى لحل المعضلة الأمنية التي لا نهاية لها في البلاد.
وأضاف التقرير إن غياب السلطة المركزية القوية وضع الفصائل المتنافسة في موقف هاجس تأمين نفسها ما يدفع الآخرين إلى القيام بالمثل ويفضي إلى سباق تسلح وصراع دوري لتندمج بمرور الوقت من دون رادع الميليشيات المسلحة في داخل الدولة.
وتابع التقرير إن هذا أدى إلى ترقية سباق التسلح هذا إلى منافسة بعيدة المدى لحشد نفوذ سياسي لتحويل الأولويات بعيدا عن بناء السلام أو المصالحة الوطنية الشاملة نحو الشقاق بين الفصائل والحفاظ على الوضع الراهن المنهك مشيرا لثاني الطرق المتمثل بالإصرار على نوع ما من التوافقية.
وبحسب التقرير يسعى هذا النوع لإدارة ديناميكيات ما بعد الصراع في مجتمع متنوع عرقيا أو قبليا ما يمثل أمرا سليما من الناحية النظرية، مستدركًا بالاشإرة إلى أن اقتراح ترتيبات تقاسم السلطة بين مجموعات متساوية لا ينجح أبدا عندما يدعم الوسطاء الأجانب من ذوي المصالح الذاتية جهات فاعلة محلية مختلفة.
وأضاف التقرير إن هذا الحال تسبب في الإخلال بالتوازن الدقيق المطلوب لنجاح التوافقية ما جعل السيناريو الليبي يظهر على نحو ثابت بصفة مزيج بين التقلبات الطائفية في عراق ما بعد 2003 وصراعات لا نهاية لها لأمراء الحرب في أفغانستان عقب الانسحاب الأميركي غير الحكيم من أراضيها.
ووفقًا للتقرير تمثل الطريقة الـ3 فشل اقتراح الانتقال إلى ديموقراطية السوق باعتبارها طريقا إلى السلام المستدام لوجود الثروة النفطية ما جعل تنفيذ مثل هذا النهج في ظل غياب مؤسسات مستقرة بلا جدوى في سياق تهدئة المنافسة على الموارد والسلوك الريعي مع الإفضاء لتفاقم الصراعات.
وتمثل رابع الطرق في بقاء اختلال التوافق منذ عقد من الزمن بين توجهات جهات فاعلة أجنبية ومحلية من جهة ومع ما يتوق إليه معظم الليبيين من جهة أخرى فالمصالح الخارجية المتنافسة لها الأولوية في الغالب لنيل مكاسب إستراتيجية على حساب الرفاهية الطويلة المدى والتطلعات الديموقراطية للشعب الليبي.
وبين التقرير إن الحماس العنيد للتدخلات من أعلى إلى أسفل بالشكل المتجاهل لثقافة الحكم المحلي لم يؤد إلا إلى تعميق عدم الثقة في الدولة ما سيعقد جهود الحكومة الموحدة المستقبلية لاستعادة الشرعية في المؤسسات الرسمية، مشيرًا للتأخر الكبير في إحداث نقلة نوعية في كيفية التعامل مع ليبيا.
وشدد التقرير على وجوب الابتعاد عن الإستراتيجية المركزة بشكل غير متناسب على قدرة الجهات الفاعلة الدولية والمبالغة بوعود فعالية التدخلات الخارجية، مبينًا أهمية الاستعاضة عن ذلك تمكين المجتمع المدني ودعم الحركات الشعبية وتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على قيادة الجهود نحو المصالحة الوطنية الشاملة.
ووفقًا للتقرير يمثل هذا النهج التصاعدي المسار الوحيد القابل للتطبيق لبناء نظام سياسي مستدام وشامل في ليبيا فهو يحترم قدرة الشعب الليبي ويعترف بحقه في تقرير المصير من دون الإملاءات المنحرفة والأنانية والغليظة من الجهات الفاعلة الأجنبية.
واختتم التقرير بالتأكيد على أهمية اعتبار الوضع المضطرب المرتبط الخاص بمؤتمر سرت بمثابة تذكير صارخ بأن الليبيين يجب أن يصنعوا مستقبل ليبيا بأنفسهم مع اقتصار دور المجتمع العالمي على الدعم وليس التنسيق فالإصرار على المضي بخلاف ذلك يعني مشاهدة مزيد من الفشل.
ترجمة المرصد – خاص
المصدر: صحيفة المرصد الليبية
كلمات دلالية: الوطنیة الشاملة الجهات الفاعلة فی لیبیا
إقرأ أيضاً:
التخطيط والتعاون الدولي تبحث مع فرنسا مستقبل العلاقات الاقتصادية الثنائية
التقت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، إيريك شوفالييه، سفير فرنسا بالقاهرة، وذلك لبحث مستقبل العلاقات الاقتصادية المصرية الفرنسية، في ضوء ما تم توقيعه من اتفاقيات مؤخرًا لتمويل عدد من المشروعات التنموية، وأولويات الشراكة في الفترة المقبلة.
وخلال الاجتماع، أكدت الدكتورة رانيا المشاط، على عمق العلاقات المصرية الفرنسية، وأهميتها والتطور الذي شهدته خلال الفترة الماضية، وانعكاس ذلك على تنفيذ العديد من المشروعات التنموية في القطاعات ذات الأولوية من خلال علاقات التعاون الإنمائي سواء مع الحكومة الفرنسية أو الوكالة الفرنسية للتنمية، والتي كانت لها دور محوري في تعزيز النمو الاقتصادي، وتعزيز التنمية في مختلف القطاعات.
وأشادت بالجهود المبذولة بالتعاون مع الفرق الفنية من الجانبين في الفترة الأخيرة والتي نتج عنها إتمام عدد من الاتفاقيات من بينها تمويل مشروع خط سكة حديد الروبيكي، ومشروعات في قطاعات الصرف الصحي، والكهرباء والطاقة.
واستعرضت الدكتورة رانيا المشاط، الجهود التي تقوم بها الدولة لحوكمة ورفع كفاءة الإنفاق الاستثماري في إطار ما يتضمنه برنامج الحكومة لضمان الاستقرار للاقتصاد الكلي وزيادة استثمارات القطاع الخاص، موضحة أن وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، تعمل على دفع النمو الاقتصادي المستدام، وذلك من خلال الاعتماد على سياسات مدعومة بالأدلة والبيانات لتحديد وسد فجوات التنمية في القطاعات، وتعزيز استقرار الاقتصاد الكلي، وتنفيذ الإصلاحات الهيكلية لزيادة القدرة التنافسية وتحسين بيئة الأعمال، ودعم مرونة السياسات المالية الكلية، والتحول نحو الاقتصاد الأخضر .
ولفتت إلى أن الشراكة المصرية الفرنسية شهدت دفعة قوية منذ عام 2019 تعكس قوة أواصر العلاقات المشتركة بين البلدين والحرص على تنفيذ الشراكات التي ترتقي بجهود التنمية، حيث تم توقيع مذكرة تفاهم لشراكة استراتيجية في التنمية الاجتماعية – الاقتصادية بين مصر والوكالة الفرنسية للتنمية خلال الفترة 2019-2023 متضمنة أهم محاور التعاون وفقًا لرؤية مصر 2030، كما تم توقيع 8 مذكرات تفاهم في العديد من مجالات التنمية خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون لمصر في عام 2019، تلا ذلك توقيع اتفاقيات ثنائية خلال زيارة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، للعاصمة باريس في عام 2020.