ليبيا – سلط تقرير تحليلي نشره موقع “عرب نيوز” الإخباري الدولي الناطق بالإنجليزية الضوء على السعي الجماعي للمجتمع الدولي لتحقيق الاستقرار في ليبيا.

التقرير الذي تابعته وترجمت أهم رؤاه التحليلية صحيفة المرصد أوضح أن الجانب الخارجي لا زال يتابع إخفاق قمم ومبادرات معالجة الأزمة الليبية ذات النوايا الحسنة وآخرها الجهود التمهيدية لعقد المؤتمر الجامع للمصالحة الوطنية الشاملة في مدن سرت في أبريل القادم.

ووفقا للتقرير يهدف المؤتمر الجامع المرعي من قبل الأمم المتحدة ممثلة ببعثتها الأممية والاتحاد الإفريقي شأنه شأن مساع سابقة على مر السنين تمهيد الطريق نحو السلام والوحدة في ليبيا الممزقة بسبب صراع داخلي وتشرذم متفاقم دائم منذ أكثر من عقد زمني.

وبحسب التقرير لا تمثل الأهداف النبيلة نجاحا مضمونا على الإطلاق لأي جهد في حال عقد المؤتمر في أفضل الأحوال فالانقسامات العميقة الجذور والمتفاقمة بسبب مصالح الجهات الفاعلة الأجنبية في داخل ليبيا تشكل تحديات كبيرة معرقلة لبناء التوافق حول القضايا الرئيسية.

وأوضح التقرير إن هذه القضايا تتمثل في في توزيع عائدات النفط وتوحيد القوات المسلحة وإنشاء حكومة شرعية موحدة، مرجحًا أن يشوب نتائج مؤتمر سرت انعدام الثقة المستمر بين الفصائل والشعور بالإرهاق المنتشر بين الليبيين العاديين المنسحبين من المشهد ببساطة لفقدانهم الثقة في نخبة سياسية مشاكسة.

وتحدث التقرير عن مخاوف إضافية من مقاطعة محتملة للمؤتمر من قبل أصحاب مصلحة رئيسيين يشعرون بالفعل بالتهميش والتشكيك في المبادرة الأممية التاركة إلى حد كبير فصائل متحاربة للتفاوض على آليات توحيد نظام سياسي ممزق خلف أبواب مغلقة.

وأضاف التقرير إن هذه المبادرة محكوم عليها بالفشل حتى قبل أن تبدأ لكونها تمثل نمطًا فاشلًا متكررًا ينم عن واقع عنيد فالديبلوماسية التقليدية غير مناسبة لتعقيدات السياسة في وقت لا تزال فيه الجهات الفاعلة المؤثرة رافضة لمواجهة حقيقة مزعجة لا بد من الإقرار بوجودها.

وتابع التقرير إن هذه الحقيقة تتمثل بالفشل في تحويل بوصلة النخب السياسية وأصحاب المصلحة المؤسسيين باتجاه المصالحة الوطنية الشاملة المطلوبة بشدة في البلاد مؤكدا استمرار اتباع ذات الآليات الديبلوماسية والتعاملات خلف الكواليس وكل منها يعد بأن يكون الدواء الشافي لعلل السياسة.

وأشار التقرير إلى عدم نجاح هذه الأساليب سوى في ترسيخ المصالح الخاصة وتعميق الهوة بين الجهات الفاعلة المحلية المعارضة تماما لانتقال ليبيا إلى دولة ديموقراطية مستقرة ما يعني إن انتهاج ذات التكتيكات القديمة غير فعال ومفض إلى نتائج عكسية.

وأوضح التقرير إن هذه التكتيكات لا تعزز الحوار الحقيقي والتسوية وتحقيق أي تقدم وتسمح عوضًا عن ذلك للوضع الراهن القائم على الانقسام والصراع بالتفاقم، مرجعًا إصرار الجهات الفاعلة الدولية على اتباع ذات الأساليب لسوء تقديرها للديناميكيات الداخلية في ليبيا والمبالغة في تقدير النفوذ الخارجي.

وتطرق التقرير لوجود اعتقاد في غير محله بشأن قدرة الضغوط والحوافز الخارجية على إعادة تشكيل المشهد السياسي الراسخ ما مثل مغالطة أدت إلى المأزق الحالي، واصفًا النخب السياسية بالبارعة في الإبحار في المياه المضطربة للديبلوماسية الدولية واللعب ضد طرف آخر للاحتفاظ بقوتها.

وأكد التقرير إن الشبكة المعقدة من الميليشيات المسلحة والتحالفات القبلية والمصالح الاقتصادية المحددة للسياسة الداخلية للبلاد لا يمكن التعامل معها عبر ذات الجهات الفاشلة مرارًا وتكرارًا والرافضة لفهم تعقيدات نسيجها الاجتماعي، مؤكدًا إن خذلان الجهات الخارجية لليبيا مستمر بـ4 طرق رئيسية.

وأوضح التقرير إن الافتراض المثير للقلق بأن الديومقراطية على النمط الغربي يمكن ببساطة أن تنزل بالمظلة إلى ليبيا لا يزال قائما حتى يومنا هذا، مبينًا أن أول الطرق هي غياب أي محاولة ذات معنى لحل المعضلة الأمنية التي لا نهاية لها في البلاد.

وأضاف التقرير إن غياب السلطة المركزية القوية وضع الفصائل المتنافسة في موقف هاجس تأمين نفسها ما يدفع الآخرين إلى القيام بالمثل ويفضي إلى سباق تسلح وصراع دوري لتندمج بمرور الوقت من دون رادع الميليشيات المسلحة في داخل الدولة.

وتابع التقرير إن هذا أدى إلى ترقية سباق التسلح هذا إلى منافسة بعيدة المدى لحشد نفوذ سياسي لتحويل الأولويات بعيدا عن بناء السلام أو المصالحة الوطنية الشاملة نحو الشقاق بين الفصائل والحفاظ على الوضع الراهن المنهك مشيرا لثاني الطرق المتمثل بالإصرار على نوع ما من التوافقية.

وبحسب التقرير يسعى هذا النوع لإدارة ديناميكيات ما بعد الصراع في مجتمع متنوع عرقيا أو قبليا ما يمثل أمرا سليما من الناحية النظرية، مستدركًا بالاشإرة إلى أن اقتراح ترتيبات تقاسم السلطة بين مجموعات متساوية لا ينجح أبدا عندما يدعم الوسطاء الأجانب من ذوي المصالح الذاتية جهات فاعلة محلية مختلفة.

وأضاف التقرير إن هذا الحال تسبب في الإخلال بالتوازن الدقيق المطلوب لنجاح التوافقية ما جعل السيناريو الليبي يظهر على نحو ثابت بصفة مزيج بين التقلبات الطائفية في عراق ما بعد 2003 وصراعات لا نهاية لها لأمراء الحرب في أفغانستان عقب الانسحاب الأميركي غير الحكيم من أراضيها.

ووفقًا للتقرير تمثل الطريقة الـ3 فشل اقتراح الانتقال إلى ديموقراطية السوق باعتبارها طريقا إلى السلام المستدام لوجود الثروة النفطية ما جعل تنفيذ مثل هذا النهج في ظل غياب مؤسسات مستقرة بلا جدوى في سياق تهدئة المنافسة على الموارد والسلوك الريعي مع الإفضاء لتفاقم الصراعات.

وتمثل رابع الطرق في بقاء اختلال التوافق منذ عقد من الزمن بين توجهات جهات فاعلة أجنبية ومحلية من جهة ومع ما يتوق إليه معظم الليبيين من جهة أخرى فالمصالح الخارجية المتنافسة لها الأولوية في الغالب لنيل مكاسب إستراتيجية على حساب الرفاهية الطويلة المدى والتطلعات الديموقراطية للشعب الليبي.

وبين التقرير إن الحماس العنيد للتدخلات من أعلى إلى أسفل بالشكل المتجاهل لثقافة الحكم المحلي لم يؤد إلا إلى تعميق عدم الثقة في الدولة ما سيعقد جهود الحكومة الموحدة المستقبلية لاستعادة الشرعية في المؤسسات الرسمية، مشيرًا للتأخر الكبير في إحداث نقلة نوعية في كيفية التعامل مع ليبيا.

وشدد التقرير على وجوب الابتعاد عن الإستراتيجية المركزة بشكل غير متناسب على قدرة الجهات الفاعلة الدولية والمبالغة بوعود فعالية التدخلات الخارجية، مبينًا أهمية الاستعاضة عن ذلك تمكين المجتمع المدني ودعم الحركات الشعبية وتعزيز قدرة المؤسسات المحلية على قيادة الجهود نحو المصالحة الوطنية الشاملة.

ووفقًا للتقرير يمثل هذا النهج التصاعدي المسار الوحيد القابل للتطبيق لبناء نظام سياسي مستدام وشامل في ليبيا فهو يحترم قدرة الشعب الليبي ويعترف بحقه في تقرير المصير من دون الإملاءات المنحرفة والأنانية والغليظة من الجهات الفاعلة الأجنبية.

واختتم التقرير بالتأكيد على أهمية اعتبار الوضع المضطرب المرتبط الخاص بمؤتمر سرت بمثابة تذكير صارخ بأن الليبيين يجب أن يصنعوا مستقبل ليبيا بأنفسهم مع اقتصار دور المجتمع العالمي على الدعم وليس التنسيق فالإصرار على المضي بخلاف ذلك يعني مشاهدة مزيد من الفشل.

ترجمة المرصد – خاص

المصدر: صحيفة المرصد الليبية

كلمات دلالية: الوطنیة الشاملة الجهات الفاعلة فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

معرض القاهرة الدولي للكتاب يناقش «مستقبل علوم الصيدلة»

اجتمع نخبة من خبراء الصيدلة في القاعة الرئيسية ضمن محور «قراءة المستقبل» بمعرض القاهرة الدولي للكتاب، في ندوة ناقشت مستقبل هذا المجال الحيوي، بحضور دكتور عبد الناصر سنجاب، رئيس لجنة قطاع الدراسات العليا والبحوث بكلية الصيدلة - جامعة عين شمس، دكتور خالد مصيلحي، أستاذ قسم العقاقير والنباتات الطبية بكلية الصيدلة - جامعة القاهرة، ودكتور سامر الرفاعي، رئيس الجمعية العربية لتطوير الصيادلة، وأدارت الجلسة الإعلامية هدى عبد العزيز.

افتتحت هدى عبد العزيز الندوة بالإشارة إلى أن الحضارة المصرية القديمة كانت الرائدة في مجالي الطب والصيدلة، حيث كان مستوى الرعاية الطبية مقياسًا لتطور الحضارات، وسجلت البرديات القديمة مئات الوصفات العلاجية التي أثبتت جدواها عبر الزمن.

أما دكتور عبد الناصر سنجاب أوضح أن تاريخ الصيدلة في مصر يمتد منذ الحضارة السومرية والصينية، لكنه أكد أن البرديات المصرية تظل الأكثر ثراءً، حيث احتوت على أكثر من 117 وصفة طبية، ما يثبت أن المصريين لم يكونوا فقط رواد الطب، بل ساهموا أيضًا في نشر العلم وتعليم الكتابة للعالم. وأضاف أن جامعة لندن اليوم تدرس الطب القديم لمصر والصين، وهو ما يدعو لإدراج هذا التراث العلمي في المناهج المصرية، حتى يدرك الأطفال والشباب قيمة ما ورثوه.

وتطرق دكتور سنجاب إلى أبرز التحديات التي تواجه الصيادلة اليوم، موضحًا أن التوسع في الجامعات الخاصة أدى إلى زيادة كبيرة في عدد الخريجين، في حين أن سوق العمل أصبح غير قادر على استيعابهم.

وأشار إلى أن الوحدات الصحية أصبحت مكتظة بعشرات الصيادلة دون فرص حقيقية للاستفادة من خبراتهم، كما أن ضعف رواتب الصيادلة أدى إلى عزوف الكثيرين عن المجال أو الهجرة للخارج بحثًا عن فرص أفضل.

وأضاف أن الصيدلة ليست مجرد «بيع للأدوية»، بل هي علم متكامل يتيح للصيدلي أكثر من 10 وظائف مختلفة، مثل العمل في التصنيع الدوائي، التسويق، مستحضرات التجميل، أو حتى الاستشارات الدوائية. وقدم حلاً عمليًا يتمثل في تصدير الصيادلة المهرة إلى دول أوروبا وأمريكا التي تحتاج إلى كوادر متخصصة.

من جانبه، شدد دكتور خالد مصيلحي على ضرورة أن يتواءم التعليم الصيدلي مع احتياجات السوق، موضحًا أنه خلال محاضراته بالجامعة، يركز على تحفيز الطلاب على إنتاج مشاريع دوائية حقيقية، بدلًا من الدراسة النظرية فقط. وأكد أن دمج ريادة الأعمال داخل المناهج الدراسية هو الحل الأمثل لجعل الصيدلة مجالًا أكثر إنتاجية واستدامة اقتصاديًا.

وأضاف أن أحد أكبر التحديات هو غياب التعاون بين أفراد الفريق الطبي، مؤكدًا على ضرورة وجود مناهج مشتركة لطلاب الطب والصيدلة والتمريض، ليعتادوا العمل معًا منذ سنواتهم الدراسية الأولى، مما يسهم في تحسين جودة الرعاية الصحية بشكل عام.

أما دكتور سامر الرفاعي، فتحدث عن الدور الذي بدأ الذكاء الاصطناعي في لعبه داخل المجال الصيدلي، مؤكدًا أنه رغم القلق من تأثيره على فرص العمل، إلا أنه أصبح أداة لا غنى عنها، خاصة في التنبؤ بنقص الأدوية وإيجاد الحلول بشكل استباقي.

وأضاف أن مهنة الصيدلة شهدت تغيرًا جوهريًا بعد إنشاء هيئة الدواء المصرية، والتي منحت الصيادلة دورًا أكثر تأثيرًا داخل منظومة الرعاية الصحية. وأشار إلى أن الجمعية العربية لتطوير الصيادلة تعمل حاليًا على تعزيز مفهوم «الصيدلة الخضراء»، التي تهدف إلى تقليل الأثر البيئي للأدوية وتحقيق استدامة أكبر في القطاع الصحي.

واختتمت الندوة بتأكيد الخبراء على ضرورة إعادة هيكلة التعليم الصيدلي، وإتاحة فرص أكبر للصيادلة في مجالات جديدة بعيدًا عن الأدوار التقليدية، مع الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة لضمان استدامة القطاع. كما أكدوا أن مصر تمتلك من الكفاءات والكوادر العلمية ما يمكنها من استعادة ريادتها في هذا المجال، شريطة أن تتم إعادة صياغة السياسات الدوائية والتدريبية بما يتناسب مع متطلبات العصر.

اقرأ أيضاًمعرض الكتاب 2025.. الصالون الثقافي يستضيف ندوة «الإعلام التنموي ودوره في بناء الشخصية المصرية»

معرض الكتاب 2025.. ندوة نقاشية عن الميكانيكا ودور جاليليو في تطوير علم الفيزياء

مقالات مشابهة

  • ليبيا – باشاآغا: تصاعد السلوكيات المنحرفة يهدد النسيج الاجتماعي ويتطلب حلولًا جذرية
  • روفينيتي: رحيل حكومة الدبيبة قد يفتح الباب لكسر الجمود السياسي في ليبيا
  • التأكيد على أهمية التعاون بين الجهات المعنية لتعزيز تطبيق القانون الدولي الإنساني
  • المؤتمر الدولي لسوق العمل يناقش مستقبل الوظائف في ظل الذكاء الاصطناعي
  • معرض القاهرة الدولي للكتاب يناقش «مستقبل علوم الصيدلة»
  • حقيقة وفاة أمح الدولي.. والأم تكشف لـ"البوابة نيوز" التفاصيل الكاملة وحالته الصحية
  • رئيس هيئة النقل يجتمع بوكلاء شركات النقل الدولي ويأمر بإعادة الأسعار السابقة للتذاكر محذرًا المخالفين
  • تقديم خدمات طبية مجانية لأكثر من 1400 حالة من أهالي البحيرة
  • كتلة التوافق بمجلس الدولة: الاقتراض لتسديد المرتبات كارثة وطنية.. وسياسات حكومة الدبيبة المالية تهدد مستقبل ليبيا
  • «عام المجتمع».. مبادرة لبناء مستقبل مشرق وترسيخ القيم الأصيلة