الجماعة الاسلامية وشحيم شيعتا الشهيد حسين درويش
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
شيعت بلدة شحيم ومنطقة إقليم الخروب والجماعة الإسلامية، الطبيب الشاب حسين هلال درويش، الذي استشهد بغارة لطائرة إسرائيلية بالأمس مع رفاقه في خراج بلدة الهبارية (قضاء حاصبيا)، في مأتم حاشد، بعد نقل جثمانه بموكب من سيارات الإسعاف من العاصمة بيروت، يقودها رفاقه المتطوعون في الجمعية الإجتماعية وجمعية الوعي والمواساة الخيرية، حتى مسقط رأسه شحيم.
إستهل الحفل التأبيني بآيات قرآنية لجمال عويدات، ثم ألقى الشيخ احمد فواز كلمة قال فيها: "إنها طريق الشهادة، طريق العزة والكرامة والإباء، طريق اختارها الشهيد، الذي تربى في بيت العلم والرسالة والدعوة إلى الله، ومن نعم الله بأن نال هذه الشهادة في الليلة الأولى من رمضان، ورمضان ليس شهر صوم فقط، ولكنه في زمن رسول الله والصحابة هو زمن الجهاد والانتصارات وقهر النفس والانتصار على الاعداء، ولهذا ارتوت أرض الجنوب بدم الشهيد الدكتور حسين هلال درويش وبدماء، الشهداء على أرض غزة، العزة لتعبّر عن وحدة الدعوة والانتماء، ووحدة الرسالة إلى الله سبحانه وتعالى، فكانت هذه الدماء التي ارتوت من دم الشهيد الطاهر على أرض لبنان دفاعا عن أرض وطنه لبنان، وليكون مثالا للعالم اجمع، بأن لا مكان للاحتلال على أرض لبنان، وعلى أرض الجنوب وعلى أرض بيت المقدس".
ثم تحدث الأمين العام للجماعة الإسلامية في لبنان فقال: "يا أهلنا في الإقليم الاشم، ارفعوا رأسكم عاليا، فقد غدا منكم شهيد، واي شهيد قد ارتقى وسما وارتفع، أنه ابن عائلة مجاهدة، من بيت العلم والتقوى والورع والإيمان، أنه الطبيب الشاب الخلوق فارفعوا رأسكم عاليا يا أبناء شحيم، وهذا الذي نحن بصدده الآن يرتب عليكم مسؤولية عظيمة وكبيرة أن تحتضنوا المشروع المقاوم بوجه المشروع للصهيوني الإثم، الذي أراد أن يحتل الأرض وأن يدنس المقدسات، فحافظوا على الدم الزكي الذي اهرق من ابننا وولدنا وولدكم من حسيننا، علينا أن نحفظ هذا الدم وأن نحفظ هذا العهد والا نفرط به وذلك من خلال أن نحفظ مشروع المقاومة للكيان الغاصب، للمشروع الصهيوني". أضاف: "إلى الاخ الحبيب الصابر المحتسب، إلى العالم الجليل، وإلى الوالدة المكلومة والى العائلة الكريمة هنيئا لكم ذلك الاصطفاء، فقد اصطفاكم الله تعالى وحباكم بهذا الشرف العظيم، وعندما تختلط دموع الفرح بعرس الشهادة ودموع الحزن بألم الفراق تختلط الأحاسيس والمشاعر في هذه اللحظات، أنفرح أن اختاره الله شهيدا وكرمه، وهو عند ربه الآن له نوره، فهنيئا لكم. وقد وعد الله الشهداء بأطيب حياة. هو عند ربه الجواد، ولا أدري ما السر بأن تتوافق تلك الشهادة مع الليلة الأولى التي تفتح فيها أبواب الجنان وتغلق فيها أبواب النيران، ويبدو انها من عاجل البشرى لولدنا حسين". وتابع: "نحن في الجماعة الإسلامية قد عاهدنا الله وصدقنا في ذلك، ونحن نقدم ابناءنا وقادتنا في سبيل مشروعنا وفي سبيل الله، نحن حينما نتحدث عن مشروع تحرير الأرض والمقدسات لا نطلق ذلك على أنه ادعاء، بل على أنه حقيقة، وأكبر دليل على تلك الحقيقة إننا نقدم خيرة الشباب، فهذا حسين والقائد محمد ومحمد جمال واخوانهم الجرحى ومن سبقهم محمد بشاشة ومحمود شاهين ومن سبقهم من قادة الجماعة الإسلامية، ومن قادة "قوات الفجر. هذا حسين الطالب الجامعي على أبواب التخرج ما غرته الدنيا، إنما أراد أن يقصر المسافة وحسم قراره وامره، واختار الطريق الاقصر، طريق ذات الشوكة لكنها سهلة يسيرة ومضى إلى ربه، فما غرته الدنيا وما غرته الألقاب ولا الوظائف ولا السمعة ولا المناصب، فالتحق "بقوات الفجر" وهو الشاب الوسيم الذي فتحت له الدنيا بأبوابها على مصراعيها، لكنه كان يردد قول النبي:" واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف. أن ما قدمناه من ثلة مباركة من شباب الجماعة هو دفعة من الدفعات المعدة باذن الله اما للحظة التحرير والنصر واما للحظة الشهادة لنكون سويا مع اخواننا على أرض غزة". وقال: "أقول ورغم الاتصالات التي انهمرت علي من قادة حركة حماس يعزون او يهنئون بالشهادة، وانا اشعر بأن ما قدمناه لا زال يسيرا في جنب ما يقدمون في كل ساعة حيث لا يوجد بيت على أرض غزة الا ويوجد فيه شهيد، بل باتوا يتنافسون كيف يحوز كل واحد منهم تلك الكرامة. اسأل الله ان يقر أعيننا وعين شهيدنا وإخوانه الشهداء والجرحى بنصر كبير، وأن نشهد لحظة النصر وأن نرى اقصانا محررة ونصلي في الاقصى. نم يا حسين قرير العين، هادئ البال، اخوانك الذين تربيت ونشأت معهم في بيروت والإقليم وشحيم هم على العهد والميثاق ليلقوك غدا على حوض قائد المجاهدين محمد صلى الله عليه وسلم".
بعدها سلم الشيخ طقوش مسدس الشهيد وبندقيته الى والده الشيخ هلال، الذي شكر الجميع على مشاركتهم هذا المصاب الجلل، وقال: "نشكر الله على هذه الشهادة في الأول من أيام شهر رمضان المبارك، وها هم رفاقه جاءوا من كل المناطق لوداعه، والشكر للجميع من أحزاب وجامعات وبلديات ومشايخ وأصدقاء وأهالي ومخاتير ومحبين، وأسأل الله تعالى أن لا يضيمكم هذا المضام".
أضاف: "الحياة هي الأساس، والموت هو الإستثناء. نحن المسلمين نحب الحياة، اما حياة عزيزة طيبة يعز فيها البشر، ويعز فيها العباد، وإما إستشهاد كما يقدم أبناؤنا دماءهم . هذه رسالة الى العالم، فنحن نقدم أغلى ما يمكن أن يقدم دماء أبنائنا، فلذات أكبادنا قطعة منا، نقدمها ولكن لله، لأن المقدسات هي عقيدة ودين ندين لله بها، الأقصى الذي رفع شعارا بأهل غزة في معركة طوفان الأقصى، نريد أن نعلم العالم ان دماءنا ودماء أهلنا في غزة هي دماء واحدة. العرب والمسلمون هم جسد واحد، على أرض غزة أو القدس أو شحيم أو الاقليم أو بيروت أو شبعا أو الهبارية، أو صيدا فكلنا واحد". ثم أقيمت الصلاة وبعدها ووري الشهيد في الثرى في جبانة جبل سويد، فيما تتقبل العائلة التعازي اليوم الثاني والثالث في مركز الجمعية الاجتماعية في شحيم.
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: الجماعة الإسلامیة على أرض غزة فی لبنان
إقرأ أيضاً:
ألف تحية وسلام على الشهيد القائد
لم تعد المسيرة القرآنية منحصرة في اليمن فحسب، بل بات جمهورها واسع، وأنصار الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي بالملايين في أنحاء العالم.
نحن في تونس على سبيل المثال، نتابع أخبار اليمن باهتمام وشغف كبير، ما دفعنا للتعرف أكثر عن المشروع القرآني، ومؤسس هذه المسيرة المباركة، وكلنا أمل أن نسهم في نشر هذه الثقافة على نطاق أوسع وفي مناطق جغرافية متعددة.
أفكار الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رحمه الله- هي مستقاة من مفاهيم القرآن الكريم التي تكشف جلياً مدى الارتباط الوثيق بالمستجدات والأحداث الإقليمية والدولية، بمعنى آخر “عين على القرآن وعين عن الأحداث”.
سطع نجم الشهيد القائد من بين أعالي قمم “مران” في خضم الواقع المرير الذي يعصف باليمن خلال فترة الصراعات الداخلية المتتالية، والتدخل الأمريكي في شؤون البلاد، ليشرع بتأسيس المشروع القرآني، والذي يهدف إلى مقارعة المخططات التخريبية التي تحضر في مطابخ الاستكبار العالمي، بالاستناد إلى ثقافة المقاومة والإباء، مدركاً حجم المخاطر المهددة بكرامة الأمة، كما وضع أسساً جديدة لصراع يمتد من عمق الوجود العربي والإسلامي.
لذلك أولى الشهيد القائد اهتماماً بالغاً بالقضية الفلسطينية، باعتبارها قضية مركزية حاضرة في وجدان الأمة، وعمل على تصحيح الوجهة الصحيحة للبوصلة، وسعى إلى تعزيز روابط الوحدة بين المسلمين، فيما أرادهم كتلة صلبة عصية على الانكسار.
وتعتبر الصرخة اليمانية، أو البراءة من أعداء الله، رافداً من روافد المشروع المقاوم، وقد استطاعت أن تكون نداً ثورياً تسحق ذهنية العجز، والانكفاء والخضوع، والاستسلام، والانبطاح من خلال مجابهة الحملات التضليلية الهائلة التي ما فتئت تسعى إلى اختراق وعي الأمة بواسطة نشر ثقافات انحرافية ومغلوطة من شوائب ظاهرة “العولمة” الإستغلالية الإنتهازية الإحتكارية. وسرعان ما تحرك السيد في فلك الهوية الإيمانية لتحصين عقول الشعوب من زرع هذه الأفكار الخبيثة، وينير دربهم لقطع طرق مشاريع هندسة الهزيمة.
وعي الشهيد القائد الإستراتيجي بخطورة المرحلة دفعه إلى إطلاق شعار “الصرخة في وجه المستكبرين”، حيث شكل منعطفاً تاريخياً في إحدى محطات تاريخ الأمة الإسلامية، كما أعطت زخماً عظيماً في تحرك الشعب اليمني، وتحفيز الشعوب على التحرر من الخوف، وعدم مواجهة الأعداء.
ثم جعل الشهيد القائد عملية الوعي مرتكزاً أساسياً، كونه متعلق باستنهاض الهمم، وتحقيق الصحوة والنهوض، وفي ذلك رفض كلي للتبعية والانسياق نحو السياسات الاستعمارية القذرة تحت غطاء التطبيع الخياني مع أمريكا والكيان المؤقت.
وهكذا عمد الشهيد أسمى مشروع حضاري عرفته البشرية على مر التاريخ حتى ارتقائه شهيداً لينمو بذرته الطاهرة وتتسع آفاقه ويزهر نصراً مؤزراً.
لقد بات اليمن خط الدفاع الأمامي عن غزة والمقدسات الإسلامية في فلسطين وأضحى قوة دولية عالمية تخطى تأثيرها المنطقة بعد إذلال حاملات الطائرات الأمريكية، وحظر السفن الغربية الداعمة لكيان العدو الذي تكبد خسارة فادحة للاقتصاد الإسرائيلي، إضافة إلى كسر هيبة العلو العبري بالضربات القاصمة لمنشآت العمق الصهيوني.
فسلام الله على مؤسس المسيرة القرآنية المباركة، وعلى من كسر جدار الزمن في زمن التخاذل المقيت والخنوع المذل ومن صنع أمة تعشق الشهادة، ورضوان الله تعالى على الصوت القرآني الخالص الرباني العلم سيدي حسين بن بدر الدين الحوثي.
*ناشط من تونس