وضعت الولايات المتحدة هدفاً أول في تدخلها العسكري في اليمن وهو “استعادة الردع”. في حين لم تؤتِ هذه الضربات التي تنوّعت بين غارات جوية واستهداف بحري، والتي وصل عددها إلى حوالي 230 ضربة، ثمارها ولم تحقق أي من أهدافها بعد. اذ ان العمليات العسكرية اليمنية المستمرة في البحرين الأحمر والعربي، تدل على فشل الاستراتيجية الأميركية في التعامل مع هذا الواقع المفروض خاصة وأنها مقيّدة بعدد من الهوامش التي تجعل من تعديلها أمراً صعباً.

سلكت العمليات العسكرية اليمنية مساراً تصعيدياً في الآونة الأخيرة بعدما كانت وتيرتها خلال الفترة الماضية قد حافظت على ثبات الوتيرة تقريباً. حيث ارتفع عدد السفن المستهدفة إلى أكثر من واحدة خلال 24 ساعة، واتخذ القرار بالارتقاء من مجرد المنع والاستهداف البسيط إلى الإغراق. نتيجة لذلك، فُتِح الباب أمام جدل واسع حول جدوائية هذه الاستراتيجية المتبعة والتي تخالف بجوهرها الشعار الذي رفعه الرئيس الأميركي جو بايدن عند وصوله إلى البيت الأبيض وهو التوصل إلى “السلام في اليمن”. وبناء عليه اتخذ عدداً من الإجراءات: بعد أسبوعين فقط من توليه الرئاسة في كانون الثاني/يناير عام 2021، اتخذ بايدن ثلاث خطوات رئيسية أولاً، قام بإزالة حركة “أنصار الله” من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية التي وضعت في الأيام الأخيرة من ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب. ثانياً، قام بتعيين تيم ليندركينغ مبعوثاً خاصاً إلى اليمن. وأخيراً، أعلن أن واشنطن ستتوقف عن دعم العمليات الهجومية السعودية في اليمن، وأعلن أن الحرب يجب أن تنتهي.

وتقول مجلة responsiblestatecraft في تقرير لها أن “استعادة الردع هو الأساس المنطقي الذي يتم تقديمه في أغلب الأحيان لهذا النوع من الضربات الأميركية، والذي تم التعبير عنه في الكابيتول هيل من قبل أولئك الذين يدعمون الهجوم الجديد على اليمن”. وتضيف المجلة في معرض حديثها الذي انتقدت به جدوى الضربات الأميركية أن “ما يتم نسيانه هو أن الطرف الآخر ليس لديه رغبة في استعادة الردع أقل من رغبة الولايات المتحدة. وهذا يعني أن هجوماً أمريكياً يحفز الانتقام المضاد بدلاً من جعل الخصم يرتعد خوفاً مما قد يفعله الجيش الأميركي بعد ذلك. إن الانتقام المتكرر بين الولايات المتحدة وبعض الميليشيات في العراق، حيث تتعرض القوات الأميركية هناك البالغ عددها 2500 جندي للهجوم بشكل متكرر، يبرهن على هذه الديناميكية”.

تحد الاستراتيجية الأميركية في اليمن عدة هوامش. الأول، الانتخابات الرئاسية التي أصبحت على بُعد عدة أشهر فقط. ومن المفترض ان يقدم بايدن خلال حملته إنجازات قام بها لتقديمها للشارع الأميركي. ويواجهه في هذا الصدد أمران: الأول عدم استطاعته فرض السلام في اليمن وهو ما وعد به سابقاً، وعدم استطاعته وقف العمليات أو الحد منها وهو الشعار الذي رفعه أخيراً. من ناحية أخرى، فإن عملية عسكرية إسرائيلية في رفح خلال شهر رمضان ستجعل من الأمر أكثر سوءاً.

الأمر الآخر يقوم على عدم الرغبة الأميركية الإسرائيلية في توسيع رقعة الصراع او التورط العسكري المتطرف والكامل ضد اليمن وهو ما يجعل فائض القوة الأميركي والغربي مقيّد خاصة وأنهم لمسوا محدودية جدوى العمليات التي تستهدف العمق اليمني.

من ناحية أخرى، فإن الفشل في فرض الأجندة الأميركيّة المُعدّة للممرات المائية في تلك البقعة الجغرافية تحديداً، تفتح الباب أمام جدل من نوع آخر يتعلق بالقدرة الأميركية ككل وتراجع الهيمنة. اذ ان واشنطن التي وظّفت أساطيلها وجهدها الدبلوماسي لمنع توسيع رقعة الحرب إلى خارج أسوار فلسطين المحتلة، ثم اخذت على عاتقها وقف العمليات العسكرية في البحر الأحمر، لم تنجح بما ألزمت به نفسها.

 

الخنادق

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: فی الیمن

إقرأ أيضاً:

اليمن: الصخرة التي كسرَت قرون الشيطان وتستعد لتحطيم طغاة العصر

عدنان ناصر الشامي

على مدى عشر سنوات من التحدي الأُسطوري، وقف الشعب اليمني شامخًا كالجبل الذي لا تهزه الأعاصير، خلال هذه السنوات، خاضت اليمن معركةً لا تشبه غيرها، معركةً بين الحق والباطل، بين العزة والذل، بين إرادَة الله وبين غطرسة الشياطين، في هذه المعركة، أظهر اليمن للعالم أن الأمم الحقيقية لا تخضع لهيمنة الطغاة، ولا تنكسر أمام ضغوط الاستكبار العالمي.

كان اليمنيون صخرة الله التي حطمت قرون الشيطان، تلك الدول الوظيفية التي نشأت في نجد، السعوديّة والإمارات، التي لم تكن يومًا سوى أدوات بأيدي الطغاة، تُساق وفق أهواء قوى الاستكبار، تدور في أفلاكهم، وتنفذ مخطّطاتهم، لكن هذه المخطّطات تحطمت أمام إرادَة الشعب اليمني الذي جعل الله من صموده كابوسًا يطارد الأعداء.

الشيطان الأكبر… إلى مصيره المحتوم..

واليوم، ومع سقوط أقنعة الدول الوظيفية، يواجه اليمن تحديًا جديدًا، الشيطان الأكبر، الولايات المتحدة الأمريكية، لم تعد تكتفي بإرسال أدواتها، بل تقدمت بنفسها إلى الساحة، وكأن الله يسوقها إلى قدرها المحتوم، لتلقى مصير كُـلّ من سبقها ممن تحدى إرادَة الله، جاءت أمريكا معتقدةً أنها ستُحني اليمن، وأنها ستخضع هذا الشعب الذي وقف أمامها على مدى تسع سنوات، لكنها لم تدرك أن الله جعل من اليمن صخرةً تتحطم عليها أحلام المستكبرين وتتكسر عندها مخطّطاتهم.

قدر اليمن في مواجهة الطغاة ودعم الأحرار..

الله جعل من اليمن أُمَّـة تحمل قدرًا عظيمًا، قدرها أن تطهر العالم من فساد الطغاة، وتكسر غرورهم وجبروتهم، وأن تكون سوط العذاب الذي يستأصل الكفر ويضع حدًا لجبروت الطغاة، وكما قال أحد رؤساء أمريكا في مقولته الشهيرة: “قدرنا أمركة العالم”، نقول لهم بكل ثقة: “قدرنا أن نطهر هذا العالم من فسادكم، وأن نحطم أوهامكم، وأن ندفن غروركم في مزبلة التاريخ. ”

اليمن ليس مُجَـرّد دولة صغيرة في خريطة العالم، بل هو رمزٌ لروح الأُمَّــة وقوة الإرادَة، من أرضه تنطلق سهام الحق التي تهز عروش الطغاة، ومن شعبه تصعد إرادَة صلبة تقف في وجه كُـلّ متجبر، وَإذَا كان التاريخ قد شهد فراعنةً تحطموا أمام إرادَة الله، فَــإنَّ اليمن اليوم هو السوط الذي يلاحق فراعنة العصر، ليكون قدر الله في الأرض، الذي يستأصل الظلم وينشر العدل.

وفي نفس اللحظة التي يقاوم فيها الشعب اليمني الغزو والطغيان، يقف جنبًا إلى جنب مع الأحرار في غزة ولبنان.

إن صمود غزة الأُسطوري ومقاومة لبنان الشجاعة ليسا بمعزلٍ عن الروح اليمنية التي تحمل في طياتها إرادَة التحرّر ونصرة المظلوم، كلّ صاروخٍ يمني، وكلّ طائرةٍ مسيّرة، هي سهمٌ من سهام الله، يوجهها اليمنيون نحو قلوب أعداء الإنسانية، يحطمون بها غرور الطغاة، ويعلنون بها أن المعركة لم تنتهِ، وأن الظالمين إلى زوال.

هذه ليست معركةً عابرةً بين قوى ضعيفة وأُخرى متغطرسة، بل هي معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، الذي يُطهِر الأرض من دنس الظالمين، إنها معركةٌ بين الإيمان والكفر، بين الحق والباطل، بين إرادَة الله وإرادَة الشياطين، وكلما ازدادت التحديات، زاد اليمنيون قوةً وعزيمة، وكلما حاولت قوى الظلم كسر شوكة هذا الشعب، ازداد صلابةً وثباتًا؛ لأَنَّ إرادَة الله هي الإرادَة العليا، ولأن الله جعل اليمنيين جنوده في الأرض، وسوط عذابه الذي يطارد كُـلّ متكبر عنيد.

من صنعاء إلى غزة، ومن اليمن إلى لبنان، يمتد جسر المقاومة والتحدي، ليشكل ثلاثيةً من الصمود لا تعرف الخضوع ولا الانكسار، كُـلّ صاروخٍ يمني، وكلّ طلقةٍ يطلقها المقاومون في غزة، وكلّ شجاعةٍ يبديها الأبطال في لبنان، هي جزء من معركة التحرّر الكبرى، نحن أُمَّـة توحدها القضية، وتجمعها المقاومة، وتُحييها الإرادَة الإلهية.

اليمن اليوم ليس مُجَـرّد دولة تصمد أمام طغيان الإمبراطوريات، بل هو رمزٌ لتحرير البشرية من قبضة الشيطان الأكبر، وما كان لليمن أن يكون في هذا الموقف إلا بإرادَة الله، الذي جعله سدًا منيعًا يحمي الأُمَّــة، وصخرةً تتحطم عليها قرون الشياطين، واحدًا تلو الآخر.

نحن اليوم نقف في معركةٍ مقدسة، معركة لن تتوقف حتى يتحقّق وعد الله بالنصر والتمكين، ومع كُـلّ يومٍ يمر، يُسطر الشعب اليمني بدمائه ملحمةً جديدة، ليعلن أن طغاة هذا العصر، مهما تعاظمت قوتهم، فَــإنَّ مصيرهم إلى زوال، وأن إرادَة الله هي التي ستسود في نهاية المطاف.

اليمن هو القدر الذي كتبته يد الله في صفحات التاريخ، ليدفن الطغاة، وليُعلي رايات الحق، إنه الصخرة التي تكسر قرون الشيطان، والشعلة التي تضيء دروب الأحرار في كُـلّ زمان ومكان، وها هو اليوم يقف كتفًا إلى كتف مع غزة في نضالها ومع لبنان في صموده، ليقول للعالم: نحن أُمَّـة واحدة، وقضيتنا واحدة، وإرادتنا لا تنكسر.

مقالات مشابهة

  • اليمن: الصخرة التي كسرَت قرون الشيطان وتستعد لتحطيم طغاة العصر
  • الكرملين يبحث الرد على التصعيد غير المسبوق لإدارة بايدن
  • “الهزيمة الاستراتيجية” أمام اليمن تحاصرُ البيت الأبيض.. إدارة “ترامب” تواجهُ أفقًا مسدودًا
  • الهزيمة الاستراتيجية أمام اليمن تحاصرُ البيت الأبيض ..
  • ترامب الذي انتصر أم هوليوود التي هزمت؟
  • روسيا: مضطرون للرد على تصعيد بايدن "غير المسبوق"
  • الفرصة سانحة.. الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
  • عام سقوط الردع الأمريكي.. هكذا خلقت العمليات البحرية اليمنية فجوة استراتيجية في أمن “إسرائيل”
  • القنصل الأميركي لدى أربيل: العلاقات الأميركية العراقية توجه دفتها نحو التعاون الاقتصادي
  • شاهد الشخص الذي قام باحراق “هايبر شملان” ومصيره بعد اكتشافه وخسائر الهايبر التي تجاوزت المليار