قانون المساعدة على الموت.. لماذا يثير الانقسام بالأوساط الفرنسية؟
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
يثير مشروع قانون "المساعدة على الموت"، الذي أعلنه الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الاثنين، ردود فعل واسعة بالأوساط الفرنسية، بين مدافعين يشددون على أهمية التشريع في إنهاء معاناة المرضى الذين يختارون ذلك، ورافضين يرون فيه "تقنينا للانتحار".
وأعقب تقديم ماكرون للمشروع الجديد، إعلان من رئيس الوزراء، غابرييل أتال، كشف فيه أن التشريع الذي يفتح باب "المساعدة على الموت" في ظل "شروط صارمة"، يجب تقديمه إلى مجلس الوزراء، في أبريل، على أن تتم دراسته في قراءة أولى في 27 مايو بالجمعية الوطنية (البرلمان)، وقد يتم تبني القانون العام المقبل، في ظل معارضة كبيرة يواجهها.
ويشمل مشروع القانون الجديد بعض العناصر، ومنها تطوير الرعاية الداعمة أو التلطيفية، التي تعرفها منظمة الصحة العالمية، بأنها طريقة لتحسين نوعية حياة المرضى وعائلاتهم في مواجهة الأمراض التي تهدد حياتهم، بالإضافة إلى تعزيز حقوق المرضى ومقدمي الرعاية، وفقا لموقع "ويست فرانس".
وينص القانون على أن المرضى البالغين، "القادرين على التمييز الكامل والشامل"، الذين يعانون من "مرض عضال" لا علاج له ويسبّب لهم معاناة، من حقهم أن "يطلبوا المساعدة على الموت".
ولا يحدد القانون الجديد قائمة بالأمراض التي تشملها إمكانية الوصول إلى المساعدة على الموت، غير أنه يضع معايير خاصة تحدد حالات اللجوء إلى التقدم بالطلب، وتخص فقط البالغين القادرين على اتخاذ القرار والذين تتعرض حياتهم للخطر بسبب مرض لا علاج له.
وكشف الرئيس الفرنسي، في حوار مع صحيفتي "لاكروا" و"ليبراسيون،" أن المرضى البالغين "الذين يستطيعون التمييز بشكل تام وكامل"، ويعانون من "مرض عضال غير قابل للشفاء على المدى القصير أو المتوسط ولا مجال للتخفيف من آلامهم" سيتمكنون من "طلب المساعدة بهدف الموت".
وبالتالي سيتم استبعاد القاصرين والاشخاص المصابين باضطرابات نفسية أو عصبية تؤثر في القدرة على التمييز مثل مرض الزهايمر. وسيكون الأمر متروكا للفريق الطبي للنظر في الطلب في غضون خمسة عشر يوما.
وفي حال التوصل إلى رأي جماعي إيجابي من فريق طبي، سيتم وصف مادة قاتلة للشخص المعني الذي سيتمكن من تناولها بنفسه أو بمساعدة شخص آخر إذا "كان عاجزا جسديا".
ويسمح القانون الحالي الذي تعود أحدث نسخة عنه إلى عام 2016، "بالتخدير العميق والمستمر" للمرضى الذين لا أمل لهم بالشفاء على المدى القصير ويعانون من آلام لا يمكن تخفيفها، لكنه لا يسمح بالانتحار بمساعدة شخص أو بـ"الموت الرحيم".
ولكن العديد من الحالات التي قام بها أقارب أو أطباء بالاستجابة لرغبة المريض ومساعدته بتطبيق "الموت الرحيم"، أدت بهؤلاء للمحاسبة أمام القضاء وذهب العديد منهم إلى السجن، وفقا لموقع إذاعة مونت كارلو الدولية.
وأقرت سويسرا وبلجيكا وهولندا المجاورة لفرنسا قوانين تسمح باتخاذ إجراءات طبية لإنهاء حياة بعض الحالات. لكن فرنسا تعارض هذه الخطوة لعدة أسباب منها الضغط الذي تمارسه الكنيسة الكاثوليكية، وفقا لرويترز.
وفي مقابلة مع صحيفة ليبراسيون، قال ماكرون إنه لا يريد أن يطلق على التشريع الجديد اسم القتل الرحيم أو المساعدة على الانتحار، وإنما "المساعدة على الموت".
وأضاف "إنه (التشريع) لا يتمخض عنه حق جديد أو حرية جديدة، لكنه يرسم مسارا غير موجود حتى الآن ويفتح المجال لطلب المساعدة في الموت في ظروف معينة صارمة".
وأوضح ماكرون، أنه يتعين استيفاء بعض الشروط على أن يضطلع فريق طبي بتقييم الحالة، والتأكد من صحة انطباق المعايير عليها.
معارضة دينيةوأثار الإعلان عن المشروع الجديد الذي قدمه الرئيس الفرنسي، سخط مؤسسات وتيارات دينية بفرنسا، التي نددت بالخطوة.
وانتقدت الكنيسة الفرنسية بشدة، الاثنين، مشروع قانون "المساعدة على الموت" والذي يأتي بعد رفضها الأسبوع الماضي لدسترة الإجهاض.
وقال رئيس مؤتمر أساقفة فرنسا، إيريك دي مولان بوفورت، "إن القانون يفتح الباب أمام الانتحار بمساعدة طبية"، وفقا لما نقله موقع "لوباريزيان".
من جهته، قال إمام المسجد الكبير في باريس، شمس الدين حافظ، إنه "قلق للغاية"، موضحا أن "الحديث عن المساعدة على الموت أمر شنيع".
ورأى أن "هناك الكثير من الغموض حول الانتحار بمساعدة طبية، والقتل الرحيم..."، متحدثا عن دفع المرضى نحو "الموت".
غضب مقدمي الرعايةمن جهتها، عبرت العديد من جمعيات مقدمي الرعاية، بما في ذلك الجمعية الفرنسية للدعم والرعاية التلطيفية، عن غضبها العارم من مشروع القرار.
وأفادت 15 منظمة للرعاية الطبية في بيان مشترك، أن "مشروع القانون بعيد كل البعد عن احتياجات المرضى والواقع اليومي لمقدمي الرعاية، مع عواقب وخيمة على منظومة الرعاية والتطبيب".
دفاع عن "الموت بكرامة"وفي المقابل، تدافع مجموعة من المنظمات الطبية عن مشروع القانون، مستندة على تقرير للجنة الوطنية الاستشارية للأخلاقيات، والتي أشارت إلى أن مشروع القانون الحالي لا يأخذ بعين الاعتبار "بعض المواقف الإنسانية الصعبة للغاية".
وهذا هو الحال بشكل خاص بالنسبة للمرضى الذين يعانون من مرض شاركو، وهو مجموعة من الاضطرابات الوراثية التي تُسبب تلف الأعصاب، والذي يموت المصابون به، بسبب الاختناق بعد شلل جميع أطرافهم.
في هذا الجانب، قال الصحفي، تشارلز بيتري، الذي يعاني من مرض شاركو: "هذا القانون، خطوة أولى، يمكن أن يوفر لنا الحرية والكرامة".
كما يلفت المدافعون عن مشروع القانون الجديد، إلى الضرر البالغ الذي كان يثيره التخدير العميق والمستمر حتى الموت، الجاري العمل به، والذي يستغرق عدة أيام، قبل موت المريض، على عكس الإجراء الجديد الذي يكون فيه الموت بالحقنة المميتة فوريا.
وقالت جمعية "الحق في الموت بكرامة"، "أخيرا، فرنسا تخرج من التردد الذي شهدته في الأشهر الأخيرة"، حسبما نقل موقع "فرانس بلو".
ورحب رئيس الجمعية، جوناثان دينيس، بـ"الخطوة الأولى نحو الأمام"، معربا عن سعادته برؤية أن "رئيس الجمهورية يقدم أخيرا مشروع قانون ويعطي جدولا زمنيا".
ومع ذلك، يرى أن النص، بصيغته الحالية، "لا يذهب بعيدا بما فيه الكفاية" لأنه، حسب قوله، "لا تزال هناك أشياء كثيرة غير مناسبة"، منتقدا "غياب حرية الاختيار بين الموت بمساعدة طبية، أي عندما يطلب الشخص المعني ذلك بنفسه، والقتل الرحيم، حيث يقوم مقدم رعاية تابع لطرف ثالث باتخاذ القرار مكان المصاب غير القادر على طلب ذلك".
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: المساعدة على الموت مشروع القانون
إقرأ أيضاً:
عضو بـ«النواب» قانون الإجراءات الجنائية الجديد يحقق العدالة الناجزة
أكد أحمد سعد نويصر عضو مجلس النواب أنَّ التعديلات المقترحة على قانون الإجراءات الجنائية تأتي ضمن جهود الدولة المستمرة لتحقيق العدالة الناجزة وضمان حقوق المواطنين، مبينًا أنَّ هذا القانون يمثل حجر الزاوية في تحقيق العدالة الجنائية الناجزة، إذ ينظم جميع جوانب التحقيق والمحاكمات، بما يضمن سرعة ودقة الفصل في القضايا وتحقيق مبدأ سيادة القانون.
القانون الجديدوأوضح عضو مجلس النواب أنَّ القانون الجديد يسعى إلى تحسين الإجراءات المتبعة في المحاكمات، وتبسيط العمليات القضائية لتقليل الفترة الزمنية التي تستغرقها القضايا في المحاكم، مما يساعد على تخفيف العبء عن النظام القضائي وتعزيز الثقة لدى المواطنين في عدالة وشفافية المحاكمات.
وأشار «نويصر»، إلى أن تحقيق العدالة الناجزة لا يعني فقط سرعة الفصل في القضايا، بل أيضًا ضمان تحقيق العدالة الكاملة والحق في الدفاع والاطلاع على الأدلة بشكل متساوٍي، مشددًا على أهمية هذا القانون في دعم حقوق الإنسان وحماية المتهمين والمجني عليهم على حد سواء، من خلال وضع ضوابط قانونية تضمن احترام كرامة الإنسان وعدم الإطالة غير المبررة في الإجراءات القضائية.
المبادئ الدستوريةوأكّد أنَّ التعديلات المقترحة تتوافق مع المبادئ الدستورية ومعايير حقوق الإنسان الدولية، مما يضمن التوازن بين حقوق الفرد وأمن المجتمع، لافتًا إلى أنَّ القانون يهدف أيضًا إلى مواكبة التطورات الحديثة في مجال الجريمة، وخاصة الجرائم الإلكترونية والجرائم المنظمة، إذ يوفر إطارًا قانونيًا حديثًا يمكن من التعامل بفعالية مع هذه الأنواع من الجرائم، وبالتالي حماية المجتمع المصري من التهديدات الجديدة.