فيلم البعبع.. حينما يصبح الترفيه هدفا سينمائيا
تاريخ النشر: 24th, July 2023 GMT
يمكن وصف فيلم "البعبع" بأنه مزيج من المشاهد الكوميدية مع جرعة كبيرة من مشاهد "الأكشن" (الحركة) مع قليل من الدراما، وهو المزيج الذي أضعف عناصر الفيلم بصورة واضحة.
واحتل "البعبع" المركز الثالث في الموسم السينمائي الحالي، وحقق 33 مليون جنيه مصري (نحو 1.07 مليون دولار أميركي) في أسابيع عرضه الأولى، ليأتي بعد فيلمي "بيت الروبي" و"تاج".
ويعيد الفيلم بطله أمير كرارة مجددا إلى المشهد السينمائي بعد غياب سامر 4 سنوات، حين قدم فيلمه الأخير "كازبلانكا" عام 2019، ومن ثم ركز بعدها على الدراما التلفزيونية التي أصبح واحدا من نجومها خلال السنوات الماضية.
خلطة جماهيريةويراهن صناع فيلم "البعبع" على الخلطة الجماهيرية المضمونة، وهي الاعتماد على "الأكشن" إلى جانب الكوميديا، وهي التجربة التي أثبتت نجاحها على مستوى الإيرادات وضمان الشعبية، بدءا من أفلام فريد شوقي وعادل إمام، ومن ثم كانت هي التركيبة الأضمن لبطل الفيلم أمير كرارة لاستعادة شعبيته، خاصة أن مسلسله الأخير "سوق الكانتو" لم يحقق له نجاحا يوازي أعماله السابقة، وهنا يحسب لكرارة الانتقال لمنطقة سينمائية جديدة بعيدة عن كل ما قدمه من قبل، والابتعاد عن المنطقة الآمنة له في عالم السينما والدراما التلفزيونية.
هذه الخلطة تم تنفيذها بأفضل "تكنيك" على مستوى الإخراج لحسين المنباوي، وأيضا الصورة لمدير التصوير إسلام عبد السميع، غير أن العمل افتقد المحتوى الدرامي القوي خلال الأحداث؛ فطوال الفيلم هناك محاولة لإيجاد مبرر من أجل الاستمرار في مشاهد الحركة، وكأن المتفرج ينطلق من مكان لآخر مع البطل في جولة من "الأكشن".
ومن العناصر المميزة أيضا أداء محمد عبد الرحمن توتا ومحمد أنور صديقي البطل، والظهور الشرفي للفنانة إنعام سالوسة الذي أضاف أيضا للعمل.
ولم يوفق أمير كرارة في تقديم انفعالات المجرم قاسي المشاعر الذي لا يهتم لأحد في حياته، وكذلك أيضا لم تكن ياسمين صبري في أفضل حالاتها؛ فجاءت انفعالاتها في أغلب الوقت مبالغة في محاولة لافتعال الكوميديا، وإن كان اختيارها للدور مناسبا كوجه جميل على الشاشة؛ لكن لم يتم توجيهها بالشكل الكافي ليخرج أداؤها من دون مبالغة.
ويحسب للمخرج حسين المنباوي أيضا توظيف الطفل رامز جان الذي لفت الأنظار بأدائه العفوي وموهبته وتقديمه للمشاهد بخفة دم.
هل عوضت "الإفيهات" غياب المضمون؟النجاح في تقديم كوميديا بـ"إفيهات" طازجة ومشاهد حركة سريعة وفقا لطبيعة الفيلم الذي ينتمي لفئة الأعمال التي تدور أحداثها خلال 24 ساعة، لم يحقق حالة الإشباع الفنية للمتفرج بسبب غياب المضمون الدرامي.
في فيلم "البعبع" يخلع أمير كرارة رداء ضابط الشرطة الذي لازمه في أعماله السابقة، ويظهر في هذا العمل في دور مجرم يدعى "سلطان البعبع"، ويخرج من السجن بعد قضاء عقوبته ويقرر الاعتزال ليعيش بهدوء، لكنه في المشهد نفسه يوافق على عملية عرضها عليه زعيم العصابة "باسم سمرة"، لكنه يقوم بالنصب على الأخير؛ ومن هنا تبدأ المطاردات.
تظهر المطاردات من دون أي مضمون مرافق في السيناريو، وافتقد العمل لحبكة درامية أو ربط في الأحداث؛ فخلال ساعة ونصف الساعة هي مدة الفيلم نشاهد مطاردات ومعارك البطل، سواء مع زعيم العصابة أو آخرين، وكان التركيز على أن يظهر بطل الفيلم كـ"سوبر مجرم" لا ينهزم أبدا، حتى لو بدا المشهد غير منطقي.
ومما يؤخذ على العمل أيضا بعض الأخطاء التي تضمنها السيناريو، فالبطل الذي يفاجئ في بداية الأحداث بأنه أب لطفل وطفلة، يتورط في وجودهما معه بشكل مفاجئ، نجد صديقه الذي يوشي للعصابة بمكانه ليخبرهم بأنه مع أبنائه رغم عدم علمه بوجود الأبناء من الأساس، والأمر تكرر في العديد من المشاهد التي يلجأ فيها المؤلف إيهاب بليبل لتبرير غير منطقي لإنهاء المشهد.
أيضا لم يتم رسم الشخصيات بشكل جيد، فإذا تم حذف أي من الشخصيات لن يؤثر ذلك على سير الأحداث، مثل شخصية البطلة ياسمين صبري التي تقدم دور طبيبة صيدلانية تتورط بشكل ساذج في التواجد مع "سلطان البعبع" في رحلته، وفي الوقت الذي كانت تخطط فيه للدراسة والعمل في الخارج، تقرر فجأة بدورها الاستيلاء على المسروقات.
الخلل في السيناريو وعدم وجود مضمون درامي حقيقي أدى إلى نهاية غير مشبعة، ويمكن اعتبار "البعبع" تجربة سينمائية خالية من المضمون الدرامي إلا أن هدفها هو التسلية والمتعة، واستطاع صنّاعه رسم حالة من البهجة والابتسامة على وجه الجمهور، إلى جانب مشاهدة أطر سينمائية جيدة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: أمیر کرارة
إقرأ أيضاً:
هل يستمر المشهد الاقليمي بالتعقيد؟
يرجح عدد لا بأس به من المطلعين الحقيقيين على التوجه الاميركي ألا تكون التهديدات الاسرائيلية المرتبطة بضرب ايران واقعية، الا اذا قرر رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو القيام بخطوات مجنونة بغض النظر عن نتائجها، اذ ان واشنطن تدرك بشكل حاسم بأن اسرائيل غير قادرة على حسم المعركة مع ايران، وان اي دخول للولايات المتحدة في الحرب سيعني الغرق في الشرق الاوسط لعشر سنوات جديدة وهذا آخر ما تريده الدولة العميقة الاميركية.لكن، لا يمكن إزاحة احتمال حصول احتكاك اسرائيلي ايراني كبير عن طاولة البحث خصوصا في ظل الثقة المفرطة بالنفس لدى حكومة نتنياهو بعد الانجازات الكبرى التي حققها، وعليه لا يزال امام المنطقة نحو ٣٠ يوماً من القلق قبل وصول ترامب الى البيت الابيض وهو العالم الاساسي الذي سيضبط خطوات تل ابيب الى حد ما، حيث ستنتقل واشنطن الى مفاوضة طهران الضعيفة بعد خسارة اكثر حلفائها او اضعافهم..
التحدي الاخر الذي يظهر في المنطقة هو الاشتباك اليمني الاسرائيلي والذي من المستبعد ان تجد اسرائيل اي حل سحري له، على اعتبار ان قدرة تل ابيب الاستخبارية في اليمن شبه معدومة وقدرتها على توجيه ضربات عسكرية صعبة بسبب بعد المسافة اضافة الى قدرات اليمن على تحمل الضربات على البنى التحتية وحتى المجازر التي قد تصيب المدنيين، يضاف الى ذلك جهل اميركا واسرائيل بالكوادر العسكريين والقادة الاساسيين لدى الحوثيين وما يساعد على هذا الامر عدم وجود طفرة استهلاك تكنولوجي في إحدى افقر الدول في العالم.
هذا الواقع يجعل من التطورات السورية التي تصب في مصلحة اسرائيل حتى اللحظة غير مضمونة، فالفوضى التي بدأت مؤشراتها تظهر ستقدم خدمة مجانية لـ "حزب الله" الذي لديه قابلية كبرى وسريعة على ترميم نفسه من خلال اعادة فتح طريق الامداد مستغلا الفوضى التي قد تنشأ، والاهم ان الاخطاء التي اعطت اسرائيل بنكاً غير مسبوق، واسطوري، من الاهداف، من المستبعد ان يتكرر، اي ان ما اصاب الحزب كان اسوأ ما قد يتعرض له تنظيم او جيش في العالم ولن يتكرر في اي حرب مقبلة.
هكذا يصبح المشهد الاقليمي اكثر تعقيدا، والفرص المتاحة اليوم في لبنان لانتخاب رئيس قد تتبدد خلال اسابيع او اشهر قليلة جدا في حال لم تستغلها القوى السياسية في ظل قرار حاسم، اقليمي ودولي، بالحفاظ على الاستقرار الكامل في الساحة اللبنانية. مهما كان الاتجاه الذي ستأخذه المنطقة، قد تكون هذه اللحظة هي الاكثر استقراراً مقارنة بما قد يحصل خلال الاشهر المقبلة، لذا لا بد من تحصين الساحة الداخلية سياسيا وامنيا ولعل الطريق الى ذلك واضحة..
تتقاطع مصالح كل من اميركا وايران والخليج العربي وحتى اسرائيل (ربما) على استقرار لبنان، فالاميركيون يرغبون بإعادة ترتيب الساحة السياسية بعد اضعاف "حزب الله" وهم يعتبرون ان لهم حصة كبرى من النفوذ في بلاد الارز، اما في طهران فيفضلون الاستقرار لاعادة ترميم وتعويم واراحة "حزب الله" بعد الضربات التي تلقاها فهو يحتاج لدراسة الاخطاء والتعلم منها، في الوقت الذي ستسعى فيه دول الخليج الى الاستثمار في لبنان سياسياً وربما اقتصاديا لاعادة تحقيق توازن سني مع الاتراك الذين تقدموا بمراحل على السعوديين في سوريا، كذلك فإن تل ابيب تريد اراحة نفسها من الساحة اللبنانية والتفرغ للتحديات الداخلية بعد الحرب خصوصا ان يدها اليوم هي العليا وتعتقد انها قادرة على منع اعادة تسلح "حزب الله".
المصدر: خاص لبنان24