الخرطوم- المرأة، والعنصرية، والعادات والتقاليد ثالوثٌ تكشف عنه رواية "فم مملوء بالملح" (A Mouth Full of Salt)، المكتوبة باللغة الإنجليزية، عبر خيوط قصة وقعت أحداثها قبل أكثر من 30 عامًا، لكن فارق الزمن لم يغير شيئًا، إذ ترى ريم جعفر -أول سودانية تفوز بجائزة "الجزيرة" (The Island) للرواية الأفريقية- أن هذه الرواية يمكن أن تكون واقعا خلال عام 2023 في مناطق ليست بعيدة من العاصمة السودانية الخرطوم.

في حديثها للجزيرة نت، تقول ريم "في روايتي النساء يواجهن الأسرة الصغيرة، والأسرة الكبيرة، والمجتمع ثالثا، وهذا ما يحدث في الواقع إذا نجت من واحدة أو الثانية لا تنجو من الثالثة، وأول من يتسلط على المرأة المرأةُ نفسها، وهو ما جسدته إحدى شخصيات الرواية.

فازت الروائية #ريم_جعفر بجائزة THE ISLAND "الجزيرة" للرواية الإفريقية 2023 لتكون أول كاتبة سودانية تترشح وتفوز بالجائزة.

✍???? الكاتبة السودانية فازت بالجائزة عن روايتها "فم مملوء بالملح".

???? جائزة الجزيرة تم إنشاؤها لتزويد الكتاب الجدد في القارة الإفريقية بالموارد والدعم حيث يحصل… pic.twitter.com/UP9kGT4IdC

— الجزيرة مباشر (@ajmubasher) June 14, 2023

كيف بدأت الحكاية؟

ولأن للموت بداية ونهاية أخرى في حياة الآخرين، تبدأ ريم قصتها بغرق الابن الوحيد لسلافة (إحدى شخصيات الرواية). وتقول ريم "في الوقت الذي تغرق فيه سلافة في حزنها وتسترجع شريط حياتها المليء بالمآسي، تتابع فاطمة (من شخصيات الرواية) عملية البحث وكيفية تقبل سكان القرية للخبر حيث يعتقدون أن ابن سلافة غرق بسبب لعنة أصابته من امرأة تجوب في أنحاء قريتهم، إلى جانب أحداث أخرى، مرض مفاجئ وحرائق في مزارع التمر".

عبر قصة غرق الابن الوحيد لسلافة، تُسلط ريم جعفر الضوء على قضايا المرأة، والعنصرية، ومقاومة التغيير، وغلبة العادات والتقاليد على المنطق.

وتوضح ريم للجزيرة نت أسباب اختيارها هذه القضايا، قائلة "هي قضايا نواجهها بصورة يومية في السودان، وفي المنطقة عموما، تظهر في مختلف النواحي وأبسط المواقف والتعايش معها يصبح مملا، وأحيانا يجعل الحياة مستحيلة".

النساء السودانيات -وفقا لريم- ضحايا في المجتمع والفضاء العام، لكن مجتمع النساء يصر أيضا على تطبيق العادات الضارة، حسب قولها. وتابعت "ما زالت الفئات ذات الامتيازات النوعية والقبلية هي التي تفرض آراءها، وهناك نظرة دونية وعنصرية للآخر".

روبرت بيت رئيس لجنة التحكيم في جائزة "الجزيرة" ومؤسس دار "هولاند هاوس" للنشر (الجزيرة) نهاية صادمة

حقيقة يصعب على النساء الثلاث تقبلها، هكذا تصف ريم نهاية الرواية وتورط أقرب الأقربين في مأساة غرق ابن سلافة. وتقول "يواجه مجتمعنا كثيرا من القضايا بالنكران، مُصرا على طريقته التقليدية، تحديدا في ما يخص المرأة، وينساق كثيرون وراء رأي الأقلية ذات الصوت العالي وذوي الامتيازات التاريخية والعرقية والنوعية، ويتضح أيضا في المقاومة الشرسة التي تواجهها محاولات الأجيال الجديدة للتغيير والنهوض السياسي".

من جانبه، يصف روبرت بيت -رئيس لجنة التحكيم في جائزة "الجزيرة" (The Island) ومؤسس دار هولاند هاوس للنشر- الرواية بالدقيقة والقوية، متوقعا أن يكون لها تأثير حقيقي بمجرد نشرها.

بدوره، يرى الكاتب الجزائري حمزة كودري أن الرواية تسلط الضوء على ثقافة غير معروفة لبقية العالم. وقال كودري للجزيرة نت إنها تخلق نقاشات حول قضايا اجتماعية من خلال شخصيات واقعية يمكننا جميعا التعرف على تحدياتها وتطلعاتها وإخفاقاتها كقراء.

وأضاف "تربط أحداث الرواية 3 نساء من خلفيات مختلفة بحيث يجدن صلة في عزلتهن، وتسعى كل واحدة منهن إلى أن تصنع مساحتها الخاصة، بينما يواجهن تمييزا اجتماعيا ثلاثي الاتجاهات".

في المقابل، تقول الكاتبة كارن جانينز من جنوب أفريقيا إن للرواية العديد من نقاط القوة، ومع ذلك -نظرا لطبيعة النشر والطريقة التي يقرأ بها العديد من القراء- يمكن اعتبار بعض نقاط القوة هذه نقاط ضعف.

وأضافت -في حديث للجزيرة نت- أن "السرد، على سبيل المثال، يركز بشدة على المجتمع، بدل الشخصية الفردية وتجربة تلك الشخصية، ويسمح هذا النهج الفريد برؤية كامل القرية التي تدور فيها القصة، مما يتيح للقارئ الانغماس في الزمان والمكان، ويشعر كأنه أحد القرويين أنفسهم تقريبا. ومع ذلك، ربما لا يستمتع بعض القراء بهذا النهج، إذ يفضلون البقاء مع شخصية واحدة بمفردها".

علاقات مجتمعية

ورغم التعقيد الذي تتسم به القضايا التي طرحتها رواية "فم مملوء بالملح"، فإن الكاتبة راشيل إدواردز تقول للجزيرة نت إن الرواية تبحث في الطرق التي يتفاعل بها أفراد المجتمع السوداني، خاصة النساء مع بعضهن بعضا، مثل العلاقة بين الأم وابنتها، وانعدام الأمان للمرأة التي ليس لديها أبناء.

وأضافت أن كتابات ريم تمكنت "عبر نسيج غني بالسرد من إنشاء مجموعة متنوعة من الشخصيات وتسليط الضوء على التحديات الرئيسية في حياتهم اليومية".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: للجزیرة نت

إقرأ أيضاً:

كيكل خادم التمرد .. سيناريوهات نهاية الجنجويد في الجزيرة

المتمرد أبو عاقلة محمد أحمد كيكل – قائد الجنجويد في ولاية الجزيرة – أحد أبرز قادة التمرد في ولايات الوسط، وهو من أبناء شرق الجزيرة، يعتبر قائداً مثيراً للجدل رغم أنه بلا تاريخ نضالي أو عسكري، فقد ظهر كيكل على مسرح الأحداث بعد اتفاق جوبا للسلام، من خلال إعلانه لتكوين درع السودان.

و بحسب تقرير الصحافية مزدلفة عثمان والذي نشره موقع (الجزيرة نت) كان الظهور الأول لقائد “درع السودان” في منتصف ديسمبر 2022م، حين نظّم عرضاً عسكرياً لقواته بمنطقة “الجبال الغُر” في “سهل البطانة” ، وسط السودان، وعرضت “درع السودان” وقتها قوة قدّرتها بـ35 ألف جندي، وقالت إن لديها آلاف المؤيدين في العديد من مناطق السودان، لكن قادتها الذين ظهروا وقتها بالزي العسكري أعلنوا أنهم ليسوا في حالة عداء مع أحد.

وتحدث أبو عاقلة كيكل عن أن هدف قواته هو إعادة التوازن الإستراتيجي بالبلاد، بعد أن ألحقت اتفاقية جوبا للسلام الموقّعة في 2020 “ظلمًا بمناطق الوسط وشمال وشرق السودان، وانحازت لحركات دارفور”، على حد قوله.
كما أعلن أنه يهدف إلى القضاء على التهميش السياسي والاقتصادي الذي يعانيه وسط السودان، لافتاً إلى أن منطقة “البطانة” غير ممثّلة في كل الوحدات النظامية، والمجلس السيادي والانتقالي.

بعد اندلاع حرب 15 ابريل أعلن كيكل انضمام قواته إلى متمردي الدعم السريع “من أجل حقوق المهمشين” ومحاربة من أسماهم بفلول النظام السابق، وقال: نوكد إن انضمامنا إلى قوات الدعم السريع لا يمثل قبيلة ولا منطقة بل يمثل قناعاتنا فقط ضباط وجنود درع السودان.

ماذا أراد كيكل بانضمامه للدعم السريع؟!
أراد كيكل بانضمامه لمتمردي لدعم السريع تحقيق حزمة من الأهداف التي يحلم بها، كما أنه بهذه الخطوة حقق هدفاً مهماً للتمرد بضخ روح جديدة في الدعم السريع وإلباسها ثوباُ قومياً بعد وصفها بالمليشيا القَبَلية، لذلك وجد كيكل دعماً كبيراً من قيادات التمرد، ويتضح ذلك من خلال خطاباته المتعددة بان توجيهات الفريق حميدتي بحماية المواطنين. الا أن تسريبات، أشارت إلى أن كيكل اتفق مع قائد الدعم السريع ، قبل الحرب، على توفير الغطاء العسكري والدعم المادي لتكوين القوات وحشدها، على أمل أنه حال الإدماج وفق الوثيقة الاطارية في الدعم السريع أو الحرب إلى صفه حال اندلعت.

قاد كيكل مجموعة من متمردي الدعم السريع وتوجه الى ولاية الجزيرة قبل دخول حاضرتها ود مدني، وهو ما رآه البعض تخطيطاً استراتيجياً بتخفيف الهجوم والضغط على العاصمة الخرطوم، استناداً لما جرى سابقاً بتصنيف قوات درع السودان بأنها واجهة استخباراتية تحظى بدعم وإسناد قادة الجيش، وخلق أذرع جديدة في موازاة حركات دارفور المسلحة والموقعة على اتفاقية جوبا.

هذه الوضعية المميزة خدمت أجندة كيكل في (مسك العصا من النصف)، وهو وضع يمكنه من اختيار جانبه عندما تنكشف الكفة الراجحة، بحسب تقديراته وتقديرات الرأي العام، كما أنها مكنته من التحرك بسهولة في الجزيرة التي يعلم وديانها والبطانة التي خبر سهولها، بالإضافة لمعرفته بإنسان الولاية المسالم واكتفائه بأقل الضروريات الحياتية وعلى رأسها نعمة الأمن.

سيناريوهات كيكل القادمة..!!
يرى مراقبون أن كيكل يحاول تسديد فاتورة حميدتي التي قبض ثمنها، كما أنه يعمل على حماية نفسه من غارات القوات المسلحة الجوية ومهام العمل الخاص التي اعترف بتغلغلها وسط قواته وتمكنها من قتل مدير إعلامه ومنصاته على وسائل التواصل الإعلامي، ومعرفته بقدرة هذه القوات على نهاية مسيرته في أية لحظة، وهي موازنه تشكل له تحدياً كبيراً، وهو ما وضع كيكل أمام عدة سيناريوهات محتملة لمستقبل قواته المتبقية في المرحلة القادمة.

يراهن كيكل بوقوف قوة مدنية تؤيده في ولاية الجزيرة فهو رجل يتصف بقدر من الذكاء وله خبرة واسعة في مجتمعات الجزيرة استطاع بخبثه ابتزاز قرى ومجتمعات كاملة لكسب تأييدها، وظل يمارس فيها مهنته الأولى (جريمة السالف)، ويقدم نفسه كمخلص من الخوف والهلع ويختار قرى في مناطق حاكمة وذات ثقل جماهيري كما فعل في منطقة التكينة ينشر الخوف والهلع أولاً ويطلق لمجرمي الدعم السريع العنان باستباحة هدفه ثم يأتي بعد ذلك ليخلصهم من الموت بعد أن تفقد القرية خيرة شبابها ويقنعهم بخبثه على تسليح أبنائهم وتجنيدهم لصالح قواته في قريتهم، كما انه يقوم بإطلاق سراح بعض المعتقلين من قبضة قواته الذين يرتب معهم أمر الاعتقال والاختطاف، وبهذه الطريقة اعتقد كيكل أنه يؤمن قاعدة جماهيرية ظلت تستقبله بالتكبير والتهليل وتقدم له الذبائح على طبق من ذهب.

والسيناريو المتوقع في هذه الحالة العودة لدرع السودان كحركة مسلحة في الوسط تقاتل في صف القوات المسلحة وبذات منفستو (المشتركة) في الفاشر، وقد مهد لهذا السيناريو بتسجيل مقطع مجد فيه القوات المسلحة ووصفها بـ(المؤسسة العريقة) على مستوى العالم وقال إن هذه الحرب ليس فيها منتصر، كما ظهر في مقاطع فيديو حديثة بمركبات عليها شعار درع السودان دون أن يخلع بزة الدعم السريع، بالإضافة الى ما رشح من معلومات مؤكدة تفيد بخلافات حادة مع القائد (قجة) الذي عاث في الأرض فساداً.

السيناريو الثاني لكيكل في المرحلة القادمة أن يرتب ما تبقى من صفوفه ويعقد صفقة استخباراتية مقابل سلامته لتنظيف الجزيرة من دنس التمرد، ومحاولة تغيير الصورة الذهنية السالبة عنه بالنسبة لمواطن الجزيرة ولأهله في شرق الجزيرة والبطانة الذين تبرأوا منه ومن أفعاله.

السيناريو الأخير المتوقع لأبوعاقلة كيكل بعد فقده الكثير من قواته التي تعرضت للهلاك أن يهلك على يد القوات الخاصة في قلب الجزيرة ويشرب من ذات الكأس الذي شربه الهالك حميدتي.

المحقق – علي الصادق البصير

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • بحضور الحامد : مدينة زنجبار تشهد اللقاء التعريفي لمشروع تعزيز دور النساء في صناعة القرار وبناء السلام
  • موظف في CIA اغتصب نساء بعد تخديرهن.. وهذا حكمه
  • سوق الطلاق في موريتانيا.. ظاهرة فريدة في العالم العربي
  • باحثة عمانية تفوز بجائزة المجلس العربي للمياه
  • كيكل خادم التمرد .. سيناريوهات نهاية الجنجويد في الجزيرة
  • قرية واحدة شمالي السودان تتستعد باعداد قوة كبرى لمجابهة الجنجويد
  • حيوانات مفترسة
  • د.حماد عبدالله يكتب: "مقال خاص" بالمرأة المصرية !!
  • المستشارة رشا محمود: دعم قضايا الدولة للمرأة في السلك القضائي يعزز من فعالية الأداء والتطوير
  • الشعبة البرلمانية الإماراتية تستعرض جهود تمكين المرأة في منتدى "النساء الأورو- آسيوي"