على الرغم من أزمات لبنان العديدة وما يُعانيه مؤخرا على الجبهة الجنوبية ، لا بد من الإضاءة على فُسحة ثقافية تشهدها عاصمة لبنان الثانية، مدينة طرابلس،التي اختيرت عاصمة للثقافة العربية للعام 2024.  
فطرابلس تُعد المدينة الثانية في العالم بعد القاهرة من حيث الغنى بالآثار المملوكيّة وهي تحتضن الكثير من الإرث التراثي العثماني والفرنسي والصليبي وغيرها، فهي مدينة شهدت على حضارات اجنبية وعربية توالت عليها عبر الأزمنة وهذا ما أكسبها هذا الكنز الحضاري من المعالم الأثريّة والتراثيّة ذا الطابع الفنّي الهندسي المعماري لتكون أيقونة الفنّ والجمال وعاصمة العلم والعلماء وبشكل اساسي مدينة العيش المُشترك.

  علما انه في شباط الماضي أصدر وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى شعار "طرابلس عاصمة للثقافة العربية للعام 2024"، مذيلا بعبارة "طرابلس حكاية الإنسان والزمان"، وذلك بعدما تم اختيار المدينة من قبل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو" على أن "يستعمل هذا الشعار دون سواه في كل النشاطات المرتبطة بفعاليات طرابلس عاصمة للثقافة العربيّة للعام 2024.    
ويستمد الشعار شكله وألوانه من الفن المعماري والحياة معا والتنوع الثقافي في وحدة جمالية متماسكة تتداخل فيها الخطوط المجردة والإيحاءات والبنيان الحضاري للمدينة.
 
يُذكَر ان المُرتضى يتابع شخصياً التحضيرات المواكبة للاحتفالية هذه عبر تخصيصه 3 أيام أسبوعياً حيث يتواجد في طرابلس مع فريق الوزارة ويلتقي دورياً بالفاعليات السياسية والثقافية.
 
هذا الحدث الثقافي يشكّل فرصة ثمينة لإبراز ما تختزنه طرابلس من إرث ثقافي وحضاري، عبر أنشطة وفعّاليات تقام على مدار السنة، تدعى إليها شخصيات عربية وغير عربية. فأين أصبحت الاستعدادات؟ ومتى تنطلق عجلة هذه الأنشطة والفعّاليات؟
 
اختيار طرابلس
يقول رئيس الرابطة الثقافية في طرابلس رامز الفري انه "بلمحة سريعة عن تاريخ عواصم الثقافة والتي انطلقت بمبادرة من وزيرة الثقافة اليونانية ميلينا مركوري، وفي إطار الاتحاد الأوروبي، كانت أثينا أول عاصمة عالمية للثقافة العام  1985 وبعد وقت  طالبت المجموعة العربية في منظمة اليونسكو بتوسيع الإطار الجغرافي للإحتفاء بعواصم الثقافة الى المنطقة العربية، فكانت القاهرة  أول عاصمة للثقافة العربية عام 1996 ، قبل إبرام العقد العربي للتنمية الثقافية وتضمينه برنامج عواصم الثقافة العربية في العام 2005. وفي أيار 2015، قرّرت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "ألكسو"، التابعة لجامعة الدول العربية اختيار مدينة طرابلس اللبنانية "عاصمة الثقافة العربية لعام 2021 ولكن بسبب الظروف الأمنية والصحية أي انفجار مرفأ بيروت ووباء كورونا وافقت "ألكسو" على طلب لبنان تأجيل هذا الحدث إلى عام 2023، ثمّ إلى العام الحالي 2024".
 
واعتبر الفري في حديث عبر "لبنان 24" انه "من المفترض أن تستفيد طرابلس من هذه الاحتفالية على الصعد كافة فمن أهم أهداف الاحتفالية تظهير الكنوز التاريخية للمدينة والتعريف بقيمتها الحضارية، وتنمية حراك المدينة الثقافي، وتحفيز الإنتاج الأدبي والفكري ودعمه، وتشجيع تجارب البحث العلمي، ووضع قوائم بعناصر التراث الثقافي غير المادي وتحضير الملفات لتسجيل بعضها على اللائحة التمثيلية للشعوب في منظمة اليونسكو، وفهرسة المؤلفات الصادرة في المدينة وإجراء الدراسات حولها وتحقيق المخطوطات المتوافرة، وجمع الأمثال والحكم الشعبية وإجراء الدراسات بشأنها وتحريك العجلة الاقتصادية والاجتماعية والسياحية".
 
أما ماذا ستقدم طرابلس للثقافة العربية، فيُشير الفري إلى ان أهم ما ستقدمه المدينة هو ابراز المشتركات الثقافية العربية، من خلال الأنشطة العديدة والأسابيع الثقافية ومشاريع التوأمة".                              الاستعدادات على قدم وساق
وعن الاستعدادات لتتويجها في أيار 2024 عاصمة للثقافة العربية، يؤكد الفري ان "العمل جار بكل جهد ومسؤولية فقد نقل وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى مكتبه إلى طرابلس ليتابع التحضيرات للفعالية وأجرى لقاءات واجتماعات مع فعاليات المدينة الثقافية والاجتماعية والسياسية وتم إطلاق عدة لجان في مختلف الاختصاصات".
 
وتابع: "على صعيد الرابطة الثقافية فإننا نعمل على مدار السنة ولكن اليوم وضمن هذا العنوان الكبير لطرابلس لا بد من العمل أكثر فأكثر وقد كُلفت من قبل وزير الثقافة برئاسة لجنة التواصل مع الجمعيات وتم عقد اجتماع موسع في الرابطة لعدد كبير من الجمعيات الشمالية واعتبرت في هذا اللقاء ان هذه الاحتفالية اتت في ظل ظروف في غاية الصعوبة والسوء يعاني منها لبنان بكامله والمنطقة العربية  وطرابلس بشكل خاص ولكن كنا امام خيارين احلاهما مرّ اما ان نعتكف ونقول باننا لن نستطيع فعل شيء في هذه الظروف واما ان نبادر للعمل مع المخلصين والفدائيين من ابناء طرابلس والشمال وبالتعاون مع المؤسسات الرسمية ايمانا منا بان لا خيار لدينا الا الدولة ونحن اخترنا الخيار الثاني رغم معرفتنا بصعوبته ومشقة العمل في ظل هذه الظروف وبإمكانات شبه معدومة، أما بالنسبة لنوعية الانشطة والبرامج المُقررة والأنشطة التي اقيمت حتى الان وعلى اهميتها، اعتبر انها لن ترقى الى مستوى الحدث ولكن العمل جار لتنفيذ نشاطات مميزة ونوعية".
 
ويضيف: "بالنسبة للمشاريع الثقافية التي تحضّر، فكل لجنة وكل هيئة في المدينة تعمل على وضع برنامج ورزنامة أنشطة وعندما تكتمل الصورة سيتم الإعلان عنها بالتفاصيل".                
من أهم المدن التي تحتوي على آثار مملوكية
ويوضح الفري ان "طرابلس تتميز بالكثير من الأبنية الأثرية والتراثية وقلعتها وخاناتها وحماماتها ومدارسها وهي من أهم المدن التي تشمل العدد الكبير من الآثار المملوكية بعد القاهرة إذ أن طرابلس تعتبر بمثابة متحف في الهواء الطلق ناهيك عن كرم ضيافتها ومطاعمها ومقاهيها ومؤسساتها الثقافية والاجتماعية".
 
وشدد الفري على ان "الهدف هو الاستفادة من هذه الفعالية في رفع الغبن عن المدينة وإقامة مشاريع مستدامة تستفيد منها طرابلس بعد الانتهاء من الاحتفالية إذ أن الهدف الأساس من هذه الاحتفالات تنمية المدن التي تحصل على هذا اللقب وتنمية الحركة الاقتصادية والسياحية والثقافية وجذب السياح إليها من مختلف المناطق اللبنانية والدول العربية والأجنبية.
 
وعن إدراج معرض الشهيد رشيد كرامي على لائحة التراث الثقافي، لفت إلى انه "يُعتبر من أكبر المعارض في لبنان والشرق الأوسط حيث تبلغ مساحته مليون متر مربع ويتمتع ببناء مميز، متوجها بنداء الى المسؤولين للاهتمام بصيانته وببناه التحتية والعمل على تشغيله لأنه يُساهم في تنمية المدينة بكاملها".                      
إذا طرابلس التي تستمد قيمتها من ارثها الوطني والانساني والثقافي ستكون على موعد مع سلسلة فاعليات تبرز تنوعها وقيمها وتكشف عن تاريخها وحاضرها.

المصدر: لبنان 24

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

بحضور نخبة من الشخصيات العامة.. وزارة الثقافة تكرم الدكتور مصطفى الفقي

ضمن احتفالات وزارة الثقافة، بالرموز الفكرية والثقافية التي أسهمت بشكل بارز في إثراء الحياة الفكرية والثقافية في مصر والعالم العربي، حرص الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة -رئيس المجلس الأعلى للثقافة، على تكريم المفكر الدكتور مصطفى الفقي -عضو المجلس الأعلى للثقافة، تقديرًا لإسهاماته الفكرية والثقافية في مصر والعالم العربي، وذلك خلال الاحتفالية التي نظمها المجلس الأعلى للثقافة، بأمانة الدكتور أسامة طلعت، بحضور أعضاء المجلس الأعلى للثقافة، ونخبة من الشخصيات العامة والسياسيين والمفكرين والمثقفين والفنانين.

وخلال الاحتفالية، أهدى الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة، الدكتور مصطفى الفقي، درع وزارة الثقافة المصرية.

وقال وزير الثقافة: "إن هذا التكريم لمسيرة حافلة بالعطاء والإنجازات التي أثرت في حياتنا الثقافية والسياسية، والذي يمثل نموذجًا يُحتذى به في العمل العام وفي خدمة وطننا الحبيب على المستويات كافة، فهو الدبلوماسي المخضرم الذي خدم مصر في العديد من المحافل الدولية، وكان دائمًا صوتًا حكيمًا ومؤثرًا في الدفاع عن قضايا الوطن، وهو المدير الفذ الذي أدار منارة ثقافية كبرى، وحافظ على ضوئها، وهي مكتبة الإسكندرية، حيث قاد هذه المؤسسة العريقة نحو آفاق جديدة من التميز والإبداع، محققًا إنجازات كبيرة في نشر الثقافة والمعرفة، وهو الأكاديمي والمفكر السياسي المرموق صاحب الرؤى المهمة والمؤثرة، والتي تنطلق من رصيد ضخم جدًا من المعرفة التي اكتسبها من مشوار وحياة مهنية زاخرة على الساحة الدولية، استطاع بجهده وخبرته وحرصه على المعرفة أن يصبح مرجعية سياسية وفكرية وعلامة متفردة في كل المجالات التي عمل بها، ومثالًا يُحتذى به في الالتزام والإخلاص في خدمة الوطن".

وأضاف الوزير: "كما أن الفقي هو المثقف الحقيقي، عضو المجلس الأعلى للثقافة، والمفكر التنويري المطلع والمنفتح على كل الثقافات، وصاحب أرفع الجوائز الثقافية التي حصل عليها دائمًا بجدارة واستحقاق وإجماع، كونه منارة من منارات مصر التي تنير دروب المعرفة والفكر، وشعلة لا تنطفئ في مسيرة البحث عن الحقيقة، فإن الحديث عن الدكتور مصطفى الفقي ومشواره يتطلب ساعات وساعات ولا يمكن اختصاره في كلمة موجزة، فهذا الرجل ظل على مدار عقود متمسكًا بالدفاع عن القيم الإنسانية والعدالة، وساهم بكتاباته ومحاضراته في إثراء الفكر العربي والعالمي، وكان ولا زال رمزًا للعلم والمعرفة، ومثالًا يُحتذى به في الالتزام والإخلاص في خدمة الوطن".

تكريم الدكتور مصطفى الفقي

وتابع: "النظر إلى القامات الحاضرة في هذا التكريم هو خير دليل على دوره المهم والمتعدد في المجالات الفكرية كافة، فبنظرة واحدة للقامات الحاضرة معنا من رفقاء درب وتلاميذ الأستاذ الدكتور مصطفى الفقي، نستطيع بسهولة أن ندرك مدى تعدد إسهاماته في شتى المجالات السياسية والأكاديمية والثقافية والإعلامية، فتكريمه هو في الحقيقة تكريم لكل المثقفين والمفكرين الذين يسعون جاهدين لنشر الوعي والمعرفة، ويعملون بلا كلل من أجل رفعة هذا الوطن، ولكل من يؤمن بأن الثقافة هي السلاح الأقوى في مواجهة أية تحديات، وأن الفكر هو النور الذي يضيء طريق المستقبل".

تكريم الدكتور مصطفى الفقي

من جهته، قال الدكتور مصطفى الفقي: "إن هذا التكريم ليس لشخصي فحسب، ولكنه جزء من التفكير المشترك لجيلي وأجيال سبقته وأخرى أعقبته، أعتز بمن دعا إلى هذا التكريم، وأراها مناسبة للتفكير في الشأن العام وليس الاستغراق في ذكريات أو عبارات نرددها، حيث إن مراجعة الماضي ومحاكمة الذات تكشف لنا أن الإنسان هو مجموعة مواقف متباينة وآراء مختلفة ورؤى بعيدة، إنني ألوم اليوم نفسي أني سعيت إلى المناصب أحيانًا، واخترقت المحاذير أحيانًا أخرى، لتمتد حياتي الفكرية والثقافية على مساحة عريضة تخلط بين الثقافة والسياسة وتتقلب بين الفكر والفلسفة، ثم تتحول إلى مشروع أفقي بين العمل الدبلوماسي والسياسي والأكاديمي والإعلامي والبرلماني أيضا، وأقول صراحة أنه كان من الأجدى لي أن أقف على عتبة واحدة أرقب عن كثب مسار الحياة، وأستشرف الأمل من كل اتجاه، مؤمنًا أن الفرد لن يعيش الزمان كله، كما لن يعيش في كل مكان، واليوم أقف أمامكم، معترفا بأخطائي، فخورًا ببعض سنوات عمري، حزينًا على فرص ضاعت، وأنا مؤمن بأن الحياة انتصار وانكسار، تقدم وتراجع، نجاح وإخفاق، ولكني أصدقكم القول أنني حاولت في كل عمل قمت به أو وظيفة شغلتها أن أترك بصمة، وليست هذه مناسبة إعداد المآثر أو الإشادة بما قام به المرء في حياته، ويكفي أن أقول في عبارة مختصرة، أنني كرست الجزء الأكبر من حياتي لخدمة الغير، ودعم الآخر وقضاء حوائج الناس، لم أرد طالب خدمة، ولم أُسفه صاحب فكرة، ولم أسمح لنفسي ذات يوم أن أتصور أن حياتي خالية من الأخطاء، فأنا بشر لا يدعي لنفسه ما ليس فيها، ولا يضع ذاته في موقع لا تستحقه".

تكريم الدكتور مصطفى الفقي

وأضاف الفقي: "إنني معكم اليوم أقبل شهاداتكم وأستمع باحترام لملاحظاتكم، وأقول للجميع عفوًا لمن أخطأت في حقه إن كنت قد فعلت ذلك، وأهلاً بكل من أدرك صدق مشاعري وإحساسي العميق بالآخرين، ورغبتي الدائمة في أن أكون عونًا لمن يطلب، وسندًا لمن يريد وصديقًا لمن يسعى.

وقال الدكتور أسامة طلعت: "نحتفل اليوم خلال هذه الأمسية الجميلة، لتكريم قامة فكرية ودبلوماسية ووطنية كبيرة، ليس على المستوى العربي فقط، بل على المستوى الإقليمي، فنحن بصدد أمسية غير تقليدية للاحتفاء بالسفير والمفكر الكبير الدكتور مصطفى الفقي، الذي أثرى الحياة الدبلوماسية والمجتمع الثقافي بإسهاماته البناءة، حيث يُعد تكريمه اليوم داخل المكان الذي طالما عشقه، وهو المجلس الأعلى للثقافة بيت المثقفين، تكريمًا لنا جميعًا، فهو المفكر الكبير، أحد رموز الوطن، وهو نموذج لتوازن الشخصية دماثة الخلق وإنكار الذات، وأحد الفاعلين المتميزين بإسهاماته الجوهرية في الحياة الدبلوماسية المصرية بحكم علمه وثقافته الغزيرة".

شهد الحفل كلمات من عدد من المثقفين الذين تحدثوا عن الدور الكبير الذي لعبه الفقي في الدفاع عن القضايا الوطنية والعربية، والإشادة بأهم محطات حياته، خلال مسيرته المهنية كدبلوماسي، وكاتب، ومفكر وسياسي.

هيئة قصور الثقافة تصدر رواية «هامش الوقت» للكاتبة دينا محسن

وزير الثقافة: مهرجان القاهرة السينمائي جسر بين الثقافات وحاضنة للمواهب

قبل انطلاقه.. وزير الثقافة يلتقي وفد مهرجان بورسعيد السينمائي

مقالات مشابهة

  • فكري صالح: كان يجب عدم ضم «عواد» لقائمة المنتخب لهذا السبب.. فيديو
  • تفاصيل الأمسية الشعرية «فن الواو» بالمجلس الأعلى للثقافة
  • «الثقافة» تعلن أسماء الفائزين بـ«السرد القصصي والروائي» الخميس المقبل
  • القبض على فلسطيني وباكستاني في السعودية لهذا السبب
  • خبير: استهلاك اللاجئين لا يشكل عبئًا على مصر لهذا السبب
  • بحضور نخبة من الشخصيات العامة.. وزارة الثقافة تكرم الدكتور مصطفى الفقي
  • وزارة الثقافة تكرم الدكتور مصطفى الفقي وتحتفي بإسهاماته الفكرية.. صور
  • مصطفى الفقي: سعيت للمناصب أحيانا.. وأعتذر لمن أخطأت في حقه
  • وزير الثقافة يكرّم مصطفى الفقي ويحتفي بإسهاماته الفكرية: نموذج في الإخلاص للوطن
  • الوزير الجيبوتي يزور المدينة القديمة في طرابلس