قال مركز دراسات أمريكي، إن العلاقة بين السعودية وإيران بعد مرور عام على استعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما لا تزال تشهد توترات بسبب انعدام الثقة العميق والتوترات في البحر الأحمر.

 

وأضاف مركز "ويلسون" في تحليل للباحث ديفيد أوتاواي وترجم أبرز مضمونه "الموقع بوست": "لم تُترجم المحادثات وإعادة الانفتاح الدبلوماسي إلى اتفاقيات مهمة بسبب الصراعات الإقليمية المستمرة وانعدام الثقة العميق، خاصة فيما يتعلق بحلفائهم والأوضاع في اليمن ولبنان".

 

وتابع "قبل عام واحد، في العاشر من مارس/آذار، اتفقت المملكة العربية السعودية وإيران على تجديد العلاقات الدبلوماسية بعد انقطاع دام سبع سنوات، وتعهدتا بفتح حقبة جديدة من التعاون في تنافسهما العاصف على التفوق في الخليج الفارسي. لقد تبادلوا السفراء، وأعادوا فتح سفاراتهم، وعقدوا العديد من الاجتماعات رفيعة المستوى، توجت بزيارة الرئيس إبراهيم رئيسي إلى الرياض في نوفمبر، وهو أول إيراني من رتبته يزور الرياض منذ أحد عشر عامًا".

 

وأردف الباحث "لقد تغيرت نبرة علاقتهما بشكل كبير من العدائية الصريحة إلى الحذر الشديد. وقد عمل كلاهما أيضًا على تجنب تصعيد الحرب بين إسرائيل وحماس إلى صراع إقليمي تهدد به الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر من قبل المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، فضلاً عن عرقلة محادثات السلام الهشة مع المملكة العربية السعودية لإنهاءها. الحرب الأهلية اليمنية المستمرة منذ تسع سنوات".

 

تجديد دبلوماسي؟

 

واستدرك "على الرغم من كل هذه الإنجازات الدبلوماسية الأولية، لم توقع المملكة العربية السعودية وإيران بعد، ناهيك عن تنفيذ أي اتفاق جوهري في أي مجال آخر غير الدبلوماسية. وقد عقد وزراء الخارجية والمالية والاقتصاد في هذه البلدان العديد من الاجتماعات لإحياء الاتفاقية العامة للتعاون لعام 1998 في كافة المجالات باستثناء الأمن، فضلاً عن اتفاقية التعاون الأمني لعام 2001. ولكن حتى الآن، لم يتم نفخ حياة جديدة فيه أيضًا".

 

يضيف "بل على العكس من ذلك، فقد وجدوا قضايا جديدة وقديمة يمكن المساومة عليها، الأمر الذي كان بمثابة تذكير دائم بما لا يزال يبقيهم متباعدين".

 

وقال "لقد صنع الرئيس الإيراني رئيسي وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، التاريخ من خلال الاجتماع خلال القمة لمناقشة مختلف مجالات التعاون الممكنة، بما في ذلك الاستثمار السعودي في الاقتصاد الإيراني المتعثر بسبب العقوبات. وقد أعلن وزير المالية السعودي محمد الجدعان ذات مرة أن هذا قد يحدث "بسرعة كبيرة". لكن يقال إن محمد بن سلمان أخبر رئيسي أنه سيتعين على إيران كبح جماح أنشطة حلفائها ووكلائها العرب الإقليميين مقابل أي مساعدات مالية أو اقتصادية سعودية".

 

وأشار إلى أن السعودية أرسلت إشارات أخرى حول استيائها المستمر من السلوك الإيراني في أعقاب اتفاق التطبيع بينهما. على سبيل المثال، توصل المسؤولون الدينيون في البلدين إلى اتفاق في كانون الثاني/يناير للسماح للإيرانيين بالعودة إلى مكة لأداء مناسك العمرة في أقدس موقع في الإسلام بعد حظر سعودي دام سبع سنوات. ثم، في منتصف فبراير/شباط، أعلنت طهران إلغاء خطة سفر أول 30 ألف إيراني بسبب "خلافات فنية" بشأن تصاريح الطيران. ولم يوضح أي من الجانبين ما يعنيه ذلك أو متى يمكن حل المشكلة للسماح للحجاج الإيرانيين بالعودة.

 

النزاعات الإقليمية

 

وتطرق التحليل في الوقت نفسه، إلى اندلع النزاع القديم بين إيران والكويت حول حقل الدرة للنفط والغاز في شمال الخليج من جديد، مع رفض المملكة العربية السعودية وحليفتها العربية الكويت الاعتراف بالمطالبات الإيرانية بحصة 40% في الوديعة. وفي يوليو/تموز، أعلنت المملكة العربية السعودية أنها والكويت تتمتعان "بالحقوق الكاملة" في الحقل بأكمله، وهو الموقف الذي أيدته بقوة جميع دول الخليج العربية الست في قمتها الأخيرة في ديسمبر/كانون الأول.

 

وقال "نتيجة لذلك، فإن المحللين الذين يبحثون في المشهد السياسي بحثًا عن علامات على حدوث تحول في سياسات إيران، وخاصة في اتفاق التطبيع الإيراني السعودي، واجهوا صعوبة في العثور على أي منها".

 

ولفت إلى أن النقطة الساخنة الرئيسية التي تهدد بقلب العلاقة السعودية الإيرانية الجديدة رأساً على عقب، تظل في المقام الأول، اليمن ولبنان.

 

وأشار إلى جماعة الحوثي المتمركزة في العاصمة صنعاء، تواصل إطلاق الصواريخ والطائرات بدون طيار المقدمة من إيران على السفن التجارية التي تبحر في البحر الأحمر لإظهار دعمها لحماس في حربها مع إسرائيل. ومع ذلك، فإن الأضرار الجانبية تلحق أيضًا بالخطة الرئيسية للمملكة العربية السعودية لتطوير اقتصاد غير قائم على النفط يركز بشكل كبير على البحر الأحمر. وتتضمن الخطة إطلاق صناعة سياحية جديدة هناك، بما في ذلك ثلاثة منتجعات فاخرة وأعمال السفن السياحية، بالإضافة إلى بناء مدينة حديثة للغاية بقيمة 500 مليار دولار.

 

وقال "لا يوجد ما يشير حتى الآن إلى أن إيران فعلت أي شيء للضغط على الحوثيين لوقف هجماتهم على الشحن الدولي في البحر الأحمر. ونفت حكومة الحوثيين أي تدخل إيراني وقدمت تأكيدات بأنها لا تنوي توسيع الصراع إلى ما هو أبعد من دعمها لحماس ضد إسرائيل. من جانبها، تجنبت المملكة العربية السعودية بعناية تعريض محادثات السلام مع الحوثيين للخطر من خلال رفض الانضمام إلى فرقة العمل في البحر الأحمر التي تقودها الولايات المتحدة والتي تم تشكيلها لمواجهة هجمات الحوثيين على الشحن هناك".

 

وفي لبنان، يشير التحليل إلى أن حزب الله، حليف إيران، يواصل تبادل نيران المدفعية مع إسرائيل عبر الحدود. يهدد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بشكل شبه يومي بشن غزو واسع النطاق لإبعاد حزب الله عن الحدود وإنشاء منطقة عازلة هناك.

 

وطبقا للمركز الأمريكي فإن السعوديين ينظرون إلى لبنان باعتباره حالة اختبار أخرى لاستعداد إيران لتحسين العلاقات معهم من خلال قبول رئيس جديد غير مدين لطهران.

 

وقالت "لقد ظل هذا البلد البائس من دون حكومة فاعلة طوال الأشهر الخمسة عشر الماضية لأنه لم يتمكن من انتخاب من ينص دستوره الطائفي على أنه يجب أن يكون مسيحياً مارونياً. ومرشح حزب الله المدعوم من إيران هو سليمان فرنجية (58 عاما) الذي لا يملك العدد الكافي من الأصوات في البرلمان ليتمكن من الفوز بالانتخابات. ولا حتى مرشح المعارضة، أحد كبار التكنوقراط في صندوق النقد الدولي، جهاد أزعور، 57 عاماً. وقد ألمح السعوديون إلى أنهم مستعدون للتوصل إلى تسوية، ولكن ليس هناك ما يشير إلى أن حزب الله أو إيران مستعدان لذلك.

 

وخلص مركز ويلسون في تحليله بالقول "تشتعل العديد من الحرائق في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وتشترك كل من المملكة العربية السعودية وإيران في الخوف من التصعيد الذي قد يحرقهما أيضًا. ومع ذلك، يظل حلفاؤهم ومصالحهم في صراع مستمر، مما يجعل من الصعب تصور كيف سيؤدي تطبيع العلاقات الدبلوماسية بينهما إلى أي انفراج جوهري في أي وقت قريب".


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن السعودية ايران مليشيا الحوثي البحر الأحمر المملکة العربیة السعودیة السعودیة وإیران فی البحر الأحمر حزب الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

معهد إسرائيلي: الهجمات من اليمن ستستمر ما دامت “إسرائيل” ماضية في عدوانها على غزة

الجديد برس|

في تحليل موسع نشره معهد الأمن القومي الإسرائيلي، تم التأكيد على أن التهديد الذي تمثله قوات صنعاء ضد “إسرائيل” ليس مجرد انعكاس للحرب في غزة، بل هو عنصر متداخل معها بشكل مباشر.

وأشار التقرير إلى أن الهجمات الصاروخية من اليمن ستستمر ما دامت “إسرائيل” ماضية في عدوانها على قطاع غزة، وهو ما يضع تحديات جديدة على المستوى الأمني والاستراتيجي في المنطقة.

كما لفت المعهد إلى أن صنعاء تتمتع بقدرة كبيرة على المناورة والاستقلالية العسكرية، ما يجعلها قوة صاعدة يصعب ردعها أو إيقاف تصعيدها بالوسائل التقليدية.

ـ صنعاء: قوة غير قابلة للتوجيه أو الاحتواء:

وفقًا للتقرير، تبرز صنعاء كقوة إقليمية تتمتع بقدرة عالية على الاستقلال في اتخاذ القرارات العسكرية، مما يصعب على إيران أو أي قوى أخرى، حتى الحليفة لها، فرض سيطرتها أو توجيه سياساتها بشكل كامل.

وذكر التقرير أن هذه الاستقلالية هي ما يجعل محاولات إسرائيل وحلفائها للتصدي لأنشطة قوات صنعاء العسكرية في البحر الأحمر والمضائق المجاورة أكثر تعقيدًا.

فبينما كانت إسرائيل تأمل في تقليص نفوذ صنعاء من خلال استهدافها في أماكن معينة، كانت هناك محاولات لتطويق الأنشطة البحرية للحوثيين، إلا أن قوات صنعاء تمكنت من التصعيد بفعالية، لتظهر قدرتها على إزعاج العمليات العسكرية الأمريكية في البحر الأحمر وتغيير مسارات السفن التجارية، بما في ذلك السفن الإسرائيلية.

هذا الوضع بات يشكل تهديدًا حقيقيًا لإسرائيل في وقت حساس بالنسبة لها، حيث ترى أن الحصار البحري الذي فرضته صنعاء على السفن الإسرائيلية يهدد ممرات التجارة الحيوية التي تمر عبر البحر الأحمر والمحيط الهندي.

كما أن التهديدات الصاروخية الحوثية قد تستمر في التأثير على حركة السفن الإسرائيلية، مما يضع ضغطًا إضافيًا على الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعتمد بشكل كبير على التجارة البحرية، في وقت يعاني فيه من تبعات الحرب في غزة.

ـ “إسرائيل” أمام معضلة استراتيجية مع صنعاء:

تعامل إسرائيل مع تهديد صنعاء يعكس مأزقًا استراتيجيًا كبيرًا، فهي تجد نفسها أمام معركة مزدوجة بين التصعيد العسكري أو الرضوخ لمطالب صنعاء. من جهة، تبقى إسرائيل على قناعة بأنها لا يمكن أن تتحمل تعطيل حركة التجارة البحرية في البحر الأحمر، وهو ما يشكل تهديدًا خطيرًا لاقتصادها.

لكن من جهة أخرى، فإن زيادة التدخل العسكري ضد قوات صنعاء قد يعرضها لفتح جبهة جديدة يصعب احتواؤها في وقت حساس بالنسبة لتل أبيب، خاصة في ظل التحديات العسكرية التي تواجهها في غزة ولبنان.

التحليل الذي قدمه معهد الأمن القومي الإسرائيلي لم يغفل المأزق الذي تواجهه “إسرائيل” في هذا الصدد.

ففي أعقاب فشل محاولات البحرية الأمريكية في توفير حماية فعالة للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، بدأت تل أبيب في البحث عن حلول بديلة من خلال التنسيق مع الدول الخليجية التي تشاركها مخاوف من تصاعد تهديدات صنعاء.

كما أوصى المعهد بتوسيع نطاق التنسيق الإقليمي لمواجهة هذا التهديد المتزايد، وهو ما قد يتطلب استراتيجيات جديدة قد تشمل تحالفات متعددة وتعاون أمني موسع.

ـ تحولات استراتيجية: هل تجد “إسرائيل” الحل؟:

يبدو أن التهديد الذي تمثله صنعاء لا يقتصر على كونه تهديدًا عسكريًا فقط، بل يشمل أيضًا تداعياته الاقتصادية والسياسية. فالتأثير المباشر الذي فرضته الهجمات الصاروخية الحوثية على السفن الإسرائيلية، سواء عبر تعطيل التجارة أو من خلال محاولات الحد من حرية الملاحة في البحر الأحمر، قد يعيد التفكير في خيارات الرد الإسرائيلية.

وإذا كانت إسرائيل قد فشلت في ردع القوات الحوثية بالوسائل العسكرية التقليدية خلال الأشهر الماضية، فإنها قد تكون أمام خيارات محدودة في المستقبل.

ويشدد معهد الأمن القومي على أن أي تدخل عسكري ضد صنعاء قد يؤدي إلى تصعيد واسع في المنطقة.

فالحرب في غزة قد تكون قد أظهرت ضعفًا في الردع العسكري الإسرائيلي، في حين أن التصعيد ضد قوات صنعاء قد يُفضي إلى فتح جبهات متعددة تكون إسرائيل في غنى عنها، خاصة مع التوترات القائمة في جبهات أخرى مثل لبنان.

ومع ذلك، فإن إسرائيل لا يمكنها تجاهل تأثير الحصار البحري على اقتصادها، وهو ما يجعلها تبحث عن استراتيجية جديدة للحد من هذا التهديد، سواء عبر تكثيف التنسيق الإقليمي أو من خلال حلول عسكرية أكثر شمولًا.

ـ ماذا ينتظر “إسرائيل” في المستقبل؟:

في خضم هذا الواقع المعقد، يبقى السؤال الأكبر: هل ستتمكن إسرائيل من إيجاد استراتيجية فعالة لمواجهة تهديدات صنعاء، أم أن المنطقة ستشهد تصعيدًا أكبر يؤدي إلى توسيع دائرة الصراع؟. التحديات العسكرية والدبلوماسية في هذا السياق قد تكون أكبر من أي وقت مضى، خاصة إذا استمرت صنعاء في التصعيد والتمسك بمواقفها العسكرية.

ومع غياب ردع أمريكي فعال، وتزايد دعم القوى الإقليمية مثل إيران، قد تجد إسرائيل نفسها في مواجهة خيارات صعبة قد تؤدي إلى نتائج غير متوقعة على الصعيدين العسكري والسياسي في المنطقة.

مقالات مشابهة

  • كيف تلقت إيران رسالة ترامب من الهجمات الأميركية على الحوثيين؟
  • أستاذ اقتصاد: التصعيد العسكري في اليمن لن ينجح
  • وزير خارجية اليمن: استئناف الحوثيين هجمات البحر الأحمر يهدد المنطقة
  • الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن: رسائل متعددة وسيناريوهات مفتوحة
  • بيان عاجل من الحوثيين بعد القصف الأمريكي على اليمن
  • ترامب يهدد إيران ويعلن بدء ضربات "حاسمة" ضد الحوثيين
  • ترامب يعلن بدء الضربات الأمريكية على الحوثيين في اليمن
  • تقرير أمريكي: إدارة ترامب تواجه نفس الخيار الذي أربك بايدن بشأن إنهاء تهديد الحوثيين بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • معهد أمريكي يُحذّر من الأثر البيئي لحملة الحوثيين ضد الشحن بالبحر الأحمر (ترجمة خاصة)
  • معهد إسرائيلي: الهجمات من اليمن ستستمر ما دامت “إسرائيل” ماضية في عدوانها على غزة