تروي عائشة أم المؤمنين عن أشرف الخلق أجمعين: إنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إلى اللَّهِ الألَدُّ الخَصِمُ"، والألد الخصم هو الانسان المولع بالجدل أو إطالة النزاع والصراع، فكلما ظهر موضع للجدال ظهرت فيه مهاراته وقدراته وهواياته، وهو لا يدري أنه أبغَضَ الناس إلى اللهِ تعالَى،  أي: يَكرَهُه اللهُ عزَّ وجلَّ كَراهيةً شَديدةً، لما يلحقه من أذى وضرر وتعطيل للآخرين مستخدما  مهارات وقدرات الجدل التي وهبها له الله ليستخدمها في نصرة الحق والدفاع عن المظلومين.

وقد رغب الرسول صلى الله عليه وسلم كثيرا في ترك الجدال فضمن لمن فعل ذلك منزلا في أدنى الجنة، فقال: “أَنا زعيمٌ ببيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لمن ترَكَ المراءَ وإن كانَ محقًّا، وببيتٍ في وسطِ الجنَّةِ لمن ترَكَ الكذبَ، وإن كانَ مازحًا، وببيتٍ في أعلى الجنَّةِ لمن حسَّنَ خلقَهُ”.

ولذلك فإن من أكبر الأخطاء التي يجب أن ننتهز فرصة رمضان ونتوقف عنها في حياتنا: الجدال في العلم والعمل، كالجدال في السيمنارات العلمية لتسجيل مشروعات الماجستير والدكتوراة، أو الجدال في مجالس الأقسام والكليات على توزيع المقررات وتحديد التخصصات وأعداد الطلاب، أو الجدال في الصحافة والإعلام، أو جدال الرجل مع زوجته، أو جدال الأصدقاء على المقاهي في السياسة والدين، وغيرها من صور الجدال.

حيث يروح كل طرف بالإمعان في إثبات رأيه، والإصرار على إلحاق زميله بالهزيمة، وتحقيق النصر للهوى والنفس الأمارة بالسوء، والأقبح من ذلك حينما يكون الجدال على غير علم أو على غير حق، تحركه نوازع الكره والحقد والحسد فيتظاهر المجادل بالسعي إلى الأفضل والأدق والأهم.

وربما يكون المجادل على حق..، لكنه حق يراد به باطل فلا يوفقه الله، بل يخرج  منه وهو متألم نفسيا من فشله في إلحاق الضرر بخصمه أو الطرف الآخر الذي يجادله،  إذ أن النية في الإسلام شرط لقبول العمل وتحقيقه، كما أن المكر السيء لا يحيك إلا بأهله، وقدْ كشف القرآن الكريم عن هؤلاء بقوله :" وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ".

وفي الحديثُ أيضا تَحذيرٌ ونهي من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَن يجادل أو  يُخاصِمُ بحقٍّ، لكنَّه لا يَقتصِرُ في جداله على موضوع الجدل، ولا يقتصر في خصومته على موضوع الخصومة، بل يختزن بداخله الكره والبغضاء لزميله أو  قريبه أو حتى زوجته في كل أمر يستجد، فيظهر تعنته وجداله ومكره في كل الأمور حتى يصبح الأمر ممنهجا يجعل صاحبه ألد خصم ينطبق عليه حديث رسول الله.

وربما تطول هذه المشاعر السلبية الخصومات أو اللدادة في الجدال حتى الموت والفراق، ويندم المجادل أشد الندم حينما يستمع أو يطالع حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إلى اللَّهِ الألَدُّ الخَصِمُ.

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

حكم من مات وعليه ديون وماله محجوز عليه.. الإفتاء توضح التصرف الشرعي

اجابت دار الإفتاء المصرية سائل يقول: توفي رجل وعليه ديون، وله مال محجوز عليه من دائنين بمقتضى أحكام. فهل المال المحجوز عليه يعتبر من مال المتوفى؟ وإذا كان يعتبر من ماله فهل يقدم فيه مصاريف التجهيز والتكفين والدفن على قضاء الديون؟ وهل يدخل في التجهيز والتكفين إقامة ليلة المأتم يصرف فيها أجرة سرادق وفراشة؟ وما هو الكفن اللازم شرعًا؟

لترد دار الإفتاء موضحة، أنَّ الظاهر أن هذا المال المحجوز يبقى على ملك المدين إلى أن يصل إلى الدائنين؛ ولذلك لا يبرأ المدين من الدين إلا بوصول هذا المال إلى الدائن أو وكليه في القبض، ولو اعتبر ملكًا للدائنين بمجرد الحجز، واعتبر مَن في يده المال وكيلًا عن الدائنين قبضه كقبضهم لبرئت ذمة المدين بقبض مَن في يده المال مع أن الظاهر خلاف ذلك، وحينئذٍ إذا لم يصل هذا المال إلى الدائنين ووكلائهم في القبض في حياة المُتوفَّى كان ملكًا للمتوفى واعتبر تركة عنه بموته، وإذ كان هذا المال تركة عن المتوفى وهي مستغرقة بالدين فالواجب تقديمه في هذا المال هو تجهيزه إلى أن يوضع في قبره، وتكفينه كفن الكفاية وهو ثوبان فقط، ولا يكفن كفن السنة وهو ثلاثة أثواب ممَّا يلبسه في حياته إلا برضاء الدائنين، وما صرف زيادة عن ذلك من أجرة سرادق وفراشة وثمن قهوة.. إلخ لا يلزم ذلك في مال المُتوفَّى وإنما يلزم به مَن صرفه ومَن أذنه بالصرف من الورثة، وبهذا عُلِم الجواب عن السؤال متى كان الحال كما ذُكِر.

حكم من مات وعليه دين يصعب سداده 

 ورد إلى دار الإفتاء المصرية، من خلال منصة الفيديوهات "يوتيوب"، سؤالاً تقول صاحبته: زوجي مات وعليه دين وأنا وأولادي يصرف علينا والدي.. فما حكم هذا الدين؟


وقال الدكتور محمود شلبي أمين الفتوى بدار الإفتاء، إن دين المتوفى يسدد مما تركه حال رحيله عن الحياة سواء أموال أو عقارات أو قطعة أرض وغيرها، أما وإن مات ولا يملك شيء فأمر هذا الدين إلى الله سبحانه وتعالى.

وأجاب شلبي على السائلة:" والدك يصرف عليكي أنت وأبنائك جزاه الله خيرا، وليس عليكي أي شيء في أمر الدين طالما لا تستطيعن السداد".

حكم من مات وعليه دين

قال الدكتور مجدى عاشور، المستشار العلمى لمفتى الجمهورية، ردا على سؤال حكم من مات وعليه دين: يجب على كل من استدان أو أخذ قرضاً لابد أن ينوى نية صحيحة ويعقد العزم على أن يسد هذا الدين ما دام يستطيع، ومن مات وعليه دين فعلى ورثته أن يقضوا هذا الدين عنه لأن هذا الدين هو فى رقبة هذا المدين الذى مات والنبي صلى الله عليه وسلم بيًن أن الميت مرهون بدينه ولم يصل النبي صلى الله عليه وسلم على رجلاً عليه دين عندما سأل عليه دين قالوا ديناران فقال صلوا أنتم عليه، وفى حديث أخر (نفس المؤمن مُعلَّقة بدَيْنِه حتى يُقْضَى عنه).

وأشار الى أن من مات وعليه دين ولم يستطيع أن يقضيه ولم يكن له أحداً يقضي هذا الدين وكان ينوى فى حال حياته أنه سيقضي هذا الدين فإن الله عز وجل بفضله يتحمل عنه هذا الدين.

حكم من مات وعليه دين

قال الشيخ أحمد ممدوح، أمين الفتوى بدار الإفتاء، إنه يجب على الورثة المسارعة إلى قضاء ديون ميتهم مما ترك من المال، إن كان ترك مالًا.

وأضاف «ممدوح» في إجابته عن سؤال: «إذا توفي شخص مدين ولا نعلم الدائن هل يجوز إخراج صدقة بنية سداد الدين؟»، أنه في هذه الحالة يجوز إخراج صدقة بنية سداد الدين.

وأوضح أنه إذا مات المسلم وعليه ديون وترك أموالًا فأول عمل يقوم به ورثته هو تجهيزه وتكفينه والصلاة عليه ودفنه، ومن ثمَ تسديد ديونه، وبعد ذلك إنفاذ وصيته إن كان قد أوصى، وبعد ذلك يوزع باقي المال على الورثة، وينبغي أن يعلم أن نَفْسَ المؤمن إذا مات تكون معلقةً بدينه حتى يقضى عنه، كما ورد في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» رواه الترمذي (1078).

مقالات مشابهة

  • عبد الله بوصوف يكتب..النظام الجزائري من معركة كسر العظام الى معركة كسر الأقلام
  • رمضان عبد المعز: اللجوء إلى الله ضرورة في المحنة والشدة
  • موعد شهر رمضان 2025 في مصر
  • الشيخ ياسر السيد مدين يكتب: الشهادتان
  • محمد رمضان يحذف اسم ترافيس سكوت ويرد عليه بسبب كوتشيلا 2025
  • قصة صحابي اهتز لوفاته عرش الرحمن.. بكى عليه النبي حتى ابتلت لحيته
  • حسين خوجلي يكتب: معزوفة درويش كئيب على أطلال الجزيرة
  • صيغة الصلاة على النبي صلي الله عليه وسلم يوم الجمعة
  • حكم من مات وعليه ديون وماله محجوز عليه.. الإفتاء توضح التصرف الشرعي
  • ما يجب فعله على الخياط بالملابس إذا تركها أصحابها عنده مدة طويلة