الملكة رانيا لـCNN: ما يحدث في غزة اليوم هو أمر مشين وفظيع للغاية
تاريخ النشر: 12th, March 2024 GMT
الديوان الملكي الهاشمي - قالت جلالة الملكة رانيا ان ما يحدث في غزة اليوم هو أمر مشين وفظيع للغاية، ومتوقع حدوثه لأنه كان متعمداً. والمجاعة التي يعيشها السكان هناك ليست كارثة طبيعية، لكنها كارثة من صنع إسرائيل.
جاء ذلك خلال مقابلة لها مساء اليوم مع شبكة سي ان ان الامريكية اجرتها الاعلامية كريستيان أمانبور عبر الستلايت من قاعدة الملك عبدالله الثاني الجوية، حيث كانت جلالتها قد اطلعت قبل المقابلة على كيفية تجهيز المساعدات الغذائية والإغاثية لإرسالها مباشرة إلى سكان غزة عبر الإنزالات الجوية.
واضافت جلالتها أننا هذه الأيام نستقبل بقلوب مثقلة جداً شهر رمضان والمرتبط بالجمعات العائلية، والتقاء الناس ومشاركة وجبات الإفطار معاً. متساءلة كيف هو الحال بالنسبة لأهل غزة اليوم الذين يعانون من الجوع والعطش في خيام أو ملاجئ مؤقتة، حزينون على موتاهم والحياة التي كانوا يعيشونها قبل بضعة أشهر فقط.
وقالت منذ بداية هذه الحرب، قامت إسرائيل بقطع كل ما هو ضروري لاستمرارية حياة الإنسان، الغذاء والوقود والمأوى والدواء والمياه، وذلك مستمر منذ خمسة أشهر مما جعل أهل غزة معتمدين بشكل كامل على المساعدات الخارجية. وفي الواقع، وبشكل منهجي، إسرائيل رفضت وقامت بتأخير الكثير من تلك المساعدات. وفي بعض الأحيان يتم قصف بعض القوافل التي تحمل هذه المساعدات، وإطلاق النار على الذين يحاولون أخذ أي موارد شحيحة يمكنهم الحصول عليها.
وبينت جلالتها انه وفي شمال غزة، الناس ليسوا على حافة المجاعة، بل في الواقع هم يموتون جوعا. ويبدأ الأمر بالأكثر ضعفاً: كبار السن، والجرحى، والأطفال. إننا نسمع عن أعداد متزايدة من الأطفال الذين يموتون نتيجة سوء التغذية الحاد والعطش، وإن لم تتغير الأمور، ستتزايد هذه الحالات في أنحاء القطاع.
وقالت “هذه عملية قتل جماعي بطيئة للأطفال منذ خمسة أشهر. الأطفال الذين كانوا يتمتعون بصحة جيدة ونمو طبيعي منذ أشهر قليلة، يموتون أمام اعين والديهم. التجويع هو موت بطيء وقاسٍ ومؤلم جداً. تخيل أنك أم أو أب، وعليك أن تمر بذلك، عليك مشاهدة طفلك يعاني بهذا الوضع وأنت غير قادر على فعل أي شيء للمساعدة.
واضافت جلالتها ان وقف إطلاق النار الفوري هو الأولوية الأولى، كما ان الذي دفع الاردن للبدء بالإنزالات الجوية، هو تعنت إسرائيل لفتح نقاط الوصول البرية ولم يكن بوسع الأردن الجلوس مكتوف الأيدي وهو يرى الناس يموتون جوعاً، كما ان الجميع يعلم ان الحاجة أكبر بكثير مما نستطيع تقديمه.
وحول الإنزالات الجوية اشارت جلالتها الى ما قاله جلالة الملك عبدالله منذ البداية، بإنها غير كافية وليست بديلاً عن وصول المساعدات الإنسانية على نطاق واسع. لذلك لا ينبغي على الدول استخدامها كمفر أو كذريعة لعدم القيام بما يجب القيام به، وهو تنفيذ وقف فوري ومستدام لإطلاق النار، وفتح جميع نقاط الوصول إلى غزة، وبالأخص الطرق البرية، وتبسيط عملية التفتيش، والتأكد من وصول آمن داخل غزة حتى يتم توزيع المساعدات.
وقالت في الوقت الذي يتضور منه الأطفال جوعاً كل لحظة هي فارقة، وكل وجبة لها أهميتها. مبينة جلالتها ان المجتمع الدولي تجاوز الآن مرحلة محاولة إقناع إسرائيل بالقيام بهذه الأشياء، ويجب البدء فعلياً باستخدام الضغط السياسي لحملهم على اتخاذ التدابير اللازمة.
وطالبت جلالتها المجتمع الدولي التدخل بجدية. مشيرة الى ان إسرائيل تمكنت الإفلات من العقاب، وقد أثر ذلك على مصداقية العديد من الدول في الغرب.
واعربت جلالتها عن امتنانها لرؤية بعض الدول قد غيرت مواقفها، وما هو ملاحظ من تضامن استثنائي لشعوب العالم.
واضافت "هذا أدى لحدوث صدع بين الشعوب وقادتها، حيث يتساءل الناس متى ستتخذ حكوماتهم مواقف أكثر حسماً؟ ففي كل مرة يتم فيها انتشال طفل من تحت الأنقاض، فإن مصداقية دول، حتى كالولايات المتحدة، والقيم المتعلقة بالمساواة والعدالة وحقوق الإنسان، تصبح موضع شك.
لا يشعر الناس في الجزء الذي أعيش فيه من العالم بالغضب فحسب، بل يشعرون بخيبة الأمل والإحباط. كثيرون كانوا معجبين بالقيم الغربية، لكن عليهم الآن إعادة التفكير في نظرتهم للعالم لأنهم يتساءلون، كما تعلمون، كيف تكون حقوق الإنسان مضمونة للبعض لكن يتم نكرانها عن البعض الآخر.
وفي اشارة الى قرار اسرائيل الاسبوع الماضي لبناء مستوطنات جديدة قالت جلالتها طالما يُسمح لإسرائيل بالإفلات من خرق القانون الدولي - وما دام حلفاؤها لا يحملونها المسؤولية - فذلك سيزيد حصانتها من العقاب. لذلك، بقيت إسرائيل تتحدث لسنوات عن السلام، ولكنها تحكم عليه بالموت من خلال بناء المستوطنات، الأمر الذي يجعل قيام دولة فلسطينية مستقلة ومتصلة جغرافياً أقل قابلية للحياة يوماً بعد يوم.
وقالت جلالتها على الكثيرين أن يعرفوا المزيد عن هذا الصراع، وأن يفهموا تعقيداته وأنه من أحد أعظم المظالم عبر التاريخ. وعليهم فهم السبب الجذري لهذه القضية، وفهم أن هذا الصراع لم يبدأ في السابع من تشرين الأول، بل كان نتيجة لسنوات من الاحتلال، والتوسع الاستيطاني، وانتهاكات حقوق الإنسان، وتجاهل القانون الدولي.
واضافت "في إسرائيل، يتم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم بشكل منهجي، وهو متأصل وشائع... يعتقدون أنه "إذا لم نقتلهم، فسوف يقتلوننا".
والقت جلالتها أللوم على القادة الإسرائيليين المتشددين لإبقاء شعبهم في هذه الحالة الدائمة من الخوف من تهديد وجودي غير حقيقي، وجعلهم يشعرون بأن مجرد قتل الفلسطينيين وقتل حماس سيكون الحل للمشكلة.
وقالت الحل الحقيقي للمشكلة هو إنهاء الاحتلال فالفلسطينيون لا يكرهون الإسرائيليين بسبب هويتهم. بل يكرهونهم بسبب ما يفعلونه بهم. مشيرة الى ان الطريق الوحيد لضمان أمن إسرائيل، هو عبر السلام العادل والشامل ولا يوجد جيش في العالم، أو حتى أقوى جيش في العالم، أو أكثر الأجهزة الاستخباراتية احترافية، أو أي شيء آخر، لن يضمن ذلك بقدر ما يضمنه السلام العادل والشامل.
المصدر: البوابة
كلمات دلالية: الملكة رانيا
إقرأ أيضاً:
أزمة حليب وأغذية تكميلية.. حصار إسرائيل يهدد حياة رُضّع غزة
الثورة / متابعات
داخل قسم حديثي الولادة بمستشفى ناصر في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة، تستقر أجساد صغيرة في حضّانات بالكاد تتحرك، مغطاة بأقمشة طبية خفيفة، بينما تكافح أجهزة الإنعاش لإبقاء هذه الأرواح الصغيرة على قيد الحياة في ظل الحرب الإسرائيلية المستمرة للشهر التاسع عشر.
لا تُسمع هناك صرخات أو بكاء كما هو مألوف من الأطفال حديثي الولادة، بل يخيّم صمت ثقيل وأنين خافت يعبّران عن وهن شديد وحالة صحية حرجة، في مشهد يجعل ذويهم في حالة ترقب وقلق دائمين، أمام واقع صحي وغذائي منهار تماماً نتيجة الحصار الإسرائيلي المتواصل على القطاع.
فمنذ سبعة أسابيع، لم تدخل أي شحنات غذائية أو طبية مخصصة لحديثي الولادة، وهي أطول فترة انقطاع منذ اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة في 7 أكتوبر 2023، بحسب مصادر طبية.
وقد أدى هذا الحصار إلى تدهور حاد في الخدمات الطبية وتهديد مباشر لحياة عشرات الأطفال في الحضّانات وأقسام الولادة، كما تؤكد أخصائية طب الأطفال فداء النادي.
وتقول النادي، إن المستشفى يواجه أزمة خانقة في توفير الحليب المناسب للأطفال، خاصة الذين يعانون من مشاكل في الجهاز الهضمي، إضافة إلى نقص حاد في الحفاضات والمستلزمات الأساسية.
وتضيف: “هذه الاحتياجات منعدمة تماماً، ولا يمكن تعويضها بسهولة، كما أن سوء تغذية الأمهات خلال الحمل يؤثر بشكل مباشر على صحة المواليد”.
وشددت على أن الحصار الإسرائيلي المستمر يهدد حياة الأطفال بشكل مباشر، موضحة أن من نجا من القصف بات اليوم محاصراً بسياسات التجويع التي تنفذها إسرائيل ضمن حرب الإبادة، بدعم أمريكي.
ووجهت الدكتورة النادي نداءً عاجلاً إلى المجتمع الدولي والمؤسسات المعنية بضرورة فتح المعابر فوراً، مؤكدة أن ذلك وحده يمكن أن ينقذ حياة الأطفال. وأضافت: “كل يوم تأخير يزيد من الخطر على حياتهم، ولا نملك أي بدائل أو وقت إضافي”.
ومنذ 2 مارس الماضي، تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي إغلاق معابر غزة بشكل كامل، ما يمنع دخول المساعدات الغذائية والطبية والبضائع.
منع الأغذية التكميلية
وتقول منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، إن مستشفيات الأطفال وحديثي الولادة في قطاع غزة “تفتقر إلى معدات طبية كافية، وتعمل في ظروف بالغة الصعوبة”، في ظل جرائم الإبادة الإسرائيلية المستمرة منذ أكثر من عام ونصف.
وفي تصريح على حسابها عبر منصة إكس، قالت اليونيسف، إن “بقاء أطفال غزة على قيد الحياة يعتمد على إعادة فرض وقف إطلاق النار، ودخول المساعدات إلى القطاع”. وشددت على ضرورة السماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة مجدداً.
وتوضح اليونيسف، أن “مستشفيات غزة، التي تعالج حديثي الولادة والأطفال تفتقر إلى معدات طبية كافية، وتعمل في ظروف بالغة الصعوبة”.
ويؤكد إدوارد بيجبيدر، المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أن لدى المنظمة آلاف الشاحنات المحملة بالمساعدات المنقذة للحياة تنتظر دخول قطاع غزة.
وأضاف مستدركاً: “لكنها بدلا من إنقاذ الأرواح، تُخزن. يجب السماح بدخولها فورا.. هذا ليس خيارا أو صدقة، إنه التزام بموجب القانون الدولي”.
وتنبه اليونيسف إلى أن الأطفال الذين يتلقون علاج سوء التغذية يتعرضون لخطر جسيم، حيث أُغلق 21 مركزا للعلاج – أي ما يعادل 15 في المائة من إجمالي مرافق العيادات الخارجية – منذ 18 مارس 2025 بسبب أوامر النزوح أو القصف. فيما يواجه 350 طفلا – يعتمدون على هذه المراكز الآن – سوء تغذية متفاقما، قد يُهدد حياتهم.
وتشير المنظمة إلى أن الأغذية التكميلية للرضع الضرورية للنمو عند انخفاض مخزونات الغذاء، نفدت في وسط وجنوب غزة، ولم يتبقَّ من حليب الأطفال الجاهز للاستخدام سوى ما يكفي لـ 400 طفل لمدة شهر.
وتُقدّر اليونيسف أن ما يقارب 10,000 رضيع دون سن ستة أشهر يحتاجون إلى تغذية تكميلية، لذا فبدون حليب الأطفال الجاهز للاستخدام، قد تُجبر العائلات على استخدام بدائل ممزوجة بمياه غير آمنة.
الأطفال ينامون جياعاً
وتؤكد وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، أن الحصار الخانق الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي على غزة منذ نحو 7 أسابيع، يعد الأشد مقارنة بالإغلاق الذي فرضته في الأشهر الأولى من بدء الحرب بعد 7 أكتوبر 2023.
وتوضح الأونروا في بيان نشرته الجمعة الفائتة، أن 420 ألف شخص نزحوا مجددا بقطاع غزة منذ استئناف حرب الإبادة الشهر الماضي.
وتقول جولييت توما، مديرة الإعلام والتواصل لدى الوكالة، إن الأطفال والرضع في غزة “ينامون جائعين”، في وقت توشك فيه الإمدادات الأساسية في القطاع على النفاد التام.
وتؤكد أن هذه المرحلة الجديدة من المجاعة تأتي في ظل عدم تعافي الفلسطينيين من موجات سابقة من الحرمان، حيث عمدت إسرائيل على مدى عام ونصف إلى تقنين دخول المساعدات، ما حرم مئات آلاف العائلات من الحصص الغذائية المجانية.
يأتي هذا التصعيد الإنساني في ظل الانهيار التام للمنظومة الصحية بقطاع غزة، الناتج عن استمرار العدوان الإسرائيلي منذ أكتوبر 2023، ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية.
وفي بيان صدر الثلاثاء، أعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة “أوتشا” أن الوضع الإنساني في غزة هو الأسوأ منذ بدء الحرب الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن الحصار الإسرائيلي الذي اشتد منذ 2 مارس قد شلّ حركة إدخال المساعدات تماماً، ما فاقم الأزمة.
ويعيش قطاع غزة تحت الحصار للعام الثامن عشر، فيما بات نحو 1.5 مليون من سكانه، البالغ عددهم نحو 2.4 مليون نسمة، بلا مأوى بعد أن دُمّرت منازلهم خلال الحرب. وقد دخل القطاع فعليًا في مرحلة المجاعة نتيجة الإغلاق التام للمعابر.
وبدعم أمريكي، يواصل الاحتلال ارتكاب جرائم إبادة أودت بحياة أكثر من 167 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.