أثير – ريما الشيخ

“الحديث عن مسألة عائد الاستثمار في التخصصات التربوية هو حديث عن بُعد مهم جدًا من أبعاد ما يُعرف باقتصاديات التعليم، وهو حقل يدرس العلاقة بين ما يتم إنفاقه على التعليم وبين مخرجات التعليم في شكل كلف وعوائد اقتصادية والعلاقات المؤثرة عليهما ومحركاتهما ضمن أي اقتصاد وطني.”

هكذا بدء مبارك بن خميس الحمداني، مدير دائرة الاقتصاد السلوكي في وزارة الاقتصاد حديثه مع “أثير”، بعد تقديمه ورقة عمل بعنوان “العائد الاقتصادي من الاستثمار في التخصصات التربوية”، وذلك ضمن مشاركة وزارة الاقتصاد في ندوة مخرجات التخصصات التربوية والتبعات الإستراتيجية على التعليم وجودة المخرجات، حيث تناولت ورقة العمل عدة محاور منها :
– الوقوف على الإطار المرجعي الشامل لتصميم برامج إعداد المعلم في ضوء المؤشرات الوطنية للأداء والمعايير الدولية.


– المواءمة بين البرامج السابقة والبرنامج الحالي.
– أهمية البرنامج المبني على أدوات بحثية مقننة، وبيانات نظام مؤشرات الأداء الرئيسية في وزارة التربية والتعليم.
– الأثر المتوخى من البرنامج الجديد.

وقال الحمداني: أبرزت الورقة تحديات الإنفاق على التعليم عالميًا وارتباطها بالاستثمار في التخصصات التربوية من خلال بيانات في نمو إعداد المعلمين في سلطنة عمان وتطور عملية الإنفاق في سلطنة عمان من واقع الميزانية العامة، وكذلك تطور إسهامات قطاع التعليم (كقطاع اقتصادي) وحساب عناصر الإنتاجية بالنسبة لقطاع التعليم في الاقتصاد الوطني.

وأضاف: في نهاية الورقة تم تناول التحديات الراهنة أمام الاستثمار في التخصصات التربوية واتجاهات خطة التنمية الخمسية العاشرة 2021- 2025 فيما يتعلق بتعزيز العائد من الاستثمار في التخصصات التربوية، وكذلك السياسات المعززة المقترحة لتعظيم العائد من الاستثمار في التخصصات التربوية.

وأكد الحمداني خلال حديثه بأن الاستثمار في التخصصات التربوية له أشكال متعددة منها برامج إعداد المعلمين وبرامج تأهيلهم وبرامج تطويرهم على رأس العمل، وهذا الشكل من أشكال الاستثمار يكون عائده بعيد المدى يمكن قياسه على عمليات مختلفة منها: نتائج الطلبة – معدلات توظيفهم لاحقًا – تنافسية قطاع التعليم ضمن الناتج المحلي الإجمالي – وأثر التعليم بصورة عامة على المجتمع.

وأضاف: على المستوى العالمي هناك دراسات طولية تم تطبيقها بالمقارنة بين مجموعة دول وخلصت إلى نتيجة مفادها أن كل 1 دولار أمريكي يصرف على إعداد أو تأهيل أو تطوير المعلم يقابله بين 1.5 إلى 1.7 دولار أمريكي كعائد اقتصادي على عموم الاقتصاد، بينما بينت دراسات تخصصية أن الاستثمار في تطوير بعض المهارات المحددة للمعلمين مثل “التعلم الاجتماعي والذكاء العاطفي” يصل مردود عائده الاقتصادي إلى أكثر من 16 دولارا لكل 1 دولار يتم صرفه والاستثمار فيه.

وأشار إلى أنه قد تختلف الأرقام من سياق لآخر حسب حجم الاقتصاد وحجم الإنفاق على عملية الاستثمار في المعلمين والتخصصات التربوية وكذلك هيكل الإنفاق العام على التعليم، لكن من المهم النظر إلى ما تشترك فيه أغلبية التحليلات العالمية حول هذه المسألة، فالاستثمار في معلم واحد بمستوى عالٍ من البرامج وأنشطة تطوير القدرات والمهارات يعني بالضرورة ثلاث نتائج أساسية:
– انعكاس على ارتفاع أداء الطلبة التعليمي خلال مراحل التعلم القصيرة والبعيدة.
– مستويات دخل أعلى للمتعلمين في مسارهم المهني لاحقًا مقارنة بأقرانهم.
– تحسن نوعية الحياة للمتعلمين لاحقًا بما في ذلك فرص الحراك الاجتماعي وتحسن الثقافة الإنجابية.

وذكر: في سلطنة عُمان يعد التعليم من ضمن أعلى القطاعات التي تتوجه له الميزانيات السنوية، وبالنظر إلى جداول الميزانية العامة للدولة في عام 2024 فإن مجمل المبلغ المرصود لقطاع التعليم 1720282 مليون ريال عُماني خلال هذا العام، والإنفاق ظل على القطاع في حدوده الطبيعية رغم أن جائحة كورونا كوفيد 19 أثرت بصورة كبيرة على مستويات تمويل التعليم حول العالم، وعالميا أيضا تراجع الإنفاق على التعليم مقابل أولويات أخرى للحكومات، لكن في سلطنة عُمان ظل الإنفاق في حدوده الجيدة مقارنة بأولويات التنمية رغم سيطرة الإنفاق الجاري (التشغيلي) المرصود على الإنفاق الرأسمالي (الاستثماري) في كل بنود القطاع.

وقال بأنه يمكن قراءة العائد الاقتصادي من الاستثمار في التعليم بوجه عائد من خلال إسهاماته في الناتج المحلي الإجمالي حيث إن القطاع بحسب إسهامات قطاع التعليم في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الثابتة حسب بيانات نهاية عام 2022 تصل إلى 4.6% وبمعدل نمو بلغ 1.7% ورغم تأثر الإسهامات بفترة الجائحة لكن بالقياس بين الربع الثالث في عام 2022 والربع الثالث في 2023 فقد نمت إسهامات التعليم في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنحو 6.9% وشكلت القيمة المضافة للقطاع بنهاية عام 2022 نحو 1742.8 مليون ريال عُماني (حسب بيانات المركز الوطني للإحصاء والمعلومات)، في الوقت الذي تتوقع فيه خطة التنمية الخمسية العاشرة (2021 – 2025) أن تكون إسهامات القطاع في الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية الخطة في حدود 6.2% من الناتج المحلي الإجمالي.

وفي ختام حديثه مع “أثير” قال مبارك الحمداني بأن إسهامات القطاع في الاقتصاد الوطني هي شكل من أشكال قراءة العائد من الاستثمار في التخصصات التربوية لكن هناك حاجة إلى تعزيز مفهوم الدراسات الطولية والتتبعية التي يمكن أن تقيس كلف إعداد المعلم وتأهيله وتطويره بصورة دقيقة في مقابل النتائج الاقتصادية المتحققة على المدى المتوسط والطويل من هذا الاستثمار، وهو ما دعت إليه الورقة التي قدمتها بتبني مشروع إستراتيجي لقياس العائد من الاستثمار في التخصصات التربوية، وأيضًا من المهم التركيز على إنتاجية القطاع كقطاع وكعمالة داخل القطاع لأنها من المؤشرات المهمة في اقتصاديات التعليم، وفي المجمل العام فإن أثر الاستثمار في التخصصات التربوية منعكس اليوم على مستويات رأس المال البشري وعلى فرص القطاع عمومًا كفرص تشغيل أو كفرص اقتصادية تخلقها عملياته ومخرجاته.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: فی الناتج المحلی الإجمالی إعداد المعلم على التعلیم التعلیم فی فی سلطنة ع ع التعلیم

إقرأ أيضاً:

المشاط: اهتمام القيادة السياسية بخفض تكلفة الاستثمار للقطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

واصلت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي ومحافظ مصر لدى البنك الدولي، مشاركاتها في فعاليات اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين لعام 2025، والمقامة في العاصمة الأمريكية واشنطن، حيث التقت في اجتماع موسع مع مجموعة «جيفريز العالمية» وعدد كبير من المستثمرين الدوليين، لعرض أبرز مؤشرات وتطورات الاقتصاد المصري، وذلك بحضور أحمد كجوك، وزير المالية.

نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي

وخلال اللقاء، استعرضت الدكتورة رانيا المشاط، تطورات الاقتصاد المصري ونتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي الذي يجري تنفيذه منذ مارس 2024، وتأثير سياسات ضبط الأداء المالي، والسياسات النقدية، على تحسن مؤشرات الاقتصاد الكلي على مستوى النمو والتضخم، وهو ما انعكس في رفع معدلات النمو المتوقعة من قبل صندوق النقد الدولي في تقريره الصادر مؤخرًا حول آفاق الاقتصاد العالمي.

تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية

وأكدت «المشاط»، حرص القيادة السياسية على تشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية من خلال خفض تكلفة الاستثمار للقطاع الخاص، مشيرة إلى توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، بتوحيد الضرائب والرسوم على المستثمرين، وهو ما سيسهم في تحسين بيئة الأعمال، والقضاء على أعباء كبيرة كان يتحملها المستثمرون في السابق.

تطبيق سقف الإنفاق الاستثماري

وأشارت إلى استمرار الحكومة في تطبيق سقف الإنفاق الاستثماري فيما يتعلق بالاستثمارات العامة، وذلك في العام المالي المقبل، من أجل حوكمة مساهمة الدولة في الأنشطة الاقتصادية وإتاحة المزيد من الفرص للقطاع الخاص، داعيةً المستثمرين للتعرف عن قرب على فرص الاستثمار المتاحة للشركات المحلية والأجنبية في العديد من القطاعات الواعدة خاصة الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، والصناعات التحويلية غير البترولية، غيرها.

وذكرت أن مصر سوق واعدة ومستقرة رغم ما يحيط بها من اضطرابات إقليمية ودولية وهو ما يجعلها جاذبة للمستثمرين، كما أن الحكومة تتبع سياسات ممنهجة ومتكاملة ومتسقة بين مختلف وزارات المجموعة الاقتصادية من أجل الحفاظ على استقرار الاقتصاد الكلي وتعزيز تنافسية الاقتصاد إقليميًا ودوليًا.

في سياق متصل، شددت "المشاط"، على استمرار الإصلاحات الهيكلية لدعم قدرة الاقتصاد على الصمود في مواجهة الصدمات الخارجية، وأن الفترة المقبلة ستشهد تنفيذ حزمة من الإجراءات الإصلاحية بالتنسيق مع الوزارات والجهات المعنية.

تحسن المؤشرات الاقتصادية في مصر 

وأشارت إلى أن تحسن المؤشرات الاقتصادية في مصر يعكس فعالية مسار الإصلاح الاقتصادي الذي تنتهجه الحكومة، لافتة إلى سعي الحكومة لإقرار قانون الشركات المملوكة للدولة لحوكمة مساهمتها في الأنشطة الاقتصادية وتعزيز مشاركة القطاع الخاص، بما يتسق مع وثيقة سياسة ملكية الدولة.

وتطرقت وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن الحروب التجارية والإجراءات المتخذة من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، تسبب في حالة من الاضطرابات الاقتصادية على الصعيد العالمي، وهو ما يحتم على المجتمع الدولي اتخاذ إجراءات سريعة لمحاولة تدارك تلك الأمور، وأن الحكومة تعمل حاليًا على دراسة تأثير تلك القرارات على السوق المحلي.

مقالات مشابهة

  • المشاط: اهتمام القيادة السياسية بخفض تكلفة الاستثمار للقطاع الخاص وتحسين بيئة الأعمال
  • "دراسة المؤشرات الاقتصادية المؤثرة على الاستثمار الزراعي" ورشة عمل بمعهد بحوث الاقتصاد الزراعي
  • جبران: مصر تمتلك ثروة هائلة من الكوادر المُؤهلة في كافة التخصصات
  • علي الشريف: تصريحات الحويج حول الناتج المحلي “مضللة” ولا تستند إلى مؤسسات رسمية
  • “الشؤون” بالتعاون مع اتحاد الجمعيات الخيرية تصدر تقرير “توطين وتمكين” لتوثيق إسهامات القطاع الخيري الكويتي
  • أمانة الاستثمار والشئون الاقتصادية بـ"الجبهة الوطنية" تناقش استراتيجية شاملة لدعم الاقتصاد المصري
  • الجبهة الوطنية يناقش استراتيجية شاملة لدعم الاقتصاد المصري .. صور
  • التربية تبحث شروط القبول والتسجيل في «مدارس التعليم الأجنبي»
  • عمرو فتوح: تخفيف الأعباء الإجرائية على المستثمرين يدعم الاقتصاد القومي
  • من منصة جامعة القاهرة.. حجازي يؤكد: التعليم الرقمي ضرورة لا رفاهية